ماذا يعني تصريح تركي الفيصل؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
ماذا يعني تصريح تركي الفيصل؟
حماس لم تكن (أبدا) عدوا لأي بلد عربي ولو اختلفت مع سياساته أو قيادته بل ترحب بالتواصل مع كل الأنظمة العربية، وبأي دعم أيا كان نوعه وقدره..
شخصية ذات خبرة عريضة، لديها مصادرها واتصالاتها داخليا وخارجيا، وقراءتها وتقييمها لطوفان الأقصى وتداعياته على الساحات الدولية والإقليمية والمحلية.
.
نصيحة لـ"ولي الأمر" يسديها خبير عتيق في العلاقات والاتصالات الكثير، مفادها أن الوقت قد حان إصلاح خطأ السعودية بحق حماس، خطأ الذي لم يكن له أي مبرر.
تصريح في غاية القوة، يصدر من شخصية وازنة تتمتع باحترام وأهمية كبيرة في بلاد كانت على وشك التطبيع مع العدو الصهيوني، لولا طوفان الأقصى.. شخصية تربطها علاقات وطيدة بالكيان الصهيوني!
* * *
في خضم احتفالات الرياض الصاخبة بالعام الميلادي الجديد، ظهر صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، على قناة "الإخبارية" السعودية الحكومية، الموجهة للداخل السعودي بالأساس؛ ليقول بحق "منظمة حماس" -كما سماها- ما لم يقله أي مسؤول سعودي على أي مستوى، خلال العشرية المنصرمة على الأقل..
ورغم قِصَر تصريح الفيصل الذي جاء في سياق قراءته لأحداث العام المنقضي (2023)، إلا أنه يستحق الوقوف عنده، لما يحمله من دلات تستحق الوقوف عليها، والتنبيه إليها.. هكذا أظن وليس كل الظن إثم..
قال الفيصل صاحب الثمانية والسبعين عاما بهدوئه المعهود لمحاوره الشاب:
"الحمد لله.. في هذا العام، وفي آخر شهرين أو ثلاثة، أصبحت القضية الفلسطينية هي المحور الذي يدور حوله اهتمام العالم، بصفة عامة، وليس فقط اهتمام المملكة العربية السعودية.. ما قامت به منظمة حماس من هجوم على "إسرائيل"، والطريقة التي استطاعت بها أن تغزو الحصن الحصين الذي أقامته "إسرائيل" حول منطقة غزة، أدى إلى تداعيات كبيرة جدا.. منها أولا وقبل كل شيء [أخذ يعدد على أصابعه]: تحطيم الصورة التي كانت لدى الكثير من الناس في العالم عن "إسرائيل" كونها المانع المنيع أمام أي قوة يمكن أن تنافسها، أو تجاريها، أو تتحداها، في المنطقة.. ثانيا، القضية الفلسطينية حية ولم تمت، كما ادعى البعض خلال السنوات الماضية.. أن فلسطين أصبحت نسيا منسيا، ليس للعرب اهتمام بها، ولا حتى للفلسطينيين اهتمام بها، ولا قدرة لديهم على فعل أي شيء يغير هذه الصورة.. فهاتان النتيجتان اللتان أتت بهما هذه الحادثة التي حدثت منذ ثلاثة شهور [طوفان الأقصى] أيقظت العالم ونبهته، ليس هناك فقط قضية فلسطينية، ولكن هناك أيضا اضطهاد وظلم، وهناك ضيم يُمارس ضد هذا الشعب [الفلسطيني] من قِبَل محتل يشبه الاحتلالات الاستعمارية في القرن التاسع عشر التي كانت تمارسها دول أوروبا، في مناطق مختلفة من العالم، إن كان في آسيا، أو في أفريقيا، أو في أمريكا اللاتينية".. (انتهى التصريح).
* تصريح منافٍ تماما لموقف المملكة العربية السعودية من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تصنفها السعودية والإمارات "منظمة إرهابية"!
* تصريح مفعم بالفخر بما أنجزته حماس، وينطوي على شماتة بالكيان الصهيوني!
* بدأ التصريح بحمد الله على إحياء القضية الفلسطينية من جديد، وهي القضية التي بشَّر، أو توَّعد، أو تعهد المطبعون العرب بمحوها من الأجندة الدولية!
* حماس غزت "الحصن الحصين" التي أقامته "إسرائيل" حول منطقة غزة!
* حماس حطمت صورة "إسرائيل" من حيث كونها المانع المنيع أمام أي قوة يمكن أن تنافسها، أو تجاريها، أو تتحداها، في المنطقة!
* هجوم السابع من أكتوبر على غلاف غزة أيقظ العالم ونبهه إلى القضية الفلسطينية، والاضطهاد والظلم، والضيم الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني!
تصريح في غاية القوة، يصدر من شخصية وازنة كانت ولا تزال تتمتع بقدر كبير من الأهمية والاحترام في بلادها التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التطبيع مع العدو الصهيوني، لولا طوفان الأقصى.. شخصية تربطها علاقات وطيدة بالكيان الصهيوني، ودائمة التردد عليه!
فمن هو الأمير تركي الفيصل؟
من الأهمية بمكان أن نتعرف (بإيجاز) على هذه الشخصية؛ لندرك أهمية ما صرحت به..
تركي الفيصل (مواليد 1945) من أوائل أمراء آل سعود الذين تحصلوا على تعليم متميز، وتأهيل عال، في تلك السنوات البعيدة، فبعد أن اجتاز المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدارس الأمراء بالطائف، التحق بمدرسة "لورنسفيل" الراقية الخاصة بولاية نيوجيرسي الأمريكية، وأنهى فيها تعليمه الثانوي عام 1963. ثم التحق بجامعة "جورج تاون" في واشنطن العاصمة، وتخصص في الآداب، وتخرج في العام 1968.
في عام 1973 عيَّنه والده الملك فيصل بن عبد العزيز مستشارا خاصا له، ثم رئيسا للاستخبارات العامة السعودية في عام 1977، وظل في هذا المنصب حتى عام 2001 (ربع قرن تقريبا)، ثم عيَّنه الملك فهد سفيرا للسعودية لدى المملكة المتحدة، ثم سفيرا لبلاده لدى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2005، خلفا لابن عمه بندر بن سلطان بن عبد العزيز.
إذن نحن أمام شخصية صاحبة خبرة عريضة، لديها مصادرها واتصالاتها في داخل المملكة وخارجها، ولديها أيضا قراءتها وتقييمها لهذا الحدث العظيم (طوفان الأقصى) وتداعياته على الساحات الدولية والإقليمية والمحلية.. ولذا، فإن تركي الفيصل شخصية مؤثرة، حتى وإن لم تكن صاحبة القرار في بلادها..
إن تصريح تركي الفيصل المفاجئ والغريب على الموقف السعودي الراهن له عدة أوجه:
الوجه الأول: المقاومة الفلسطينية (بقيادة حماس) انتصرت، و"إسرائيل" تعرضت لهزيمة مُذلة، وانتهى الأمر، وما نشاهده اليوم في غزة يشبه تلك الهزات التي تعقب أي زلزال كبير مدمر، ستستمر لبعض الوقت. وفي تقديري، فإن هذه النتيجة ليست استنباطا ولا استنتاجا من الفيصل، وإنما "معلومة مؤكدة لا تقبل الشك" مصدرها شخصيات مهمة ومطلعة وفاعلة دخل الكيان الصهيوني تربطها علاقات وثيقة بالفيصل.. ومن ثم، فإن كل ما يهذي به نتنياهو والإدارة الأمريكية من تصريحات "عنترية" بالقضاء على حماس وقدرات حماس، ليست سوى "بروباجندا فارغة" تحاول (في يأس) الحفاظ على ما تبقى من ماء وجه الكيان الصهيوني، إذا كان لا يزال فيه ماء، ولململة بقايا كرامته التي هشمتها سواعد المقاومة.
الوجه الثاني: تمهيد سعودي للتعامل مع القضية الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، وفق رؤية جديدة (إيجابية) فرضها الفلسطينيون على العالم بدمائهم وأرواحهم.. وبالفعل، فإن الفيصل بتاريخه ووزنه وعلاقاته هو الشخص الأنسب لإعلان هذا التوجه الجديد، وليس أي شخص آخر، حتى لو كان وزير الخارجية..
