رئيس الشاباك السابق: لا أمن لإسرائيل إلا بإقامة دولة فلسطينية
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
يقول رئيس الشاباك السابق عامي أيالون إن إسرائيل لن تتمتع بالأمن إلا بعد أن يكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى الإفراج عن مروان البرغوثي لتوجيه المفاوضات من أجل إنشاء دولة للفلسطينيين.
وأوضح أيالون، وهو أميرال متقاعد قاد البحرية الإسرائيلية وأصيب في إحدى المعارك -في مقابلة بمنزله مع صحيفة "غارديان" البريطانية- إن تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليس هدفا عسكريا واقعيا، وإن الحرب الحالية في غزة ربما تؤدي إلى ترسيخ الدعم لحماس.
وأضاف أن حماس ليست مجرد مليشيا، بل "أيديولوجيا لها تنظيم، وللتنظيم جناح عسكري. لا يمكنك تدمير الأيديولوجيا باستخدام القوة العسكرية. ففي بعض الأحيان ستساعد في تجذرها بشكل أعمق إذا حاولت، وهذا هو بالضبط ما نراه. اليوم، 75% من الفلسطينيين يؤيدون حماس. قبل الحرب، كان التأييد أقل من 50%".
ليس لدى الفلسطينيين ما يخسرونهوأضاف أيالون أنه ليس بالإمكان ردع أي جهة، شخص أو مجموعة، إذا كان يعتقد أن ليس لديه ما يخسره، وأن الفلسطينيين يعتقدون أنه ليس لديهم ما يخسرونه.
وقال إن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن جميع الفلسطينيين هم حماس أو مؤيدون لحماس، ولا يقبلون مفهوم الهوية الفلسطينية، ولا يرون الفلسطينيين شعبا، لأنه إذا فعلوا ذلك يسببون مشكلة كبيرة في مفهوم دولة إسرائيل.
وبخصوص إطلاق البرغوثي، الفلسطيني المسجون منذ عام 2002 والذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل بعد قيادته الانتفاضة الثانية، يعتقد أيالون أن ذلك سيكون خطوة حيوية نحو مفاوضات هادفة.
وأشار رئيس الشاباك السابق إلى أن استطلاعات الرأي الفلسطينية تظهر أن البرغوثي هو الزعيم الوحيد الذي يمكن أن يقود الفلسطينيين إلى دولة إلى جانب إسرائيل "لأنه يؤمن بمفهوم الدولتين، وثانيا لأنه كسب شرعيته بالجلوس في سجوننا".
وقال إن دعم البرغوثي يعكس حقيقة أن الدعم الفلسطيني الحالي لحماس ليس سببه أيديولوجية هذه الحركة، بل لأن الفلسطينيين يشعرون بأن حماس هي الفصيل الوحيد الذي يقاتل بفعالية من أجل إقامة دولة فلسطينية.
واعترف بأن المناخ السياسي الحالي في إسرائيل غير مواتٍ للقبول بآرائه حيث لا تحظى آراؤه بشعبية كبيرة، مشيرا إلى أنه كلما قال إن الكراهية ليست خطة وإنها ليست سياسة، يجد استياءً واسعا من الإسرائيليين.
غياب الدولة الفلسطينيةوأوضح أيالون أن الابتعاد عن العنف الذي تبنته (حركة فتح) فقد مصداقيته بسبب الفشل المتكرر للجهود الدبلوماسية لإقامة دولة فلسطينية، وهو أمر خطير على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشار إلى أن منصبه بالشاباك تطلب أن يلتقي بانتظام الفلسطينيين، بما في ذلك زيارة زعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، وعقد صداقات مع فلسطينيين بينهم رئيس أمن السلطة الفلسطينية جبريل الرجوب وساري نسيبة أستاذ الفلسفة من القدس الذي يمكن أن يتتبع وجود عائلته هناك إلى القرن السابع.
وتساءل أيالون "هل يمكنني أن أقول لساري نسيبة. حسنا، هذه الأرض هي أرضي وأنت مجرد زائر؟ هذا هراء".
وأكد أن محاولات التطبيع في المنطقة -التي لا يملك فيها الفلسطينيون دولة أو أملا كبيرا في دولة واحدة- كانت أحد العوامل في شن حماس هجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ما أراده السنواروأوضح أيالون أن ما أراد يحيى السنوار أن يفعله هو أن يخبر الجميع في العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، وأميركا وأوروبا، بأنهم لن يحققوا أي شيء في الشرق الأوسط، ما لم يضعوا القضية الفلسطينية على الطاولة.
وختم بالقول إن الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع تقريبا بالمجتمع الدولي -أعداء إسرائيل وحلفاؤها، من الصين إلى الولايات المتحدة وروسيا إلى القوى الإقليمية- هو الحاجة إلى حل الدولتين، مضيفا أن الخيار الآخر هو الاستمرار بالقتال في وقت أصبحت فيه الحروب أكثر عنفا وأصبح "العدو" أكثر تشددا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تسعى لإعادة احتلال قطاع غزة: أية خيارات أمام الفلسطينيين؟
في مواجهة خطة إسرائيلية لتوسيع الحرب واحتلال غزة مجدداً، لا يملك الفلسطينيون سوى خيارات محدودة: الصمود في ظروف قاتلة، والنزوح داخل قطاع منهار، أو مواجهة التهجير القسري المحتمل. ومع انسداد الأفق، تتحول النجاة في المكان إلى خيار المواجهة الأخير. اعلان
في ضوء قرار التوسّع الإسرائيلي الجديد في العمليات العسكرية داخل غزة، والمصحوب بتصريحات رسمية تتحدث صراحة عن نية "احتلال" القطاع من جديد كما عبّر عنها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع بالغ التعقيد: استمرار الحرب من جهة، وإعادة تعريف وجودهم في المكان بوصفه عبئاً أمنياً تُراد إزاحته.
في هذا السياق، لا تأخذ الأسئلة حول خيارات الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع طابعاً وجودياً مباشراً، يتجاوز الأفق السياسي أو القانوني، وتلخصه الأسئلة التالية: كيف يمكن للمدني الفلسطيني أن يتفادى الموت والجوع؟ وما هي خيارات النجاة داخل قطاع تُعاد هندسته ليُصبح غير قابل للعيش؟
منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، تعرضتالبنية التحتية المدنية في القطاع إلى دمار هائل بفعل القصف العنيف، كما أن إسرائيل ضربت مراراً مواقع نزوح صنّفتها هي نفسها على أنها "مناطق آمنة"، ما أدى إلى مقتل أكثر من 52 ألف فلسطيني ثلثاهم من النساء والأطفال وإصابة ما يزيد على 118 ألفاً بحسب وزارة الصحة في غزة. حيث قُتل كثيرون من هؤلاء في مواقع كانوا قد لجأوا إليها بعد التهجير القسري من مناطقهم الأصلية.
بهذا المعنى، تحوّلت فكرة "الفرار" داخل القطاع من محاولة للنجاة إلى مفارقة قاتلة: الفلسطيني يُجبر على التحرك تحت القصف، ولا يجد مكانا يستقرّ فيه. إذ لم يعد هناك مركز أو هامش، ولم يعد من الممكن التنبؤ بما يشكل ملاذاً آمناً بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.
سيناريوهات البقاءيمكن اعتبار القطاع اليوم عبارة عن حيّز مغلق ومحاصر من كل الجهات. ففي الشمال دمار هائل مسح المنطقة من على وجه الأرض أو يكاد، وفي الوسط تفكك كامل للبنى التحتية الخدمية، أما في الجنوب -حيث تُوجَّه موجات النزوح الأخيرة- فتلوح الحملة العسكرية الكبرى القادمة.
وفي ظل هذه المعطيات، تتقلص خيارات المدنيين الفلسطينيين إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
الخيار الأول: التمركز في جيوب مجتمعية مؤقتة في الجنوب
رغم هشاشة البنية في الجنوب المدمّر، يسعى كثير من السكان إلى إنشاء أشكال بدائية من التجمعات الآمنة (سواء في مدارس، أو أراضٍ خالية، أو مبانٍ مهدّمة) على أمل أن تردع الكثافة المدنية القصف الإسرائيلي. هذا الخيار يحمل في طياته عنصر تضامن مجتمعي قوي، لكنه مؤقت وهش للغاية، ولا يصمد أمام الضربات الجوية أو الاجتياح البري المرتقب. كما أنه يزيد من احتمالات انتشار الأوبئة وسط شحّ الغذاء والدواء.
وقد شهدت الأشهر الماضية، خصوصاً بعد تجدد الحرب، قصفاً مباشراً لخيام النازحين وسقوط ضحايا كثر من بينهم، وهو ما تم توثيقه مراتٍ عديدة في الفيديو.
الخيار الثاني: التحرك المستمر كتكتيك للنجاة
يعتمد بعض الفلسطينيين خيار التحرك المستمر داخل القطاع (ما يشبه "الترحال القسري") تفادياً لأن يُستهدفوا في نقطة ثابتة. غير أن هذا الخيار يستنزف الموارد بسرعة، ويتطلب قدرة جسدية ومادية لا يملكها الجميع، خصوصاً العائلات، والمرضى، وكبار السن. كما أنه يتحوّل إلى عبء نفسي مدمر، ويُفقد الأسر القدرة على الحفاظ على الحد الأدنى من النظام أو الحماية.
Relatedشاهد: مؤيدون لفسلطين يعرقلون مراسم إحياء الذكرى الثمانين لتحرير هولندا من النازيةلماذا يفقد جنود الاحتياط الإسرائيليون الرغبة في العودة إلى القتال بقطاع غزة؟الصين وفرنسا تنتقدان بشدّة قرار إسرائيل توسيع العمليات العسكرية وخطة احتلال غزةالخيار الثالث: الاحتماء بالأنفاق أو المناطق المهدّمة سابقًا
في ظل انعدام البدائل، لجأت بعض العائلات إلى الاحتماء بالمناطق التي قُصفت سابقًا، ظناً منها بأنها لن تُستهدف مجددًا. ويعبّر هذا الخيار يُعبّر عن منطق اليأس الكامل: أن تصبح البقعة التي سبق أن دُمّرت مكانًا "أكثر أمانًا" من غيرها. لكنه أيضاً يعكس انهيار منطق الحماية التقليدي، ويُحوّل الفضاء الفلسطيني إلى متاهة من الرعب.
المعركة من أجل الطعاموإلى جانب خطر الموت بالقصف، يواجه المدنيون معركة موازية لا تقلّ فتكًا وهي المجاعة الزاحفة. فمع الحصار المتواصل منذ أكثر من شهرين، باتت المواد الغذائية نادرة إلى حد الانقراض. وخرجت المخابز خرجت عن الخدمة، وتعطلت شبكات المياه معطلة، وانقطعت إمدادات الوقود. وتتحدث المنظمات الإنسانية عن أطفال يموتون ببطء، ورضّع لا يجدون حليباً، وأمهات يتقاسمن فتات الخبز مع أسرهن.
ورغم قوته التاريخية، بات المجتمع المدني الغزي في حالة تفكك وظيفي. إذ لم يعد بالإمكان إجراء عمليات توزيع منتظمة، أو ضمان حد أدنى من العدالة الغذائية. ومع كل موجة نزوح جديدة، تُفقد المناطق القليلة القادرة على الاحتواء قدرتها على التنظيم.
وفي ظل انسداد الأفق الإقليمي والدولي، وغياب أي خطة إنقاذ حقيقية، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة خطة واضحة: إفقادهم القدرة على الحياة داخل غزة تمهيدًا لإخراجهم منها.
Relatedاحتجاجات في إسرائيل بعد إعلان الحكومة عن خططها للاستيلاء على كامل قطاع غزةحتى بعد رحيله... سيارة البابا فرنسيس في خدمة أطفال غزةوزير التراث الإسرائيلي: "اقصفوا مخازن الغذاء في غزة.. عليهم أن يجوعوا حتى يغادروا القطاع"ومع أن الخيار الأخلاقي والسياسي والوطني الغالب لدى الفلسطينيين هو البقاء والصمود كما تشير مواقفهم، إلا أن معادلة الجوع والموت قد تدفع بعضهم إلى خيار الخروج القسري، إن فُتحت المعابر لاحقًا تحت عنوان "الإجلاء الإنساني". وهو ما يوصل إلى النتيجة التي دفع الرئيس الأمريكي باتجاهها حين أطلق فكرة "ريفييرا غزة"، والتي تقوم على إخراج الفلسطينيين من القطاع والسيطرة عليه.
وبنتيجة ما يحدث، يُدفع الفلسطينيون نحو التهجير ليس عبر القرارات العسكرية فحسب، بل عبر خلق بيئة حياتية مستحيلة، تجرّ إلى الانفصال عن الأرض كضرورة بيولوجية لا سياسية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة