اعتلى خطيب المنبر متسترا بسنن ظاهرة وشيء من قشور العلم وذلك رغبة فيما عند الناس، وكان صاحب سوابق؛ فانخدع به الناس، فقربوه فوق ما يستحق، وهم يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بإكرامه، واستغلهم واستعملهم وكان الناس يثقون به، ويحكمونه في الخلاف، وفي الميراث، وقوله عندهم هو القول الفصل، رغم أنه لا يستحق أن يعتلي منبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يملك من العلم والأخلاق ولا من القدوة ما يؤهله لاعتلاء هذا المنبر.
إلا أنه وجد في هذا المنبر، فرصة لاستغلال الناس والتستر على سلوكه السيِّئ. وذات يوم كان يرتدي جرد "لباس ليبي كالذي يرتديه عمر المختار رحمه الله" فعثر في جرده، وهو نازل من المنبر والميكرفون الشخصي على جرده، فتلفظ، أثناء سقوطه على الأرض، بكلمة سفيهة أظهرت سوء خلقه، وسمعه الناس في المسجد جميعا من خلال الميكرفون ، فجاءه جمع من الناس وقالوا له: لا تعتل هذا المسجد مرة أخرى وإلا قطعنا ساقاك .. فضحه الله على الملأ.. فلله المكر جميعا.
في غزة المحاصرة فضح الله خططا، وحكاما، وشخصيات كنا نعتقد فيها الخير، فضح التاريخ كله وصرنا لا نثق في شيء منه .. كيف نصدق رواياتهم، ونحن رأينا بأم أعيننا من يزوره على مسمع ومرأى منا ومن العالم، ونحن شهود على ما يحدث وما يزور وكيف يزور.
وهكذا يفضح الله بهائم ولي الأمر، بمواقفهم المشينة ضد مقاومة المحتل في غزة، ولحنهم في القول، الذي يشبه أقوال المنافقين، التي فضحها القرآن، وقالوا ما قاله المنافقون لطالوت "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، وما قالوه للرسول صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب عن وعد النصر "ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا".
في غزة المحاصرة فضح الله خططا، وحكاما، وشخصيات كنا نعتقد فيها الخير، فضح التاريخ كله وصرنا لا نثق في شيء منه .. كيف نصدق رواياتهم، ونحن رأينا بأم أعيننا من يزوره على مسمع ومرأى منا ومن العالم، ونحن شهود على ما يحدث وما يزور وكيف يزور.
فضحت الآلة الإعلامية التي تبنت في بداية الحرب السردية الإسرائيلية المزورة بكل بجاحة.. فحرية الرأي صار فيها رأي آخر، فهي مفصلة محددة .. ليس منها انتقاد الكيان الاسرائيلي وفضح المظلومية الكاذبة للصهاينة.
غزة فضحت دولا تلبست بقيم عليا كنا نتطلع إليها وإذ هي قيم من عجين يأكولونها إذا جاعوا .. لم تؤمنوا بها يوما، فظهروا، بدون هذه القيم، كالعاهرة بدون مكياج.
صورة روح الروح خالد صاحب العمامة واللحية الكثة بذلت فيها دول كبرى مئات الملايين لتكون النموذج للشخص الإرهابي، شاء الله أن تتبدد في ساعة من قدره سبحانه لتتبخر تلك الصورة المشوهة وتحل محلها صورة الصابر المحتسب الذي ملء قلبه الحب والرحمة والشفقة وأكد في تلك اللحظة من لحظات القدر الرباط الأسري العميق .. فلله المكر جميعا.
صمود وصبر أهل غزة جعل الناس تقبل على القرآن لتعرف السر وراء هذا الصبر الذي مثله الطفل الفلسطيني وهو يخرج من تحت الأنقاض ويقول الحمد لله، والأب الذي فقد أباه وأمه وأبناءه ويخرج وهو يحمد رب العالمين .. ويسمع الزوجة التي فقدت زوجها أو تلك التي رزقت بطفل بعد أكثر من 500 حقنة وقدمته شهيدا وهي تقول الحمد لله .. فلله المكر جميعا.
ليس هذا فحسب بل إن غزة مثلت الأمل في ربيع أمريكي أوروبي وشيك لأول مرة. منذ خمسة وسبعين سنة لم تحدث هذه الإفاقة في الغرب .. احرار العالم الذين يتخذون من صيحة "فري .. فري بلاستاين" أي "فلسطين حرة حرة" شعارا للحرية. أحرار العالم في كل مكان وجدوا أنفسهم بلا حرية .. ليسوا أحرارا كما كانوا يظنون بل أسرى لسردية مفبركة ولوسائل إعلام كاذبة .. فلله المكر جميعا.
غزة منحتهم الحرية للمطالبة بحرية حقيقية .. غزة جعلت كثيرا من المفكرين يرتفع صوتهم بالنقد والتنظير لمرحلة جديدة تتشكل في الغرب .. هذا الربيع الغربي المنتظر سيؤدي إلى تغيير كبير في المشهد السياسي الأمريكي والغربي خلال السنوات القادمة وسينقطع الحبل الذي تتمسك به اسرائيل من أجل البقاء، مما سيؤدي إلى زوالها.
هذا مكر الله جاءهم من قطاع غزة المحاصر من كل زوايا الأرض بشتى أنواع الأسلحة والأسوار ومن البحر بالبارجات والغواصات ومن السماء بالطائرات والمسيرات بأيادي مسلمة وكافرة .. جاءهم من قطاع يعرف بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم .. فلله المكر جميعا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
خلال جلسات صلح في خصومات ثأرية بالأقصر ..الجندي: سنورث أبناءنا التسامح
ترأس فضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، من السبت إلى الاثنين، جلسات الصلح التي استضافتها ساحة الشيخ الطيب بالقرنة، وذلك لإنهاء خصومتين ثأريتين بين عائلات من مركز أرمنت بمحافظة الأقصر؛ تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بإقرار السلم والوفاق المجتمعي، ودعم الأمن والاستقرار في جنوب الصعيد.
وخلال الجلسة، وجَّه الدكتور الجندي الشكر لفضيلة الإمام الأكبر على اهتمامه ومتابعته الشخصية والمتوالية لكل التفاصيل التي قام بها أعضاء لجنة المصالحات لإتمام الصلح بين أطراف الخصومة، وعلى احتضان ساحة الشيخ الطيب لهذا الصلح، لنرفع منها صوتًا مدويًّا وداعيًا إلى نبذ العصبية وإراقة الدماء وإحلال الصلح والتآخي ابتغاء وجه الله سبحانه، موضحًا أن اهتمام الإمام الأكبر بإنهاء الخصومات الثأرية، ينبع من إحساسه بالمعاناة التي يعيشها المجتمع بسبب هذه الخصومات بين أبنائه، لما تشكله من خطر على أمن واستقرار المجتمع وطمأنينته، فضلًا عمًا تُخلّفه لدى الأسر التي ابتليت بهذا الداء من مرارة وأحزان تنغص عليها حياتها.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أنَّ العفو والصلح يبعثان في النفوس معاني التسامح والسلام، لينطلق الإنسان بهما نحو مستقبل مشرق له ولأبنائه، وبين أن الأجيال السابقة في هذه المجتمعات ما نعمت بالاستقرار؛ إلا بفضل ما ساد بينهم من محبة ووئام ونبذ للتعصب والضغينة، حيث كانت تسود بينهم روح المحبة الصادقة والأخوة الخالصة، وليقينهم التام أن العفو ليس ضعفًا، وإنما هو قوة إيمان في وعد الله رحمته للراحمين، وعِظَم جزاء المحسنين، ولما استقر في وجدانهم أن المؤمن القوي هو الذي غلب نفسه وهواه فعَفَا، لا من استسلم لغضبه وانتقامه.
وأضاف لجمهور الحضور قائلًا: إننا لم نجتمع اليوم إلا لنمسح دموع الأمس ببسمة اليوم، راجين ألا نحمِّل أولادنَا وذرياتِنا عبئًا ثقيلًا من ثارات الجاهلية التي لا تَحمِل لهم ولا لوطننا الخيرَ ولا السَّلام، ولنورثهم صفحة بيضاء نقية، عنوانها المحبة والتسامح والسلام، فما أجمل أن نكون من أهل العفو، نُسامح ونتجاوز عن الزلَّات، ونطلب الأجر من رب الأرض والسماوات؛ فذلك اقتداء بنبيِّنا الكريم ﷺ، الذي قال لأهل مكة بعد سنوات من الأذى والتكذيب: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، مشيرًا إلى أن الصلحَ جسرٌ للمحبَّة، وهو السبيل الذي أسس عليه رسولنا الكريم ﷺ دعوته، فجمع القلوب ولم يفرِّق بينها، مصداقًا لقول الحق سبحانه وتعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله)، ومن جملة الأجر هنا: حب الناس ومودتهم، فضلًا عما يدل عليه إسناد الأجر إلى المولى سبحانه من عظمة الثواب، وعُلُوِّ مقام المتسامح.
وحذر الأمين العام من اللجوء إلى العنف والتعصب؛ لأنها ليست سبيلًا للحل؛ بل هي نار تؤجج الفتنةَ بين الناس، في حين أن العفو من شيم الكرام والكبار، كما أن الصلح هو أرقى الانتصارات، لما فيه من القدرة على التغلب على النفس والأهواء، والاسترشاد بقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)؛ مؤكدًا أنه لا فخر في إحياء ثارات الجاهلية، بل العزّ كلّ العزّ في الاستجابة لأمر الله بالتّسامح والإصلاح بين الناس.
وذكر أن لقاء اليوم بين أحفاد القدوات والفضلاء أمثال العلامة السيوطي، والمنفلوطي والقنائي والأقصري والشيخ الطيب، هو اجتماع أخوة يغلب عليه روح التسامح ونبذ الخلاف، ويجسد أصالة هذا المجتمع العريق وقدرته على تجاوز الصعاب بالحكمة، مطالبًا كل الفضلاء والوجهاء أن يسعوا في الصلح بين الناس، لأنه عمل من أجلّ الأعمال وأقربها إلى الله.
وفي ختام جلسة الصلح قدم الجندي خالص الشكر والتقدير لأعضاء لجنة المصالحات بالأقصر لما بذلوه من جهود مضنية خلال جلسات متواصلة كللها رب العالمين بالنجاح في نهاية المطاف، بعقد هذا الصلح المبارك، كما أَعرب عن امتنانه وعرفانه العميق لآل الطيب الكرام، وعلى رأسهم الشيخ محمد الطيب، على ما بذلوه من جهود، وما أبدوه من تعاون؛ لإنجاح هذه المساعي الحميدة، وإتمام هذا الصلح الذي يحقق الخير والسلام.