إنتاج أول قمر صناعي روسي لإنترنت الأشياء بطابعة ثلاثية الأبعاد
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
سيصبح جهاز" ماراثون–IoT" الفضائي الروسي التجريبي الذي يدخل مجموعة الأقمار الصناعية لإنترنت الأشياء أول قمر صناعي روسي يتم إنتاجه باستخدام تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد.
وجاء في بيان نشرته مؤسسة "روس كوسموس" الفضائية الحكومية الروسية أن "ماراثون" التجريبي هو أول قمر صناعي يطلق إلى مدار الأرض بعد أن تنتج مكوناته في مرفق إنتاجي تابع للمؤسسة باستخدام تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد.
وأضافت المؤسسة أنه من أجل دمج المساحيق المعدنية في "الماراثون الأول" تم إنشاء 16 شاشة مشعة و4 هوائيات لخطوط التغذية، بالإضافة إلى ذلك، تم تصميم وتصنيع مجموعة من المنتجات للاختبار الذاتي، حيث تتكون من 10 هوائيات و15 قوسا لمحركات الموازنة".
ووفقا لخطط "روس كوسموس" سيتم إرسال Marathon-IoT التجريبي إلى مدار الأرض كحمولة ثانوية إلى جانب القمر الصناعي "ميتيور – إم" الذي من المقرر إطلاقه في الربع الأول من عام 2024.
يذكر أن Marathon-IoT هي مجموعة من الأقمار الصناعية تقدم خدمات إنترنت الأشياء، سيتم تشكيلها في إطار برنامج "سفيرا" الروسي الذي سيتضمن 250 قمرا صناعيا بوزن لا يزيد عن 50 كيلوغراما. وستحلق تلك الأقمار الصناعية في 12 سطحا مداريا على ارتفاع 750 كيلومترا.
وجدير بالذكر أن برنامج "سفيرا" الفضائي سيضم 5 مجموعات من الأقمار الصناعية التي ستقدم خدمات الاتصال و5 مجموعات أخرى لاستشعار الأرض عن بعد.
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الإنترنت الاقمار الصناعية الفضاء الأقمار الصناعیة
إقرأ أيضاً:
ثلاثية باكستان التاريخية.. الجيش، الإقطاع السياسي، الدين
نشأت باكستان من رحم مناطق ذات غالبية مسلمة من الهند: البنجاب، السند، بلوشستان، غرب كشمير، شرق بلاد البنغال.
وفي دولة انشقت عن الهند بسرعة ودون تخطيط مسبق كاف، وجدت باكستان نفسها في مرآة الآخر (الدولة الأم)، مع ما يتطلبه ذلك من سرعة بناء دولة سيادية ذات هوية واضحة كمقابل لهُوية الآخر: الهند الهندوسية.
وكان طبيعيا في مثل الحالات التاريخية، ليس أن تهيمن النخب على السلطة الجديدة فحسب، بل الأهم والأخطر، أن طبيعة هذه النخب وصراعاتها ستسم تاريخ باكستان منذ نشأتها وحتى الآن، وسيكون لها تداعيات سلبية على تطور البلاد السياسي والاقتصادي.
الجيش
لا يمكن فصل سيرورة تطور المؤسسة العسكرية في باكستان وعقيدتها عن نشوء الدولة عام 1947 من رحم الهند، العدو المفترض والواقعي في وعي النخب الباكستانية آنذاك.
كان على الدولة الوليدة المؤلفة من أعراق متعددة (بنجال، بلوش، بنجاب، باشتون، سند)، ومناطق جغرافية مختلفة من حيث التمدن، وتشهد عمليات نزوح كبيرة من مسلمي الهند (يتكلمون لغة الأوردو الغريبة على مناطق باكستان) نحوها، أن تسرع في بناء مؤسسات الدولة.
وكان طبيعيا في تلك المرحلة أن تُولى المؤسسة العسكرية الاهتمام الأول للنخب الحاكمة، إذ أصبح ضروريا بناء جيش قوي في ظل وضع إقليمي مضطرب، خصوصا مع الهند.
لكن، بسبب التكوين الرديء والبطيء للجيش الباكستاني، كان طبيعيا أن تخسر باكستان في أول امتحان عسكري لها مقابل الهند، عندما فشلت عام 1948 في ضم إقليم كشمير إليها، ثم الهجوم الفاشل على الهند عام 1965، ثم عام 1971 عندما فشل الجيش في القضاء على عملية انفصال باكستان الشرقية (بنغلادش) بدعم من الهند التي نجحت في إلحاق هزيمة عسكرية بالجيش الباكستاني.
انعكست الهزائم العسكرية سلبا على الداخل الباكستاني، حيث تزايد الاستياء من الجيش بسبب ذلك، ومع محاولات النخب السياسية إعادة قوننة المؤسسة العسكرية، وجدت الأخيرة نفسها مضطرة للدخول في صراعات مع السياسيين.
كانت البداية عام 1958، عندما قرر قائد الجيش أيوب خان دعم غلام محمد للاستيلاء على السلطة، ثم فرض ذو الفقار علي بوتو الحكم العسكري لنحو 15 عاما.
لم تكتف المؤسسة العسكرية بالهيمنة على المجال السياسي، بل دخلت المجال الاقتصادي أيضا، فقد كانت القوات البرية تدير مؤسسة فوجي، فيما تدير القوات البحرية مؤسسة باهايا، أما القوات الجوية فتدير مؤسسة شاهين.في بداية حكمه أجرى بوتو تغيرات مهمة في هيكلية الجيش، وأنشأ قوات أمنية رديفة تابعة للسلطة السياسية، لكن في أواخر حكمه بدأ يعزز من سلطته السياسية التنفيذية من خلال التقرب من الجيش، بإنشائه رئاسة هيئة الأركان المشتركة كهيئة استشارية تساعد رئيس الجمهورية في شؤون الحرب.
بيد أن الاحتجاجات الشعبية الواسعة الرافضة لنتائج الانتخابات، أدت إلى مواجهات بين الجيش والمتظاهرين، قبل أن يقرر الجيش عزل بوتو وتعيين ضياء الحق الذي أوصل الحكم العسكري إلى ذروته.
لم تكتف المؤسسة العسكرية بالهيمنة على المجال السياسي، بل دخلت المجال الاقتصادي أيضا، فقد كانت القوات البرية تدير مؤسسة فوجي، فيما تدير القوات البحرية مؤسسة باهايا، أما القوات الجوية فتدير مؤسسة شاهين.
ومنذ ذاك التاريخ وحتى اليوم، تلعب المؤسسة العسكرية دورا رئيسا في الحياة السياسية الباكستانية.
الإقطاع السياسي
تشكل إقليم البنجاب (أساس الدولة الباكستانية لاحقا) تاريخيا من أوليغارشية ـ إقطاعية ذات سمات قبلية، عمل الاستعمار البريطاني على تعزيز هذه الطبقة بغرض توفير الأمن والاستقرار.
وكون زعماء القبائل وأصحاب العقارات يشكلون قوة اجتماعية واقتصادية وسياسية، صارت باكستان ملجأ للمسلمين المنتمين للطبقات المميزة الذين لا يثقون في السياسات الاقتصادية لحزب المؤتمر الهندي وزعيمه رئيس الوزراء جواهر لال نهرو.
ومنذ تأسيس باكستان، هيمنت النخب الإقطاعية على المجال السياسي التداولي الداخلي: آل خان، آل بوتو، آل حق، آل مشرف، مقسمة على حزبين رئيسيين هما: حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الإسلامية.
حال هذا الوضع إلى عدم نشوء أحزاب سياسية متعددة ذات أيديولوجيات وانتماءات اجتماعية مغايرة لطبقة الإقطاع السياسي، كما حال دون نشوء مجتمع مدني قادر على ممارسة ضغوط اجتماعية نحو الأسفل وسياسية نحو الأعلى.
هيمنة سلالات سياسية على المشهد الباكستاني من عائلة بوتو وشريف، أو بسلالات حزبية عريقة وهما حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الإسلامية.
وتطلب الأمر عقودا عديدة حتى تم كسر هذه المعادلة مع وصول عمران خان ـ من خارج الطبقة الإقطاعية السياسية التاريخية ـ إلى رئاسة الحكومة.
غير أن خان سرعان ما وجد نفسه ضمن تركيبة معقدة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا، ما جعل وجوده في الحكم لا يسفر عن أي تغيير سياسي، ولا حتى تعبيد الطريق أمام تحولات سياسية لاحقة.
لقد كان لطبيعة نشأة الدولة الأثر الكبير في هذه التركيبة السياسية، وتشابكاتها مع الحركات الدينية من جهة، ومع المؤسسة العسكرية من جهة أخرى.
الدين
إذا كانت العلمنة في العالم الإسلامي تقوم على هيمنة الدولة على الدين، لا الفصل بينهما كما هو الحال في الغرب الديمقراطي ـ الليبرالي، فإن باكستان تُمثل أكثر الحالات الإسلامية خصوصية في هذا المجال، ففي مجتمع ودولة نشئا كرد فعل (انسلاخ) عن دولة هندوسية لا تعطي المسلمين حقوقهم الكافية، كان طبيعيا أن يكون الدين عاملا رئيسا في هوية الدولة الوليدة، كـ أنا جمعية مقابل الآخر.
لكن خصوصية باكستان، لا تكمن في هذه النقطة، فالهُوية الدينية الإسلامية كمقابل للهُوية الهندوسية في البلد الأم، تشكل عاملا إيجابيا في تعضيد المجتمع والدولة الجديدين.
إذا كانت العلمنة في العالم الإسلامي تقوم على هيمنة الدولة على الدين، لا الفصل بينهما كما هو الحال في الغرب الديمقراطي ـ الليبرالي، فإن باكستان تُمثل أكثر الحالات الإسلامية خصوصية في هذا المجال، ففي مجتمع ودولة نشئا كرد فعل (انسلاخ) عن دولة هندوسية لا تعطي المسلمين حقوقهم الكافية، كان طبيعيا أن يكون الدين عاملا رئيسا في هوية الدولة الوليدة، كـ أنا جمعية مقابل الآخر.تكمن المشكلة السياسية للنخب الحاكمة في باكستان غداة الاستقلال، في أن المجتمع الجديد مفعم ليس بالهُوية الإسلامية فحسب، بل والأخطر ذو نزعة تشددية ناجمة عن أسباب تاريخية متعلقة بالعلاقة مع محيط معادي للإسلام في الهند الام.
ولد أغلب زعماء الحزب الحاكم "العصبة المسلمة" بزعامة مؤسس باكستان محمد جناح علي وترعرعوا في محافظات ظلت تابعة للهند، وبالتالي لم يكن لهم قاعدة سياسية في بلادهم الجديدة، وقد أثار هذا حفيظة أبناء الأرض وعجل كما يؤكد سيد فالي رضا نصر بوقوع توترات عرقية عقدت عملية تشكيل الدولة، ومع مرور الوقت شجع هذا الوضع زعماء الدولة على التحول إلى الإسلام من أجل تجاوز الخلافات بين أبناء الأرض والمهاجرين.
لذلك، فالتوجه الإسلامي للسلطة السياسية نحو الدين ليس إلا تعبيرا عن اندفاع السلطة نحو إرساء هيمنتها على المجتمع وتوسيع نفوذها وسيطرتها، مع ما يعني ذلك من اعتماد خطاب ديني متشدد من أجل تمكينها أو قطع الطريق أمام أية محاولة مجتمعية للمزاودة على الدولة.
وهذا ما يفسر الاضطراب المستمر بين المتشددين الإسلاميين والدولة ذات الهُوية الدينية، اضطراب بدأ مبكرا من عمر الدولة عام 1958، حين أجرى الجيش بقيادة محمد أيوب خان انقلابا تسلم السلطة بموجبه، في خطوة لقطع الطريق أمام الامتداد الإسلامي.
ومنذ ذلك الحين، بدأت عملية إدخال شخصيات متأنكلزة في الحكم، وبدأت معها عملية إظهار وجه علماني للدولة يتناقض تماما مع سلوكياتها الداخلية.
لكن العلاقة المتوترة بين الجانبين بلغت ذروتها عام 1977، حين واجهت باكستان حراكا إسلاميا قويا عبرت عنه حركة نظام المصطفى التي أدت إلى سقوط حكومة ذو الفقار علي بوتو فقط، وهددت بإسقاط الدولة برمتها.
واكتمل التحدي الإسلامي بتصاعد التوترات الإثنية في بلاد السند وإقليم بلوشستان وجنوب البنجاب طوال فترة حكم ضياء الحق بين عامي، 1977 ـ 1988، ومنذ ذاك التاريخ تراجعت أيديولوجيا اليسار لصالح الأيديولوجية الإسلامية على صعيدي الدولة والمجتمع.
في عام 2011 اغتيل حاكم البنجاب، سلمان تيسير، ووزير الأقليات الباكستانية شاهباز بهاتي، لأنهما تحدثا ضد القوانين الإسلامية للدولة.
وفي مرحلة حكومة حركة الإنصاف المفترض أنها علمانية، عمد رئيس الوزراء عمران خان إلى تشجيع مشاركة أكبر للإسلام في كل مجالات الحياة، وخلال وجودها في الحكم تصرفت حركة الإنصاف كحزب ديني كحزب سياسي علماني.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل شهدت السنوات الأخيرة تزايد ظاهرة التجديف الديني، حيث تم اتهام مسلمين من الطائفة الأحمدية ومسيحيين وهندوس بالتجديف.
باختصار، كان للعامل الديني المتشدد دورا رئيسا في نشوء تحالفات بين السلطة والدين أدت في أحد جوانبها الرئيسية في منع نشوء أحزاب وتيارات سياسية ليبرالية علمانية مع المحافظة على الهُوية الإسلامية، وهو ما انعكس سلبا على الدمقرطة في باكستان.