إلى الزول مجتبى.. دمعة على عمار بيوت الله الراحلين
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
لم أكن أتصور يومًا أن رحيل الأشقاء السودانيين عن مصر سيترك في نفسي هذا الأثر العميق، لكنه حدث.
وها أنا أكتب، وقلبي مثقل بالحزن، منذ أن أخبرني صديقي «مجتبى» – الزول السوداني الطيب – بأنه سيعود إلى بلده بعد تحسن الأوضاع هناك.
كلمات بسيطة قالها بابتسامته المعتادة، لكنها اخترقت قلبي كأنها نعي هادئ لصداقة لم أعلم كم تعني لي حتى لحظة الفراق.
عندما اندلعت الحرب في السودان، وبدأت قوافل النازحين تتدفق إلى مصر، لم أكن أستطيع إخفاء مشاعر القلق والخوف التي تملكتني، وربما قسوت – داخليًا – في حكمي الأول عليهم.
مشهد النزوح الجماعي، والتغلغل السريع في تفاصيل الحياة اليومية، جعلني أتوجس من القادم، وأتساءل: هل نحن على أعتاب أزمة اجتماعية جديدة؟ هل سيتغير وجه الحارات والميادين إلى الأبد؟ كان ذلك في البداية فقط.
ثم جاء «مجتبى».
جاء مجتبى، وجاء معه «مبارك» و«هاشم» و«كمال»، إلخ..... وجاء معهم الدفء، تعرفت عليهم دون ترتيب أو نية مسبقة، لكنهم دخلوا حياتي كما يدخل الضوء من نافذة مفتوحة.
بسطاء، بشوشون، طيبو الطباع، لا يُحسنون سوى الصدق، ولا يعرفون من الدنيا إلا ما يرضي الله.
لا يمر يوم دون أن تراهم في الصف الأول في المسجد، لا يتأخرون عن صلاة، ولا عن إعمار بيت من بيوت الله، كأنهم وجدوا في بيوت الرحمن وطنًا بديلًا عن وطنهم الذي احترق.
ما زلت أذكر كيف كان «مجتبى» يسبقني في السلام بعد كل صلاة، ولديه اشتياق إلى لقائي ولقاء أهل المسجد كل مرة كأنه أول مرة يرانا بلا كلل أو ملل، وكيف كان يبتسم لوجهي دائمًا كأنه يراه للمرة الأولى.
لم أسمع منه كلمة تؤذي، ولم أره يومًا إلا مهندم الثياب، حسن السمت، متواضعًا حد النخاع.
كان وأهله، وأصدقاؤه، كأنهم جاؤوا من طينة أخرى... نقية، بيضاء، خفيفة على القلب.
واليوم... رحلوا.
تحسنت الأوضاع في بلدهم، فعادوا، وعاد الخوف إلى قلبي، ليس من القادم، بل من الفراغ الذي تركوه خلفهم.
سنفتقدهم في المسجد، سنفقد طيبتهم، دعواتهم الخفية، ابتسامتهم الصادقة، كأن شيئًا جميلًا غادرنا فجأة دون وداع كافٍ.
إلى الزول «مجتبى»... شكرًا لأنك غيّرتني، لأنك أثبت لي أن الإنسان الطيب لا يعرف وطنًا إلا الطيبة، ولا يحمل هوية إلا الإيمان.
سلام عليك وعلى إخوتك، حيثما حللتم، وسلام على السودان إن عاد يحتضنكم كما كنتم تحضنون هذا البلد بأخلاقكم.
نفتقدكم.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد النبوي يدعو الله أن يحفظ البلاد من كيد الكائدين ومكر الماكرين
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي المسلمين في خطبته بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.
وخاطب فضيلته المؤمنين والمؤمنات قائلًا: إن الله اختصكم بالوفود على هذه البقاع المباركات والمواضع المحرمات في هذه الأوقات الفاضلات والأزمنة الشريفات، ووفق ولاة أمرها إلى القيام على رعاية هذه المقدسات، والعناية بها وبقاصديها وزائريها حق العناية، في أفياء وارفة من الأمن والإيمان والسكينة، وظلال وادعة من الرخاء والبشر والطمأنينة، فاستشعروا أيها المؤمنون والمؤمنات والقاصدون والقاصدات هذه النعم العظمى والمنن الجُلّى، بكثرة اللهج بشكر الله والثناء عليه، وتعظيم قدر هذه البقاع واستشعار حرمتها ومقدساتها ومقدَّراتها، والحرص على اتباع سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيها، والدعاء لولاة أمرها بالتوفيق والتسديد والمعونة والثواب الأوفى في الدنيا والأخرى.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي خطبته بالدعاء للقائمين على خدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما والعناية بقاصديهما وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، سائلًا الله عزوجل أن يجزاهم الثواب وأوفاه يا أكرم الأكرمين، وأن يحفظهم بحفظه ويحيطهم بعنايته، وأن يحفظ هذه البلاد الطيبة الطاهرة المملكة العربية السعودية مأرز الإيمان ومهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين.
خطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد الحذيفي: اللهم اجزِ خادم الحرمين الشريفين وولي العهد خير الجزاء على رعايتهم وخدمتهم للحرمين الشريفين وزوارهما #الإخبارية pic.twitter.com/Kvjfl9bEYl
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) June 27, 2025 ولي العهدأخبار السعوديةخادم الحرمينخطيب المسجد النبويأهم الأخبارقد يعجبك أيضاًNo stories found.