فريق عماني يفوز بـ"جائزة حمدان- الألكسو" للبحث التربوي المتميز
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
مسقط- الرؤية
فاز فريق بحثي عماني بجائزة "حمدان- الألكسو" للبحث التربوي المتميز للعام 2023م، وذلك في الدورة الـ26 والتي تنظمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ويضم الفريق كل من: الأستاذ الدكتور سليمان بن محمد البلوشي والدكتورة هدى بنت علي الحوسنية وزهرة بنت سيف الشكيلية وأسماء بنت حمد السالمية .
وتسعى الجائزة إلى اكتشاف وتشجيع الباحثين التربويين المتمیّزین من العرب على البحث العلمي والتعریف بھم، وتعزيز الإنتاج المعرفي والمساهمة في تنمية المهارات التدريسية بالاستفادة من نتائج البحوث التربوية، إضافة إلى إثراء وإغناء المكتبة التربوية العربية بالبحوث المتميزة وفق المعايير الدولية لتحتل مكانتها بين الجوائز العالمية.
وجاءت مشاركة سلطنة عمان في المسابقة ببحث تربوي، يهدف إلى تقصي فاعلية تطبيق هاتفي إثرائي مبتكر قائم على منحى التلعيب (Dr. Electron) في الاتجاه نحو العلوم والفاعلية الذاتية لدى طلبة الصف الثامن بسلطنة عُمان خلال جائحة كوفيد- 19، وقد استخدام المنهج شبه التجريبي المعتمد على مجموعة تجريبية وأخرى ضابطة، وتم تطبيقه على عينة من طلبة الصف الثامن (ذكور وإناث).
وأكدت نتائج البحث فاعلية التطبيق في تنمية الاتجاه نحو العلوم والفاعلية الذاتية لدى المجموعة التجريبية، كما توصلت إلى عدم وجود أثر دال إحصائي للتفاعل بين طريقة التدريس ومتغير النوع الاجتماعي (ذكور وإناث) في التطبيق البعدي لمقياس الاتجاه نحو العلوم، في حين كان تفاعل بسيط بين طريقة التدريس ومتغير النوع الاجتماعي (ذكور وإناث) في مقياس الفاعلية الذاتية.
وأوصت الدراسة بضرورة توجيه القائمين على تدريس العلوم إلى أهمية تصميم واستخدام التطبيقات الإثرائية القائمة على مبادئ منحى التلعيب وذلك لتنمية الاتجاه نحو العلوم وتنمية الفاعلية الذاتية لدى الطلبة.
وقالت أسماء حمد السالمية: "سعيدة بالفوز أنا وزملائي من فريق البحث وحصولنا على جائزة حمدان الألسكو للبحث التربوي المتميز، وهذا الإنجاز المبهر الذي حققناه كفريق بحثي يمثل سلطنة عمان، وإنه لفخر وشرف كبير لنا رفع مكانة سلطنة عمان على المستوى العربي، وجاء هذا الفوز نتيجة للبحث المستمر والجهد والتفاني الذي تميز به الفريق البحثي بالرغم من العدد الكبير من من البحوث المشاركة، إلا أننا حرصنا أن تكون لنا بصمة في هذه الجائزة على المستوى المحلي والخليجي والعربي كما ستكون بالنسبة لنا دعما لعملية التطوير التعليمي في المستقبل ".
وبلغ عدد البحوث المشاركة في هذه المسابقة 146 بحثا مشاركا من 17 دولة عربية، وتنافس المشاركون في عدد من مجالات البحوث التربوية على مستوى الوطن العربي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اللغة العربية في المخاطبات الرسمية.. قرار في الاتجاه الصحيح
حمد الناصري
في خطوة طال انتظارها، أثلجت صُدورنا توجيهات أمانة مجلس الوزراء الصادرة في الأول من يونيو 2025، والتي تنص على ضرورة الالتزام باستخدام اللغة العربية السليمة في جميع المُخاطبات الرسمية في القطاعين الحكومي والخاص.
يُمثل هذا القرار انتصارًا للهوية الثقافية واللغوية لسلطنة عُمان، وتأكيدًا على أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء للثقافة، وجذر راسخ في عُمق المجتمع العُماني الذي قامت حضارته وتاريخه على هذا اللسان العريق.
لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة تزايد استخدام المصطلحات والمُسميات الدخيلة في تسمية المشاريع والمرافق والمُنشآت، وهو ما لا يتناسب مع روح الثقافة العُمانية، ولا مع مكانة اللغة العربية التي تمثل، منذ قرون، لغة الدولة والمُجتمع، ولغة التعليم والتشريع، بل ولغة الدين والقيم.. فاللغة العربية ليست كغيرها من اللغات؛ إنها لغة القرآن الكريم، اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون وعاءً لِوَحْيه، ووسيلة بيَانِه إلى البشرية جمعاء. يقول تعالى: "إِنا أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَانًا عَرَبِيا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ"، وفي ذلك دلالة جلية على تكريم اللغة العربية ورِفْعَة مكانتها، وارتباط العقل والفهم بها.
لقد قدَّس العرب لغتهم منذ القدم، واتخذوها مجالًا للبيان والفصاحة، وميدانًا للشعر والخِطابة، وسجلوا عبرها تاريخهم وأدبهم وفكرهم. كما أنها نالت التقديس الأسمى من المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لكونها لغة الوَحْي، ولسان الصلاة، ومفتاح فهْم الدين. وهذا ما أكسبها الخلود، وأبقاها لغة حية، مُتجددة، لا تندثر..
وإذا كانت اللغة في جوهرها انعكاسًا لهوية الأمة، فإن اللغة العربية مثلت العمود الفقري للهوية الإسلامية والحضارة العربية. فهي التي حملت الفلسفة والفكر، واحتضنت التراث الإنساني المُتنوع، ووسعت من آفاق المعرفة حين استوعبت الحضارات الفارسية واليونانية والهندية، وترجمت علومها إلى العربية، فازدهر بها العقل الإنساني قرونًا طويلة.
إن هذا البُعد الحضاري والديني للغة العربية يستوجب أن نحافظ عليها، لا في الكتب فقط، بل في حياتنا اليومية، ومؤسساتنا، ومراسلاتنا، وخطابنا الرسمي. فليس من المنطقي أن تنشأ مؤسسة أو مشروع في قلب المجتمع العُماني، يحمل اسمًا أعجميًا أو مُصطلحًا بعيدًا عن الفهم الشعبي والهوية الوطنية، في الوقت الذي تزخر فيه لُغتنا بمفردات ثرية ودلالات دقيقة.. وقد أدركتْ الدول العربية، ومنها سلطنة عُمان، هذه القيمة الاستراتيجية للغتها الأم، فسعتْ إلى تعزيز استخدامها في التعليم والإدارة، وحرصت على تعليمها لغير الناطقين بها، من المُسلمين وغيرهم، إدراكًا لأهميتها في ربط الشعوب بالثقافة العربية والإسلامية.
لم يكن العرب الأوائل بحاجة إلى تفسير معاني القرآن، لأنهم كانوا يتخاطبون بالعربية الفصيحة، وكانوا يُدركون تمامًا بلاغته وإعجازه، حتى أن كِبار فُصحائهم كأمثال الوليد بن المغيرة اعترفوا بعجزهم عن الإتْيان بمثله، رغم تمرسهم في فنون اللغة والبيان.. وتتجلى فلسفة هذه اللغة في كونها أكثر من مجرد وسيلة للتخاطب؛ فهي نظام معرفي عميق يُعبر عن رُؤى الإنسان للعالم، ويُشكل وعيه ويدفعه للتأمل والفهم. اللغة العربية، بما تحمله من مُفردات دقيقة وتراكيب مرنة، تُتيح للمتكلم التعبير عن أدق المشاعر وأعْقد الأفكار، وهو ما جعلها لغة للفلسفة، والدين، والأدب، والعلم عبر قرون طويلة.
ولأن اللغة مرآة للفكر، فقد أسهمت اللغة العربية في بناء الوعي الثقافي الجمعي لدى العرب والمسلمين، واحتضنت عبر تاريخها ِسجالات فكرية وثقافية واسعة، من الشعر الجاهلي إلى الفقه الإسلامي والفلسفة العقلية. وهي ما تزال اليوم تشكل أساس الهوية الثقافية والحضارية، وتُحَفز العقل على التفكير والتحليل والتذوق الجمالي، مما يجعلها ليست فقط لغة للأدب، بل أداة للفهم والتأويل والتفاعل مع العالم.
خلاصة القول.. إن اللغة العربية هي لغة الأُمَّة، ولسان الدين، وجسر الحضارة.. وهي ليست مجرد أداة للتواصل، بل أداة لصياغة الفكر وتشكيل الهوية، وبناء الوعي.. وإن الحفاظ على اللغة العربية في الخطاب الرسمي ليس خيارًا ثقافيًا فحسب، بل هو واجب وطني وديني، يليق بمكانتها، ويُؤكد انتماءنا إلى هذه الأمة العريقة.
والتوجيه الأخير من مجلس الوزراء يُمثل لُبنة مُهمة في هذا البناء الحضاري، وعلينا جميعًا- مؤسسات وأفرادًا- أن نكون على قدْر المسؤولية، في احترام لُغتنا، وتعزيز استخدامها، وصَونها من التهميش والتراجع.. فاللغة العربية، باختصار، باقية خالدة.. ما بقي القرآن بيننا.