لجريدة عمان:
2025-05-11@14:17:40 GMT

«بغداد»..ملتقى شباب القصيدة

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

شغلت زيارة الأماكن القديمة التي أمضى الشعراء في أكنافها شطرا من حياتهم، أذهانهم، وأثارت في أنفسهم لواعج الحنين مع إدراكهم بأن الزمن يمضي إلى الأمام، وسكب الشعراء حروف كلماتهم على الأطلال، منذ أن تفتّح وعي الإنسان، وأدرك حركة الزمن، فصارت (المقدّمة الطلليّة) غرضا شعريا وركنا من أركان القصيدة العربية في العصر الجاهلي، ومن أشهرها معلقة امرئ القيس التي مطلعها:

قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ

وعندما زار الشاعر الراحل سليمان العيسى عام 1969م بغداد التي أمضى فيها شبابه طالبا في دار المعلمين العالية، بعد مرور اثنين وعشرين عاما على تخرّجه منها، ألقى قصيدة حملت عنوان (خذي شفتي) في مهرجان الشعر التاسع، الذي أقيم أواخر أبريل 1969م، سرعان ما جرتْ على كلّ لسان، واستنسخها الطلبة، وحفظوها، وصاروا يردّدونها في كلّ حفل تقيمه (الدار) التي تحول اسمها إلى (كلية التربية)، وقبل أن أذكر شيئا من أبيات القصيدة، لابدّ من الإشارة إلى أن العيسى، المولود عام 1921 م في أنطاكيا التركية والمتوفى بدمشق عام 2013 م دخل دار المعلمين العالية عام 1944م وتخرّج فيها عام 1947م، وخلال تلك السنوات تعرّف على الشاعر الرائد بدر شاكر السياب، ولقيا اهتماما من د.

محمد مهدي البصير، وأدخلهما في لجنة ثقافية طلابية كان يشرف عليها، فاقتربا أكثر ثم اتسعت الدائرة فتعرفا على لميعة عباس عمارة، وإحسان الملائكة، شقيقة الشاعرة نازك، وآخرين.

وقد عُرف عن الشاعر سليمان العيسى توجّهاته الوطنية والقومية، وقصائده الحماسية التي ردّدت بعض أبياتها الحناجر في المسيرات الشعبية بدول عربية عديدة، لكنّه كشف في قصيدته (خذي شفتي) أن تحت الجوانح قلبا رقيقا، ينبض بالمحبة، وهناك ما يشغل الشاعر غير القضايا القومية التي عُرف بها، وكادت أن تتسبّب بطرده من (الدار) بأمر من الوصي عبد الإله، لكنه تراجع عن ذلك، بعد تدخّل الخيّرين، من أساتذته:

خذي شفتي يا دارُ، ولْيركَعِ الحبُّ

يُسَلِّمُ عِنْدَ الباِبِ بالدمعة الهُدْبُ

لثمتُكِ سبعا.. ما ارتَويتُ.. ولا اكتفَى

على العَتَباتِ السمر ثغرٌ ولا لبُ

أتيتكِ هذا الصبحَ كالسرِ زائرا

كما ارتعشَتْ في العُشِّ صاديةٌ زُغْبُ

خذي شفتي فالطفلُ عاد.. ولَمْلِمي

أغانيه.. هل تَبْلى أغانيه.. هل يخبو؟

هنا وقفَتْ يوما.. هناك تحدَّثَتْ

هنا ابتسمَتْ.. لما التقى الدربُ والدربُ

هنا ارتعشَ الثغرُ الجميلُ مُتَمْتِما

بنصفِ صَباحِ الخير.. حسْبُ الهوى حَسْبُ

فالماضي لا يعود، وإن عاد الشاعر إلى طفولته، يقول الكاتب الأوروجوياني إدواردو جاليانو: «حتَّى حين نَعود، نحْن لا نعُود، شيءٌ منَّـا يذهبُ للأبَد»، لذا، غلّف القصيدة حزن، وقد اختار لقصيدته البحر الطويل ليتوافق مع إيقاعه النفسي الحزين وهو يستعيد ذكريات مضت، مثلما استعدت ذكريات الدراسة الجامعية، عندما حللتُ ضيفا على جامعة بغداد، وملتقاها «ملتقى جامعة بغداد الدولي للشعر الفصيح»، الذي نظمه قسم النشاطات الطلابية بالجامعة، متيحة لي فرصة الاستماع إلى قصائد الطلبة المشاركة في الملتقى الذي يشرف عليه أساتذة متخصصون، ونقاد أكفاء، فمن أهدافه الكشف عن مواهب الطلبة ليس فقط في جامعة بغداد، بل في الجامعات العراقية، والتعريف بها، وقد سبقت الملتقى تصفيات، ومنافسات، أجريت لاختيار الأفضل، فبلغ عدد المشاركين حوالي مائة شاعر وشاعرة من جميع المحافظات.

ورغم أن الطابع التقليدي غلب على الكثير من النصوص المشاركة، لكنّ الملتقى وفّر فرصة للمشاركين لمراجعة أنفسهم، وأدواتهم، لتطويرها، والتعرّف على الهِنات التي وقعوا بها، شأن بدايات كلّ الذين سلكوا هذا الطريق، كما أنه جعلهم يبنون علاقات مع شعراء شباب يسيرون معهم على الطريق نفسه، وهذا أعاد إلى ذهني ذكريات لا تمحى خلال مشاركاتي في لجان تحكيم الملتقى الأدبي الذي تقيمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب، الذي عرّفنا على الكثير من المواهب ليس في الشعر الفصيح فقط، بل في الشعبي، والقصّة القصيرة.

إن المواهب الشابة تحتاج إلى الرعاية، ومثل هذه الملتقيات تتيح فرصة لهذه الشريحة التي نعقد عليها الآمال المضيئة، فالغد المشرق للشباب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عبيدات يرعى فعاليات مهرجان حبراص الثقافي الاول

. #سواليف

نظم مساء امس #ملتقى_شباب_حبراص_الثقافي مهرجانه الأول احتفاءً بالأعياد الوطنية وبرعاية الوزير الأسبق د. محمد عبيدات نيروز- محمد محسن عبيدات في أجواء وطنية تعبق بالفخر والانتماء، نظم ملتقى شباب حبراص الثقافي مهرجانه الثقافي الأول لعام 2025، تحت شعار “الثقافة هوية… والانتماء رسالة”، وذلك برعاية كريمة من معالي الأستاذ الدكتور محمد طالب عبيدات، وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق، في قاعة بلدية الكفارات/ حبراص، بحضور نخبة من الشخصيات الوطنية والرسمية والمجتمعية. وشهد المهرجان حضور رئيس بلدية الكفارات السيد حسين حمزة عبيدات، ومدير ثقافة إربد الدكتور سلطان الزغول، وعدد من مدراء الدوائر الرسمية، وممثلي المؤسسات الأهلية، ووجهاء وشيوخ المنطقة، إلى جانب جمهور غفير من أبناء المجتمع المحلي، بينما أدار فعاليات الحفل باقتدار الكاتب والإعلامي محمد محسن عبيدات. وأكد راعي الحفل معالي الأستاذ الدكتور محمد طالب عبيدات في كلمته الافتتاحية على أن مهرجان حبراص الثقافي يمثل نموذجا رائدا للمبادرات المجتمعية التي تنسجم مع توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يؤكد باستمرار في كل المحافل على أهمية الثقافة كعنصر أساسي في بناء الوعي الوطني وتعزيز التماسك المجتمعي. وأشاد عبيدات بالجهود الاستثنائية التي يبذلها جلالة الملك محليا وعربيا ودوليا، وخصوصا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ووقوفه الثابت والدائم إلى جانب الأشقاء في غزة، مؤكدا أن مواقف جلالته تمثل ضمير الأمة الحي، ومرتكزا حقيقيا للعدالة والكرامة الإنسانية. وشدد عبيدات على صلابة الجبهة الداخلية الأردنية خلف القيادة الهاشمية، وقال: “نحن شعب واحد في وجه التحديات، ومهما تعاظمت التحديات فإننا نلتف خلف جلالة الملك صفا واحدا، ندعم رؤيته ونؤمن بقيادته الحكيمة، التي وضعت الأردن على خارطة التأثير الإقليمي والدولي بثقة واقتدار”. وفي ختام كلمته، ثمن عبيدات جهود ملتقى شباب حبراص الثقافي، معلنا دعمه اللامحدود لمسيرته، ومؤكدا أهمية وضع برامج استراتيجية لتعزيز الوعي الفكري والثقافي، وإطلاق مبادرات نوعية تسهم في نهضة أبناء المنطقة على كافة المستويات. من جانبه، أكد رئيس بلدية الكفارات السيد حسين حمزة عبيدات ان الجهود الاستثنائية التي يبذلها جلالة الملك في دعم القضية الفلسطينية ومناصرة أهلنا في غزة، تعكس مكانة الأردن وقيادته، ونحن نقف خلفه بكل فخر واعتزاز. وأضاف أن البلدية تضع الملف الثقافي على سلم أولوياتها، إدراكا منها لأهمية الثقافة في تعزيز هوية المجتمعات وتحصينها، مشيرا إلى أن ملتقى شباب حبراص يمثل نموذجا رائدا في العمل الثقافي والتطوعي الملتزم. وأضاف: “نحن في البلدية لن ندخر جهدا في دعم هذا الملتقى وتوفير كل ما يلزم من خدمات لوجستية وتقنية لضمان استمرارية نجاحه وتمكينه من أداء رسالته النبيلة، فحبراص تستحق الدعم لما لها من مكانة حضارية وتاريخية متميزة”.

مقالات ذات صلة اتحاد المراة الأردنية في الرمثا ينظم جلسة توعية حول مخاطر المخدرات وسبل الوقاية منها 2025/05/06

مقالات مشابهة

  • عبيدات يرعى فعاليات مهرجان حبراص الثقافي الاول
  • ملتقى يناقش الاستدامة المالية وتمكين الاستثمار بجامعة صحار
  • جامعة بورسعيد تفتح آفاقًا جديدة لطلابها عبر ملتقى رياضي علمي متميز | تفاصيل
  • بمشاركة مدارس دولية وخاصة .. كلية التربية تنظم ملتقى توظيف الخريجين
  • مناقشة مستقبل الاستثمار في التعليم العالي بـ"ملتقى الإداريين"
  • من التعايش الرقمي للإدمان.. أبحاث واعدة لشباب أسوان في ملتقى البحث العلمي الأول
  • «الأولمبياد الخاص» يختتم «ملتقى القيادة الشبابية الدامجة»
  • ملتقى إداري ببهلا يعزّز مهارات قيادات التعليم المبكر
  • ملتقى الشارقة لنظم المعلومات الجغرافية يعزز التكامل الحكومي
  • اختتام النسخة الثالثة من ملتقى الفجيرة الدولي للعود