الوجه الثالث: نصيحة لـ"ولي الأمر" يسديها أو يهديها إليه خبير عتيق لديه من العلاقات والاتصالات الكثير، مفادها أن الوقت قد حان لإصلاح خطأ المملكة العربية السعودية بحق حماس، ذلك الخطأ الذي لم يكن له أي مبرر في الحقيقة.. فحماس لم تكن (أبدا) عدوا لأي بلد عربي، سواء اختلفت مع سياساته أو قيادته، بل كانت ولا تزال ترحب بالتواصل مع كل الأنظمة العربية، وبأي دعم أيا كان نوعه وقدره..
هذا والله أعلم..
*أحمد عبد العزيز كاتب وباحث مصري
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين حماس السعودية التطبيع تركي الفيصل الكيان الصهيوني طوفان الأقصى العدو الصهيوني القضیة الفلسطینیة طوفان الأقصى ترکی الفیصل
إقرأ أيضاً:
لافروف: نشجع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين للتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اليوم الجمعة، على ضرورة اتخاذ إجراءات لخفض التصعيد في قطاع غزة، وتقديم المساعدة الإنسانية للسكان المدنيين، منوها إلى أن موسكو تشجع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين للتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي عقب محادثات مع وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود في موسكو: “نحن نعتبر أنه من الضروري اتخاذ تدابير عاجلة لتهدئة الوضع وتقديم المساعدة الإنسانية للسكان المدنيين في غزة”، وفقا لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية.
وتابع بالقول إن الأوضاع في الضفة الغربية ليست أفضل من مثيلاتها في غزة. وأشار إلى دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
أخبار قد تهمك استشهاد 17 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة 2 يوليو 2025 - 1:06 مساءً غزة: عشرات القتلى في قصف إسرائيلي بينهم 16 من منتظري المساعدات 1 يوليو 2025 - 3:17 مساءًوأضاف: “لدينا مواقف متقاربة مع السعودية حول الوضع في غزة وضرورة إنهاء الحرب وإيصال المساعدات”.
وقال: ” شجع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين للتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية”.
وأشار لافروف أيضا إلى أن موسكو تدعم الاستئناف المبكر للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية، وكذلك إنشاء دولة فلسطينية وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
وأوضح لافروف: “نأمل أن يحمل اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل صفة مستدامة”. ووفقا له فإنه يرحب بتطبيع العلاقات بين إيران ودول الخليج وخاصة السعودية.
وقال: “نأمل بشدة أن تنتهي ما يسمى بالحرب التي استمرت 12 يوما… لكننا لا نريد أن نترك الأمور تنزلق، لأن حزب الحرب لا يزال نشطا للغاية في الشرق الأوسط”.
وتابع: “نتواصل أيضًا مع زملائنا الأمريكيين. أمس، وخلال المحادثات الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب احتل الموضوع الإيراني أحد المحاور الرئيسية، وكان “رأيهما المشترك هو ضرورة بذل كل جهد لاستئناف المفاوضات”.
كما أشار وزير الخارجية الروسي إلى أن الدبلوماسية يجب أن تهدف إلى المفاوضات، وستبذل موسكو كل ما في وسعها لاستغلال الفرص المتاحة لها “لتحقيق هذا الهدف النبيل”.
وأعرب لافروف عن أمله في أن تعترف الدول الأوروبية بمسؤوليتها في قضية الصراع بين إيران وإسرائيل، التي روجت لقرارات قاسية للغاية معادية لإيران في الدورة الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في غياب مببررات واضحة.
وأضاف “أنهم لم يساهموا في عملية التفاوض، بل قدموا ذريعة للجوء إلى أساليب قوية”.
وأشار إلى أن روسيا لديها مع السعودية استعداد مشترك للتعاون في مجال النفط في إطار أوبك بلس.
وقال لافروف: “شكرت أصدقائي السعوديين على موقفهم المتوازن بشأن الشؤون الأوكرانية ورغبتهم الصادقة في المساهمة في تسوية سلمية، بما في ذلك من خلال توفير منصة للاتصالات الروسية الأمريكية”.
