سودانايل:
2025-06-27@00:11:56 GMT

سيبقى القرار لشعب السودان الطيب

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

جاء مقالي السابق بعنوان "من الرابح من الحرب بالسودان" ، وجاءتني بعض الردود من بعض القراء مؤيدة بأن هدف الحرب هو اولا واخيرا سرقة موارد السودان الطبيعية، وهو أمر مفهوم من قبل الاطماع الخارجية للدول الاجنبية ولكنه غير مفهوم ان يقوم بذلك الدور التخريبي ابناء السودان أنفسهم، وهو أمر دعاني لمحاولة التفكير خارج الصندوق لفهم دوافع وأهداف المتحاربين على الارض والمحرضين عليها ومشعليها وتجار الحروب.


الكل يعلم أن أغلب قيادات الدعم السريع السياسية أو العسكرية هم من نظام الإنقاذ امثال حسبو عبد الرحمن الذي كان نائب البشير أو من قيادات القوات المسلحة السودانية امثال اللواء عصام فضيل واللواء عثمان عمليات، إذن ماذا حدث من أمر بحيث يؤدي لصراع الشركاء حتى الموت!!!
أن اي مواطن بلغ سن الرشد يعلم بأنه لا منتصر في الحرب وأنها خراب يعقبه خراب، ورغم ذلك ومنذ أكثر من ثمانية أشهر تأتي تصريحات عدائية من كل الطرفين بأنها ستقضي على الطرف الآخر، وبعدها تنطلق أبواق الشؤم والتي تنبح صباحا مساء لتصب الزيت على النار من الطرفين. بل إن هذه الأصوات الناعفة انتهجت أيضا جانبا عنصريا وقبليا قبيح ومخالف للأديان والأخلاق والمروة والإنسانية وأصبحت تهدد بجعل الحرب إثنية تستهدف قبائل بعينها!!!
فما هو السر الذي يدفع كل قادة طرف سوداني نحو الحرب، وهل يعقل بأن كل منهما أجير لدولة أجنبية ومرتهن ومرتزق لديها ليحافظ على مصالحها ومصالحه السلطوية والمادية وإن كان الثمن قتل بني وطنه وتهجيرهم وتشريدهم مع تدمير كل الإنشاءات الوطنية من جامعات ومصارف ووزارات وبني تحتية كالمطارات والكباري، وهل السر هو الانخداع بتحقيق مكاسب من الحرب!!! نعم هناك إشاعة مرددة بأن أحد المسؤولين العرب صرح قائلا "كما حاربنا اليمن بالمرتزقة السودانيين نستطيع ان نفعل بهم ذلك في بلادهم فهم لا يطلبون أكثر من ملء بطونهم وايهامهم بتحقيق مكاسب"!!! وبغض النظر عن صحة الإشاعة من عدمها ولكنها مؤشر بأن من رضي ان يكون مرتزق بالمال في حرب اليمن وهي إشارة هنا لمجموعات من الجيش وقوات الدعم السريع بإن إيهامهم كطرفين بتحقيق مكاسب من الحرب يكفي لدخولهم فيما بينهم في حرب شعواء!!!

صحيح ان أصل قوات الدعم السريع هي مليشيات قبلية حدث لها وداخلها وحولها تحويرات كثيرة وأصبح الجامع لأفرادها قطاع متنوع من المصالح فبعضهم يؤمن بأن رزقه تحت بندقيته ويحسب ثقافته المحلية فأن الحرب وتبعاتها من القتل والسلب والغنائم شيء طبيعي، و أن التمرد ورفع السلاح في حد ذاته مصدر دخل مربح ومريح أكثر من الرعي والزراعة ، وبعضهم يريد ان يعيش حياة المدن حيث الماء والكهرباء خاصة بعد ان رأي ان المتعلمين من أبناء منطقته قد هاجروا صوب المدن وتمدنوا بل وصلوا لأرفع المناصب او حققوا نجاح مادي ولم يرجعوا لقراهم!!! وبعضهم انخدع بتبريرات سوقت له بأن أسباب شظف عيشه تعود لظلم القبائل الشمالية من وسط وشمال السودان "الجلابة" منذ استقلال السودان في 1956م للقبائل التي تسكن منطقة دارفور، وبعضهم انخدع بمقولات سياسية مثل ان الحرب قامت لمحاربة الكيزان والفلول وهو لا يفهم ماذا تعلاني المفردتين تحديدا والا لاستوعب ان اهم قائد سياسي له أي حسبو عبدالرحمن هو من الكيزان والفلول!!! إن قوات الدعم السريع لا عقيدة قتالية لها، وتظل مكونات قبلية ولاءها للقبيلة والقرية أكثر من ولاءها لقادة الدعم السريع ويظل انتماءها الحقيقي لأفخاذ قبائل كانت ومازالت متصارعة فيما بينها وكذلك مع القبائل الأخرى في امتلاك الحواكير-مساحات من الارض- والتوسع فيها قائم قبل واثناء وبعد انتهاء الحرب!!! كما انه وبرغم تفوقها العددي وسرعتها في الحركة واستيلاءها على الخرطوم ودارفور ولربما الجزيرة وعاصمتها مدني واستعدادها للاستيلاء على بقية المدن مثل كوستي جنوبا وشندي وعطبرة شمالا ولكن كل ذلك يتم بقوة السلاح وإرهاب سكان تلك المدن وتشريدهم مما يعني استعداء أولئك السكان الذين طال الزمان ام قصر سيحاربونهم بصورة ما!!! وذلك في حد ذاته يعني أنها لا تملك برنامج سياسي بمكن ان يجتمع حوله اهل السودان، وفوق ذلك فأن قوات الدعم السريع لا تملك التأهيل الكافي من ناحية إدارية لإدارة دولة!!!
ذلك ما كان من أمر الدعم السريع، اما قادة الجيش او القوات المسلحة السودانية فيكفي انه لم يكن لهم قدرة استشرافية توهلهم لمعرفة خطر تزايد اعداد قوات الدعم السريع بالعاصمة والاستعداد لذلك، بل إنهم كانوا يدافعون عن قوات الدعم السريع ضد الشعب الذي كان ينادي بحل تلك القوات او دمجها في القوات المسلحة، بل ان أولئك القادة العظام فوجئوا باشتعال الحرب في يوم 14 إبريل 2023م، وبقى كبار القادة العظام أي البرهان والكباشي وياسر العطا حبيسي قواعدهم ولريما لم يخرجوا منها الا بمفاوضات او بهروب في جنح الظلام كالفئران، ثم هاهم يلقون باللوم على قادة العمل السياسي أولا ثم على الشعب كما حدث من اتهام لسكان مدينة ود مدني عاصمة إقليم لجزيرة بأنهم متآمرون مع الدعم السريع!!! إن أولئك القادة ومعهم عدد اخر من كبار الضباط كانوا يستولون على 80 في المائة من ميزانية الدولة دون ان يصرفوها على القوات المسلحة حقيقة، والدليل ان القوات المسلحة السودانية او الجيش حامي الشعب لم يستطيع ان يحميه لأنه ترك للفقر والعوز في حين اغتني قادته وانشغلوا بالتجارة والتمتع بمباهج الحياة وامتلاك القصور بالأحياء الخرطومية الراقية والشقق بالقاهرة ودبي وتركيا.
يبقى ان الشعب السوداني لن يقبل بالقهر والاستبداد والتشريد الذي يمارس عليه منذ ثمانية أشهر قد تمتد لأشهر أخرى او لسنوات، كما ان الشعب السوداني لن يقبل بأولئك القادة العسكريين مرة أخري خاصة وانهم تركوه فريسة سهلة لقوات الدعم السريع!!!
إذن سيظل القرار النهائي للشعب السوداني الذي لن يقبل الا بانطلاق عملية سياسية مدنية سلمية تحقق له تلك المبادئ التي لطالما حلم وطالب بها في ثورته أي الحرية والسلام والعدالة كخيار أوحد للشعب.

wadrawda@hotmail.fr  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع القوات المسلحة أکثر من

إقرأ أيضاً:

هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟

حسب الرسول العوض ابراهيم

شهد السودان في الأيام القليلة الماضية تطورات متسارعة على المستويين الداخلي والخارجي، كان لها أثر مباشر على مسار الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فرغم شدة هذه الحرب وما خلّفته من دمار ومعاناة إنسانية، تراجع الاهتمام بها تدريجياً، في ظل تطورات سياسية وأمنية فرضت نفسها على المشهد، ودفعت الحرب إلى خلفية الأحداث.

في الداخل، عاد الجدل بقوة حول تشكيل حكومة كامل إدريس، ما أدى إلى تصاعد التوترات داخل تحالف بورتسودان، الذي يضم الجيش وبعض حركات دارفور وقوى من النظام السابق. هذا التحالف، الذي تشكّل كواجهة للحكم، سرعان ما أصبح ساحة للصراعات والمصالح المتضاربة، ووصل الأمر إلى تبادل الاتهامات وتسريب الاجتماعات السرية، مما كشف عن هشاشته وضعف انسجام مكوّناته.

تشكيل الحكومة الجديدة أصبح أكبر عقبة أمام أي قرار سياسي حاسم، سواء باتجاه استمرار الحرب أو الذهاب نحو التفاوض. فقد دخلت على خط الصراع قوى ومليشيات وكتل سياسية جديدة، أبرزها ما يُعرف شعبياً بـ”تحالف الموز”، وهو التحالف الذي دعم انقلاب 25 أكتوبر ضد حكومة حمدوك. هذا التحالف، الذي شعر بالتهميش، رأى في ارتباك كامل إدريس فرصة للعودة إلى دائرة التأثير، مما زاد الضغوط عليه.

على الأرض، أحرزت قوات الدعم السريع تقدماً مقلقاً في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، وبعض المناطق المحيطة به، وسط أنباء عن انسحاب القوات المشتركة من تلك المنطقة، ما سمح لقوات الدعم السريع بالتمركز هناك. وترافقت هذه الخطوة مع تهديدات باجتياح الولاية الشمالية، وهو ما زاد من توتر المشهد، وأثار تكهنات بترتيبات جديدة قد تُغيّر موازين القوى.

بعض المراقبين تحدثوا عن فتح “طريق عودة” بين الدعم السريع وبعض حركات دارفور المتحالفة مع الجيش، خاصة بعد كلمات التودد التي أطلقها حميدتي في خطابه الأخير. ويرى آخرون أن هذه التطورات قد تكون وسيلة ضغط على سلطات بورتسودان، لتثنيها عن تقليص حصة تلك الحركات في الحكومة المقبلة.

كان لظهور حميدتي وسط حشد منظّم من قواته دلالات واضحة، أبرزها إظهار الجاهزية لمرحلة جديدة. في خطابه، دعا حركات دارفور إلى فك ارتباطها بتحالف الجيش والانضمام إلى قواته، كما قدم اعتذاراً مبطناً عن الانتهاكات التي ارتكبتها قواته في الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض. غير أن هذه الاعتذارات وبتلك الرسائل لا تكفي لتجاوز الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في المناطق التي كانت تسيطر عليها .

كما وجّه حميدتي رسائل طمأنة إلى مصر، في محاولة لتحييد موقفها من الصراع وهو يعلم انها من اكبر داعمي سلطة بورتسودان، إلا أن من المستبعد أن تُغير القاهرة موقفها الداعم لسلطة بورتسودان بمثل هذه الرسائل، نظراً لتشابك مصالحها الكبيرة مع تلك السلطة .

خارجياً، كان اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران الحدث الأبرز. هذا الصراع الإقليمي الكبير شتّت انتباه القوى الداعمة لأطراف الحرب في السودان، مما ساهم في خفوت صوت الحرب داخلياً. ورغم اعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إلا أن نتائج الحرب أضعفت إيران بعد تعرضها لهزيمة قصمت ظهرها ، وهي أحد الداعمين المهمين لتحالف بورتسودان، ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في بعض التحالفات داخل السودان.

الانشغال الدولي بالحرب في الشرق الأوسط قد يمنح السودان فرصة نادرة لتعديل المسار، وقد يدفع بعض الأطراف للتفكير بجدية في تسوية سياسية تحفظ ما تبقى من نفوذها ومصالحها.

في المجمل، يمكن القول إن هذه التطورات المتسارعة، وإن لم تُنهِ الحرب بشكل مباشر، إلا أنها ساهمت في تفكيك بعض ملامحها، وفتحت الباب أمام مشهد جديد. وقد تكون هذه المرحلة فرصة لإعادة تقييم الخيارات، والسعي نحو تسوية سياسية تُنهي هذا الصراع الطويل والمنسي، الذي دفع ثمنه الشعب السوداني من أمنه ولقمة عيشه ومستقبل أجياله.

ولعلّ القول المأثور ينطبق على هذا الحال:
“مصائب قوم عند قوم فوائد” فربما تُفضي نتائج الحرب الإقليمية إلى فرصة لسلام داخلي، يكون السودان فيه هو المستفيد الأكبر.

كاتب ومحلل سياسي

الوسومحسب الرسول العوض ابراهيم

مقالات مشابهة

  • الحرس الثوري: الكيان الصهيوني بدأ الحرب لكن القوات المسلحة الإيرانية هي من أنهتها
  • انتصارات عسكرية جديدة في ولاية النيل الأزرق
  • تطورات عسكرية مهمة في النيل الأزرق وجنوب كردفان
  • السودان يطالب المجتمع الدولي بتصنيف ميليشيا الدعم السريع جماعة إرهابية
  • الخرطوم: “الدعم السريع” ارتكبت “إبادة جماعية” والدول الراعية للمليشيا متورطة في الجريمة
  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • الحرس الثوري الإيراني: إطلاق 14 صاروخاً قبيل وقف إطلاق النار
  • حفتر في القاهرة.. فهل تثير الزيارة هواجس الخرطوم؟
  • السودان: دولتان عربية وإفريقية تعترفان برعاية مليشيا “الدعم السريع”
  • خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي