حزب الرفاه الجديد بين طموحات وعوائق
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
حزب الرفاه الجديد بين طموحات وعوائق
طموحات حزب الرفاه الجديد كبيرة، إلا أنه بحاجة إلى تجاوز كثير من العقبات ليصل إلى أهدافه.
قادة حزب الرفاه الجديد يرون أن شعبية حزبهم ارتفعت بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وبالتالي يطمحون لتسجيل هذا الارتفاع في الانتخابات المحلية.
إن ارتفعت شعبيته في الانتخابات المحلية بشكل ملحوظ فحينئذ سيحصل على فرصة ثمينة للمضي قدما نحو مبتغاه، إلا أنه قد يبقى كأحد الأحزاب الصغيرة الهامشية.
هل شعبية حزب الرفاه الجديد في صعود مستمر، حتى يتمكن الحزب من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة منفردا، ويترشح فاتح أربكان لرئاسة الجمهورية في غياب أردوغان؟
* * *
دخل حزب الرفاه الجديد برئاسة فاتح أربكان، منعطفا جديدا في مسيرته السياسية، بعد أن حسم قراره لصالح خوض الانتخابات المحلية دون التحالف مع حزب العدالة والتنمية. ويعني هذا القرار عمليا أنه ينسحب من تحالف الجمهور الانتخابي، وأنه لن يدعم مرشحي حزب العدالة والتنمية في أي من المدن التركية، على رأسها العاصمة أنقرة وإسطنبول وإزمير.
قرار حزب الرفاه الجديد جاء بعد فشل المفاوضات التي أجراها مع حزب العدالة والتنمية. ووفقا للتسريبات، كان الأول طلب من الثاني أن يدعم مرشحيه في أربع مدن، اثنتان منها من المدن الكبرى، بالإضافة إلى 35 قضاء، إلا أن حزب العدالة والتنمية وجد أن هذا الطلب أكبر بكثير من حجم شعبية حزب الرفاه الجديد، فرفضه.
حزب الرفاه الجديد تحالف في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة مع تحالف الجمهور الذي يشكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ليحصل في الانتخابات البرلمانية على 2.8 في المائة من أصوات الناخبين وخمسة مقاعد في البرلمان التركي.
إلا أن ذاك التحالف الذي انضم إليه الحزب على مضض، جاء بعد مفاوضات صعبة، وكان قرار الحزب الأول آنذاك أن يخوض الانتخابات البرلمانية دون التحالف مع أي حزب آخر، وأن يترشح رئيسه فاتح أربكان، لرئاسة الجمهورية، إلا أن قادة الحزب أدركوا أنهم لن يحصلوا على أي مكسب بسبب الحاجز الانتخابي (7 في المائة)، على الرغم من أن فاتح أربكان كان يقول إن شعبية الحزب بلغت 8 في المائة، فتراجعوا عن قرارهم لينضموا إلى تحالف الجمهور. وكان ذاك القرار الثاني لصالح الطرفين.
الحزب الذي يدعي بأنه يمثل تيار "مللي غوروش" أي "الرأي الوطني" الذي أسسه الراحل نجم الدين أربكان، يتموضع في الخارطة السياسية كحزب معارض للحكومة، كما أن في صفوفه عددا كبيرا ممن انشقوا عن حزب العدالة والتنمية. وبالتالي، ينافس حزبُ الرفاه الجديد حزبَ السعادة الذي يدعي هو الآخر بأنه يمثل ذات التيار، من ناحية، وحزب العدالة والتنمية، من ناحية أخرى. كما يمكن اعتبار انضمامه إلى تحالف الجمهور في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة نوعا من البراغماتية والتكتيك الانتخابي.
قادة حزب الرفاه الجديد يرون أن شعبية حزبهم ارتفعت بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وبالتالي يطمحون لتسجيل هذا الارتفاع في الانتخابات المحلية، ليبنوا عليه بعد ذلك دعايتهم، ويظهروا أن شعبية حزب الرفاه الجديد في صعود مستمر، حتى يتمكن الحزب من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة منفردا، ويترشح فاتح أربكان لرئاسة الجمهورية في غياب أردوغان، إلا أن هذه الطموحات أمامها عوائق عديدة.
حزب الرفاه الجديد وقف في الخارطة السياسية بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب تحالف الطاولة السداسية، وأبدى معارضة للحكومة في بعض سياساتها دون الاصطفاف مع حزب الشعب الجمهوري.
ومن هنا، حصل على نسبة من أصوات مؤيدي حزب السعادة الغاضبين على تحالف حزبهم مع حزب الشعب الجمهوري، ونسبة أخرى من أصوات الذين يؤيدون رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ولكن لديهم تحفظات على بعض قادة حزب العدالة والتنمية أو إجراءات الحكومة، مثل إجبار المواطنين على التطعيم ضد فيروس كورونا. كما أن موقف حزب الرفاه الجديد من الملف السوري لا يختلف كثيرا عن موقف حزب السعادة.
ومن المؤكد أن أول تحد أمام الحزب الآن هو الاحتفاظ بتلك الأصوات التي حصل عليها في 14 أيار/ مايو 2023، علما بأن نسبة من هؤلاء الناخبين الذين صوتوا لحزب الرفاه الجديد في تلك الانتخابات قد يرون أن التصويت له الآن في أنقرة وإسطنبول وإزمير وغيرها من المدن التي يتوقع أن تشهد منافسة شرسة بين مرشحي حزب العدالة والتنمية ومرشحي حزب الشعب الجمهوري؛ انحياز لصالح هذا الأخير، وبالتالي، يصوتون لحزب العدالة والتنمية بدلا من حزب الرفاه الجديد، ليغلّبوا كفة الأول أمام حزب الشعب الجمهوري.
فاتح أربكان زعيم شاب، ولكنه لا يتمتع بكاريزما كافية، غير كونه نجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان. وأراد عام 2014 أن يتولى رئاسة حزب السعادة، إلا أنه خسر المنافسة أمام مصطفى كامالاك، وأدت تلك الخسارة إلى انشقاقه عن حزب السعادة وتأسيسه حزبا جديدا.
كما أن حزب الرفاه الجديد يشبه إلى حد ما "مؤسسة عائلية"، وكان الحديث يدور في وسائل الإعلام عن أن الحزب سيرشح أليف أربكان، شقيقة فاتح أربكان، لرئاسة بلدية إسطنبول، إلا أن زوج أليف، مهمت ألتينوز، هو الذي تم ترشيحه للانتخابات المحلية في إسطنبول.
المرشحون الذين كشف عنهم حزب الرفاه الجديد حتى الآن ليسوا من الأسماء القوية، مقارنة بمرشحي الأحزاب الأخرى، بل كثير منهم ممن انشقوا عن حزب العدالة والتنمية، بعد أن تم إبعادهم عن مناصبهم أو لم يتم ترشيحهم لفترة أخرى بسبب فشلهم أو أخطائهم.
ولعل أبرز هؤلاء هو المتحدث باسم حزب الرفاه الجديد ومرشحه لرئاسة بلدية أنقرة، سعاد كيليتش، الذي كان وزير الشباب والرياضة ما بين تموز/ يوليو 2011 وكانون الأول/ ديسمبر 2013، وقام آنذاك بتوبيخ معلمة أمام الكاميرات خلال زيارته لأحد مراكز تعليم الشباب، وتم إبعاده عن منصبه استجابة لكثرة الانتقادات الموجهة إلى أدائه.
طموحات حزب الرفاه الجديد كبيرة، إلا أنه بحاجة إلى تجاوز كثير من العقبات ليصل إلى أهدافه. وإن ارتفعت شعبيته في هذه الانتخابات بشكل ملحوظ فحينئذ سيحصل على فرصة ثمينة للمضي قدما نحو مبتغاه، إلا أنه قد يبقى كأحد الأحزاب الصغيرة الهامشية، على غرار حزب السعادة وحزب المستقبل، إن لم يخرج من صناديق الاقتراع ما يحلم به قادة الحزب.
*إسماعيل ياشا كاتب صحفي تركي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا أردوغان انتخابات أربكان تحالفات حزب الرفاه الجديد الانتخابات المحلية حزب العدالة والتنمية الانتخابات الرئاسیة والبرلمانیة الانتخابات البرلمانیة حزب العدالة والتنمیة الانتخابات المحلیة حزب الشعب الجمهوری تحالف الجمهور فی الانتخابات حزب السعادة فاتح أربکان شعبیة حزب إلا أنه إلا أن مع حزب
إقرأ أيضاً:
أكبر 6 تحديات تواجه حزب إيلون ماسك الجديد
أعلن إيلون مساك أغنى رجل في العالم أمس السبت عن تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، زاعما أنه يمثل 80% من الناخبين في تيار الوسط.
غير أن صحيفة واشنطن بوست تقول إن من الصعب على ماسك تحويل حزبه الجديد الذي أطلق عليه اسم "حزب أميركا" إلى حركة ذات مغزى.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: أطلقوا سراح جميع الرهائن إسرائيليين وفلسطينيينlist 2 of 2صحف عالمية: إسرائيل أصبحت محتقرة وإيران أصابت 5 قواعد عسكرية خلال الحربend of listوجاء الإعلان عن الحزب الجديد بعد يوم واحد من توقيع الرئيس دونالد ترامب على مشروع قانون لخفض الضرائب والإنفاق، والذي أقره الكونغرس يوم الخميس.
وتحذر الصحيفة من أن حزب ماسك الجديد يواجه تحديات كبيرة، خصَّت بالذكر 6 منها، نوجزها فيما يلي:
1-العوائق المؤسسية وقواعد الاقتراعوفق تقرير واشنطن بوست، فإن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة الذي يعتمد على مبدأ "الفائز يستأثر على شيء" لا يرحب بأحزاب أخرى.
ويقول هانز نويل أستاذ التاريخ السياسي والمنهجية السياسية في جامعة جورج تاون إن الولايات المتحدة ليس لديها "مؤسسات تتقبل أحزابا ثالثة متعددة يمكن أن تكون ناجحة للغاية".
ويضيف "الأمر هنا ليس كما هو في الديمقراطيات الأخرى حيث يبدأ الحزب صغيرا ويحصل على 20 أو 30% من الأصوات، ثم على حصة من المقاعد بالمجلس التشريعي، حيث يمكنه البناء على ذلك".
وتفيد الصحيفة أن لدى الولايات الأميركية ولجنة الانتخابات الاتحادية قواعد ومتطلبات لتسجيل حزب سياسي جديد، وقواعد أخرى خاصة بها غالبا ما تشترط الإقامة فيها وتقديم قوائم تزكية أو تأييد من عدد معين من الناخبين المسجلين.
وتشير إلى أن هذه المتطلبات أعاقت العديد من مرشحي الأحزاب الأخرى. فخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لم يظهر أي من مرشحي الأحزاب الآخرين البارزين على بطاقات الاقتراع في جميع الولايات الخمسين.
2-شواهد من التاريخ وتحديات حديثةلطالما كانت هناك أحزاب سياسية خارج نظام الحزبين في الولايات المتحدة، إلا أن جاذبيتها ظلت محدودة. وتعود آخر مرة فاز فيها مرشح للرئاسة من غير "الجمهوري والديمقراطي" بأصوات الناخبين إلى عام 1968، عندما انحازت 5 من ولايات الجنوب الأميركي لمرشح الحزب المستقل جورج والاس.
إعلانوحصل الملياردير روس بيرو على حوالي 19% من الأصوات عام 1992 ولم ينل أصوات المجمع الانتخابي. وعام 2000، ترشح رالف نادر للرئاسة عن حزب الخضر.
ورغم أدائه القوي في ولاية فلوريدا حيث جاءت النتيجة بينه وبين المرشح الجمهوري جورج بوش الابن متقاربة، إلا أنه لم يحصل على أي من أصوات المجمع الانتخابي.
ولم يكن بيرو ونادر وحدهما اللذان ترشحا مستقليْن للرئاسة، فهناك آخرون من أمثال بيرني ساندرز وأنغوس كينغ.
3-النطاق والإستراتيجيةكتب ماسك أمس في حسابه على منصة إكس أنه يخطط لاستهداف انتخابات التجديد النصفي العام المقبل. وشبّه إستراتيجيته بتكتيكات الجنرال اليوناني إيبامينونداس ضد الإسبارطيين والتي تقوم على "حشد قوة مركزة للغاية في موقع دقيق في ساحة المعركة".
وقد تحدث الملياردير العالمي من قبل عن إمكانية التأثير على تركيبة الكونغرس من خلال التركيز على عدد قليل من السباقات الرئيسية للفوز بمقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب، لكنه لم يذكر أهدافا محددة.
By a factor of 2 to 1, you want a new political party and you shall have it!
When it comes to bankrupting our country with waste & graft, we live in a one-party system, not a democracy.
Today, the America Party is formed to give you back your freedom. https://t.co/9K8AD04QQN
— Elon Musk (@elonmusk) July 5, 2025
ورغم أن ماكوركل الأستاذ بكلية سانفورد للسياسة العامة في جامعة ديوك يعتقد أن مرشحي ماسك لن يفوزوا، فإنه يقول إن بإمكانهم إرباك وتقويض فرص مرشحي "الجمهوري" والحيلولة دون حصولهم على أصوات كافية في ولايات يشتد فيها التنافس مثل ساوث كارولينا.
وأظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة واشنطن بوست بالاشتراك مع مؤسسة إبسوس -الشهر الماضي- أن أغلبية الأميركيين تعارض القانون "الكبير والجميل" لخفض الضرائب والإنفاق الذي أقره الكونغرس مؤخرا.
وبحسب ماكوركل، فإن معارضة الملياردير ماسك للقانون لا تشكل حتى الآن إستراتيجية حزبية طويلة الأمد، وإن العقود الفدرالية الضخمة التي حصلت عليها الشركات التي يديرها يمكن أن تقوض رسالته.
4-الانقسامات بين جمهوره المحتملطبقا للصحيفة، فإن من التحديات الكبيرة التي يواجهها ماسك أن 80% ممن يتبنون مواقف وسطية بالمشهد السياسي الأميركي ليسوا متماسكين بما يكفي لتشكيل حزب سياسي.
ويقول هانز نويل من جامعة جورج تاون إن "الناس متعلقون بالأحزاب القائمة لكنهم محبطون منها، ومتخوفون. ومع ذلك، فهم لا يشكلون قاعدة انتخابية، إذ إن 80% منهم لم يحددوا موقفهم بشكل جيد على الإطلاق".
5 – استقطاب حلفاء سياسيين
يبدو أن نفوذ ماسك في الحزب الجمهوري آخذ في التضاؤل وذلك في خروجه من الحكومة الفدرالية، وغضبه الشديد من ترامب والجمهوريين في الكونغرس.
وقد صرح جيمس فيشباك (حليف ترامب) بأنه بصدد إنشاء لجنة عمل سياسي لنسف جهود ماسك السياسية.
نويل: الحزب الجديد سيحتاج إلى ناخبين متفانين بشكل غير عادي ولديهم الطاقة اللازمة لخوض الحملات الانتخابية، حتى بعد الخسائر المبكرة، وهو أمر لا يمكن شراؤه بالمال
وقال نويل إنه بينما أعانت ثروة ماسك جهوده السياسية، فإن الأحزاب السياسية القوية يمكنها جمع الأموال من شبكات الناخبين المهتمين.
وأردف قائلا إن الحزب الجديد سيحتاج إلى ناخبين متفانين بشكل غير عادي ولديهم الطاقة اللازمة لخوض الحملات الانتخابية، حتى بعد الخسائر المبكرة "وهو أمر لا يمكن شراؤه بالمال".
إعلان 6- الصبرتساءلت واشنطن بوست: هل سيتحمل الملياردير -المزاجي المعروف على نطاق واسع بتحدي المعايير ووضع أهداف طموحة لفرقه وهندسة مركبات الفضاء الصاروخية وتصميم السيارات الكهربائية- الإجراءات الكثيرة المتعلقة لإدراج مرشحين في سباق انتخابات قد يخسرونها؟
ويتفق كل من نويل وماكوركل أن ماسك قد يضطر إلى التعود على الخسائر السياسية قبل أن يرى النجاح.
وقال ماكوركل "لست متأكدا من أنه يتحلى بالصبر، فكيف سيفحص ماسك المرشحين؟" مضيفا أن هناك الكثير من الطامحين الذين يعتقدون أنه سيمول حملاتهم الانتخابية.
وأضاف أستاذ السياسة العامة بجامعة ديوك أنه لا يصدق أن ماسك سيقضي بقية حياته في محاولة إنشاء حزب جديد، معربا عن اعتقاده أن الأمر برمته يتعلق بخلافه مع ترامب والانتقاص من إرثه في الوقت الحالي.