أفلام نالت استحسان النقاد دون أن تنجح جماهيرياً عام 2023
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
لم تقتصر أبرز أفلام العام 2023 على ظاهرة "باربينهايمر" -مصطلح فني أُطلق للجمع بين فيلمي "باربي" و"أوبنهايمر"- اللذين حصدا إيرادات بلغت 2.4 مليار دولار مجتمعين، بل شهد العام طرح عدد من الأعمال السينمائية الأخرى الناجحة.
"باربي" تصدّر قائمة الأفلام الأعلى ربحا لهذا العام، بينما حل "أوبنهايمر" ثالثا بالقائمة بعدما حظيا بدعاية غير مشهودة.
وفيما يلي، نستعرض أبرز أفلام عُرضت عام 2023 دون أن تحظى بما تستحقه من اهتمام يتناسب مع قيمتها الفنية أو جدارتها بالمشاهدة:
1- "كائنات مسكينة"رغم أهمية أفلام المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس واستحسان النقاد لها ومنحهم إياها العديد من الجوائز، فإنها لا تحظى بالجماهيرية الكافية، إذ تهم قطاعا بعينه من المشاهدين لطبيعة موضوعاته التي تميل إلى الغرائبية وتبعث على عدم الارتياح، وإن كانت تُجبر المتفرج على أن يطرح على نفسه أسئلة شائكة ومصيرية تجعله يُعيد اكتشاف ذاته.
الفيلم البريطاني "كائنات مسكينة" (Poor Things) هو آخر ما قدمه لانثيموس، وينتمي العمل إلى فئة الفانتازيا والخيال العلمي، وهو من بطولة إيما ستون ومارك رافالو ووليام دافو ورامي يوسف.
وتحكي قصته عن بيلا التي تعيش حياة مُتخمة بالقهر والوجع تدفعها للانتحار، قبل أن يُقرر عالِم غريب الأطوار إعادتها إلى الحياة مرة أخرى.
ومع أنها تعود كامرأة ثلاثينية، فإنها تتعامل من داخلها كطفلة تبدأ استكشاف الحياة والعالم من حولها، وتصطدم بمحاولات المجتمع فرض قيود عليها وتحجيم إمكاناتها، ويأخذنا العمل في رحلة استثنائية لا تخلو من الفلسفة والكوميديا السوداء كسائر أفلام لانثيموس.
من الناحية الفنية، تميز العمل بالتصوير السينمائي الذي جمع بين السريالية والإبهار البصري، كذلك ساهم الديكور والأزياء في إبراز الحبكة وخدمة السرد الدرامي، بالإضافة إلى التمثيل الذي قد يؤهل ستون ورافالو للترشّح للأوسكار العام المقبل.
2- "تشريح السقوط""تشريح السقوط" (Anatomy of a Fall) فيلم فرنسي لم تتجاوز إيراداته 20 مليون دولار، ومع ذلك فقد حاز جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان، لتصبح مخرجته جوست ترييه ثالث امرأة تحصد تلك الجائزة على مدار تاريخ المهرجان.
وينتمي الفيلم إلى فئة الدراما التشويقية، وبنظرة عامة يمكن القول إنها مناسبة لمحبي الإثارة أو الأعمال الدرامية التي تدور أحداثها داخل قاعات المحكمة، لكن بمشاهدة الفيلم نجد صانعيه أكثر عمقا من ذلك. فالعمل لم يُسلط الضوء فقط على تشريح علاقة الزوجة بأسرتها، وإنما تناول أيضا تشريح علاقة المجتمع ككل بالمرأة والتحيزات المُسبقة ضدها، كذلك تطرّق لقضايا نفسية أخرى معاصرة.
ويحكي "تشريح السقوط" قصة ساندرا، الروائية المتهمة بقتل زوجها الذي سقط من النافذة، ورغم أنه لا أحد يعلم يقينا إذا ما كانت قتلت زوجها أم أنه انتحر، خاصة وأن الشاهد الوحيد هو ابنهما الضرير، فإن المدعي العام يقرر إدانتها ويحاول إثبات ذلك عبر جمع تفاصيل من حياتها السابقة سواء الشخصية أو العملية ولي ذراع الحقيقة، حتى أنه يقتبس سطورا من رواياتها للتدليل على ما يزعم.
3- "لن ينقذك أحد"يعتمد صانعو أفلام الرعب على الإثارة والتشويق، ومؤخرا المؤثرات الصوتية والبصرية، لجذب عشاق هذا النوع من الدراما، لكن ما لعب عليه صانعو فيلم "لن ينقذك أحد" (No One Will Save You) كان مختلفا وأكثر جمالا، إذ جاء الفيلم في مجمله صامتا إلا من أقل القليل، وهو ما نجح بإبراز عزلة البطلة وتكثيف ما تعاني منه من وحدة وقلق.
ولهذا فإن هذا العمل سيمنحك جرعة مضاعفة من المتعة، إذا كنت من محبي الكلاسيكيات أو السينما الصامتة.
ولم يلق "لن ينقذك أحد" استحسان النقاد والجمهور فحسب، بل أكد ملك الرعب ستيفن كينغ، والمخرج المكسيكي الشهير غييرمو ديل تورو، أنه يستحق المشاهدة.
وتدور القصة حول برين التي تبدو حياتها من الخارج براقة ومثالية، ومع توالي الأحداث يتضح حجم ما تفتقره من سلام نفسي خاصة حين تتعرض الأرض لغزو فضائي ويصبح عليها الدفاع عن نفسها بنفسها ومواجهة خطر لا تعرف كنهه أو لغته.
ومن إيجابيات العمل الأداء التمثيلي لكايتلين ديفر التي نجحت رغم صغر سنها في تجسيد الهلع الذي عانت منه البطلة معتمدة على تعبيرات الوجه والنظرات ولغة الجسد فقط لا غير.
4- "بو خائف"إذا كنت قد شاهدت العملين السابقين للمخرج والكاتب آري أستر "وراثي" (Hereditary) و"منتصف الصيف" (Midsommar) فمن المؤكد أنك لاحظت ميله لتقديم سينما تعتمد على الرعب المنزلي المبني على طقوس شعبية وربما جنائزية، غير أنه خلال تجربته الثالثة الأضخم فنيا وإنتاجيا "بو خائف" (Beau Is Afraid) يضبط بوصلته قليلا ويوجهها إلى الداخل.
ويسلط الفيلم الضوء على الطبيب النفسي بو، وتحديدا عقب الموت المفاجئ لوالدته، إذ يتكشف لنا هوسه بها وحدود علاقتهما المضطربة، وهو ما يسرده أستر بالتزامن مع تعريته لخوف بو في العموم سواء من العالم أو المجهول عبر تشريحه من الداخل والخارج.
وقد أُسندت البطولة لخواكين فينيكس الذي شهد عام 2023 خطوات متنوعة ورهانات جريئة بمشواره، لكن المخرج لم يعتمد عليه وحده لإنجاح الفيلم، وإنما استمر في تقديم ما يُجيده من لغته البصرية والسينمائية ذات الطابع السريالي المُخيف، المُثير للتوجس، ممزوجا مع موسيقى تصويرية تمنح الانطباع نفسه. وزاد عليها مفارقات لا تخلو من كوميديا سوداء تبعث على الضحك رغم ما حُمّلت به من عنف دموي أو مشاهد صادمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عام 2023
إقرأ أيضاً:
هل تنجح سوريا في تنفيذ اشتراطات إلغاء قانون قيصر؟
تنفس السوريون الصعداء بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر" ورفع العقوبات المفروضة على بلادهم، لكن الخطوات المنتظرة منهم تجعلهم أمام تحديات عديدة، كما أوضح محللون لبرنامج "ما وراء الخبر" ضمن حلقة (2025/12/11).
ورحبت سوريا على لسان وزير خارجيتها أسعد الشيباني بالخطوة الأميركية، حيث وصفها بـ"الإنجاز التاريخي والانتصار للحق، ولصمود الشعب السوري"، واعتبر أن إلغاء القانون يعكس إدراكا متزايدا لأهمية دعم سوريا في مرحلتها الحالية.
وينص مشروع القانون على أن إلغاء العقوبات يخضع لشروط معينة تتم مراجعتها كل فترة ومنها، أنه يجب على سوريا أن تحترم حقوق الأقليات، وأن تثبت أنها تتخذ خطوات ملموسة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وأن تمتنع عن العمل العسكري الأحادي الجانب ضد دول الجوار.
بيد أن الاشتراطات الأميركية لإلغاء "قانون قيصر" في نظر الكاتب والباحث السياسي حسن الدغيم، لا تتناقض مع المصلحة الوطنية السورية، باعتبار أن سوريا لها مثلا خبرة في مكافحة الإرهاب وترى أن التهديد الإرهابي يقوض أمنها واستقرارها، كما أن من مصلحتها جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال.
وعن الخطوات التي يتعين على الحكومة اتخاذها، يعتقد الدغيم -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر- أن الحكومة حققت إنجازات داخلية ونجاحات في تعاملها مع الخارج، مشيرا إلى أنه لا توجد معارضة، بل هي مجرد "أصوات ومطالبات"، وأن الخطوات التي تتخذها يجب أن تكون على أرضية صلبة، لأن وحدة البلد -حسبه- لا تزال مهددة.
أولى الخطواتوفي المقابل، يعتقد مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة في واشنطن، محمد العبد الله، أن على الدولة السورية أن تقوم بخطوات أولى في سبيل تنفيذ اشتراطات إلغاء "قانون قيصر"، منها مساعدة المستثمرين للقدوم إلى سوريا عبر تقديم قوانين مساعدة للاستثمار مثل قوانين الشفافية المالية ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي من البنود الواردة في اشتراطات رفع "قانون قيصر".
إعلانومن الناحية السياسية، يتعين على الحكومة السورية -يضيف العبد الله- أن تعمل على تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية عبر تمثيل فعلي.
وبينما وصف رفع العقوبات عن سوريا بأنه ممتاز وسيريح الشعب والاقتصاد، انتقد العبد الله ما وصفها ببعض الإجراءات الحكومية مثل التعيينات الاقتصادية وتركيز السلطة بيد مجموعات ضيقة.
ويعتبر الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن الاشتراطات الأميركية لإلغاء "قانون قيصر" معظمها سياسية وليست تقنية اقتصادية، ولكنّ المهم فيها هو رفع العقوبات عن سوريا، ما سيؤدي إلى ضخ الأموال والاستثمارات في هذا البلد وخاصة من طرف دول الخليج، وستكون سوريا خلال الفترة المقبلة أكثر حرية على الصعيد الداخلي.
ويرى مكي أن النظام السوري سيكون حريصا على المضي قدما في تحقيق النتائج المنتظرة منه، لأنه على المستوى الداخلي يدرك أنه تحت المراقبة الشعبية.
ويذكر أنه بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر"، سيتم إرساله إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه الأسبوع المقبل على أن يُرسل لاحقا إلى الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي "قانون قيصر" لمعاقبة أركان نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.
ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع التي تأسست في مارس/آذار 2025.