وتابع “أوضح أن الزملاء السعوديين يعرفون أن التسوية السياسية والدبلوماسية للقضية الأوكرانية مستحيلة دون القضاء على الأسباب الجذرية للصراع”.
وأضاف: “لا يمكننا أن نكون راضين عن حل (في إشارة إلى الصراع في أوكرانيا) لا يأخذ في الاعتبار بشكل كامل المصالح الأمنية المشروعة لروسيا ولن يقضي ويضمن عدم تكرار أي انتهاكات لحقوق السكان الروس والناطقين بالروسية”.
وأكد أن روسيا مستعدة للنظر في الرياض كمنصة لعقد اجتماعات روسية أمريكية محتملة في المستقبل، إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأنها.
وأضاف وزير الخارجية الروسي: “أنطلق من حقيقة أننا نحن والأمريكيون شعرنا براحة شديدة، وإذا تم التخطيط لاتصالات جديدة في المستقبل ، فعندئذ بالاتفاق مع واشنطن ، بالطبع ، سنضع في اعتبارنا ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية”.
وأكد لافروف أن اجتماع لجنة التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا والسعودية سيُعقد في النصف الثاني من العام الجاري في المملكة.
ووفقا له فإنه من المقرر افتتاح رحلات جوية مباشرة بين روسيا السعودية في أكتوبر/تشرين الأول، مما سيعزز التبادلات السياحية والاتصالات التجارية.
وأكد لافروف أن عدد السياح من المملكة زاد إلى 6 أضعاف مقارنة بالعام الماضي، مشيرا إلى أن 36 ألف سائح روسي زاروا السعودية العام الماضي.
وأشار إلى أن الاتفاق على نظام بدون تأشيرة بين البلدين هو في المراحل النهائية من الإعداد.
من جانبه أكد بن فرحان آل سعود على ضرورة تغليب لغة الحوار والدبلوماسية في الشرق الأوسط وغيره من المناطق.
وأضاف: “ندعم إقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 ونؤكد أن السلام هو الحل الاستراتيجي”.
وأشاد بن فرحان بموقف روسيا المبدئي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأضاف: “نعول على استمرار الدور الروسي في ملفي القضية الفلسطينية وبرنامج إيران النووي”.
وقال: “الأولوية يجب أن تكون الآن لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء المعاناة الفظيعة في القطاع”.
ودعا بن فرحان لوقف فوري دائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة كمقدمة لإقامة الدولة الفلسطينية. وتابع: “نعول على قيادة الرئيس الأمريكي للوصول إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأكد وزير الخارجية السعودي على رفض الحلول العسكرية بشأن برنامج إيران النووي وندفع نحو التفاوض، ووفقا له فإن استخدام القوة لحل الخلافات السياسية مرفوض.
وكان لافروف قد صرح في محادثات مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في موسكو اليوم: “تم الاتفاق على عقد أول قمة روسية-عربية، في موسكو في 15 أكتوبر، وتأمل موسكو في مشاركة ولي عهد المملكة في القمة الروسية العربية المرتقبة، وفقا لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية.
وبحسب وزير الخارجية الروسي، فإن الاجتماع الوزاري الثامن للحوار الاستراتيجي “روسيا مجلس التعاون الخليجي” سيُعقد في مدينة سوتشي في 11 سبتمبر المقبل.
ورحب لافروف بقرار المملكة في المشاركة في منتدى بطرسبورج الاقتصادي الدولي في نسخته التاسعة والعشرين، بصفتها دولة ضيف الشرف.
وأشار إلى أن ذلك سيحدث في السنة التي ستحتفل فيها روسيا والممكلة العربية السعودية بذكرى الـ100 عام منذ اقامة العلاقات الروسية السعودية الدبلوماسية.
واستقبل وزير الخارجية لافروف نظيره السعودي في مقر وزارة الخارجية الروسية في العاصمة الروسية موسكو.
وصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، يوم أمس الخميس، إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد تلقى، الأحد الماضي، رسالة خطية من نظيره الروسي سيرجي لافروف، تناولت العلاقات الثنائية بين المملكة وروسيا، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين.