دريهمات معدودات تدفع مؤثرين لعرض نسائهم للجمهور ومطالب بتقنين صناعة المحتوى
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
في ظلّ التطور التكنولوجي والمعلوماتي الحالي، وانتشار العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على سلوك المجتمع وتقارب أفراده إلا أن التأثيرات السلبية لاستخدامها، أخذت تطغى على إيجابياتها، مما دفع الكثيرين الى اتهام مواقع التواصل الاجتماعي بأنها بالمسؤولة عن التفسخ الأسري والمجتمعي في ظل ازدياد معدلات الانحلال الأخلاقي، وتفشي الخيانة الزوجية وانسلاخ هوية المجتمع المغربي وتمييع مفاهيمه ومبادئه بشكل كبير مما أدى إلى ظهور جيل يبحث عن "البوز" دون الاكتراث للمقابل.
وارتفعت مؤخرا أصوات مستنكرة للوضع الذي صارت عليه مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تيكتوك"، حيث صار أغلب النشطاء أو (المؤثرين)، يلهثون وراء الربح منها دون اعتبار للمقابل الذي سيقدمونه لذلك، حيث يكون في العديد من المرات مقابل سلوك أو كلام لا أخلاقي أو فعل مخل بالحياء.
ومن مظاهر هذه السلوكيات توجُّه بعض المؤثرين إلى اعتماد نسائهم أو أخواتهم أو قريباتهم كسلعة للعرض اليومي، مقابل دراهم معدودات، مخلفين وراءهم ردود أفعال مستنكرة ومتعجبة لهذه الظواهر الدخيلة على المجتمع المغربي، وهو ما جعل البعض يعلق قائلا : " الزمان الذي لحقناه"، في إشارة إلى تغير بنية الوعي ومفهوم الكرامة لدى هذه العينة من المغاربة.
وفي المقابل، تدافع فئة عريضة من (المؤثرين) بمواقع التواصل الاجتماعي عن الأمر، معتبرينه حرية شخصية ووسيلة عملية للترفيه عن النفس، مفسرين ذلك بأنه لا يعكس الواقع الحقيقي للشخص، وإنما هي شخصية يتقمصها الناشط "التيكتوكي" أو "الفيسبوكي".
وكانت نخبة عريضة من المجتمع المغربي من كوادر في التعليم وأطباء وصحافيين ومثقفين وفنانين، قد أطلقت سنة 2022، عريضة توقيعات مفتوحة في وجه الجميع، بسبب تنامي “التفاهة” على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديوهات مثل يوتيوب وإنستغرام وتيك توك وغيرها.
واختار مؤسسو العريضة المفتوحة للتوقيع عنواناً لافتاً وهو “توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”، في خطاب موجه إلى متابعي هؤلاء وإلى داعميهم في مختلف المجالات، وذلك قصد الارتقاء بمحتوى "الويب" المغربي.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
د. نزار قبيلات يكتب: التسامح في التواصل الرقمي
تبعاً لفرضيات النشر والإشهار الرقمي في القنوات والوسائط الاجتماعية التي تنتشر بين يدي الناس عبر هواتفهم، لا بد من التّنبه إلى أمر ما، وهو أن هناك شبكة «عصبونية» تعمل على رفع نسبة المشاهدة على كل «تغريدة» أو «بوست» يتم طرحه من الطرف الأول، إذ العلاقة طردية هنا، فكلما زادت نسبة التفاعل والمشاهدة والمشاركة، ولو بوضع علامة إعجاب أو غيرها، زادت في ذات الوقت نسبة تداول المحتوى وانتشاره، حتى عند من لم يتمكنوا بعد من مشاهدة هذا التعليق أو مشاركته، والسبب كما ذكرنا في الخوارزميات التي تزيد من نسبة نقل هذه المشاركة وإتاحتها للجميع كلما تم التفاعل من طرف قريب أو متصل بالطرف الذي قبله، وهنا فإن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي أو المؤثرين بأنواعهم يحاولون بقصد أو بغير قصد إثارة المتلقين واللّعب على وَتر الانفعال لديهم بقصد إدخالهم إلى منطقة التفاعل هذه، وهم بذلك يقصدون كل المتابعين المعلنين لهم أو من يقفون في الخط التالي لهم، سواء أكانوا يتفقون معهم في الطرح أم يخالفونهم، حيث الغاية هي جعلهم مندمجين سلباً أو إيجاباً في فضائهم الخاص، لذا فالأمر تلحّ الحاجة فيه لتوعية جميع فئات المتفاعلين في هذا الفضاء كباراً أو صغاراً، متعلمين أو هواة المشاهدة وملء الفراغ.
غير أننا بحاجة بدايةً إلى التّمهل قبل أن نمنح ذلك المؤثر تفاعلاً يريده، فمشاهدة الفيديو المرئي تماماً كقراءة نص تحتاج إلى تبصر وتأمل، حيث نيّة المرسل تخفي مقاصد كثيرة، فإذا كانت الإساءة بائنة يفضل عدم التعليق، بل عدم المشاهدة من الأساس، وإلغاء خاصية المتابعة، وتفعيل خاصية الـ «البلوك»، أما إذا كان المحتوى غير نافع، فيفضّل توعية الآخرين دون تفاعل مع صاحب ذلك المحتوى، فالنّية الغائبة للمرسل قد تسوء فتقود إلى مخاطر، منها التنمر الإلكتروني والاختراق والتشهير وسواها، وفي حالة كان المرسل معروفاً وبصفة صديق، يلزم هنا أيضاً عدم الإسراع في الحكم على طرحه الإلكتروني تجنباً لسوء الفهم، وتغليب قيمة الخلق المتسامح حتى تهدأ هذه الزوبعة الرقمية التي تبقى عمياء مهما تمتعت بسرعة الوصول وسهولة التفاعل، فكثير مما لا يقال على اللسان يبقى فاقداً للإحساس الصادق لأنه دون لغة جسد، فلا نجعل السرعة تهدم علاقتنا وقيمنا بتلك السرعة أيضاً.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية