أخرجت البادية اثقالها وقالت الصفوة مالها
إذا كان حميدتي بصدد التنازل عن أبيي لفرانسيس دينق فقد سبقه أشاوس معارضة الإنقاذ إلى هذا (3-3)
عبد الله علي إبراهيم
استاء القوم مما ذاع عن تنازل السودان، متى دان للدعم السريع، عن أبيي إثر لقاء رشح عن المنظر فرانسيس دينق وحميدتي. ولكن وجب التذكير بأن حميدتي مسبوق إلى هذا.

فكانت معارضة الإنقاذ (التي خرجت قحت وتقدم والجذرية والمسلحون من رحمها كما يفضلون التعبير) قد فرغت من التنازل عن أبيي وتسليمها صرة في خيط لدولة جنوب السودان طالما “كجنت” النظام. وطعنت في مطلب شعب المسيرية البقارة بحقها في تملك أبيي لأن “الساير عطية”، في لغة اليوم، مثل المسيرية لا حق له في أرض هي ل”المقيم” حيماد”، أو شعب الدينكا نيقوكك. وعليه تناصرت دوائر من معارضي الإنقاذ لمنع المسيرية من أن تكون طرفاً في الاستفتاء حول أبيي ولمن تكون: للسودان أم لجنوب السودان. وأكثر تحامل سلف قحت وتقدم اليوم على المسيرية هو غيظ معارضة لا علماً: فكيف الكيف تتحالف المسيرية مع الكيزان في الإنقاذ (قبل أن يكونوا فلولاً) بل وقبلها مع الإمام الصادق المهدي خلال دولته بعد ثورة إبريل 1985 في المراحيل ضد قرة عينهم الجيش الشعبي لتحرير السودان (ويا يا).
وكتبت في أيامها أعرض لقلمي منصور خالد وعمر القراي (الذي لا يقرأ) اللذين نشطا في حملة تجريد المسيرية من الحق في منطقة أببي إلا كرعاة لهم الكلأ والماء ومحل ما تمسى. فإلى المقال القديم الثالث:
3-المسيرية: حقها في رجليها
أسفر القراي في مقالاته عن أبيي عن كل عيوب الصفوة المعارضة للإنقاذ حيال مطلب المسيرية التصويت في استفتاء المنطقة القادم. فهو بندري “ود مدن” وكالة أو أصالة يستهجن حياة البادية السيارة. فلا يأتي بطلب المسيرية الاشتراك في هذا الاستفتاء على مصير أبيي إلا وسارع بالتذكير بأنهم ” لا يقيمون في المنطقة، بل يتجولون فيها”. فحق المسيرية إذاً “في رجليها”. ولا يطرف لمثل القراي، ممن “فلقونا” بحقوق الإنسان، جفن وهو يفرق بين الناس بالنظر إلى أسلوب حياتهم. وحجبت حداثته عنه حقيقة أن “التجوال” لا يصادر حق “الجائلين”. فالكبابيش التي زرتها في آخر الستينات جائلة حتى ناظر عمومها. ولها دار حدادي مدادي. ولكن تحكيم القاضي هيز في أوائل الخمسينات حمى دارها من دعاوى قبائل أخرى فيها.
والقراي كذلك يقصر حق المسيرية التاريخي في منطقة أبيي على الرعي. ولذا فإن تحول أبيي إلى الجنوب، في قوله، لن يمنعها “أن تواصل حقها في الرعي، كما كانت تجوب المنطقة شمالاً وجنوباً.” وفي نظر القراي أنه لم يحرم أحد المسيرية الرعي. فضمنه لها تحكيم لاهاي والحركة الشعبية. وزاد بأن ذلك “هو ما يمثل مصلحتهم الحقيقية، ولكن المؤتمر الوطني، يريد ضم أبيي للشمال ليحوز كل البترول في المنطقة، وهو لو فعل، لن يعطي المسيرية منه شيئاً كما لم يعط كل أهل السودان الذين ازدادوا فقراً بعد ان ظهر البترول”. وغاب مطلب المسيرية بحق تاريخي في أبيي في غبار صراع الإنقاذ ومعارضها.
والقراي مثله مثل عتاة معارضي الإنقاذ بالسليقة “يٌخَلِب” المسيرية ويعاقبهم على ذلك. ف”التخليب” هو اعتقاد رائج بين أولئك المعارضين مفاده أن المسيرية في نزاعها مع الدينكا والحركة الشعبية كانت مجرد مخلب قط لحكومات الشمال. فسلحتهم باسلحة متقدمة للإغارة على قرى الدينكا المشتبه في ولائها للحركة الشعبية لتحصد الغنيمة من الرقيق والبقر. وأعاد القراي على مسامعنا كل تقرير لحقوق الإنسان جرَّم المسيرية لعدوانها على الدينكا. والتخليب معناه أن المسيرية لم تكن لها مصلحة خاصة في خصومة اقتحمت صحن دارها. وهذا شطط. فأبيي منذ الستينات صارت عظمة نزاع لاصطفاف جديد تحالفت فيه الدينكا مع الحركات القومية الجنوبية المسلحة واقترنت المسيرية بالدولة المركزية بما شرحته في كتابي “الثقافة والديمقراطية” (1996. بل رأينا القراي أمس ينوه ب “كتيبة دينكا نقوك” التي كانت من طلائع جند الحركة الشعبية. وعاد القراي إلى التخليب بسؤال المؤتمر الوطني إن كان يريد أن يزج بالمسيرية هذه الأيام” في حرب ليس لهم مصلحة في خوضها، مادام حقهم في الرعي محفوظ، ولم يقل أحد بحرمانهم منه؟”
كل ما تقدم من عيوب القراي من فساد الرأي وعتو الغرض. وهو مستنكر من عالم مثل القراي حسن التدريب بالضرورة. وهي سقطات مقدور عليها. أما أن يخوض العالم في ما لاعلم له به فهو عوار وجلافة. فلا أعرف كتاب القراي المنير الذي دله على أن الدينكا نقوكك “مزارعون ورعاة مستقرون” في منطقة أبيي بينما المسيرية رحل جوابون فيها. ومن أين عرف أن المسيرية “لم يكونوا ابداً مستقرين كقبائل الدينكا”؟ ومهما كان الرأي في زعم المسيرية بحقهم في أبيي إلا أن الدينكا نقوك سيارة مثل المسيرية. ومؤسف أن يحمل القراي إصراً على بداوة المسيرية يذهله عن هذه الحقيقة البسيطة من حقائق سبل كسب العيش في السودان. فلولا هذا الغل لتحوط كما ينبغي لحامل دكتوراة مثله من التفريط في لسانه بجهالة ولتحقق من المعلومة في مرجع مناسب.
العلم نور. وهو شفاء لا تشفياً كما قلت قبل نحو 25 عاماً لدي صدور “مذبحة الضعين” لبلدو وعشاري.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عن أبیی

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يحسم الجدل حول إمكانية التنازل عن أراض لروسيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن كييف لا تملك أي حق قانوني أو دستوري أو دولي أو حتى أخلاقي يسمح لها بالتنازل عن أراضٍ لروسيا، مشدداً على أن ملف الأراضي يمثل محوراً أساسيا في المفاوضات الجارية حول خطة السلام الأمريكية.

وأوضح زيلنسكي الأوكراني خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت "هل نفكر في التنازل عن أراض؟ ليس لدينا أي حق قانوني لفعل ذلك، لا بموجب القانون الأوكراني ولا دستورنا ولا القانون الدولي. وليس لدينا أي حق أخلاقي أيضا".

وفي وقت سابق، عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شعوره بخيبة أمل تجاه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بسبب عدم انخراط الأخير في مقترح خطة السلام لإنهاء الحرب مع روسيا.

وقال ترامب للصحفيين خلال حفل جوائز ينظمه مركز كينيدي، ردا على سؤال حول المفاوضات: "تحدثت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع القادة الأوكرانيين، بمن فيهم زيلينسكي، ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل بعض الشيء لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد، وكان هذا قبل ساعات قليلة".

وكانت المحادثات بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين قد انتهت السبت دون أي تقدم واضح، رغم مشاركة زيلينسكي عبر الهاتف وتعهدِه بإجراء مزيد من المشاورات للوصول إلى "سلام حقيقي".

وجاءت هذه المحادثات بعد لقاء المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، حيث أعلنت موسكو رفضها أجزاء من المقترح الأمريكي.

مقالات مشابهة

  • روسيا تسيطر على مدينة بوكروفسك .. واسقاط 121 مسيرة أوكرانية
  • زيلينسكي: لا يحق لنا التنازل عن أراضٍ أوكرانية لروسيا
  • زيلينسكي يحسم الجدل حول إمكانية التنازل عن أراض لروسيا
  • زيلينسكي: لا يجوز لنا التنازل عن أراض لروسيا
  • تفشي مخيف لمرض إلتهاب «الكبد الوبائي _ ب» في منطقة أبيي
  • هل تنهي معارضة المنفى قبضة العسكر الممسكين بالسلطة في مالي؟
  • هل يمكن اخذ العداد لسكن جديد؟ مرفق الكهرباء يجيب
  • تقرير يتحدث عن تكثيف مصر عمليات ترحيل السودانيين دون أي معارضة
  • البادية الجنوبية .. تأخير دوام المدارس يوم غد الأحد إلى العاشرة صباحا
  • تشكيل معارضة داخل البرلمان وخارجه للدفاع عن خور عبدالله العراقي