هآرتس: خطة نتنياهو لليوم التالي في غزة غير قابلة للتطبيق
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
قالت صحيفة "هآرتس" إن خطة غزة ما بعد الحرب التي كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الجمعة الماضية، عبارة عن قائمة غير قابلة للتطبيق من التصريحات الأحادية الجانب التي لا تستحق مراجعة جادة.
وأوضحت الصحيفة –في مقال للكاتب ألون بينكاس- أن الخطة التي جاءت بعد 140 يوما من الحرب ومن مطالبة الولايات المتحدة له كحليف، لا معنى لها؛ لأنها نفي لخطة الرئيس الأميركي جو بايدن، وهي قائمة من التصريحات التي تشكل سيطرة إسرائيلية مفتوحة على غزة دون أي جانب سياسي إيجابي، كما أنها غير قابلة للتطبيق.
الإطار الفوري
وتنقسم الوثيقة إلى 3 أطر زمنية، أولها "الإطار الزمني الفوري"، وينص على أن الشرط الأساسي للوصول إلى ما يسمى "اليوم التالي" هو أن تواصل القوات الإسرائيلية "الحرب حتى تتحقق أهدافها، أي تدمير القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي والبنية التحتية الحاكمة؛ وإعادة الرهائن المحتجزين في غزة، ومنع أي تهديد لإسرائيل من قطاع غزة في المستقبل.
وهذا في حد ذاته -حسب الصحيفة- أمر منطقي ويروق للعقلية الإسرائيلية، ولكنه يتعارض مع الجدول الزمني والتسلسل الأميركي الذي يفترض أن صفقة الرهائن ستكون مصحوبة بوقف مؤقت ولكن طويل لإطلاق النار، كما يفترض أن تدمير حماس عسكريا وسياسيا أمر ممكن دون احتلال قطاع غزة بأكمله لفترة طويلة من الزمن.
والثاني هو "الإطار الزمني المتوسط"، وينقسم إلى مجالات أمنية ومدنية، ويتكون البعد الأمني من 5 نقاط، أولاها: أن تحافظ إسرائيل على حرية العمليات لزمن غير محدود في غزة، وهو ما يعني بالضرورة أن إسرائيل ستبقى في غزة لفترة غير محددة من الزمن.
والنقطة الثانية: هي إقامة مناطق عازلة ما دعت الاحتياجات والمتطلبات الأمنية إلى ذلك، أما الثالثة: فهي احتفاظ إسرائيل بصمام "الإغلاق الجنوبي" لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة.
وحسب النقطة الرابعة: تكون لإسرائيل "السيطرة الأمنية على كامل المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن"، دون تحديد ما يعنيه ذلك، ولكن الصياغة يُفهم منها منع أي سيادة فلسطينية، حتى في سياق الدولة الفلسطينية المستقبلية المنزوعة السلاح.
وأخيرا: أن يكون قطاع غزة "منزوع السلاح تماما"، وتتولى إسرائيل الإشراف على تلك المهمة، علما أن نزع السلاح موقف إسرائيلي ثابت ومتشدد منذ اتفاقيات أوسلو، ولكن حصر التنفيذ والإشراف على إسرائيل يعني إعادة احتلال إسرائيل لغزة.
المجال المدنيوفي الوقت نفسه، يشمل المجال المدني 4 مشاغل، أولها: أن ترتكز الإدارة المدنية والمسؤولية عن النظام المدني على "عناصر محلية ذات خبرة إدارية"، وهو ما فسّره الكاتب بالبحث عن مقاولين فلسطينيين من الباطن يعملون لصالح إسرائيل دون أي شرعية بين الفلسطينيين، ومن ثم تحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة.
والثاني: هو "إزالة التطرف"، وذلك بإقامة خطة لإزالة التطرف من المؤسسات الدينية والتعليمية والرعاية الاجتماعية في غزة، "بمشاركة ومساعدة الدول العربية ذات الخبرة المثبتة في تعزيز مكافحة التطرف"، وقد عدَّ هذه الفكرة هزلية ومنفصلة عن الواقع، متسائلا: كيف سيتم ذلك؟ وما الدول العربية التي لديها مثل هذا السجل؟ وهل ستفعل إسرائيل الشيء نفسه بالمقابل؟
أما المشغل الثالث: فهو أن تعمل إسرائيل على إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، بحجة أن موظفيها تورطوا في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتسعى إلى "استبدالها بوكالات رعاية اجتماعية دولية أخرى مسؤولة".
تقييمات
ونبّه الكاتب إلى أن تقييمات الاستخبارات الأميركية تشكك في النتائج التي توصلت إليها إسرائيل حول ما يتعلق بتواطؤ وكالة الأونروا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤكدا أن إسرائيل لا تستطيع إغلاق الأونروا.
أما المشغل الأخير: فهو أن "عملية إعادة إعمار غزة لن تبدأ إلا بعد الانتهاء من عملية نزع السلاح، والبدء في عملية اجتثاث التطرف، وسيتم إجراؤها وتمويلها من دول مقبولة لدى إسرائيل".
وهذا يعني –حسب الكاتب- أن ذلك لن يتم أبدا، ويشير إلى أن إسرائيل ليس لديها أي نية لمغادرة غزة، كما أنها تأمر بكل غطرسة الدول الراغبة في تمويل إعادة الإعمار بانتظار الضوء الأخضر الإسرائيلي.
وعلّق الكاتب بأنه ليست هناك دول عربية ولا غيرها ترغب في إنفاق المليارات، كما أن الشرط الوحيد الذي تطرحه السعودية وقطر والإمارات هو إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف، وهو أمر لا ترغب إسرائيل أخذه في الاعتبار.
المدى الطويل
أما الرؤية الطويلة المدى، التي توصف بأنها "قواعد أساسية للتسوية المستقبلية"، فهي عبارة عن إعلانين مأخوذين من بيان الحكومة الأسبوع الماضي، أولهما أن إسرائيل ترفض "الإملاءات الدولية الظاهرة حول ما يتعلق بالتسوية النهائية مع الفلسطينيين. ولا يمكن التوصل إلى اتفاق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين دون شروط مسبقة".
وهذا –حسب الكاتب- تلاعب من نتنياهو؛ لأنه رفض التفاوض مع الفلسطينيين عقدا من الزمن، كما أنه لا توجد "إملاءات" دولية، أما أنه "لا توجد شروط مسبقة" فالوثيقة بأكملها حتى الآن قائمة من الشروط والإملاءات الإسرائيلية المسبقة.
أما الإعلان الثاني فهو أن "إسرائيل سوف تستمر في معارضة الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وقد أعربت أكثر من 100 دولة بالفعل عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإسرائيل هي التي تعارضها بشكل أحادي، حتى لو كان ذلك لأسباب وجيهة، حسب الكاتب.
وخلص الكاتب إلى أن نتنياهو مع تدني شعبيته وشعبية ائتلافه الحاكم، قد تكون مقامرته الأخيرة هي اختراع "أزمة الدولة الفلسطينية" ومواجهة الولايات المتحدة، هذا هو ما تدور حوله الخطة "غير المخططة"، مما يثبت بشكل قاطع عدم وجود خطة على الإطلاق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أن إسرائیل فی غزة کما أن
إقرأ أيضاً:
بين حربين خاسرتين.. “هآرتس”: هكذا تُنهك “إسرائيل” عسكريًا وتتنازع سياسيًا
#سواليف
في تحليل موسع نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، رصد المحلل العسكري #عاموس_هارئيل حالة #الانهيار المتراكمة التي تعيشها ” #إسرائيل ” على جبهتي #إيران و #غزة، ويكشف كيف تخدم #الحرب #أجندات_سياسية داخلية بينما يتآكل #الجيش من الداخل وتغيب أي ملامح لنصر واضح.
ويرى المحلل العسكري عاموس هارئيل أن “إسرائيل” تدخل مجددًا إلى ما يُشبه مثلث برمودا الخطير الذي يجمع بين السياسة والاستخبارات والإعلام، وذلك في ظل الجدل المتصاعد حول حجم الإنجاز في الحرب على إيران.
ويشير إلى أن وسائل الإعلام الأميركية سارعت إلى تبنّي تقارير استخباراتية أولية تقلل من حجم الأضرار، مما دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الاصطفاف خلف بنيامين نتنياهو، وقد أدى ذلك إلى صدور بيان غير مألوف عن هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية – نشره البيت الأبيض – حول نتائج الهجوم على إيران.
مقالات ذات صلة مشاهد توثق إطلاق الاحتلال النار على منتظري المساعدات بغزة 2025/06/27ورغم الضربة، لا تزال “إسرائيل” والولايات المتحدة تجهلان مصير 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، كما أنه من الصعب تقييم ما إذا كان فشل العملية سيؤدي إلى دفع المرشد الإيراني علي خامنئي لإصدار أوامر مباشرة إلى العلماء والجنرالات المتبقين بتجاوز الخط الأحمر الأخير، وتنفيذ تجربة نووية أولية في منشأة بدائية، في رسالة سياسية تقول “نحن هنا”.
ويضيف هارئيل أن هناك سيناريوهات أخرى تبعث على القلق، مثل احتمال أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات بينما تواصل سياسة التسويف، أو أن يُعلن ترامب النصر في هذا الملف ثم يمضي قدمًا، كونه مصممًا لسباقات السرعة وليس لصراعات طويلة الأمد.
الحرب في غزة لا أفق
في سياق آخر، يرى هارئيل أن الحرب الجارية في قطاع غزة، والتي لم يكن هناك مبرر فعلي للعودة إليها في مارس/آذار، باتت تبدو عقيمة. ففي الوقت الذي تكتفي فيه “إسرائيل” بتسويات جزئية في لبنان وإيران، ترفض حكومة الاحتلال الدخول في تسوية مع حماس – التي تُعد أصغر الجبهات – وتُصر على استمرار العمليات، ويُرجع هارئيل ذلك إلى تلاقي مصالح داخل اليمين المتطرف في الحكومة، الذي ما زال يحلم بطرد الفلسطينيين من القطاع وبناء مستوطنات مكانهم.
ويُشير إلى أن استمرار الحرب خدم رئيس وزراؤ الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ سمح له بتأجيل التحقيقات المتعلقة بيوم 7 أكتوبر، كما خفف من حجم الاحتجاجات الشعبية، وأجّل طرح موعد الانتخابات. ومع ذلك، إن أظهرت استطلاعات الرأي تحسنًا في مكانته، فقد يفكر نتنياهو في تقديم موعد الانتخابات، لكنه سيكون مضطرًا – حينها – إلى إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، ما قد يُثير غضب شركائه المتطرفين في الحكومة، أمثال بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
كما يضيف أن ترامب قد يطالب نتنياهو بتقديم تنازلات لإنهاء حرب غزة، والتي بات الرئيس الأميركي يعتبرها عبئًا مستمرًا منذ فترة طويلة، من أجل استثمار ما تحقق في إيران لإعادة صياغة التحالفات الإقليمية، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج، والعودة إلى مسار اتفاق التطبيع مع السعودية.
خسائر بشرية إسرائيلية في غزة
وعلى صعيد الخسائر البشرية، يوضح هارئيل أنه منذ مطلع الشهر الحالي، قُتل 19 جنديًا إسرائيليًا في قطاع غزة، وهو ما يمثل حوالي ثلثي عدد القتلى الذين سقطوا نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية. ويُبرز المخاوف التي تسيطر على غالبية عائلات الأسرى الإسرائيليين، حيث يعتقدون أن لا سبيل حقيقيًا لإطلاق سراح ذويهم أحياءً عبر العمليات العسكرية، ويشعرون بالقلق حيال ترويج الحكومة لسردية أن الحرب مع حماس هي مجرد امتداد للصراع مع إيران.
في الوقت ذاته، ينتقد التقرير تجاهل القيادة العسكرية العليا في “إسرائيل” لحالة الاستنزاف التي تعاني منها القوات، خصوصًا في صفوف الجنود النظاميين وقوات الاحتياط. ويشير إلى أن من يتحدث مع الجنود في الميدان يسمع قدرًا متزايدًا من الإحباط، فهم يُكلّفون بمهام من قبيل تفجير البيوت وقتل الفلسطينيين، دون إدراك واضح لما إذا كانت هذه العمليات تُقربهم من تحقيق النصر أو من استعادة الأسرى. كما أن البيانات التي تصل إلى الصحفيين العسكريين من الجنود وذويهم تشير إلى حاجة مُلحة لدى الوحدات القتالية لفترات راحة واستجمام.
ويضيف أن الأزمة في غزة لا تقتصر على فشل استراتيجي، بل تتجلى أيضًا في التدهور المستمر لقدرات الجيش البري، لدرجة أن وحدات من لواء غولاني اضطرت لاستخدام معدات وأسلحة أقل كفاءة عند مواجهة وحدات النخبة في المقاومة الفلسطينية.
كما أن الفجوة المتزايدة بين الجيش التكنولوجي وسلاح المشاة باتت مقلقة بشكل واضح، حيث أن الفرق في الأداء بين الطواقم الجوية التي عملت فوق سماء إيران وبين المشاة والمهندسين الذين يسقطون في غزة بلا هدف واضح، كان صارخًا ومؤلمًا خلال هذا الأسبوع.
ويرى هارئيل أن هذه الصور ستبقى محفورة في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية لسنوات طويلة، وستؤثر بلا شك على دوافع الشباب للالتحاق بالمسارات العسكرية المختلفة. فرغم محاولة الجنرالات والسياسيين تقديم صورة موحدة لجيش الاحتلال على أنه منتصر، إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا، حيث يتجلى العجز الواضح في تحقيق نصر حاسم ضد عدو عنيد في خان يونس وعموم غزة.
ويختم بأن جيش الاحتلال يُعاني من نقص في آلاف الجنود، وأن من يخدمون حاليًا يتحملون أعباءً تفوق طاقتهم، وأن إطالة أمد الحرب تؤثر سلبًا على جودة القيادة والانضباط والمعايير العملياتية والمعنويات والثقافة التنظيمية داخل المؤسسة العسكرية.