بوابة الوفد:
2025-05-15@06:34:39 GMT

لغتنا وصناعة الكتاب

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

تمكن المصريون القدماء من صناعة ورق البردى، واحتكروا تداوله، وكانت تصدره عن طريق الإسكندرية فى العصر البطلمى، حيث كانت تنتشر المصانع من الإسكندرية، وشرق الدلتا، والفيوم، وكانت الفسطاط أقوى مراكز إنتاجه، واقترنت المساكن بوجود تلك المصانع، وكانت المصانع المصرية تنتج منه سبعة أصناف، واستخدم المسلمون هذا الورق، وأطلقوا عليه قراطيس، وآخر ما وجد منه يعود إلى بدايات الدولة الإخشيدية سنة 323هـ/935م.

 كان الصينيون رواد صناعة الورق من لحاء الشجر، ومن شرانق الحرير، وعنهم انتشر فى كوريا واليابان، حتى وصل الورق إلى المدينة الأزباكستية سمرقند سنة 81هـ/700م، التى فتحت على يدى القائد قتيبة بن مسلم الباهلى سنة 93هـ/712م، قبل أن يخربها جنكيز خان سنة 1229م، فتيمور لنك، كما عرفه العرب منذ فتْح فرغانة، ثم عرفتْ العراق الورق لقربها من سمرقند، فاحتضنت بغداد أولى (طواحين) مصانع الورق، وأدرك الخليفة المنصور أهمية الورق وحاجة النساخ إليه فى مخطوطاتهم العلمية والأدبية فتوسع فى صناعته، فزادت معرفتهم به أيام الرشيد، وأسس الفضل بن يحيى والى خراسان وابن يحيى البرمكى وزير هارون الرشيد مصنعا، وانتقلتْ صناعته إلى العرب على أيدى الأسرى الصينيين عام 751م، فانتشرتْ مصانعه بالعراق، وبلاد ما وراء النهر، ثم بدمشق، وبطرابلس الشام وطبرية بفلسطين، وشمالى المغرب العربى، ثم إلى إسبانيا 268هـ/950م، وبخاصة طليطلة، ثم صقلية 1102م، وإيطاليا 1154م، فألمانيا 1228م، ليتأخر عن انجلترا حتى عام 1309م، وسائر أوروبا، بعد أن كان قد صنع بمصر 184هـ/800م، وبمكة المكرمة سنة 171هـ/787م، الأمر الذى ساعد المخطوط العربى على الانتشار، على نحو ما نرى فى اللسان لابن منظور، والفهرست لابن النديم ص 31، وعند عبدالستار الحلوجى، المخطوط العربى منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجرى، فى مواضع عديدة)، وعائشة عبدالرحمن، ذخائر البردى فى مكتبة ألبرتينا، حولية كلية البنات، ع5، يوليو 1967، ونشر 1969مستخلصا فى 58ص؛ لتتمثل مواد الكتابة فى: العسب والكرانيف، والأكتاف والأضلاع، واللخاف: الحجارة الرقيقة البيضاء، والرق والأديم والقضيم من الجلود، والمهارق: الثوب الحيرى الأبيض، والبردى، والورق، وأدواتها فى: القلم، والمدْبة، والمقط، أو المعصمة: قطعة صلبة من الرخام، والمقْلمة، والمفرشة، والممسحة، والمداد من: العفص، والزاج، والصمغ، أو السناج (الدخان)، والدواة. 

 هكذا دلّتْ جذور الكلمة على أصالتها المعجمية، واستعمالاتها التراثية، وفى المصادر العربية القديمة ما يلقى الضوء على الحضانة التاريخية، والدور الحضارى الذى قام به المسلمون فى تاريخ الكتب والمكتبات؛ إذْ حفلت المكتبة العربية بتاريخ لامع على مر العصور، بلغ فيه الاهتمام بالكتاب مبلغا كبيرا، حتى صارت المكتبة بمثابة المعهد العلمى أو المدرسة، أو المنتدى العلمى، او المركز الثقافى، يضم القراءة والترجمة والنقل والتعليم. 

 وحدّثتْنا كتب عن طرق إعداد الكتاب، وصناعته، ومن ذلك كتاب (صبح الأعشى فى صناعة الإنشا) للقلقشندى، أبى العباس أحمد بن على، على نحو ما سنرجع إليه كثيراً، الذى يضم معارف عامة وجغرافية وتاريخ سورية ومصر، بتحقيق محمد حسين شمس الدين، مفيدا من التحقيق السابق له على يد محمد قنديل البفلى بإشراف سعيد عبدالفتاح عاشور، مكتبة عالم الكتب، القاهرة 1390هـ، وقد عرض الكتاب عبدالهادى عباس فى كتابه سرديات الدهشة، قراءات فى الشعر والنثر.

تضيف المقدمة التى كتبها فوزى محمد أمين الجديد، والصادر فى 16 مجلدا بزيادة جزأين لتعريف المصطلحات فى جزء، والفهارس فى جزء، وقام بهما محمد قنديل البقلى، ليبلغ عدد الصفحات نحو سبعة آلاف صفحة، فى مقدمة وعشر مقالات هى: التمهيد عن الكتابة، ودراساته، والجغرافيا، والمكاتبات، ومقالات الكتّاب، والولايات وتنظيمها، والوصايا الدينية، والإقطاعات، والأيْمان، والعهود، ونماذج من الرسائل الملوكية، بما فى ذلك من معلومات.

و(جوهر الكنز - تلخيص كنز البراعة فى أدوات ذوى البراعة) لنجم الدين أحمد بن إسماعيل بن الأثير الحلبى، و(مواد البيان)، الذى نقل عنه القلقشندى كثيراً، وهو لعلى بن خلف الذى قال فى نهاية الباب الأول من كتابه إنه يصنـّف: «كتاباً جامعاً لما تنظمه صناعة الكتابة من العلوم والآداب الخاصة بها ليجد من يعنى بهذه الصناعة جميع ما يرومه من أصولها وفروعها التى فرّقها المصنفون فى كتبهم مودعة فيه، ويعرف بها الطالب جلالة خطرها وارتفاع قدرها من بين الصنائع، ويصْرف همته إليها …

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وصناعة الكتاب المصريون القدماء طريق الإسكندرية

إقرأ أيضاً:

بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه

*المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات*
*استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية،*

*ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد ان تم تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و نهب المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء*
*ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث ليس من فعل البشر ،*

فى زيارتى الاخيرة للسودان ، و كانت حصرآ للخرطوم و الشمالية ، لست ادرى اكان شوقآ يستعجل زيارتى لبيتنا القديم او ما تبقى منه ، او ربما استعجالا و يقينا للوقوف على حجم الكارثة ،بعد ان وصلتنى لقطات مصورة للبيت ،

فى الطريق من ام درمان الى الخرطوم مررنا بشارع الوادى و الشهداء و الموردة ، كان الدمار هائلآ ، معظم البيوت و المحلات التجارية مفتوحة على مصراعيها ، خاوية على عروشها ، فى العودة شاهدنا وسط الخرطوم و شارع الجمهورية و الجامعة و شارع القصر ، لم يتركوا شيئ ،
فى الشارع المؤدى الى البيت عربات محروقة و اخرى تعرضت للتفكيك ، ثلاجات ، قطع اثاث ، الاشجار استطالت و تشعشبت ،

ناصية البيت دارت معارك شرسة لقربه من بيوت حميدتى و يقع فى شارع يؤدى الى المدرعات ، فوارغ الذخيرة من كل حجم و نوع تغطى الارض ، الجدار الخارجى نال حظه من الرصاص ،

البيت تعرض للسرقة و النهب و تدمير شبكة الكهرباء ، و اجهزة التكيف ، تم حفر ارضية المنزل لاستخراج كيبل الكهرباء الواصل من العمود بالشارع ، وحفرت الجدران لاخذ اسلاك التوصيلات الداخلية ، و كان من السهل سحبها دون الحاجة الى تدمير الجدار ، و لم يترك مفتاح او بلك او لمبة ، كان محزنآ تدمير الصور و اللوحات على الجدران ، بما فى ذلك صور الاسرة ، تم تمزيق و( تشتيت ) البومات الصور فى الحوش و على الارضيات ، الشهادات الجامعية و شهادات الابناء و الرقم الوطنى و شهادات الميلاد لا اثر لها ، و ربما تكون اسفل اكوام من الاوراق و المستندات تم العبث بها ، ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد محاولات تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء ..،
ما اثار النفس تحطيم اناتيك و مجسمات نادرة ، مجسم الكعبة المشرفة ، تاج محل ، قرن وحيد القرن ، ( خنجر يمنى اصلى ) ، ساعة ( الجيب ) المفضضة ورثة من الوالد عليه الرحمة ، و ساعة جوفيال و قلم باركر و مقتنيات موروثة ، شهادات تقديرية و وشاحات ، فقدان 12 فلاش تحتوى على ذاكرتى السياسية و الصحفية منذ اربعين عامآ ، تقديراتى ان البيت تعرض للسرقة و النهب فى ثلاثة موجات ، الاولى الاستيلاء على الوثائق و المستندات و الشاشات و ما خف وزنه و غلى ثمنه ، الثانية كانت للعربات ، و الثالثة القضاء تمامآ على الموجودات و تكسير اى حاجة تحتوى على النحاس و اخذه، و ما لم يسرق تم تحطيمه

المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات ، غرفة المكتب الرئيسية تعرض سقفها لقذيفة ومن الواضح ان المكتب تم حرقه بمواد حارقة ( الترابيز و الكراسى – سايحة – ) ، و تم استخدام مركزالطاقة الشمسية المجاور مقرآ للمجموعة رقم 27-28 من المليشيا ،بعد نهبه و سرقته تمامآ و تحويله الى مركز قيادى و مخزن للمسروقات فى الكونتينرات ، استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية ، هم يعرفونه جيدا،

مقر الهيئة الشعبية للشمال فى الخرطوم (3) وجدناه مسيج بشريط احمر ، ربما هناك جثث او مخلفات القصف تحت الركام ، اتخذته المليشيا ارتكازآ و مقرآ للسيطرة ، فهو يقع فى منطقة حاكمة من الطريق المؤدى للقسم الشمالى و السجانة او الى الخرطوم (2) و متفرعات نادى الاسرة ،الاخ الصادق من ساكنى جوار المقر وهو من اللذين قاوموا التهجير و ظل مع نفر قليل حتى التحرير ، قال شهدت قصف المقر بواسطة مسيرة و تدمير الارتكاز و قتل (13) من المليشيا تم دفنهم فيما بعد ،

بدأت تباشير العودة الى مربع (9) جبرة و المربعات المجاورة، تم اقامة ( تكية ) ، و يرابط شباب المنطقة فى حراسة ما تبقى من ممتلكات المواطنين ، محاولات جادة لاستعادة ضخ المياه بواسطة الطاقة الشمسية ، الحياة بدأت تدب فى السوق المركزى و سوق الشجرة ، مواصلات من ام درمان و بحرى للخرطوم و حتى الكلاكلات ،

ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث من فعل الشياطين ، لا يمكن لبشر سوى ان يفعل مثله ، اعادة الحياة رهينة بعودة الجميع خاصة الشباب ، و المشاركة فى آزالة اثار العدوان ، ما جرى لا يمكن وصفه بالسرقة او النهب هو يتعدى ذلك ، و ليس تدميرآ ، هو ابعد من ذلك ، و ليس حقدآ او غلآ ، هو اكثر من ذلك ،

محمد وداعة

14 مايو 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه
  • مجلة الدوحة.. من الورق إلى الرقمنة في جلسة نقاشية بمعرض الكتاب
  • «من النقش إلى الكتابة» يعزز التواصل الثقافي مع تركيا
  • متسخرش من آيات الله..رسالة محمد هنيدي بعد واقعة الزلزال
  • شهدنا الانهيار التسلسلي المريع للمليشيا بمناطقِ وسط السودان بعد أنْ تحرّر جبل موية
  • حبيسة الأحلام  
  • مفتي الجمهورية: الأزهر الشّريف مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحين
  • القاص العمراني: الكتابة القصصية الساخرة نادرة جداً وإقبال الناس على قصصي فاجأني
  • مفتي الجمهورية يؤكد على أهمية دور المؤسسات الدينية في صناعة المصلحين
  • صناعة المصلحين.. كيف يؤهل الأزهر طلابه الوافدين كسفراء للوسطية؟