آخر تحديث: 15 يناير 2024 - 9:44 صبقلم:علي علي هناك مثل سائد في مجتمعنا العراقي، يصور حالة الحرج واللابد والحتمية في اتخاذ قرار ما على عجالة، يقول المثل: “الحديده حاره”. اليوم نمر بظرف ليس لنا فيه متسع للوم والتقريع او المحاسبة، وإن أنصفنا الحكم والرأي فإن ماوصل إليه بلدنا، بوضعه على شفا حفرة من نار، فإننا جميعا قد أسهمنا بإيقادها، وليس حكومتنا وساستنا وحدهم، كما أن كشف حساباتٍ وإثارة ملفات ونشر غسيل قديم ماعاد لها جدوى، إلا إذا كانت الجدية في تصحيح المسار هي نقطة الشروع فيما نمضي فيه.
وكما للأعمال أولويات، كذلك للمشاكل والمصائب أولويات أيضا، ولحلولها قطعا أكثر من أولويات ودرجات اهتمام قصوى، نشترك في صياغتها على النحو الأمثل والوجه الأكمل. وكلنا مسؤولون عن النتائج كيفما كانت، وليس لنا مناص من المواجهة الحقيقية -وإن كانت صادمة- مع الأمر الذي وقع والذي واقع لامحالة. وليس من مصلحتنا التهرب بعيدا، او الانزواء جانبا أمام ماتفرزه لنا الأحداث ومايستجد منها يوميا. وإن فرزنا العراقيين من حيث الولاء والانتماء للوطن، فهم على صنفين، صنف يمتلك مستمسكات رسمية بيروقراطية لا تعدو كونها حبرا على ورق، لاتنم بصلة إلى الولاء والانتماء الصادق إلى الدولة كوطن أم. والصنف الثاني، هم المجنسون بهوية عراقية بصمتها فصيلة الدم، وهم يستنشقون هواء العراق ويرتوون من ماء نهريه، ولهم امتداد روحي خالص من جذوره قلبا وقالبا، جوهرا ومظهرا، وكما نقول: (من الوريد للوريد). وكما أن الصنف الأول كثيرون، فإن الصنف الثاني كذلك، غير أن الصورة العامة تحكمها قاعدة: (الساية تعم). أو كما يقول مثلنا: “اثنين يبخرون وعشرة…” وبذا فإن ثقل مسؤولية تصحيح المسار، يعوَّل على حمله العراقيون المنتمون روحا إلى تراب وطنهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر سأبين بعضهم في السطور التالية: – الذين يستنشقون نسمات مدنهم بملء صدورهم وكأنها عبق من ريح الجنان، ولايستبدلونها بهواء بلاد غير بلادهم. – العراقيون الذين تمتد جذورهم مع امتداد حضارات سومر وأكد وبابل وآشور، فيلتصقون بتراب الأرض المعطاء على مر العصور الغابرة واللاحقة. – العراقيون الذين يجري في عروقهم دم لايستغنون عنه، كما هم لايستغنون عن الماء الذي يجري في أحضان دجلة والفرات. – العراقيون الذين لاينام لهم طرف إذا مس شر او ضرر شبرا من محافظات عراقهم. – العراقيون المتألمون لما حدث بالأمس ومايحدث اليوم على أرض وطنهم، والشاكون لأنفسهم عن سوء ما جناه رعاع خونة محسوبون على العراق والعراقيين، وهم لاينتمون اليه من قريب او من بعيد، كما يقول شاعر: وددت لو يسـتعيد الدهر دورتــه ولو لحظة من زمان الأمس تسـترق ماذا سأشكو على الأوراق من ألـم أقــل شـكـواي لايقـوى لـه الورق نحـن انتمينـا الـى تاريخنـا بدم وآخـرون علـى تاريخهـم بصقـــوا إنه من غير المعقول أن يستوي الأعمى والبصير، ومن غير المستساغ ان يتساوى المحب للخير والجمال، مع الذين في قلوبهم مرض ولا يفقهون شيئا عن معنى الجمال وأشكاله وألوانه، فهم صم بكم عمي عن كل ماله صلة بالحياة. هؤلاء الظلاميون هم الذين لايرون في دوران الأرض غير الصداع و (دوخة الراس) ولايرون في النجوم الزهر غير ضوء آفلٍ، ليس له في قاموسهم أي معنى، فيما يراها الطيبون الخيرون لآلئ تضيء صفحة السماء، فتبعث في نفوسهم التأمل في جمال الكون وعظمة صنيعة الخالق. اليوم نحن جميعا مطالبون بالوقوف أمام من يودون إرجاع عقارب حضارات العراق الى الخلف، وليس لهم من الحب والجمال والحياة الكريمة من شيء، هم بأسماء عديدة فمنهم؛ “الداعشي” ومنهم “الطائفي” ومنهم “السارق” ومنهم “الفاسد” ومنهم “المزور” ومنهم “المرتشي” وأغلبهم يشغل منصبا قياديا في مؤسسات البلاد، ويتوجب علينا جميعا مواجهتهم ما استطعنا، وأكرر ما ذكرت بادئ حديثي وبإلحاح: الحديده حاره.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
إن تُطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب .. رسالة تحذير إلهية للأمة في زمن الصهينة
في زمن يكثر فيه التباس المفاهيم، وتتقاطع الشعارات البراقة مع مشاريع الهيمنة، تبرز تأملات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ،كصوت تحذير مبكر، يكشف حقيقة الصراع القائم، ويضع الأمة أمام مرآة صادقة، من خلال قراءته العميقة للآية الكريمة: {إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ كَٰفِرِينَ}،
ينبّه الشهيد القائد إلى خطر الطاعة لليهود والنصارى، لا كمجرد مسألة سياسية، بل كقضية إيمانية تمس صميم هوية الأمة وولائها ، وهنا نستعرض هدي الشهيد القائد في الدرس الأول من سلسلة آيات من سورة آل عمران وتأملاته في ضوء الآية الكريمة
يمانيون / تحليل / خاص
الطاعة لليهود والنصارى لا تعني التأثر فقط بل انقلاب كلي
الآية الكريمة تتحدث عن “الردّة” كنتيجة للطاعة لليهود والنصارى ، لا عن مجرد ضعف أو انخداع، وهذا ما يلفت إليه الشهيد القائد، أن العلاقة مع العدو إذا تحولت إلى طاعة، فإنها تنتهي إلى فقدان الإيمان والانتماء الحقيقي للإسلام، إنها نهاية فكرية وأخلاقية.
العدو يتحرك بدهاء وليس بعشوائيةيؤكد الشهيد القائد أن اليهود أعداء لا يعتمدون على القوة المباشرة وحدها، بل يعملون عبر أدوات ثقافية، إعلامية، اقتصادية، وحتى عبر “وكلاء داخليين”، وهو ما نراه اليوم في مظاهر التطبيع العلني، والترويج لنمط الحياة الغربي، واختراق الإعلام والتعليم ، ومن أخطر ما يشير إليه الشهيد القائد هو أن الأمة لا تُخترق فقط، بل تصل إلى مرحلة الطاعة الإرادية، بل والدعوة لها من داخلها، هذه الطاعة ليست فقط خضوعًا سياسيًا، بل انهيارًا في الوعي والكرامة الدينية.
عقاب الله للأمة حين تخون رسالتهاليس العدو وحده هو سبب الضعف، بل الانحراف الداخلي، وتخلي الأمة عن مشروعها الإلهي، هو يؤدي إلى رفع التأييد الألهي والنصر عنها، هذا منطق قرآني يرسخه الشهيد القائد بوضوح: “إذا تخلت الأمة عن هدي الله، تخلّى الله عنها.”
ويرى الشهيد القائد أن العرب هم المؤهلون لحمل الرسالة الإلهية، لا من باب التعصب القومي، بل لأنهم حملة القرآن واللغة والوحي، لكن هذا الموقع يحمّلهم مسؤولية عالمية، فإذا قصّروا، فإنهم يساهمون في ضياع البشرية لا فقط أنفسهم.
قراءة في الواقعما أشار إليه الشهيد القائد رضوان الله عليه أصبح واقعًا معاشًا ، من المشاريع التطبيعية، إلى تحالفات مع العدو الصهيوني، إلى تزييف الهوية الإسلامية تحت مسميات “تقدم” و”تسامح”، تبدو الأمة اليوم في مفترق طرق خطير.
والسؤال الذي يفرض نفسه ، هل نعي حقيقة ما نحن عليه؟ وهل نعيد قراءة القرآن لنفهم أنه لا يحذّر من “العدو فقط”، بل من الطاعة له؟
إن رؤية وخطاب الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي لم تكن تفسيرا تقليدياً، بل رؤية تعبوية واعية، تستخرج من الآية الكريمة مشروعاً نهضوياً يعيد توجيه بوصلة الأمة نحو هويتها الإيمانية والرسالية.
الآية القرآنية ليست للتلاوة فقط، بل لتحذير كل من يسير خلف العدو وهو يظن أنه لا يزال في دائرة الإيمان، فالطاعة للباطل، هي بوابة الكفر والذل.