الغموض يكتنف مصير رجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة المعتقل في مصر
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
لا يزال الغموض يكتنف مصير رجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة الذي تتهمه الولايات المتحدة بتمويل حركة حماس. فقد أفاد مصدر أمني مصري ووسائل إعلام مصرية وسودانية بأن السلطات المصرية ألقت القبض عليه مؤخرا في القاهرة.
وبحسب المصدر المصري الذي تحدث لبي بي سي شريطة عدم ذكر اسمه، ألقي القبض على حمزة في القاهرة فجر الإثنين، الموافق 15 من يناير/ كانون الثاني الجاري، وهو محتجز في مكان غير معلوم وجاري التحقيق معه.
ولم تصدر أي جهة مصرية بيانات رسمية بشأن ملابسات وأسباب القبض على حمزة لكن الروايات المتداولة في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب احتجازه، تباينت.
وذكرت تقارير صحفية أن القبض على حمزة يتعلق بـ”مواجهة الفساد ومراقبة الأسواق بشأن تعاملاته في تعدين وتجارة الذهب في مصر”، بينما ذكرت صحف أخرى ومؤثرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن توقيفه مرتبط “بتمويل الإرهاب”، إذ تتهمه الولايات المتحدة بتقديم تمويل إلى حركة حماس.
طالما ارتبط اسم رجال الأعمال عبدالباسط حمزة (68 عاما) بالرئيس السوداني السابق عمر البشير وحزبه الحاكم المعروف بأيديولوجيته الإسلامية. وسلط عليه الضوء بشكل لافت مؤخرا بعد أن رصدت الولايات المتحدة، في وقت سابق من الشهر الجاري، مكافأة مالية لمن يرشد عنه إذ وصفته بأنه أحد ممولي حركة حماس. وقالت الخارجية الأمريكية إن حمزة من بين من صنفتهم واشنطن كإرهابيين عالميين. وأوضحت أنه زود حركة حماس بحوالي 20 مليون دولار.
وبعد مرور بضعة أيام على هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول التي شنتها حركة حماس على إسرائيل، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مالية على عشرة أشخاص وصفتهم بأنهم إما أعضاء أو ممولين لحركة حماس التي صنفتها حركة إرهابية. وكان حمزة من بين هؤلاء الأشخاص. وقالت إن حمزة وفر تمويلا لحماس من خلال شبكة ضخمة من الشركات في السودان التي استخدمها لغسيل الأموال وإمداد حماس بالمال، على حد قول الوزارة. وطالت العقوبات أربعة من شركاته باتت مصنفة ككيانات إرهابية، ومنها “مجموعة زوايا للتنمية والاستثمار” وشركة “لاري كوم للاستثمار”.
واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية حمزة بالارتباط بتاريخ طويل من تمويل الحركات الإرهابية مشيرة لما وصفته بعلاقاته التاريخية بتنظيم القاعدة والشركات التابعة لأسامة بن لادن في السودان. وكان بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، أقام في السودان لبضع سنوات خلال التسعينيات، إبان حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
وعقب الإطاحة بالبشير في أبريل/ نيسان عام 2019، ألقي القبض على حمزة في السودان ليصدر حكم بحقه بالسجن لمدة عشر سنوات إثر اتهامات متعددة تتعلق بالفساد. وقالت الصحافة السودانية إن لجنة إزالة التمكين، التي كانت مكلفة باسترداد الأصول المالية لرجال عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، قدرت ثروة حمزة بأكثر من ملياري دولار. لكن ما أن وقع الانقلاب العسكري الذي أطاح بالقوى المدنية في السودان عام 2021 حتى خرج حمزة من السجن.
وأظهر تحقيق موسع أجراه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وشاركت فيه شبكة “شومريم” الإسرائيلية للصحافة الاستقصائية، أن حمزة كان يمتلك حصصا في شركة ماتز القابضة القبرصية التي تمتلك حق استغلال اثنين من مناجم الذهب في مصر. وكشف التحقيق، الذي نُشر الشهر الماضي، عن أن حمزة باع جزءا كبيرا من أسهمه في شركة ماتز قبل يوم من الإطاحة بـ”صديقه” عمر البشير، لكنه لايزال يمتلك حصة عشرة بالمئة من أسهم الشركة. كما يمتلك حمزة شركة عقارات إسبانية طالتها عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا.
واستند التحقيق إلى ما يقارب أربعة ملايين وثيقة عُرفت “بتسريبات قبرص السرية” وخضعت للتحليل على يد الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بالتعاون مع نحو سبعين كيانا إعلاميا.
وفي إطار التحقيق، ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن حمزة أرسل لها ردا ينفي فيه علاقته بتمويل حركة حماس وكذلك علاقته بأسامة بن لادن. وكشف حمزة أنه أفرج عنه في عام 2021 لأنه رجل بريء من اتهامات الفساد على حد وصفه.
بي بي سي عربي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عمر البشیر فی السودان حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
حظيت قضية تداعيات حرب السودان على أوروبا بنقاشات موسعة داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل، في الجلسة التي جرى تخصيصها لبحث تطورات الصراع المستمر منذ أبريل 2023، وما بات يحمله من تداعيات تتجاوز الإطار الإنساني إلى تهديدات مباشرة تطال استقرار القارة الأوروبية، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، وتصاعد نفوذ قوى متطرفة، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة.
التغيير _ وكالات
وجاء المؤتمر، الذي عُقد تحت عنوان “السودان في أزمة: من الاستجابة الإنسانية إلى السلام المستدام”، بمشاركة أعضاء في البرلمان الأوروبي وخبراء أمنيين وصحفيين وباحثين، ليعيد طرح سؤال ملح في بروكسل: لماذا لم تعد حرب السودان شأنا داخليا، بل مصدر قلق أوروبي متصاعد؟
ويرى محللون في حديثهم بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أن استمرار الحرب في السودان يفتح جبهات تهديد غير تقليدية لأوروبا، تبدأ من تصاعد موجات النزوح والهجرة عبر شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ولا تنتهي عند خطر تحول السودان إلى ساحة نفوذ لقوى معادية للمصالح الأوروبية.
تحذير أوروبيأحد أبرز مصادر القلق الأوروبي، يتمثل في تداعيات الحرب على ملف الهجرة، إذ أكد رئيس قسم الاستخبارات الجيوسياسية في وكالة B&K، هيث سلون، أن استمرار النزاع يفاقم الانهيار الاقتصادي والأمني في السودان، ما يدفع بملايين المدنيين إلى النزوح، ويزيد من احتمالات توجه أعداد كبيرة منهم نحو السواحل الأوروبية عبر طرق الهجرة غير النظامية.
وأضاف أن الخطر لا يقتصر على الأعداد، بل يمتد إلى احتمالات تصدير الأيديولوجيات المتطرفة، في حال تحول السودان إلى ملاذ لشبكات متشددة مسلحة، وهو ما يضع أوروبا أمام تحديات أمنية مركبة.
سياسيًا، وصف خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق، الصراع الدائر بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، مؤكدًا أن الحرب لا يمكن حسمها عسكريًا، داعيًا أوروبا إلى لعب دور أكثر فاعلية عبر دعم خريطة الطريق السياسية، وتكثيف المساعدات الإنسانية، وتعزيز آليات تقصي الحقائق الدولية.
أزمة تجاوزت الحدودوبحسب آخر تقرير للمعهد الأوروبي لدراسات الأمن، والذي اطلع عليه موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن حرب السودان باتت أزمة لها أبعاد إستراتيجية وإنسانية تمتد إلى أوروبا، مع تأثيرات واضحة على الأمن الإقليمي والنفوذ الدولي، وسياسات الهجرة واللجوء، والالتزامات الإنسانية الأوروبية، وهو ما يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من استمرار الحرب وعدم قدرة خطط الهدنة الحالية على وقفها أو تحقيق استقرار حقيقي.
وأشار التقرير إلى تهديدات إستراتيجية تمتد إلى أوروبا، فالنزاع لا يبقى محصورًا داخل السودان فحسب، بل يتقاطع مع مصالح أمنية أوسع لأوروبا، بسبب الموقع الجيوسياسي للسودان على أبواب البحر الأحمر والممرات الاستراتيجية بين إفريقيا والشرق الأوسط، تداخل مصالح قوى إقليمية ودولية في الصراع، ما قد يعيد تشكيل التوازنات الأمنية في المنطقة ويؤثر في الأمن الأوروبي.
وبالرغم من أن التقرير يركز أكثر على البعد الأمني والإنساني، إلا أنه يؤكد ضمنيًا أن تفكك الدولة السودانية وتفاقم الأزمة يدفعان بمزيد من السكان للنزوح أو التوجه غربًا نحو شمال إفريقيا وأوروبا، وهو أمر سبق أن حذر منه خبراء أوروبيون في سياق تداعيات الحرب على سياسات الهجرة والحدود، مشددا على ضرورة أن يعزز الاتحاد الأوروبي آليات المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان، ودعم جهود السلام المرتكزة على تعاون دولي وإقليمي، بدل الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية.
وأوقفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، برنامج إعادة التوطين للاجئين منذ منتصف العام الجاري، في مؤشر على تصاعد المخاوف من ضغوط الهجرة غير النظامية التي يغذيها النزاع في السودان وأزمات مماثلة في مناطق أخرى.
الهجرة.. على رأس الأولوياتمن برلين، قال خبير العلاقات الدولية ومنسق العلاقات الألمانية-العربية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن الحرب الدائرة في السودان تحمل تداعيات على أوروبا بوجه عام، مشيرًا إلى أن “التأثير الأبرز يتمثل في موجات اللجوء المحتملة، في ظل النزوح الواسع الذي تشهده دول الجوار، إضافة إلى دول إفريقية أخرى، وصولًا إلى بلدان شمال إفريقيا مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، التي أصبحت بالفعل محطات رئيسية للمهاجرين”.
وأوضح الشامي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ملف الهجرة بات قضية حيوية للاتحاد الأوروبي، لا سيما في السياق السياسي الداخلي، حيث تحول إلى عامل انتخابي وأداة دعاية مركزية لدى عدد من الأحزاب الأوروبية، في إطار السعي للحد من تدفقات اللجوء وتقليص انعكاسات الصراعات والحروب في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم على الداخل الأوروبي”.
وأضاف أن “التأثير الأوروبي لا يقتصر على البعد الأمني أو السياسي، بل يمتد إلى البعد الإنساني، فالعالم بات مترابطًا على نحو يجعل من المستحيل عزل أي أزمة عن محيطها الدولي، واستمرار الحروب وما يصاحبها من انتهاكات يسهم في تصاعد مستويات العنف عالميًا، ويغذي مشاعر عدائية وصورًا نمطية تنتشر سريعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يترك ارتدادات سلبية داخل المجتمعات المختلفة، بما فيها الأوروبية”.
الوسومأوروبا البرلمان الأوروبي بروكسل تداعيات حرب السودان تصدير الأيديولوجيات المتطرفة نقاشات موسعة