وول ستريت: غزة تعرّضت لقصف فاق ما حدث لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته يوم السبت 30 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة تسببت في مستوى دمار يقارن بالحروب الحضرية الأشد تدميراً في التاريخ المسجل، حيث تسببت في تدمير عشرات الآلاف من المنازل، وتهجير مئات الآلاف من المواطنين.
فقبل 3 أشهر، كانت غزة مكاناً نابضاً بالحياة.
لم يتبقَّ في غزة إلا الدمار
اما الآن، فلم يتبقّ من غزة إلا مناظر الخرسانة المنهارة. في شمال غزة، حيث تركز الهجوم الأولي الإسرائيلي. يجوب الأشخاص القليلون، الذين تبقّوا في المنطقة، الشوارع التي تتناثر فيها الأنقاض، مارين بالمتاجر والبنايات التي تعرضت للقصف. يتكسر الزجاج أسفل خطوات أقدامهم. ويسمعون أزيز الطائرات المسيّرة الإسرائيلية أعلى رؤوسهم.
وفي الجنوب، حيث فرّ أكثر من مليون شخص من السكان النازحين، ينام أهل غزة في الشوارع ويحرقون القمامة لطهو طعامهم. فر حوالي 85% من سكان القطاع المحاصَر البالغ عددهم 2.2 ملايين شخص من منازلهم، وصاروا محصورين بموجب أوامر الإخلاء، التي أصدرها الاحتلال الإسرائيلي في مساحة تقل عن ثلث مساحة القطاع، وذلك وفقاً للأمم المتحدة.
تدمير 80% من بنايات غزة
في ظل ما تشهده منطقة الحرب هذه من انغلاق على العالم الخارجي، يُجري الخبراء مسوحاً للدمار عن طريق تحليل صور الأقمار الصناعية وباستخدام الاستشعار عن بُعد، الذي يراقب السمات المادية عن طريق قياس الإشعاع المنبعث والمنعكس قياساً عن بعد. ويقول الخبراء إن النتائج التي توصلوا إليها أولية، وإنهم سوف يحتاجون إلى التحقق منها على الأرض، لكن هذه النتائج على الأرجح أقل في تقديراتها من الواقع الفعلي.
بحسب تحليل لبيانات الأقمار الصناعية، أجراه خبراء الاستشعار عن بُعد في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، فإن ما يصل إلى 80% من البنايات في شمال غزة، حيث كان القصف أشد، صارت إما متضررة أو مدمرة، أي إنها نسبة أعلى من النسبة المشهودة في قصف مدينة درسدن الألمانية عن طريق قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.
قدّر هي ين، الأستاذ المساعد في الجغرافيا بجامعة كينت بولاية أوهايو، أن 20% من الزراعة في غزة دُمرت أو تضررت. وأوضح أن قمح الشتاء، الذي كان من المفترض أن ينبت الآن، غير ظاهر، مما يحمل إشارةً على أنه كما لو أنه لم يُزرع.
توصل تحليل للبنك الدولي إلى أنه بحلول 12 ديسمبر/كانون الأول، دمرت الحرب 77% من المنشآت الصحية، و72% من الخدمات البلدية، مثل المنتزهات والمحاكم والمكتبات، و68% من البنى التحتية للاتصالات، و76% من المواقع التجارية، بما في ذلك التدمير شبه الكامل للمنطقة الصناعية في الشمال. ووجد البنك الدولي أن أكثر من نصف الطرق تضررت أو دُمرت. وتضررت حوالي 342 مدرسة، وذلك وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، بما فيها المدارس التابعة للأمم المتحدة نفسها.
تمتلك غزة تاريخاً زاخراً ممتداً منذ 4000 عام، فقد كانت ميناءً كنعانياً وفرعونياً يمثل نقطة على طرق التجارة بين أفريقيا وآسيا. وعبر التاريخ، شُيدت مرة أخرى ونهضت من الحروب والحصارات وانتشار الطاعون والزلازل. في عام 332 قبل الميلاد، كانت المدينة الأخيرة التي تقاوم مسيرة الإسكندر الأكبر إلى مصر، وهو عمل من أعمال التحدي التي غذت أسطورة الشعب الذي لا ينحني. تتخذ بلدية غزة من طائر العنقاء رمزاً لها.
الاحتلال دمّر عشرات المواقع الأثرية في غزة
لم تسلم المواقع الأثرية الثمينة من الحرب الحالية، فقد دُمّر المسجد العُمري الكبير، وهو مبنى قديم حوّله البيزنطيون إلى كنيسة تعود إلى القرن الخامس الميلادي بعد أن كان معبداً فلسطينياً، ثم حوّله المسلمون إلى مسجد في القرن السابع ميلادياً. وقد تعرض الجزء السفلي من المئذنة التاريخية لصدع كبير. وضربت غارة إسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول كنيسة القديس برفيريوس التي تعود إلى القرن الخامس، مما تسبب في قتل 16 فسطينياً كانوا يحتمون داخلها.
قال فاضل العتيل، عالم الآثار الذي ينحدر من غزة، والذي فر من منزله ليحتمي بملجأ عند الطرف الجنوبي للقطاع: "خسارة المسجد العمري تُحزنني أكثر من تدمير منزلي".
تحول حي الرمال المزدهر، بشوارعه الواسعة وصالونات التجميل المنتشرة فيه، إلى أنقاض في الأيام الأولى للحرب. دمرت الهجمات الإسرائيلية المحكمة الرئيسية في غزة، ومبنى البرلمان، والأرشيف الرئيسي.
قال إيال وايزمان، ناشط السلام والمهندس المعماري الإسرائيلي البريطاني، الذي يدرس نهج إسرائيل في بناء البيئة في الأراضي الفلسطينية: "لم تعد مدينة يمكن العيش فيها بعد الآن".
وأوضح أن أي عملية إعادة إعمار سوف تتطلب "نظاماً كاملاً من البنية التحتية أسفل الأرض، لأنك عندما تهاجم باطن الأرض، فإن كل شيء يسير داخل الأرض -سواء المياه، أو الغاز أو الصرف- يُمزَّق".
غزة تحتاج إلى عام لإزالة الأنقاض
استنتج تحليل أجراه ائتلاف منظمات الإغاثة Shelter Cluster، الذي يقوده المجلس النرويجي للاجئين، أنه بعد الحرب الحالية، سوف تتطلب إزالة الأنقاض فقط ما لا يقل عن عام كامل، وهي مهمة سوف تُعقدها إزالة الذخائر غير المتفجرة بصورة آمنة.
وأوضحت المجموعة أن إعادة بناء المباني سوف تستغرق من 7 إلى 10 أعوام، هذا إذا كانت التمويلات متاحة. وقدرت أن التكلفة سوف تصل إلى 3.5 مليار، هذا باستثناء تكاليف توفير أماكن إقامة مؤقتة.
من جانبها، قالت كارولين ساندز، الخبيرة في عمليات إعادة التطوير ما بعد الصراعات لدى جامعة كينغستون: "في أفضل السيناريوهات، سوف يستغرق عقوداً".
في حين اعتادت آلاء هشام، الأم البالغة من العمر 33 عاماً، التي كانت تعيش في حي الرمال الراقي بغزة، أن تستمتع بالجلوس في حديقتها أعلى سطح منزلها، واصطحاب أطفالها إلى منتجع على شاطئ غزة في عطلات الأسبوع، ولعب الشطرنج مع أصدقائها. فرت آلاء مع عائلتها بعد وقت قصير من بدء القصف، وانضمت إلى العدد القليل من الفلسطينيين الذين نجحوا في المغادرة إلى مصر.
صحيحٌ أن منزلها دُمّر، لكنها تتشبث بالأمل بأنها سوف تعود إلى غزة في يوم ما. قالت آلاء: "الناس يعتقدون أنني مجنونة لرغبتي في العودة. غزة مكان خاص".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
اختبار لصلابتنا.. ما هي الحرب الهجينة التي تحدثت عنها فون دير لاين؟
أكدت فون دير لاين أن "هذه الحوادث محسوبة لتبقى ملفوفة بغموض يسمح بإنكارها. إنها ليست مضايقات عشوائية، بل حملة متماسكة ومتصاعدة". اعلان
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، إن على أوروبا أن تطوّر أساليبها التقليدية في الدفاع، لمواجهة ما وصفته بـ"الحرب الهجينة" التي تشنها روسيا.
وجاءت تصريحات فون دير لاين خلال خطاب ألقته أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث قالت، في إشارة إلى حوادث اختراق الطائرات المسيّرة لأجواء عدد من الدول الأوروبية: "شيء خطير وغير مسبوق يحدث في سمائنا.. هذه ليست مضايقات عشوائية، بل حملة منسقة ومتزايدة تهدف إلى زعزعة استقرار مواطنينا، واختبار صلابتنا، وتقسيم اتحادنا، وإضعاف دعمنا لأوكرانيا". وأضافت: "لقد حان الوقت لنسمي الأمور بمسمياتها: هذه حرب هجينة".
ما هي الحرب الهجينة؟تعرَّف "الحرب الهجينة" بأنها صراع يستخدم فيه الخصم أساليب قتالية متعددة، في ميادين مختلفة بشكل متزامن. ويُعدّ الباحث العسكري الأمريكي فرانك هوفمان من أبرز من طوّر هذا المفهوم، إذ أصدر عام 2007 وثيقة توقّع فيها أن تتطور طبيعة الصراعات المستقبلية لتتسم بمزيج من التكتيكات التقليدية وغير النظامية، مع اعتماد التخطيط والتنفيذ اللامركزي.
وتشمل الحرب الهجينة عدة مجالات في آن واحد: السياسية والعسكرية والإلكترونية والإعلامية، إضافة إلى استخدام جماعات غير نظامية، وخوض "حروب قانونية"، والتلاعب بالأنظمة أو التدخل في الانتخابات في الدول المستهدفة.
المسيرات ومشروع الحارس الشرقي للناتوكانت قد شهدت كل من بولندا وإستونيا ورومانيا الشهر الماضي خروقات جوية، في حين رُصدت طائرات مسيّرة مجهولة في الدنمارك وألمانيا وبلجيكا.
وردًا على ذلك، فرضت كوبنهاغن الأسبوع الماضي حظرًا مؤقتًا على رحلات الطائرات المسيّرة، بينما أطلق حلف شمال الأطلسي (الناتو) برنامجًا يحمل اسم "الحارس الشرقي" (Eastern Sentry) لمعالجة الثغرات في الدفاعات الجوية للدول الأعضاء فيه.
بدورها، اقترحت فون دير لاين إنشاء "جدار من الطائرات المسيّرة" لحماية أوروبا من روسيا، وهي مبادرة أثارت جدلاً واسعًا بشأن مدى جدواها والتكاليف الباهظة المحتملة لتنفيذها.
Related تصاعد الهجمات بين روسيا وأوكرانيا: صواريخ ومسيرات تهز الجبهتين وتحذيرات من كارثة نوويةترامب يعرب عن استعداد الولايات المتحدة لدعم بولندا في حال استمرار التصعيد الروسيوزير الداخلية البولندي: أوروبا بدأت بأكملها تتحدث بصوت بولندا في مسائل أمن الحدودميركل تلوم بولندا ودول البلطيق على حرب بوتين في أوكرانيا موسكو تهدف إلى "زرع الانقسام"وعن استجابة أوروبا للانتهاكات الجوية، قالت فون دير لاين: "حادثان قد يقعان صدفة، لكن عندما تحدث ثلاثة أو خمسة أو عشرة حوادث، فذلك يعني أننا أمام حملة متعمدة وموجهة ضد أوروبا، ويجب على أوروبا الرد عليها".
ورغم أن رئيسة المفوضية لم تصرّح صراحة بأن تلك الطائرات روسية، على خلاف ما قالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس في الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدة مسؤولين أوروبيين آخرين، فإنها اتهمت موسكو بالسعي إلى "زرع الانقسام" في أوروبا.
تطوير أساليب الدفاع التقليديةأضافت السياسية الألمانية: "مواجهة الحرب الهجينة التي تشنها روسيا لا تقتصر على الدفاع التقليدي، بل تتطلب عقلية جديدة منّا جميعًا. يمكننا إما أن نتراجع ونشاهد التهديدات الروسية تتصاعد، أو أن نواجهها بالوحدة والردع والحزم".
وشددت فون دير لاين على أن حماية الحدود الشرقية لأوروبا غير كافية، مشيرة إلى أن التصدي للحرب الهجينة يشمل أيضًا تطوير برمجيات الطائرات المسيّرة، وتأمين قطع غيار خطوط الأنابيب، وتشكيل فرق استجابة سريعة للهجمات السيبرانية، إلى جانب حملات توعية عامة.
ومن المقرر أن يعقد الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل في وقت لاحق من هذا الشهر، لوضع "خارطة طريق" تهدف إلى إعداد التكتل لمواجهة التهديدات الروسية في السنوات المقبلة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة