لجريدة عمان:
2024-06-12@06:41:33 GMT

شعب فلسطين الحُر

تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT

لا بد من أن نعترف أننا كشعوب عربية قد تفرقت لحمتنا، ولم نعد نعرف بعضنا بعضًا حق المعرفة، أصبحنا شعوبًا لا يربط بيننا سوى اللغة؛ وبالتالي فإننا نلتقي بعضنا ببعض كما لو كنا أجانب لا تربطنا هوية عميقة مشتركة. بل إن صورة أقرب الشعوب إلينا قد تكون صورة مشوهة هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، وهذا يصدق بوجه خاص على الصورة الذهنية التي راجت عن شعب فلسطين باعتباره شعبًا يحوي جماعات دينية متطرفة تُسمى حماس وسرايا القدس والجهاد الإسلامي.

وفي مقابل هؤلاء هناك جماعات أخرى من الفلسطينيين يتم الترويج لها واحتضانها في إسرائيل وتلقى رضا في العالم الغربي، معظم هؤلاء ينتمون إلى عرب 48 (أو ما يسمون عرب إسرائيل) ممن ارتضوا التعايش مع الكيان الصهيوني وحصل بعضهم على جنسيته، وأصبحوا متعاطفين أو متوافقين مع هذا الكيان الذي منه يرتزقون. بل إن بعض هؤلاء تروج لهم أجهزة الإعلام الإسرائيلية والغربية باعتبارهم الطبقة العربية المستنيرة في إسرائيل التي تمارس فتياتها الرقص شبه عاريات متحررات من هويتهن ودينهن! وذلك باعتبار أن هذا هو النموذج الذي ينبغي أن يكون عليه الفلسطيني. تروج أجهزة الإعلام الغربية لهؤلاء، ومنها على سبيل المثال برامج عديدة في BBC الموجهة إلى القارئ العربي! ويمكن لمن شاء أن يرجع إلى برامج تلك القناة في هذا الشأن؛ إذ تخصص هذه القناة برامج لعروض فتيات فلسطينيات يمارسن ألعاب الرقص والأكروبات في إسرائيل، وتحتفي بهن باعتبارهن المثال الذي ينبغي أن تكون عليه المرأة الفلسطينية. يحدث هذا بطريقة ماكرة خبيثة؛ ولكن النساء والرجال الذين يتم الترويج لهم في هذه البرامج لا علاقة لهم بالنساء والرجال في فلسطين، وهذا ما سوف نتطرق إليه فيما بعد.

إن الصورة الذهنية السلبية التي تشكلت لدى الكثيرين فيما مضى عن الفلسطيني باعتباره إما متطرفًا أو متصهينًا، هي نوع من الأخطاء الكبرى التي تنتج عن التعميم. ولكن بمرور الوقت، وبظهور المقاومة الفلسطينية على الساحة منذ عقود، خاصةً في هذه الآونة الأخيرة التي أصبحت على مرأى ومسمع من العالم بفضل الإعلام، وبفضل ما يُنقل إلينا من خلال إعلام المقاومة نفسه الذي تطور كثيرًا- بفضل ذلك كله وغيره بدأت النظرة تتغير إزاء هذا الشعب الذي ينبغي أن نضعه تاجًا فوق رؤوسنا جميعًا، وكأنه الشعب الوحيد الذي يجعلنا ندرك أن العروبة لا تزال تنبض بقوة في دمائنا. لقد بدا واضحًا بمرور الوقت أن حماس وغيرها من المنظمات ليست منظمات إرهابية كما تحب إسرائيل وأعوانها من الغرب تسميتها بهذا الاسم، وإنما هي منظمات مقاومة تدافع عن حقوقها في الأرض المكفولة بقرارات أممية، ولكن هيهات؛ فالعدوان الإسرائيلي لا يعتد بهذه القرارات الدولية ويمارس استبداده واقتطاع المزيد من أراضي فلسطين على الدوام، بل يمارس الآن نوعًا من الإبادة الجماعية لهذا الشعب بوحشية لم يسبق مثلها في التاريخ.

ومن الواضح أن وصف هذه المنظمات بأنها إرهابية هي فرية، ليس فقط لأن من يدافع عن أرضه لا يمكن وصفه بأنه إرهابي، وإنما أيضًا لأن الشعب الفلسطيني في مجمله يقف وراء هذه المنظمات التي يسميها عن حق بالمقاومة، وهو يدعم هذه المقاومة بدمائه. وهذه الحالة الأخيرة تستحق أن نتوقف عندها:

تعرض الشعب الفلسطيني لعدوان وحشي إسرائيلي يفوق وحشية النازية وكل الحروب الوحشية السابقة في التاريخ: عدوان وحشي يستهدف المدنيين ويدمر المباني التي يسكنونها لتكون قبورًا لهم: شيوخًا ورجالًا ونساءً وأطفالًا ورضَّعًا، حتى إن عدد الأطفال الذين قُتلوا في هذا العدوان الوحشي يفوق العشرة آلاف حتى الآن! ومع ذلك فإننا لم نسمع واحدًا ممن فقد ذويه- سواء كانوا آباءه أو إخوته أو أبناءه- يُلقِي باللائمة على رجال المقاومة الذين خاضوا هذه المعركة، بل إننا نجد كل واحد منهم يقول إن هؤلاء شهداء المقاومة، وكأنَّ كل فرد منهم يريد أن يدعم المقاومة ويشكل ظهيرًا قويًّا لها ولو ببذل دماء الأحباب.

الأمثلة على ذلك عديدة، بل إنها تطالعنا كل لحظة على شاشات التليفزيون، فنحن نشاهد الرجال والنساء والأطفال لا يذرفون الدموع، ولا يهابون الموت، وينظر كل واحد إلى نفسه بوصفه مشروع شهيد؛ وهم بذلك يبرهنون لنا على أن شعب فلسطين الحقيقي لا يمكن اختزاله في جماعات المقاومة؛ لأن الشعب بأسره -رجالًا ونساءً وأطفالًا- هم شعب مقاومة يدعم ويحتضن تلك الجماعات التي تمارس المقاومة العسكرية نيابة عن الشعب كله. وهذه هي المعضلة الكبرى التي تواجهها إسرائيل ولن تستطيع الفكاك منها، وهي أنها بإزاء شعب كامل لا يعرف سبيلًا آخر سوى المقاومة دفاعًا عن أرضه المغتصبة. ومن المدهش أن تجد أن روح هذه المقاومة لا توجد فحسب بين رجال المقاومة الذين يحملون السلاح، بل بين النساء اللاتي يحتفين بمقتل أزواجهن باعتبارهم شهداء يُزَّفون إلى الجنة، وبين الأطفال أنفسهم الذين فقدوا ذويهم ولكنهم يصرون -على حداثة سنهم- على مواصلة كفاح شهدائهم والسير في إثرهم من أجل إحياء ذكراهم وتحقيق حلمهم في النهاية بالانتصار على أعدائهم. ومن المدهش أن تجد هؤلاء الأطفال يتحدثون وكأنهم رجالًا كبارًا قد صهرتهم وأنضجتهم مآسي الحياة. هذه القوة والصلابة هي ما يجب أن نتعلمه جميعًا من الفلسطينيين؛ ولذلك فإننا يجب أن نضعهم تاجًا على رؤوسنا جميعًا، باعتبارهم تجسيدًا حقيقيًّا لمعنى الحرية، حتى وهم تحت الاحتلال: فالحرية ببساطة هي القدرة على أن نقول «لا»، وعلى رفض الظلم والعدوان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رجال ا

إقرأ أيضاً:

فيدان: مقاومة الاحتلال بفلسطين باتت صراعًا بين المستضعفين والظالمين

الدوحة - صفا

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأحد، إن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين لم تعد صراعًا بين "إسرائيل" وفلسطين، بل باتت صراعًا بين المستضعفين والظالمين في جميع أنحاء العالم.

وأكد فيدان خلال كلمة ألقاها في الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وتركيا، والذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، أنه لا يمكن تجاهل الظروف اللاإنسانية التي يتعرض لها السجناء الفلسطينيون والمعاملة القاسية التي يتلقونها.

ودعا فيدان إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لممارسة الضغط على "إسرائيل" وحلفائها، مضيفًا "دعونا نرص صفوفنا من أجل الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان والقيم العالمية التي نسيها بعض أصدقائنا الغربيين".

من جهة أخرى، شدد فيدان على استعداد تركيا للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، "ولكن يجب أن يقوم أولئك الذين دمروا غزة وساعدوا في تدميرها أيضًا بتعويض هذه الأضرار".

وأشار إلى أن "إسرائيل" ترتكب جرائم وحشية في غزة، وأن بعض الدول لا تزال تلتزم الصمت، داعيًا إلى وضع حد لهذا الأمر.

وأشاد بالجهود القطرية الرامية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة، وبدور مصر المهم في إدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع.

وقال فيدان، إن مجموعة الاتصال المتشكلة من قبل منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية نجحت في زيادة عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين وتدعم حل الدولتين.

كما شدد على ضرورة دعم دعوات تركيا لوقف إطلاق النار بخطوات قوية وملموسة من شأنها زيادة الضغط على "إسرائيل".

وذكر أن تركيا قررت التدخل في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية، وقامت بتعليق جميع العلاقات التجارية مع "إسرائيل".

وأوضح فيدان أن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل المزيد من الدول وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة هو من متطلبات القانون الدولي والعدالة والضمير".

وبيّن أن تركيا ستواصل بذل كل الجهود من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وتتمتع بالوحدة الجغرافية.

 

المصدر: الأناضول

مقالات مشابهة

  • مندوب فلسطين: قرار مجلس الأمن خطوة في الاتجاه الصحيح
  • اعتراف 4 دول أوروبية بفلسطين يدعم حل الدولتين.. كيف؟
  • حماس ليست المسألة
  • فيدان: مقاومة الاحتلال بفلسطين باتت صراعًا بين المستضعفين والظالمين
  • النرويج تثمن جهود الجزائر بمجلس الأمن حول غزة
  • خارج السياق- بقلم: أ.د.بثينة شعبان
  • مسيرة حاشدة في فانكوفر الكندية تضامناً مع فلسطين واليمن
  • وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني في عين الحلوة
  • مغردون: ما الذي ربحته إسرائيل وخسرته من عملية النصيرات؟
  • مظاهرات تطوق البيت الأبيض لدعم فلسطين