"بدون كافيين" وأنا بحب نفسي جدًا..
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
على غير عادتها، تبتسم ابتسامة صامتة. لا تحرك الدوائر المغناطيسية حولها. حقل الكهرباء في وجودها معطل. رغم أنها تتكلم. لكنه كلام يشبه تحرك الأجسام بفعل القصور الذاتي. حركة تثبت أنك مازلت حيًا وتدافع عن بقائك بالبعد عن الاصطدام بشيء بقوة قد يهشمك. لكنك في الواقع لا تختار حركتك. أنت فقط تحافظ على الحياة في مستوى القصور الذاتي.
في أعرافي الشخصية لا يتخلى الإنسان عن حياته حتى يتخلى عن كل رغباته. حتى أنني خفت من عادة تتفق مع هذا المعنى، لاحقتني بعد وفاة ثلاثة ممن أحب. بدأت رغمًا عني ألاحظ أن من ماتوا وصلوا في نهاية حياتهم لحالة تشبه اللارغبة في كل شيء. حالة فقدان رغبة يمكن ملاحظتها وتحليلها ببساطة شديدة. تظهر حتى في عدم رغبتهم في الطعام رغم أنهم يجوعون ويأكلون دون أن يمنعهم مرض من ذلك. خفت من تلك العادة، وارغمت نفسي على عدم التفكير في ذلك حين بدأت أراها في بعض الأحياء حولي. أصابني الهلع من فقدانهم قبل أن يصل بي الحال لاختبار نهاية تحليلاتي.
لم أستطع أن أحتمل الانتظار هذه المرة. سمية فتاة تشبه اسمها "سماء صغيرة" صافية ورحبة حتى في مطرها خير وصواعقها ضياء يقتل الظلام. شقية كرقصة نجوم الصيف في واحة، وهادئة كنهار ذات السماء وسط الصحراء. سألتها مباشرة. طلبت مني الإجابة على سؤال صدمني: "نعيش لوحدنا أو نموت في صحبة؟" قلت دون تردد وبقناعة شديدة: "نعيش لوحدنا.. هو حد طايل ثانية حياة؟!". لمحت بريق الحياة فجأة في عينيها البنيتين كفنجاني قهوة شتاء تحاولان التزام الجمر. قالت أعطني دقيقة. خرجت للشرفة. كان عليها أن تجري اتصالها الهاتفي في البرد لأن تغطية الشبكة لم تكن تجد دفئها إلا في برد الشرفة. لاحظت أنها منفعلة، كما بدى لي وأنا أراقبها خلف الزجاج. تحرك ذراعيها في عصبية. تقطب جبينها للحظات ثم تضحك ملء ما بين أذنيها. تجلس ثم تهب اقفة فجأة. تفرقع أصابعها استنادًا على الحائط. الهواء يعبث بثوبها الأخضر الجميل. لون ثيابها كان الشيء الوحيد الحي حولها.
عادت سمية تضج بالحياة. نظرت إليها. أحببت كيف ابتسمت. أحببت أكثر كيف عانقتني دون سبب لمدة طويلة. شعرت أن بقلبها ثورة وليدة أو فجر كوكب يبلغ طول يومه شهران. استطاع فجأة أن يسرع وتيرة دوران كوكبه حتى صار يومه ساعتان. كانت دقات قلبها تتسارع أن يأتي الفجر. اتطمئننتُ حين رايت الرغبة في الحياة تملؤها. قلت لها: "أحب أشوفك كده على طول.. أتطمن يا سمية؟" قالت وهي تشرب كأسًا ممتلئًا حتى آخره بالعصير: "وأنا بحب نفسي جدَا.." هكذا تكون الحياة.. لا تتوقفوا عن حب أنفسكم. أتظنون أن الحياة شيء آخر غير أنفسكم؟!.
*أستاذة بقسم الصحافة كلية الآداب جامعة القليوبية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الكهرباء
إقرأ أيضاً:
استشاري نفسي: مواقع التواصل تحولت إلى مسرح مفتوح للعري والتقليد الأعمى
قالت الدكتورة شيماء علام، الاستشاري النفسي، إن ما نشهده من مظاهر فاضحة وانتشار للعري المعلن عبر منصات التواصل الاجتماعي لا يمت بصلة لما يسمى "حرية شخصية"، معتبرة أن ما يجري هو تشويش معرفي وأخلاقي يُربك الأجيال الجديدة ويهدد البنية القيمية للأسرة المصرية.
وخلال مشاركتها في برنامج "خط أحمر" مع الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، عبّرت علام عن قلقها مما وصفته بـ"الابتذال البصري المُمنهج"، مؤكدة أن ما يُبث من صور ومشاهد لا يخدش الحياء فقط، بل يُفكك المرجعيات الأخلاقية والثقافية للمجتمع.
"هل أصبحنا في سباق للتعرّي؟!"استنكرت الاستشارية النفسية تحول المحتوى الرقمي إلى مساحة تنافسية في خرق الأعراف، متسائلة بحدة: "هل أصبحنا نعيش منافسة معلنة بين الرجال والنساء حول من يتجرد من ملابسه أكثر؟"، لافتة إلى أن الظاهرة لم تعد مقتصرة على فئة، بل باتت ظاهرة متداولة بين الجنسين.
"البلوجرز" والتأثير الخفي على القيمشددت علام على أن ما ينشره بعض المشاهير والبلوجرز لا يُعد تعبيرًا فرديًا حرًا، بل هو نمط تحريضي غير مباشر على تقليد سلوكي خطير، حيث تتأثر به الفتيات دون وعي، مطالبة بضبط المحتوى وحماية الفئات الصغيرة من هذا العُري النفسي والمجتمعي.
رسالة صريحة للأسر: إلى أين نأخذ أبناءنا؟ودعت شيماء علام الأسر المصرية إلى وقفة جادة مع الذات، والسؤال عن القيم التي يتم ترسيخها داخل البيوت، محذرة من أن التأثير الأخلاقي لا يأتي بالكلمات فقط، بل بالمشاهد التي تتكرّر يوميًا على الشاشات، وقالت: "بعض الصور تُربّي أكثر مما تفعل المحاضرات".