مصطفى زمزم: المجتمع المدني في مصر يجب أن يتجه إلى البحث العلمي
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
قال مصطفى زمزم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير، إنّ قانون التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي تضمن حقوقًا ومكتسبات للتحالف، وهو ما يمثل قيمة مضافة كبيرة.
أخبار متعلقة
المشرف العام للزمازمة في الحج: نستهدف مليوني حاج وتوزيع 180 مليون عبوة ماء زمزم
هاني تمام: زمزم أفضل ماء على وجه الأرض (فيديو)
أزهري يكشف عن «بركة خفية» في ماء زمزم: «فيها ريق النبي إلى يوم القيامة»
وأضاف «زمزم»، خلال حواره مع الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد الطاهري، مقدم برنامج «كلام في السياسة»، على قناة «اكسترا نيوز»، أن الجامعات الكبرى على الصعيد العالمي تقوم على المجتمع المدني، وبالتالي، فإن المجتمع المدني في مصر يجب أن يتجه إلى قضايا البحث العلمي وإنشاء الجمعيات الأهلية.
وتابع رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير، أن المجتمع المدني في مصر يجب أن يتجه إلى إنشاء الجامعات الأهلية وليس الدولة فقط، لأن أكبر الجامعات والمستشفيات في العالم قائمة على أموال الجمعيات الأهلية، وبالتالي، يجب الخروج من دائرة القضاء على الفقر متعدد الأبعاد والعمل على الإعانات والأمن الغذائي إلى الوصول لاستراتيجية مختلفة، وبخاصة أن التعليم هو أساس أي تنمية وتطوير على مستوى الدول كلها، ثم مجال الصحة الذي يشهد تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة.
مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير قانون التحالف الوطني للعمل الأهلي التنمويالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: شكاوى المواطنين قانون التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي المجتمع المدنی
إقرأ أيضاً:
سفيان صالح الخير (اشتقنالَكْ!!)
عجيبٌ قوله صلى الله عليه عليه وسلم (الأرواح جنود مُجنَّدة ما تعارف منها ائتلف)، وعجيب أنني عرفت أخي الحبيب المقدم ركن/ سفيان صالح الخير (رحمه الله) لبضعة أشهر فقط هي كامل فترة علاقتي به!!، عرفته بعد شهور متطاولة من بداية الحرب فوالله لكأنني أعرفه منذ وعيت. وليست الحياة كما يقول صاحب الظلال بعدد السنين ولكنها بعِداد المشاعر!!
ثم إني عرفت سفيان في شدة حصار وفي مرمى نيران، اليومُ فيها كعام!! عايشته في حرب، ولعمري إن المعايشة والمخالطة في الحرب لتكشف أخلاق الرجال ومعادنهم بأسرع مما يفعل السفر والتعامل بالدرهم والدينار!!
كان حالي معه من أول يوم رأيته في مسجدنا حال المتنبي إذ يقول:
أصاحبُ نفسَ المرءِ من قبل جسمِه *** وأعرفُها في فِعلِه والتَّكلُّمِ
من أول يوم التقتْ رُوحان وتصاحبتْ نَفْسَان، ثم لا تسلْ عن حبي كيف كان لسفيان!!
كانت طبيعة قيادته للدفاعات والمواجهات الغربية لسلاح المهندسين تمنعه من حضور دائم معنا، لكنه كان كلما وجد فرصة لصلاة الظهر في مسجدنا أسرع إلينا للقائي والشباب المرابط في حيِّنا، وإلى درس(تفسير) قصير كنت أقدّمه بعد صلاة الظهر. كنا نجتمع على أُنس طيب، ونواسي بعضنا في تلك الشدة ونتواصى بالصبر. ثم اكتشفت في سفيان تعلّقاً بقراءة الكتب، أعرته مرة كتاباً من ثلاثة أجزاء قرأه في وقت وجيز جداً مع مسؤلياته تجاه جنوده وضباطه والتزاماته هو مع قادته الأعلى.
يوم الفتح المبين عندنا في بانت وسلاح المهندسين كان يوم التحام جيش كرري بجيش سلاح المهندسين، ذلك الانتصار الذي رفع عنا حصاراً شديداً لما يقارب العام.
حكى لي سفيان في ذلك اليوم العظيم شيئاً أقرب إلى الكرامة، وظني فيه أن له من اسمه أكبر نصيب فهو سفيان صالح الخير حقاً وصدقاً_ وقصته التي حكاها لي هذه حقيقةٌ بأنْ يجعلها أستاذي دكتور عصمت محمود أحمد في سلسلة أحاجيه في حربنا _ قال لي إنه لقي أحد المحاصرين من سكان المهندسين فسأله عن حاله، ومن سؤاله علم أن الرجل معه في هذا الحصار وفي هذه الشدة عياله!!، سأله سفيان عن أصغر عياله كم عمره؟ فأخبره الرجل أن معه طفل عمره سنتان!! قال لي سفيان تذكَّرت طفلي (صالح) كيف كان سيكون حاله مع شدة الجوع هذه التي نحن فيها ونحن الكبار لا نكاد نتماسك معها فكيف بهذا الطفل ابن العامين، قال لي رجعت من لقاء ذلك المسكين (أبي العيال) وأنا في غاية الشعور بالضعف تجاهه وأنني لا أملك أن أساعده بشيء، يقول لي سفيان دخلت على سكن لبعض الضباط فوجدت اثنين منهم قد استترا ببعض طعام فلما أخذتهما مباغتة دخولي عليهما اضطربا وشعرا بالخجل فدعواني لمشاركتهما ما يأكلانه فقلت لهما والله لا أفعل!!، وسفيان الذي أعرفه ما عندي شك أنه كان في تلك اللحظة أشد جوعاً من (أبي العيال) ذلك الذي رقّ له لكنها نفسه العزيزة التي يُحمِّلها ما لا يُستطاع فتحملُ!!
يحكي لي سفيان أنه ذهب إلى سكنه وهو في كَرْب وضِيق وغَمّ، يتخيّل جوع الطفل ابن العامين كيف يكون ويتذكّر عجزه هو تجاهه، وزاد عليه الضيق والكرب والغم ما رآه من استتار زميلين له ببعض طعام خشية أن يشاركهما فيه لِقلته مشارك!! يحكي سفيان أنه وهو في تلك الحال توضّأ للصلاة، وفي صلاته تلك أكثَرَ من الدعاء وألحّ، قال لي شعرت ببعض قرب من الله في تلك اللحظات فازددت إلحاحاً أن يفرِّج الله ما بنا، كان سفيان يعلم وكنا نحن جميعاً المحاصرين نعلم أن هذا الحصار لو استمر فقط لثلاثة أيام قادمة فإننا بلا أدنى جنوح إلى مبالغة سنأكل (صفق الشجر)!! فكل ما عندنا نفد وليس ثمة شيء يدخل إلينا.
يحكي لي سفيان أنه فرغ من صلاته تلك وقد تبدلّت حاله إلى شعور بالرضا والطمأنينة والسكينة فأوى إلى فراشه يضطجع قليلا فنام نومة هادئة، ثم فجأة إذا بجهاز اللاسكي الذي كان قريباً منه يُوقظه بالبشارة :(الله أكبر الآن التحم جيش منطقة كرري العسكرية بجيش سلاح المهندسين!!)، يحكي لي سفيان أنه قفز من فراشه وأمسك بجهاز اللاسكي وجرى إلى الشارع يريد أن يعانق كل من يلقاه وهو يبكي فرحاً بنصر الله!!
كان ذلك يوماً لا يُنسى عندنا، كلنا بكى فرحاً في ذلك اليوم، وليس مَنْ رأى وعاش كمن أُخبِر و سمع.
بعد فك الحصار و فتح الشارع أخذ سفيان إذناً لزيارة أهله في حجر العسل، ما فرحت بشيء وقتها فرحي بأن سفيان سيلقى ابنه (صالح) الصغير، الذي كان يحكي لي دائماً عنه، والذي أسمعني له رسالة بصوته يقول له فيها بلهجة بدويّة مُحبَّبة: (انتَ مَاكْ جايِينا؟؟ اشتقنالَكْ)، كانت عاطفة الأبّوة هذه مُتَّقدة عندي جدا فأنا كذلك أشتاق لبنتي (لَدَن) التي هي تقريباً في عُمر صالح ابن سفيان، وقد انقطعت عنها وعن أختها وأخيها وأمهم الشهور الطوال.
كنت أقلِّد طريقة الطفل صالح وصوته في نطق(اشتقنالَكْ) لأبيه سفيان، حكى من بعد سفيان هذا لصالح، واغتاظ لذلك صالح.
رجع سفيان إلينا من زيارة أهله في حجر العسل يحكي لي بالتفاصيل وصوله ل(ود حامد) غرب النيل، وعبوره بالبحر شرقاً إلى حجر العسل، واستقبال بعض إخوانه له هناك في المُشرع ومعهم الصغير صالح بالطبع، وعن وصوله إلى بيته، وعن طريقة استقبال والدته له وكيف كانت تقفز وهي في تلك السن المتقدمة كبِنت عشرين فرحاً بمقدم حبيبها الغائب.
وحكى لي عن اقتراب المليشيا جداً من (حجر العسل) وعن عيونهم فيها _ طبعاً في ذلك الوقت المليشيا كانت تحتل مصفاة الجيلي وتتمدد من بحري إلى أطراف ولاية نهر النيل _ وكيف أن أهله حذروه لوجود أولئك العيون من الحركة في حجر العسل وهو الضابط الذي يحمل رتبة مقدم ركن، لكنه لم يلتفت لتلك التحذيرات ووصل الناس هناك في واجبات عزاء فاتته على أيام حصاره.
عاد سفيان يحكي لي كل ذلك وقد سلّمه الله من أولئك الأراذل، وعاد لي طيب الأُنس بالحبيب القريب. الحال عندنا تبدّل بعد رفع الحصار، ارتفع عنا الجوع نعم بعد أن أصبحت المواد التموينية تدخل إلينا، لكن الأراذل زادوا من قصفهم لنا بقذائف المدافع، كانت تتساقط علينا في بيوتنا وشوارعنا ومساجدنا وفي كل مكان.
فجأة اعتلّت صحة سفيان، وأسرع فيه المرض، ثم ما لبث أن دخل العناية المكثفة في مستشفى علياء، ليُنقل منها إلى مستشفى شندي، وهناك قريباً من ديار أهله أسلم سفيان الروح لبارئها. لم تقتله الدانات التي كانت تتساقط عن شماله ويمينه لكنه مات على فراشه كما مات سيف الله المسلول خالد رضي الله عنه.
صادفت تلك العلة التي أسرعت فيه جسداً مُنهكاً أتعبته مُراداتُ نفسه الكبيرة، وقلباً قد اقتاتتْ منه الأفكار!!
تذكَّرتُ مع موت سفيان رثاء المتنبي لجدته التي ماتت بالحُمَّى:
هبيني أخذتُ الثأرَ فيكِ من العِدا *** فكيف بأخذِ الثأرِ فيكِ من الحُمَّى؟!
هَبْنا يا سفيان أخذنا الثأر فيك من الأراذل الذين آذوك كل ذلك الأذى فكيف بأخذ الثأر فيك من العِلَّة؟!
الله وحده يعلم كيف بكيت سفيان وأنا أخلو بنفسي، والله يعلم أنني أبكي الآن وأنا أكتب هذه الكلمات، يمر بي شريط ذكريات، أتذكر كل لحظة لي كانت معه، كان سفيان نسمة(صالحة خيِّرة) هبَّتْ علينا في هجير حصارنا، وبرداً وسلاماً علينا في نار حربنا!! أبكيه وأنا أتذكّر أمه التي فرحت بمقدمه عليها وهي تقفز كبِنت عشرين كيف يكون حالها بعده؟!، أبكيه وصوت صالح لا يفارقني وهو يردد لأبيه سفيان(انت ماكَ جايينا؟ اشتقنالك).
ثقتي في الله أن بركة سفيان رحمه الله التي رأيناها نكاد (نتقرَّاها بلمسِ) لن تبارح أهله ومنزله، وأن الله لن يضيع صالحاً بعده ولا إخوته.
كان في سفيان صالح الخير كل ما يُوجِبُ الحبَّ للفتى، لا تقع العين منه على عيْب!
رحمات الله عليك يا سفيان ورضوانه وبركاته،وجمعنا الله بك في جنته بكرم منه وفضل.
سفيان، يعلم الله بالحيل(اشتقنالَكْ)
عمر الحبر