فبراير 20, 2024آخر تحديث: فبراير 20, 2024

محمد الربيعي

تُعد عضوية أيّ مجمع علمي ركيزة أساسية لنجاحه، ولذلك يُنتخب كأعضاء فيه نخبة من العلماء الذين أثروا المعرفة الإنسانية بمساهماتهم البارزة. ويعتبر المجمع العلمي مستودعا لأعلى المواهب العلمية المتاحة في الدولة ويتم دعمها واستشارتها بشكل عام في جميع الأمور المتعلقة بالتعليم والتربية والبحث والتطوير العلمي والتكنولوجي.

منذ فترة طويلة، أبديت اهتماماً كبيراً بإصلاح المجمع العلمي العراقي، وشاركت في تقديم الاستشارة لتعديل قانونه، وكتبت العديد من المقالات حول هذا الموضوع، بهدف أن يصبح المجمع ممثلاً حقيقياً لنخبة العلماء العراقيين، ولم يتوقف اهتمامي بالمجمع وبما يتعلق بعملية اختيار أعضائه ليومنا هذا.

ولقد علمت مؤخراً أن مجلس الوزراء شكل لجنة لإعادة النظر في القائمة القصيرة التي تضم المرشحين للعضوية، ولتقديم اقتراحاتها بشأن تشكيلة المجمع بأكمله. واستناداعلى ما اقترحته وكتبته سابقاً حول خصائص وأهداف وواجبات الأكاديميات أو المجامع العلمية الدولية، وحول التحديات التي تواجه المجمع العلمي العراقي، وحول السبل التي تساعد على رفع مستواه كمرجعية علمية موثوقة، وامتدادا لها سأحاول في هذا المقال التركيز على شروط العضوية في المجمع كما أرى أنها مناسبة للعراق، متوخيا منها ان تكون مرجعا مفيدا للجنة في اختيارها للاعضاء.

ملاحظات حول القانون الحالي

يواجه القانون الحالي للمجمع بعض التحديات التي تُعيق قدرته على مواكبة التطورات العالمية مع ان هذا لا ينفي أهمية ودور المجمع في تعزيز العلم والثقافة في العراق، ونذكر منها:

عدم التوافق مع المعايير العالمية: لا يتماشى القانون الحالي كثيرا مع صيغ المجامع العلمية العالمية، مما يُعيق مشاركة المجمع في المحافل الدولية بشكل فعال. هناك نقص في الاستقلالية والحيادية للمجمع العلمي العراقي، حيث يرتبط إدارياً ومالياً بمجلس الوزراء، ويعين رئيسه وأعضائه بمرسوم جمهوري. هذا قد يؤثر على حرية البحث والتعبير والنقد العلمي، ويقيّد الفرص للتعاون مع المجامع الأخرى التي تتمتع بمزيد من الاستقلالية، حيث يركز القانون على اللغات والتراث والعلوم الإنسانية والاجتماعية، دون الاهتمام اللائق بالعلوم الطبيعية والتطبيقية والتقنية. هذا قد يحد من قدرة المجمع على مواكبة التطورات العلمية الحديثة والمساهمة في حل المشكلات الوطنية والعالمية.التركيز على الوظائف الإدارية: يهتم القانون الحالي بالجانب الإداري أكثر من الجوهر العلمي، مما يُفقد المجمع دوره كمرجعية علمية شرفية. فمن الملاحظ أن القانون الحالي يحدد تشكيلاته ومهامه بشكل مفصل ومعقد، وينظم العديد من الأمور الإدارية والمالية والخدمية والتنظيمية. وهذا قد يشير إلى تركيز المجمع على الوظائف الإدارية على حساب الوظائف العلمية والتي لا تختلف ولا تزيد عن مهمات جامعة او كلية، وقد يعكس عدم وجود رؤية واضحة ومتكاملة لأهدافه ومهامه العلمية. مثلاً، ينص القانون على أن المجمع يتولى تحقيق أهدافه بالوسائل المنصوص عليها في المادة (3) منه، ولكنه لا يحدد ما هي هذه الوسائل بشكل محدد ومنهجي، ويترك ذلك لتقرير هيئة الرئاسة والهيئة العامة. هذا قد يؤدي إلى عدم وجود استراتيجية علمية موحدة ومتسقة للمجمع، وقد يفتح المجال للتأثيرات السياسية والشخصية على اتخاذ القرارات العلمية. وبالتالي، قد يفقد المجمع دوره كمرجعية علمية شرفية، وقد ينحصر عمله في الجوانب الإدارية والتشريفية، دون أن يسهم بشكل فعال في تطوير ونشر المعرفة العلمية والثقافية في العراق والعالم.غياب التخصصية: لا يُركز القانون على تنوع تخصصات الأعضاء، مما يُعيق قدرة المجمع على تغطية جميع مجالات المعرفة. ولا يعكس تقسيم التخصصات التنوع العلمي والتقني الذي يشهده العالم اليوم، ولا يشمل العديد من التخصصات الحديثة والمهمة في مجالات العلوم الطبيعية والطب والهندسة والطاقة والبيئة والفنون والإعلام والاجتماع… إلخ.

الهدف من إعادة النظر في العضوية

إعادة النظر في شروط العضوية في المجمع العلمي العراقي له هدف رئيسي وهو تطوير دور المجمع وتعزيز مكانته في المجتمع العلمي المحلي والدولي. من خلال هذه الخطوة ، يسعى المجمع إلى أن يصبح مركزاً يحفز الابتكار ويؤثر على صياغة القرار في مختلف حقول المعرفة والتكنولوجيا ، بما يخدم مصالح العراق ويحقق تنميته المستدامة. كما يهدف المجمع إلى تنشيط العلوم والآداب في العراق، وزيادة فرص حصوله على أفضل الخبرات العلمية عالميا، وتحويله إلى مركز يلهم العلماء ويثير رغبتهم في الاكتشافات العلمية.

مقترحات لإعادة النظر في العضوية

من بين المقترحات التي تم طرحها لإعادة النظر في عضوية المجمع العلمي العراقي، تبرز في المقدمة المقترحات التالية:

الاستعانة بعلماء من أكاديمية العلوم الأمريكية والجمعية الملكية البريطانية والمجامع العلمية العربية للاستفادة من خبراتهم ورؤاهم.التركيز على الجوهر العلمي الشرفي والتقديري لعضوية المجمع ، بحيث تكون مرتبطة بالمساهمة الفعلية في تطوير العلوم والمعرفة.تحديد شروط صارمة للعضوية تُركز على عدة معايير، منها: الإنجازات العلمية والخبرة العملية والسمعة العلمية والنشاطات العلمية والمساهمات في خدمة المجتمع والنزاهة والقابلية الفكرية والقدرة على تقديم خدمات للمجتمع العراقي وعلى تمثيله في المحافل الدولية.تحديد عدد الأعضاء بما يتناسب مع احتياجات العراق وطموحاته في التقدم العلمي والتنمية المستدامة.تنوع تخصصات الأعضاء ليشمل جميع مجالات المعرفة وخصوصا العلمية والهندسية والطبية، التي تعتبر أساسية لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.تحديد آلية شفافة لاختيار الأعضاء، تضمن العدالة والنزاهة والمساءلة وحق الاعتراض.توفير الدعم المالي للمجمع لتمكينه من أداء مهامه وتحقيق أهدافه.

اخيرا، تعتبر إعادة النظر في شروط عضوية المجمع العلمي العراقي عملية ضرورية لجعله مُؤسسة علمية فعّالة تُساهم في نهضة العراق العلمية وتُعزز مكانته على الساحة الدولية. وبما يضمن تحقيق رؤية واضحة ومتكاملة للمجمع العلمي العراقي كمؤسسة علمية شرفية وفعالة ومؤثرة، للعضوية دور حيوي في تحقيق هذه الرؤية، فهي تمثل النخبة العلمية والثقافية في العراق، وتساهم في إثراء المعرفة والابتكار والتنمية في مختلف المجالات، وتعزز التواصل والتعاون مع المجامع العلمية العالمية، وتشارك في صياغة السياسات العامة المتعلقة بالشؤون العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ولذلك، فإن اختيار العضوية يجب أن يكون على أساس المعايير العلمية والأخلاقية والمهنية العالية، وأن يعكس التنوع والتخصصية والتميز في مختلف التخصصات العلمية والتقنية والإنسانية والاجتماعية.

 

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: القانون الحالی إعادة النظر فی فی العراق هذا قد

إقرأ أيضاً:

رئيس النواب: تم التوافق على إعادة صياغة مواد مشروع قانون التعليم بتعديله بما يزيل جميع التخوفات بشأنه

قال المستشار الدكتور حنفي جبالي ، رئيس مجلس النوب أنه قد تم عقد اجتماع تنسيقى مع وزيري التربية والتعليم والتعليم الفنى، والشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، وتم استيضاح جميع التخوفات التى أبداها النواب في اللجنة من مشروع قانون التعليم المقدم من الحكومة.

وأضاف جبالي خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب: والحقيقة أننى أود أن أشيد بموقف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، والذى كان متجاوبا إلى أقصى درجة أثناء مناقشة مشروع القانون في اللجنة، ومؤكداً اتفاقه مع رؤية النواب في المناقشات، وأن سبب هذه التخوفات قد يكون عيباً في صياغة بعض مواد مشروع القانون".

رئيس النواب: بيانات الحكومة عن الإيجار القديم خلت من أرقام المستأجر الأصلي والجيل الأولرئيس النواب يوجه بإحالة تعديلات قانون الرياضة للجان المختصةرئيس النواب لـ الحكومة: هل يوجد بيان بأراضي الإسكان الاجتماعى في المحافظاترئيس النواب يعاتب الحكومة بسبب غياب البيانات الخاصة بعدد المستأجرين الأصليين

وتابع رئيس مجلس النواب: “وبناءً عليه فقد تم التوافق على إعادة صياغة مواد مشروع القانون بما يتفق مع الأهداف التى تتغياها الوزارة من التعديل، ويحقق تطوير منظومة التعليم في مصر، وفى ذات الوقت يطمئن النواب وجميع الأسر المصرية”.

واختتم: كما أوجه الشكر للمستشار وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى على تعاونه الدائم مع المجلس، وأدعوه لحضور اجتماع لجنة الشباب والرياضة اليوم، حيث ستقوم اللجنة باستعراض مذكرة وزارة الشباب والرياضة على التعديلات التى أدخلتها اللجنة المشتركة على مواد مشروع قانون الرياضة، والتعقيب القانونى الذى أعدته الأمانة العامة للمجلس على المذكرة المشار إليها، حتى يتسنى للجنة إعداد تقريرها النهائى، توطئة لعرضه على هيئة مكتب المجلس لاتخاذ ما يراه مناسباً.

طباعة شارك المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النوب النواب مشروع قانون التعليم الحكومة

مقالات مشابهة

  • حسن مهدي: إعادة ترميم للمناطق التي تضررت بسبب الحمولات الزائدة لسيارات النقل الثقيل على الطريق الإقليمي
  • محافظ المنيا يتابع مشروع مجمع المواقف الجديد: نقلة حضارية لخدمة آلاف المواطنين
  • رئيس مجلس النواب: إعادة صياغة مواد قانون التعليم بما يزيل جميع التخوفات
  • رئيس النواب: تم التوافق على إعادة صياغة مواد مشروع قانون التعليم بتعديله بما يزيل جميع التخوفات بشأنه
  • ملامح مرحلة أمنية استراتيجية جديدة في الخليج العربي
  • بدء تجهيز مجمع مواقف مدينة المنيا لخدمة المواطنين وتنظيم الحركة المرورية
  • للقضاء على المواقف العشوائية.. بدء تجهيز مجمع مواقف مركز ومدينة المنيا على مساحة 6 آلاف متر
  • الأعرجي: العراق بذل جهوداً كبيرة في إعادة العوائل من مخيم الهول
  • التشيك: العراق بذل جهوداً كبيرة في إعادة العوائل من مخيم الهول
  • سوريا وأمريكا يبحثان تعزيز العلاقات الدبلوماسية.. إعادة تفعيل التبادل البري مع العراق