الهباش: ما يجري في غزة "حلقة من مسلسل عدواني مستمر ومتواصل"
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
قال مستشار الرئيس الفلسطيني الدكتور محمود الهباش إن ما يجري في قطاع غزة هو حلقة جديدة من مسلسل العدوان الإسرائيلي المستمر المستعر على الشعب الفلسطيني، ربما أكثر عدوانية وشراسة وهمجية، وهو مسلسل لم يبدأ اليوم ولا في السابع من أكتوبر؛ لكنه منذ أكثر من 7 عقود.
وأوضح الهباش - في مداخلة لقناة "النيل" الإخبارية - "إن إسرائيل تبحث - فقط - عن ذرائع أذا وجدت كان بها وإذا لم تجد سوف تخترع وتختلق الذرائع من أجل تمرير وتبرير عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني"، مضيفا "نشهد الآن مذبحة مفتوحة في قطاع غزة واستمرارا للعدوان على الضفة الغربية من خلال جيش الاحتلال وعصابات الإرهاب الاستيطانية واستمرارا للاعتداء على المقدسات وانتهاكها في مدينة القدس والخليل حيث تنتهك حرمة المسجد الإبراهيمي، لكننا وفي نفس الوقت نشهد استمرارا للصمود والإصرار الفلسطيني على البقاء وانتزاع الحقوق".
وأضاف أن إسرائيل وظفت ما حدث في السابع من أكتوبر، واستطاعت في لحظة ما أن تكسب تأييد وتعاطف العالم والرأي العام، لكن الصورة تغيرت مع استمرار إسرائيل في عدوانها الهمجي واستهداف المدنيين وتهجيرهم من أماكنهم.
وشدد مستشار الرئيس الفلسطيني على أن الأولوية التي تسيطر على المواطن الفلسطيني الآن هي وقف العدوان وحماية المواطنين المدنيين، حيث إن الأمن الآن مفقود في قطاع غزة وكذلك الاستقرار، بالتالي فأولوية المواطن في قطاع غزة هي أن يستعيد الأمن والاستقرار؛ وهذه هي أيضا أولوية القيادة الفلسطينية؛ لذلك كل الأوراق التي تتوفر بين أيدينا يجب أن توظف لصالح هذه الأولوية وهذا الهدف.
وأشار إلى أنه من أهم الأوراق لدينا هى بقاء المواطن الفلسطيني على أرضه لذلك ومنذ اللحظة الأولى للعدوان وعندما انكشف المخطط الإسرائيلي الرامي الى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها وقفنا نحن ومصر والأردن ومن خلفنا كل الدول العربية بوجه هذا المخطط، لكن لكي نحقق هذا الهدف علينا أن نوقف العدوان ونحمي المواطن الفلسطيني من ويلات هذا العدوان المتصاعد والمتواصل، ونتحرك في هذا الهدف سواء من خلال التحرك السياسي المنفرد أو الجماعي في إطار المجموعة العربية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة العدوان الإسرائيلي الشعب الفلسطيني محمود الهباش إسرائيل فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بعد حرب غزة.. إسرائيل تواجه منطقة جديدة
في الوقت الذي تقترب فيه حرب غزة من نهاية هشة (ويحتمل أن تكون مؤقتة)، فإن الحكمة تقتضي تقييم البيئة الجيوستراتيجية التي سوف يتعين على إسرائيل أن تواجهها في المستقبل المنظور.
تبدو الصورة للوهلة الأولى وردية. فبرغم أن الصراع الإقليمي الذي عجلت به أهوال السابع من أكتوبر يعد أطول حروب إسرائيل، فقد جاء بمنجزات عسكرية كبيرة.
فمن خلاله تمكنت إسرائيل من القضاء على أغلب الخطر المباشر الذي كان يمثله حزب الله في لبنان. إذ استطاعت حملة خريف 2024 التي قام بها الجيش الإسرائيلي في لبنان أن تزعزع بشدة استقرار الجماعة وتقضي على الآلاف من مقاتليها وأغلب ترسانتها الصاروخية التي كانت هائلة الحجم. كما هيأت المسرح لهجمة الشتاء التي قام بها «متمردون» في سوريا المجاورة أدت إلى الإطاحة بنظام الأسد الحاكم والقضاء من ثم على حليف أساسي لإيران (وكذلك على الجسر البري التابع للجمهورية الإسلامية والمفضي إلى لبنان).
وبعد ذلك، أدت حرب الاثني عشر يوما في يونيو 2025 إلى انتكاسات كبيرة لبرنامج النظام الإيراني النووي وجهوده لحشد الصواريخ الباليستية. وفي حين أن إسرائيل لاقت عنتا كبيرا في هجمتها البرية على حماس في قطاع غزة، نجح التهديد المقنع بشن هجوم نهائي على مدينة غزة في أكتوبر 2025 مع الضغط الدبلوماسي الأمريكي غير المسبوق في إعادة الرهائن الإسرائيليين الأحياء إلى الوطن وإقامة وقف لإطلاق النار وإن يكن غير مستقر تماما.
ولا شك في بقاء بعض المشكلات الكبيرة. فلا تزال حماس قائمة في غزة بشكل كبير، وتبدي علامات على إعادة بناء قواتها وإعادة تأسيس سيطرتها على أجزاء من القطاع. فضلا عن أن إسرائيل توشك على مواجهة ضغط أمريكي ودولي كبير من أجل الفصل بين قضيتي إعادة إعمار غزة ونزع سلاح الجماعة، وذلك أمر إن لم تجر معالجته فإنه سوف يكون مخالفا لأهداف إسرائيل الاستراتيجية (ناهيكم بالصدمة الجماعية الناجمة عن السابع من أكتوبر).
في الوقت نفسه يعارض حزب الله في لبنان بوضوح قرار الحكومة اللبنانية بتفكيك قدرات الجماعة العسكرية، فضلا عن أن ضربات إسرائيل المتجددة لبنية الجماعة الأساسية وعناصرها في لبنان قد تفضي عما قريب إلى تصعيد أكبر على جبهة إسرائيل الشمالية. ومع ذلك فإن إسرائيل عاقدة العزم على عدم تكرار أخطائها السابقة بالسماح بتكوين قدرات عسكرية على حدودها مهما بدت منهكة في الوقت الراهن. في الوقت نفسه، يستعد النظام الحاكم في طهران ـ برغم ما مني به من أضرار ـ لحرب ثانية مع إسرائيل ويستثمر بشدة في دعم قدرات الحوثيين في اليمن وغيرهم من العناصر في شبكة الوكلاء الواسعة التي لا تزال قائمة على حالها.
ومع ذلك، يبقى التقييم الإيجابي ممكنا، طالما بقي موقف إسرائيل الاستراتيجي في المنطقة الآن أشد أمنا وأعلى مزايا من أي وقت مضى منذ يوم السابع من أكتوبر الأسود. غير أن الحرب أدت إلى نتائج غير مقصودة أيضا، أبرزها صعود محور جديد شديد العداوة هو محور الإخوان المسلمين.
وبالطبع لم ينشأ هذا التجمع من العدم، فقد كان سمة حاضرة في المنطقة منذ عقد من الزمن على الأقل، وذلك بدعم من سياسية خارجية عثمانية يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما لديه من عداء راسخ لإسرائيل، وكذلك بدعم مالي عميق من قطر لحماس ولغيرها من المتطرفين السنّة. لكن هذه الاتجاهات تتلاقى الآن، وتستشري.
فللمرة الأولى تواجه تركيا احتكاكا مباشرا مع إسرائيل من خلال الدولة التابعة التي تأسست حديثا في سوريا. وهذا أمر مثير للغاية للقلق لأن إسرائيل الآن في مواجهة عدو معلن العداء يدعو علنا إلى تدميرها، وهو في الوقت نفسه عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما أنه حليف مقرب للولايات المتحدة. ومن الأمور الإشكالية أيضا ذلك الدور المزدوج الذي تلعبه قطر بوصفها وسيطا مع الجماعات المتطرفة ومساعدا لها، مع حظوتها في الوقت نفسه بدرجة غير مسبوقة من التقارب السياسي مع واشنطن.
وهكذا تجد إسرائيل الآن نفسها في مواجهة تحالفين معاديين معلنين وليس تحالفا واحدا: المحور الإيراني في الشرق الذي قد يكون تضرر ولكنه لم ينقصم والمحور الإخواني العثماني الجديد الرامي إلى السيطرة على شرق المتوسط وإقامة حضور دائم له في غزة. وفي ما بين الاثنين ثمة جماعة من الدول القومية والممالك الرامية إلى اجتناب الهيمنة العدائية لكلا المعسكرين. وواقع الأمر هو أن احتواء كلا الجانبين المتطرفين هو الأساس الحقيقي والدائم للتطبيع النهائي بين السعودية وإسرائيل.
لكن كالعادة ثمة مشكلة، وهي تتمثل في الفسطينيين. فقد أظهرت السنتان الماضيتان مرارا أنه ما دام النشطاء الفلسطينيون ـ سواء كانوا إسلاميين من حماس أم قوميين علمانيين من فتح ـ قادرين على تصور تدمير نهائي لإسرائيل، فليس من المرجح النظر في تسوية تتضمن قبولا حقيقيا بالدولة اليهودية. وبهذا، سوف تكون القضية الفلسطينية حتما سلاحا لدى كلا المحورين لإضعاف التنسيق لدى ما يمكن وصفه بكتلة مناصرة الاستقرار في المنطقة (وتتألف من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر وإسرائيل وغيرها) وربما لمنع هذا التنسيق تماما إذا أمكن.
نعم، ثمة منافسة بين المحور السني بقيادة أنقرة والدوحة والمحور الشيعي بتوجيه طهران. لكن المحورين يشتركان في مصلحة تتمثل في إضعاف التيار السياسي المعتدل في المنطقة، وفي تقويض إسرائيل بصفة خاصة. وفي حين أن تركيا ـ خلافا لإيران ـ لن تخاطر بصراع مباشر مع الدولة اليهودية، فإن بوسعها رغم ذلك أن تمثل تحديا كبيرا لها، سواء من خلال دعم حماس وما ماثلها من المنظمات أو من خلال تهديد الممر الجوي الإسرائيلي فوق سوريا إلى إيران.
وفي ضوء الاحتمالية الواردة تماما لقيام صراع إيراني إسرائيلي ثانٍ، فإن تلك الإمكانية مزعجة للغاية. وفي الوقت الذي يستقر فيه نظام الرئيس أحمد الشرع الجديد ويرسخ سلطته، سوف تكسب تركيا أيضا القدرة على التحرش بإسرائيل في مرتفعات الجولان مما يثير شبح شيء لم نشهده من قبل: أي مناوشات مباشرة بين الجيش الإسرائيلي وقوات تابعة لتركيا. وثمة بالطبع منفعة لا يمكن إنكارها في مسألة خروج الإيرانيين من سوريا، وهي أن حزب الله الآن بات معزولا في لبنان، وفي أن بعض مخاوف إسرائيل على الأقل في ما يتعلق بغزة قد تنتهي إلى التلاشي. لكن لا يجب لشيء من هذا أن يخفي الصورة الكبرى، وهي أن كتلة الدول المعتدلة سياسيا في المنطقة محاطة الآن بمحورين متطرفين طموحين لا محور واحد. وهذه البنية الإقليمية الجديدة لم تظهر إلا لتبقى، وهؤلاء الخصوم ما ظهروا لكي يختفوا.