الرؤية - خاص

تنظم جريدة "الرؤية"، الإثنين، في تمام السادسة مساءً، الندوة الحوارية حول سيرة حياة قاضي قضاة مسقط الشيخ عيسى بن صالح بن عامر الطائي، وذلك بقاعة الفراهيدي في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ضمن مشاركتها بالنسخة الحالية من معرض مسقط الدولي للكتاب.

ويُشارك بالندوة كلٌّ من: حاتم بن حمد الطائي رئيس التحرير، والشاعر سماء عيسى، والكاتب الدكتور محمد بن حمد العريمي، والباحثة الدكتورة خلود الخاطرية، فيما تدير النقاش الإعلامية ريم الحامدية.

وتُستهل الندوة بكلمة ترحيبية، يليها عرض مادة فيلمية عن سيرة حياة الشيخ عيسى الطائي، ومن ثمَّ يقدِّم حاتم الطائي كلمة حول السيرة الذاتية للشيخ الراحل، يعقبها قراءة متعمقة من الدكتور محمد العريمي، قبل أن يفتح الباب أمام جلسة مفتوحة أمام الجمهور.

وقد رصد الدكتور محمد بن حمد العريمي ووثق سيرة حياة الشيخ الراحل في إصدار متميز لمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر ضمن مشاركتها بالمعرض هذا العام، تحت عنوان: "سيرة حياة قاضي قضاة مسقط.. الشيخ عيسى بن صالح الطائي، مقدِّمًا من خلاله للقارئ العماني والعربي الخطوط العريضة لشخصية الشيخ الراحل؛ فضلاً عن البحث في التفاصيل والإبانة عن دورها المركزيّ في صناعة تاريخ وأحداث العقود الأولى من القرن العشرين والسعي إلى توثيقها علمياً لتكون نبراسًا للأجيال المتعاقبة من شباب عُمان يهتدون به في الصمود أمام التحديات التي ما تفتأ تعصف بكثير من الشعوب.

ويؤكد الدكتور محمد العريمي أنه لم يسبق أن كُتبت سيرة قاضي القضاة الشيخ عيسى بن صالح الطائي بشكل مُوسّع كحال العديد من الرموز العمانية البارزة في المجالات المختلفة، لذا جاء هذا الكتاب ليبني سردا لسيرته اعتمادا بالدرجة الأولى على المادة التاريخية التي قدمتها بعض الكتب والدراسات التي اقتربت من سيرته، وتحديدا ما قدّمه الباحث سلطان بم مبارك الشيبانيّ في هذا المجال، أو من خلال الكتب الأدبية والسياسية والتاريخية التي تناولت الأوضاع خلال فترة منتصف القرن العشرين، وكذلك الوثائق الخاصة بأسرته والأسر الأخرى والتي ورد له ذكرٌ فيها من رسائل وصور، بالإضافة إلى تتبّع المقالات التي نشرت في عدد من الصحف والمجلات مثل: (وادي ميزاب)، و(المنهاج)، و(الشورى)، و(الشباب)، و(الفلق)، وغيرها من الصحف التتي أشارت إلى بعض أخبار الشيخ عيسى بن صالح في المجالات القضائية والأدبيّة والسياسيّة، كما تمت الاستفادة من بعض الوثائق التي حواها أرشيف هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، أو تلك الوثائق المتعلقة بصكوك البيوعات في مسقط وذلك للتعرّف إلى بعض أخباره وخاصة في المجال الإداريّ.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ذاكرة اليمن المحفورة .. المسند والنقوش السبئية قراءة في وجدان حضارة ناطقة بالحجر

في عمق التاريخ اليمني، تكمن كنوز معرفية وحضارية لا تزال بحاجة إلى استكشاف علمي دقيق وقراءة تحليلية موسعة، أبرزها النقوش السبئية وخط المسند، اللذان يشكلان ركيزة أساسية لفهم الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية لحضارات جنوب الجزيرة العربية، وعلى رأسها مملكة سبأ.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

يمثل هذا التقرير دعوة للباحثين والمؤرخين والمهتمين بالشأن الثقافي اليمني العربي إلى إعادة قراءة هذا الموروث الذي لم ينل بعد ما يستحقه من اهتمام، رغم ما يحمله من معلومات وثائقية دقيقة عن التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ آلاف السنين.

يتناول التقرير في محاوره الخلفية التاريخية لخط المسند والنقوش السبئية، والمضامين السياسية والعسكرية والاجتماعية والدينية التي تعكسها، وأثرها الثقافي في تشكيل الهوية الحضارية لليمن والمنطقة، إضافة إلى أهمية هذه النقوش من منظور لغوي وتاريخي، والدعوة إلى إحيائها في ظل واقع من الإهمال والتجاهل.

 

الخلفية التاريخية .. خط المسند والنقوش السبئية

خط المسند هو أحد أقدم الخطوط في الجزيرة العربية، يُنسب إلى الحضارات اليمنية القديمة، وعلى رأسها مملكة سبأ. وُثّق استخدامه منذ الألف الأول قبل الميلاد، واستُخدم في النقوش الرسمية، والنصوص الدينية، والمعاملات الاقتصادية،
يتميز هذا الخط بكونه مستقلاً عن الخطوط السامية الشمالية مثل الفينيقية والآرامية، ويُعدّ من الخطوط الأبجدية التي كُتبت من اليمين إلى اليسار في بعض الحالات، وفي أحيان أخرى من اليسار إلى اليمين (الخط البوستروفيدي)، ما يعكس تطورًا كتابيًا معقدًا وثريًا.

النقوش السبئية .. وثائق حجرية تؤرخ للحضارة

أما النقوش السبئية، فهي النصوص التي دُوّنت بخط المسند، وتحمل توقيعات سياسية، دينية، اقتصادية وعسكرية. وُجدت هذه النقوش على الصخور، جدران المعابد، أسس السدود، المباني العامة، وعلى تماثيل ومذابح، وتُعد بمنزلة السجلات الرسمية لتلك الحقبة.

توثق هذه النقوش بدقة ، (التحالفات القبلية والسياسية ، والغزوات والحملات العسكرية ، ومشاريع البنية التحتية مثل سد مأرب ، والمعتقدات والقرابين والعلاقات الدينية ، وأسماء الملوك والولاة وأوصافهم الرسمية) .

أهمية النقوش السبئية من منظور لغوي وتاريخي

تشكل النقوش السبئية المكتوبة بخط المسند منجمًا لغويًا وتاريخيًا فريدًا، يسهم في إعادة بناء الفهم العميق لتاريخ الجزيرة العربية.

الأهمية اللغوية .. تُظهر تطور اللغات العربية الجنوبية، وتمايزها عن العربية الشمالية، وتكشف بنيات لغوية غنية بالاشتقاقات والصيغ ، وتسهم في فهم تاريخ الأبجدية العربية، حيث يمثل خط المسند تطورًا مستقلًا عن الخطوط الفينيقية ، وتقدم بيانات لغوية مقارنة تساعد في دراسة تطور الصوتيات والنحو، وعلاقة المسند بالعربية الكلاسيكية والقرآنية.

 الأهمية التاريخية .. تعدّ النقوش سجلات موثقة للأحداث، بعيدًا عن التناقل الشفوي، ما يمنحها قيمة تاريخية دقيقة ، وتساعد على تتبع التسلسل الزمني للملوك والممالك، وظهور وتفكك القوى السياسية في جنوب الجزيرة، وتكشف عن طبيعة المجتمع ونظام الحكم والتراتبية القبلية والدينية ، كما أنها تسلط الضوء على العلاقات الإقليمية والدولية، من خلال الإشارات التجارية والسياسية مع الحضارات المجاورة.

مضامين وثائقية .. السياسة والدين والمجتمع

تتميز النقوش السبئية بخطابها الرسمي، وتحمل طابعًا توثيقيًا قلّ نظيره، وتكشف عن:

الهيكل السياسي : تسجل النقوش أسماء الملوك مثل “كرب إيل وتر” و”شمر يهرعش”، موثقة نظم الحكم والتحالفات الداخلية والخارجية.

 الحملات العسكرية: تصف الغزوات وتعداد الجنود والأسلحة والنتائج الميدانية بدقة غير مسبوقة في نقوش عربية قديمة.

البناء والتنمية: ترصد مشاريع ضخمة مثل سد مأرب، وتوضح نظام الري والتحكم في الموارد الطبيعية.

 الطقوس والمعتقدات: تذكر النقوش أسماء الآلهة والقرابين المقدمة، وتعكس عمق التدين والتنظيم الديني في تلك المجتمعات.

الأثر الثقافي والحضاري

يعكس خط المسند هوية ثقافية مستقلة لحضارات جنوب الجزيرة ، كما يعد شاهدًا على نضج حضاري مبكر في ميادين السياسة واللغة والعمران ، ويسهم في صياغة تاريخ عربي أصيل، بالاعتماد على مصادر داخلية لا أجنبية.

واقع الإهمال وضرورة الإحياء

رغم الأهمية الكبرى للنقوش وخط المسند، إلا أنها ظلت مهملة لعقود، نتيجة لنقص الدراسات الأكاديمية المتخصصة ، وضعف التوثيق الرقمي والأثري ، غيابها عن المناهج الدراسية وخطاب الإعلام الثقافي.

دعوة لإعادة القراءة

إحياء دراسة النقوش السبئية ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة لإعادة الاعتبار لهويتنا الثقافية والتاريخية، وتعزيز روايتنا التاريخية من خلال مصادرنا الأصلية.

خاتمة

تشكل النقوش السبئية وخط المسند كنزًا معرفيًا وثقافيًا فريدًا، يجب أن يكون في صدارة الجهود البحثية والتوثيقية اليمنية العربية ،  إنها ليست فقط حروفًا منقوشة على الحجر، بل هي شهادة حضارية على نهوض حضارات عربية عريقة، تنبض بالحكمة والعمق والسيادة، تستحق أن تُقرأ بوعي، وتُدرّس بمنهج، وتُحفظ بإجلال.

مقالات مشابهة

  • كاتب سيرة ترامب يروي تفاصيل مثيرة عن رسالة غامضة تلقاها من إبستين قبل وفاته بساعات فقط!
  • الهيئة الوطنية تنشر كشوف مرشحي مجلس الشيوخ 2025 بمحافظة كفر الشيخ
  • أمانة المرأة بـ الجبهة الوطنية تنظم ورشة تعليم فن الخرز بشرم الشيخ .. صور
  • د. عاطف العساكرة : العيسوي .. رجل التنفيذ الهادئ و”ذاكرة الدولة”
  • صالح: المصالحة ورأب الصدع وإعادة اللحمة الوطنية ضرورة لتحقيق العدالة والإنصاف
  • “على حِسب الريح”.. خليل المصري يوثّق سيرة فردية تتقاطع مع تحولات وطن
  • باريس سان جرمان "يسحق" ريال مدريد ويصل نهائي المونديال
  • ضياء رشوان: الرؤية المصرية بشأن اليوم التالي في غزة الأكثر واقعية
  • ذاكرة اليمن المحفورة .. المسند والنقوش السبئية قراءة في وجدان حضارة ناطقة بالحجر
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (54)