استهجن سياسيون ونشطاء وحقوقيون مصريون معارضون، ملاحقة السلطات المصرية لمعارضي ومنافسي رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، في أعقاب الحكم بالحبس على النائب السابق المعارض، أحمد الطنطاوي، الذي انسحب من خوض الانتخابات الرئاسية التي أجريت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بحسب ما أفاد محاميه، نبيه الجنادي.



وأكدوا أن مثل هذه الأحكام التي توصف بـ"المسيسة ضد المعارضين، وخاصة المرشحين البارزين في الانتخابات الرئاسية والنيابية، تُغلق كل منافذ التغيير بالطرق السلمية والديمقراطية والمشروعة، رغم أنها تتم تحت مظلة وقوانين ومراقبة ومؤسسات الدولة الأمنية والقضائية".

وقال الجنادي، عبر منشور على منصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "إن محكمة جنح المطرية قررت حبس الطنطاوي، سنة مع الإيقاف وغرامة مالية 20 ألف جنيه، وحرمانه من الترشح بالانتخابات النيابية لخمس سنوات، ومعاقبة باقي المتهمين بقضية "التوكيلات الشعبية" سنة مع النفاذ".

واستندت القضية رقم 16336 لسنة 2023 جنح المطرية إلى الدعوة التي وجهتها حملة أحمد الطنطاوي للمواطنين الراغبين في تحرير توكيل تأييد لترشحه، بملء نموذج التوكيل -المتاح على المواقع الخبرية- دون الذهاب إلى مقرّات الشهر العقاري وإذن من السلطة المختصة، كخطوة رمزية، من أجل الرد على إعاقة المواطنين بالترويع والبلطجة.


وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، القبض على عدد من الأشخاص في عدة محافظات، أثناء تحرير توكيلات زعمت أنها "مزورة" لصالح المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية أحمد الطنطاوي.

ودعا الطنطاوي أنصاره في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لملء استمارة توكيل تأييد الترشح في انتخابات الرئاسة، والتوقيع عليها وإرسالها إلى مقر الحملة في القاهرة، تمهيدًا لتسليمها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، لإثبات عدم قدرة أنصاره على توثيق هذه التأييدات في مقرات الشهر العقاري.

وفي وقت لاحق من منع أنصار الطنطاوي من تحرير توكيلات شعبية وعرقلة نشاطهم، أعلن انسحابه من الترشح لانتخابات الرئاسة لعدم اكتمال أعداد التوكيلات الشعبية المطلوبة لتقديم أوراق ترشحه بشكل رسمي، خلال مؤتمر صحافي لحملته داخل مقر حزب المحافظين.


وأكدت الحملة وقتها أنها استلمت 14 ألف توكيل فقط، ممن تم توثيقهم داخل مكاتب الشهر العقاري والسفارات والقنصليات الخارجية، وبذلك لم يستكمل أحمد الطنطاوي، رئيس حزب الكرامة السابق، شروط تقديم ترشحه بشكل رسمي لانتخابات الرئاسة.

ووصف الطنطاوي حينها الانتخابات الرئاسية بأنها "شكلية" وتمت هندستها سلفا حتى تكون النتيجة محسومة من أجل أن يفوز بها عبد الفتاح السيسي، مشيرا إلى أنه "لا يوجد أي منافس للسيسي، وجميع المصريين يعلمون ذلك".

ليس بغريب على نظام السيسي
وصف المرشح الرئاسي السابق، رئيس حزب غد الثورة، أيمن نور، أنه "أغرب منطوق حكم على الطنطاوي صادفته في حياتي، ولكن أي سياسي تهاجمه السلطة هو شهادة له وليس ضده، وتزيده الأحكام المسيسة ثباتا وقوة ومصداقية".

وأعرب السياسي المصري المعارض في حديثه لـ"عربي21" عن استغرابه، بالقول: "لا أعرف علاقة القضية والمحكمة الموقرة بمسألة الترشح من عدمه، إلا أنها رغبة النظام في طلاء الحوائط بأي لون"، مشيرا إلى أن "القمع يفيد الطنطاوي ولا يضره كالمسمار كلما ضربته على رأسه زاد صمودًا وصلابة، المعارك تترك ندوبا وجروحا غائرة لكنها تثقله بالخبرة والقدرة".

وتصدر وسم الطنطاوي والتوكيلات الشعبية، في إشارة إلى القضية التي يحاكم فيها هو عدد من أفراد حملته الإنتخابية مُختلف منصات التواصل الاجتماعي، فيما انتقد ناشطون وحقوقيون الحكم واعتبروا حرمانه من الترشح لخمس سنوات هو حكم سياسي واضح.

وأشاروا إلى أن الحكم الصادر بحقه هو وأنصاره يكشف أن الغرض هو الانتقام منه ومن حملته التي أخذت موضوع الانتخابات الرئاسية الماضية على محمل الجد على أمل التغيير، وفي إطار قانوني وشرعي ورسمي، فكان العقاب السجن.. وهكذا هي ديمقراطية الجمهورية الجديدة.
الحكم على طنطاوي مع إيقاف التنفيذ حتى الاستئناف، شيء متوقع وهو استمرار لاستهداف الطنطاوي واستبعاده من اي مشهد سياسي وانتخابي قادم، دون سجنه بشكل مباشر.. هيفضل الطنطاوي هو السياسي اللي فضح السُطلة، والأهم إنه تحداها بشكل قوي دون مساومات، على عكس سياسيين آخرين.

ف تحية ليه ول رفاقه pic.twitter.com/uFoaTTOR9p — Ahmed AbdelHalim (@Ahmd_abdelhalim) February 6, 2024 الحكم بحرمان أحمد الطنطاوي من الترشح لخمس سنوات هو حكم سياسي واضح جدا، ويكشف أن الغرض هو الانتقام منه ومن حملته التي أخذت موضوع الانتخابات الرئاسية الماضية يجد ، فكان العقاب السجن عاما مع الشغل لعشرين من أنصاره، و الحكم بالحبس عاما مع وقف التنفيذ لطنطاوي ومدير حملته..وهكذا هي… pic.twitter.com/T6hWqA3Ox3 — kotb elaraby (@kotbelaraby) February 6, 2024 كما توقعت، من أنهم سيشيدون عتبة مانعة لأحمد الطنطاوي من التفكير في خوض الانتخابات الرئاسية القادمة..
الحكم بحبسه سنة مع ايقاف التنفيذ!
علمنا منطق القوم — سليم عزوز (@selimazouz1) February 6, 2024
مسيسة وانتقامية
أعرب السياسي المصري والبرلماني المخضرم، جمال حشمت، رفضه لمثل تلك الأحكام التي وصفها بـ"المسيسة والانتقامية"، وقال: "للأسف ما يحدث في فلسطين على أيدي الصهاينة تنكيلا وإهانة وتضييق وحرمانا ونكاية يحدث للمعارضين للانقلاب العسكري في مصر حتي التنكيل بالأهل والأولاد والأقارب وكل من له علاقة بالعمل المعارض الرافض للنظام في مصر".

ورأى في حديثه لـ"عربي21": "أن النظم المصري ينجح كل يوم بكل جدارة في حجم الكراهية والغضب في نفوس المعارضين ومن حولهم وهو ما ينهي حالة الاستقرار المبتغاة في مصر للتفرغ للبناء والتنمية، فلكل فعل رد فعل وما يجري هو زيادة الشعور بالظلم والرغبة في الانتقام ضمن دائرة جهنمية أدخلنا فيها حكام طغاة وحاشية مستبدة وأصحاب مصالح تستحوذ عليهم حالة طمع غير متناهية والنتيجة ما يحدث للرافضين المطاردين أو المهاجرين أو المعارضين في الداخل والخارج".


ودعا حشمت إلى "ضرورة إعادة النظر في هذه المنهجية في التعامل مع المعارضين الرافضين لنظام العسكر؛ لأن هذا يضعف الشعب المصري ويجعله يفتقد للهمة والعمل بتوليد هذه الطاقة السلبية بشكل دائم نتيجة هذه السياسة الفاشلة للسيطرة على الشعب بكل فئاته".

هزلية الانتخابات وقفص المعارضين
بدوره، فنّد الناشط السياسي المعارض، سعيد عباسي، الحكم الذي صدر ضد الطنطاوي، وقال: "هو بالفعل انتقام من الطنطاوي ومساعديه لتجرؤه على خوض تجربة انتخابات قلنا مراراً أنها هزلية ولكن السيسي لا يخاطر أبداً بمنافس له حتى وهو ضامن تزويرها وتزييفها".

مضيفا لـ"عربي21": "هذا الجنرال المنقلب على الديمقراطية لا يجرؤ أبداً على منافسة وهمية ولا يرضي بنقد له ووقف التنفيذ في الحكم تعني أنه في حالة خروجه عن النص والخط المرسوم له سوف يسجن فوراً فهذه البلاد لا تحتمل رأي آخر أو منافس للزعيم الذي أفسد كل نواحي الحياة في مصر".


وضرب سعيد مثلا "العقيد قنصوة الذي تم حبسه سنوات وسنوات، والفريق سامي عنان الذي وضع قيد الإقامة الجبرية بعد حبسه أو تحت تهديد الحبس مثل أحمد الطنطاوي، وغيرهم كثر؛ هذه هي مصر في عهد المنقلب السيسي الذي دمر البلاد والعباد فلا يهتم بمستقبل أحد في مصر ولا يكترث بشعب يعاني الجوع والفقر والجهل بقدر ما يكترث لحكمه وملكه الزائل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصريون السيسي الطنطاوي مصر السيسي الطنطاوي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة أحمد الطنطاوی من الترشح فی مصر

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي

"نحن نكتب لأن هناك من يُصغي، حتى وإن لم نرَه... نكتب لأن الكلمات تخلق العالم، وتنقذنا من قسوته"، بهذه الروح، عاش الدكتور أحمد خالد توفيق، وبهذه الروح كتب، فصار للعربية جسرٌ جديد إلى قلوب الشباب، وصار هو العرّاب الذي قاد أجيالًا كاملة في رحلات بين السطور، بين الرعب والفانتازيا، بين الطب والحياة، بين الموت ومعناه الحقيقي.

أنغام: "كل ما أغني عن فرح غايب.. بعيط من قلبي"قافلة كسر حصار الاحتلال لغزة تعبر الحدود التونسية إلى ليبيانادين الراسي تعترف: جربت المخدرات وتخليت عنها بدعم ابنيمراسل القاهرة الإخبارية: الهجوم الروسي الواسع على كييف الأعنف منذ أشهر

وُلد أحمد خالد توفيق في 10 يونيو 1962 بمدينة طنطا، محافظة الغربية، نشأ في أسرة مصرية عادية، ودرس الطب في جامعة طنطا حتى حصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة، لم يكن الطب نهاية الطريق، بل كان بداية موازية لمسارٍ آخر، سلكه بشغف أكبر: الكتابة.

دخل عالم الأدب من أوسع أبوابه في التسعينيات، حين كتب أولى سلاسله الشهيرة "ما وراء الطبيعة" عام 1992، بعد أن رفضت المؤسسة العربية الحديثة روايته الأولى، لتعود وتطبعها بعد إصراره ومثابرته، كانت تلك البداية فقط، سرعان ما تبعتها سلاسل مثل "فانتازيا" و"سفاري"، التي أسرت القلوب وأطلقت الخيال من قيوده.

في زمنٍ كانت فيه المكتبات تمتلئ بالكتب المترجمة ويفتقر الشباب العربي لأدب يعبر عنهم، جاء أحمد خالد توفيق ليمنحهم بطلاً يشبههم، بأسلوب سهل عذب، يحمل عمقًا خلف بساطته، وروحًا ساخرة خلف وقاره، لم يتعالَ على القارئ، ولم يتكلف الفلسفة، بل خاطب القلوب قبل العقول، فتعلّق به القرّاء كأنهم وجدوا صوتهم في كلماته.

كتب أكثر من 500 كتاب بين سلاسل، وروايات، ومقالات، وترجمات، لكن روايته "يوتوبيا" التي صدرت عام 2008 كانت علامة فارقة، إذ خرج بها من إطار أدب الشباب إلى ساحة الرواية العربية الجادة، وتُرجمت إلى أكثر من لغة، لتُعرف كواحدة من أجرأ الروايات في نقد الواقع المصري.

ومع الوقت، تحوّل "العرّاب"- كما أطلق عليه قراؤه- إلى ظاهرة ثقافية، لم يكن فقط كاتبًا يروي قصصًا، بل كان أبًا روحيًا لجيلٍ بأكمله، منحهم الأمل حين ضاق الواقع، وفتح لهم أبواب الخيال حين أُغلقت النوافذـ، كان صوتًا حنونًا في زمنٍ صاخب، وخفيف الظل في عتمةٍ ثقيلة.

ولم تكن حياته تخلو من مواقف إنسانية، فقد عُرف بتواضعه الشديد، وحرصه على التواصل الدائم مع قرائه، لا سيما على الإنترنت، حيث كان يجيب على أسئلتهم، ويشاركهم مخاوفهم وطموحاتهم، حتى باتوا يشعرون بأنه صديق حقيقي لا مجرد مؤلف.

روى أحدهم مرة أنه التقاه مصادفةً في معرض الكتاب، وكان يرتدي ملابس بسيطة ويحمل حقيبة ظهر، كأي زائر عادي، لم يكن يحيط نفسه بهالة نجومية، بل بتواضع العلماء ودفء المعلمين، حكى له الشاب عن تأثره بسلسلة "ما وراء الطبيعة"، فابتسم العرّاب وقال: "الحمد لله إن الكلام ده نفعك.. أنا كنت بكتبه لنفسي في الأول."

رحل أحمد خالد توفيق في 2 أبريل 2018، عن عمر ناهز 55 عامًا، لكن وفاته لم تكن نهاية، بل بداية فصل جديد من الحب والوفاء، شيّعه الآلاف، وذرف القرّاء الدموع، وكأنهم فقدوا قريبًا لا كاتبًا، ومنذ ذلك اليوم، تحوّلت صفحاته ومؤلفاته إلى مزارات أدبية، يعود إليها الناس بحثًا عن الدفء، والفهم، والحنين.

طباعة شارك أحمد خالد توفيق العرّاب مدينة طنطا عالم الأدب ما وراء الطبيعة

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يفوز بتصويت الثقة بعد نكسة الانتخابات الرئاسية
  • الأحد بالقومي للترجمة.. مناقشة كتاب فظائع العدالة تحت الحكم البريطاني بمصر.. حادثة دنشواي
  • تعرف على المستندات المطلوبة للترشح لعضوية مجلس النواب للانتخابات القادمة
  • رئيس حزب الجيل: سندفع بـ84 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات النواب و22 للشيوخ
  • أحمد عبد الرحيم رئيساً لقطاع الشئون المالية بمصر للطيران
  • في تحول سياسي كبير..حزب "أم كاي" الجنوب إفريقي يدعم مبادرة الحكم الذاتي للمغرب
  • حماة الوطن: لدينا عدد كبير من طلبات الترشح بالانتخابات من كوادرنا الحزبية بالمحافظات
  • حزب العدل: بدأنا الاستعدادا للانتخابات بكل جدية ومسؤولية
  • مصر.. السيسي يقر تعديلات على نظام الانتخابات النيابية.. تعرف على أبرزها!
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي