فرجينيا بيترومارشي – الجزيرة الإنجليزية 

دبلوماسيون يتجولون حول العالم، والاجتماعات السرية غالبا لا يتم الإعلان عنها أبدا.

على مدى قرون اعتمد فن الوساطة في النزاعات على مهارات إنسانية دقيقة، بدءا من عناصر بسيطة مثل كيفية التواصل البصري والاستماع بعناية، إلى اكتشاف التحولات في العواطف والإشارات الدقيقة من المعارضين.

والآن تعمل مجموعة متزايدة من رواد الأعمال والخبراء على طرح مجموعة جديدة مثيرة من الأدوات في عالم حل النزاعات بالاعتماد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.

قالت سما الحمداني مديرة برنامج هلا سيستم، وهي شركة خاصة تستخدم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لجمع معلومات استخباراتية غير مشفرة في مناطق النزاع من بين مهام أخرى متعلقة بالحرب: "إن التقدم التكنولوجي الرائد يُحدث ثورة في حدود السلام والوساطة". وأضافت: "إننا نشهد حقبة يُحول فيها الذكاء الاصطناعي الوسطاء إلى مراكز قوة تتسم بالكفاءة والبصيرة".

وسما الحمداني واحدة من آلاف المتحدثين المشاركين في قمة الويب في الدوحة، حيث أُدرجت الوساطة الرقمية في النزاعات على جدول الأعمال. وكانت القمة التي استمرت أربعة أيام، بدأت في 26 واختتمت في 29 فبراير/شباط.

يقول الخبراء إن الحلول الرقمية أثبتت بالفعل فعاليتها في الدبلوماسية المعقدة. ففي ذروة القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا، لم يتمكن الوسطاء من السفر لحضور اجتماعات شخصية مع محاوريهم. وكان الحل استخدام برنامج الاتصال عن بعد "سكايب" لتسهيل المفاوضات، كما فعل مبعوث الولايات المتحدة آنذاك زلماي خليل زاده لصالح الصفقة التي توسطت فيها قطر في المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان في عام 2020.

على مدى أجيال، كان وسطاء السلطة يجتمعون خلف الأبواب لاتخاذ قرارات تؤثر في الناس على نطاق واسع، ويمكن للتقنيات الرقمية الآن أن تسمح للعملية بأن تكون أكثر شمولاً نسبياً.

قمة الويب في قطر عقدت في الفترة من 26 إلى 29 فبراير/شباط  (رويترز)

وهذا ما فعلته الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز في عام 2021، عندما استخدمت نموذجا هجينا يدمج التفاعلات الشخصية والرقمية أثناء قيادتها جهود الوساطة لوضع خارطة طريق نحو الانتخابات.

وقد ساعدتها هذه الإستراتيجية في التحدث إلى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تعتبر شديدة الخطورة بحيث لا يمكن السفر إليها. وتقدر الأمم المتحدة أن ويليامز تمكنت من الوصول إلى مليون ليبي.

ومع ذلك يتزايد الآن اهتمام الممارسين باستخدام التكنولوجيا بما يتجاوز المشاورات عبر الإنترنت.

فتقوم أنظمة المعلومات الجغرافية "جي آي إس" بتخزين المعلومات في الخرائط لمراقبة اتفاقيات وقف إطلاق النار، وفي الوقت نفسه يخلق الواقع الافتراضي بيئات غامرة يمكن أن تزود الدبلوماسيين بفهم أعمق لما يحدث في الأزمات البعيدة التي يتوسطون فيها.

ففي عام 2021 دعت الأمم المتحدة مجموعة من الدبلوماسيين لتجربة الواقع الافتراضي لفهم عمل مهمة التحقق التابعة لها في كولومبيا بشأن عملية السلام في البلاد، وقال السفراء إنهم حصلوا على لمحة غير عادية عن السياق والخوف والمشاعر التي يمر بها الناس في البلاد.

وقال أحد الدبلوماسيين: "إنها أكثر مباشرة، وأكثر عاطفية، وتحتوي على رسائل وأوراق أقل". وقال آخر: "يمكن أن يزيد ذلك من وعيك، وهذا يمكن أن يجعل الدبلوماسية أكثر فعالية".

تتيح تقنية الذكاء الاصطناعي أيضا التحليل السريع لكميات كبيرة من البيانات، وتقسيم أشهر العمل إلى دقائق قليلة حتى تتمكن الآلة من قراءة المشاعر العامة والإبلاغ عن التهديدات الناشئة لعمليات السلام. ويمكن للتعلم الآلي أن يميز الأنماط أو الارتباطات ويساعد في إنشاء سيناريوهات حول ما يمكن لأصحاب المصلحة فعله ومتى.

وطَورت مبادرةٌ تابعة للأمم المتحدة مشروعا تجريبيا في أوغندا يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي -مثل تقنية التعرف على الكلام- لتحليل كميات كبيرة من المعلومات من البث الإذاعي، حتى يتمكن الباحثون من التعرف على المشاعر العامة بشأن قضايا تتراوح بين تغير المناخ واللاجئين الفارين من جنوب السودان. لكن الأمر ليس ورديا تماما.

طُوّر الذكاء الاصطناعي على يد مهندسين مثل كل البشر لديهم تحيزاتهم الخاصة، ويحذر الخبراء من أن هذه التكنولوجيا تُغذى ببيانات من الإنترنت، والتي يمكن أن تُعزز أو تُضخِّم التحيزات الاجتماعية القائمة وتشجع التمييز.

وفي الوقت نفسه يُعد التحقق من المعلومات وجمع الأدلة المعقدة أمرا بالغ الأهمية في وقت تُزيف فيه الصور أو أصبحت الأخبار سهلة للغاية.

المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاده استخدم برنامج الاتصال عن بعد سكايب لتسهيل المفاوضات مع طالبان (رويترز)

قال منصور أحمد رينغرز مؤسس تطبيق أوبن أوريغنز، وهو تطبيق يساعد على حل النزاع: "في أي حل للصراع تحتاج إلى أساس مشترك من الأدلة حتى يأتي الطرفان إلى تلك الوساطة قائلين: هذا ما نعلم جميعا أنه صحيح". وأضاف أحمد الذي شارك في قمة الويب بالدوحة: "إذا لم يكن هناك أساس لاعتقاد مشترك أو فهم مشترك لموقف ما، فلن تكون هناك وساطة يمكن أن تحدث".

يجب توثيق المعلومات والقرارات القانونية عبر الإنترنت أو سجلات التصويت وتخزينها في مكان آمن حتى لا تتلف. فقبو البنك -فائق الأمان- الموجود تحت الأرض ليس له أي فائدة في عصر الويب 3.0. اليوم، الهدف هو تخزين المواد الرقمية في أكبر عدد ممكن من الأماكن، كما يقول المحللون.

هذا ما تفعله تقنيات بلوك تشين، إنها تحتفظ بالمواد في نظام لا مركزي وغير قابل للتغيير.

يقول مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة ريتشارد جوان: أصبحت التقنيات الرقمية أكثر شيوعا في صنع السلام، وهي تتيح للوسطاء رؤية الصراعات من جديد. ويضيف: "لكنني أعتقد أيضا أننا يجب أن نتذكر أن قلب أي عملية سياسية يظل يدور ويتعامل بين الأفراد الذين لديهم تحيزات ومخاوف وأيدولوجيات عميقة.. ما لم نطور التكنولوجيا التي تمحو ذكريات الناس من أفلام (مِن إن بلاك)، فإن البعد الإنساني للسلام سيظل حاسما".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

مصر ضمن أفضل 40 سوقًا عالميًا لجاذبية الاستثمار.. مركز المعلومات يعرض التفاصيل

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا يؤكد أن مصر دخلت ضمن أفضل 40 سوقًا في العالم من حيث جاذبية الاستثمار، مستعرضًا بالتفصيل واقع قطاع الطاقة الشمسية في البلاد والجهود المبذولة لتعزيز مساهمته في الاقتصاد المصري، وذلك في إطار سعي الدولة لتحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الطاقة.

الطاقة الشمسية في مصر.. مستقبل واعد في إطار الاقتصاد الأصفر

أوضح التقرير أن الاقتصاد الأصفر، الذي يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا لتعزيز كفاءة الإنتاج في ظل البيئة الجافة، يُعد من الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تلعب الطاقة الشمسية دورًا محوريًا في هذا التوجه. وأشار إلى أن قطاع الطاقة الشمسية يعد من أبرز القطاعات الواعدة في مصر، إذ يساهم في توفير مصادر طاقة نظيفة ومتجددة، تدعم الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي. 

عاجل- رئيس الوزراء يشهد غدًا توقيع عقود مشروع استثماري كبير بالشراكة مع القطاع الخاص ● نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يتفقد مستشفى الضبعة المركزي بمحافظة مطروح

كما توقع التقرير أن تحتل الطاقة الشمسية الصدارة عالميًا بحلول عام 2030، لتصل نسبة مساهمتها في توليد الكهرباء إلى 16% من إجمالي إنتاج الطاقة المتجددة، مقارنة بـ5% فقط في عام 2023، وفقًا لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة.

جهود الدولة المصرية في دعم الطاقة الشمسية

استعرض التقرير الأطر الداعمة للطاقة الشمسية في مصر، مشيرًا إلى أن الدولة حرصت على وضع أطر تنظيمية وتشريعية ومؤسسية محفزة لتنمية قدرات الطاقة الشمسية ضمن مزيج الطاقة الوطني. 

وتطرق التقرير إلى استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة، التي اعتمدها المجلس الأعلى للطاقة في أكتوبر 2016، والتي تستهدف وصول نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول عام 2030، على أن تمثل الطاقة الشمسية أكثر من 26% من هذا المزيج. كما أكد التقرير استمرار العمل على تحديث الاستراتيجية حتى عام 2040، بهدف زيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى نحو 65% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة.

قفزة في مساهمة الطاقة الشمسية بالاقتصاد المصري

أبرز التقرير الطفرة التي حققها قطاع الطاقة الشمسية في مصر، حيث أشار إلى أن نسبة مساهمة الطاقة الشمسية بلغت 2.3% من إجمالي الطاقة المنتجة في مصر خلال عام 2022/2023، بقدرة تصل إلى نحو 4977 مليار كيلووات/ساعة، مقارنة بنسبة 0.09% فقط في عام 2015/2016. 

كما أشار التقرير إلى أن مساهمة الطاقة الشمسية الحرارية وصلت إلى 5.6% من إجمالي القدرة المركبة للطاقة في مصر خلال العام المالي 2022/2023، بقدرة بلغت 3306 ميجاوات، مقارنة بـ2.2% في 2012/2013 بقدرة 687 ميجاوات.

دور القطاع الخاص في تعزيز قدرات الطاقة الشمسية

أوضح التقرير أن القطاع الخاص ساهم بشكل كبير في دعم قدرات الطاقة الشمسية بمصر، حيث بلغ حجم قدرات صافي القياس أقل من 500 كيلووات نحو 98.98 ميجاوات، منها 7.71 ميجاوات للقطاع الخاص، بينما بلغت القدرات الأعلى من 500 كيلووات نحو 56.91 ميجاوات.

 كما بلغت قدرات الاستهلاك الذاتي أقل من 500 كيلووات نحو 1.40 ميجاوات، مقابل 80.73 ميجاوات للقدرات الأعلى من 500 كيلووات، يُسهم القطاع الخاص فيها بنحو 23.39 ميجاوات حتى نهاية يناير 2025.

مشروعات عملاقة تدعم التحول نحو الطاقة الشمسية

أشار التقرير إلى أن حجم الطاقة الشمسية الإجمالي بلغ 2644 ميجاوات بنهاية 2024، بفضل تنفيذ ثماني محطات كبرى، منها أربع تابعة للقطاع الخاص، أبرزها مجمع بنبان، ومشروع خلايا الفوتوفولطية بنظام صافي القياس والاستهلاك الذاتي، ومشروع أكوا باور كوم أمبو، ومحطة أبيدوس1. 

كما يجري تنفيذ ثلاث محطات كبرى بطاقة إجمالية 2020 ميجاوات، وهناك ثلاث محطات أخرى للقطاع الخاص تحت التطوير بطاقة إجمالية 3800 ميجاوات.

جهود مصر لزيادة جاذبية الاستثمار في الطاقة الشمسية

استعرض التقرير أبرز السياسات التي ساعدت على تحسين العائد على الاستثمار في الطاقة الشمسية بمصر، ومنها:

تحديد تعريفة شراء وحدات الطاقة المتجددة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار.

تطوير مناقصات تنافسية لمشروعات الطاقة الشمسية بعد الانتهاء من مجمع بنبان.

تقديم مزايا جمركية على واردات تقنيات ومكونات الطاقة النظيفة.

تخصيص نحو 7650 كيلومترًا مربعًا لصالح هيئة الطاقة المتجددة لإقامة مشروعات الطاقة.

كما تطرقت جهود الدولة إلى توطين صناعة الألواح والخلايا الشمسية، عبر مشروعات متعددة أبرزها: مشروع "نظم الخلايا الشمسية Egypt-PV"، ومجمع إنتاج السيليكون في العلمين الجديدة، وتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية لإنشاء مصانع لإنتاج الخلايا والألواح الشمسية بقدرات تصل إلى 2 جيجاوات، ومصنع لإنتاج مادة البوليمر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

شراكات دولية تعزز مكانة مصر في سوق الطاقة الشمسية العالمي

أكد التقرير أن مصر نجحت في إقامة شراكات دولية بارزة لدعم قطاع الطاقة الشمسية، من بينها التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتصميم وتنفيذ مناقصات تنافسية، والتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) لدعم استخدام الطاقة الشمسية في العمليات الصناعية، بالإضافة إلى التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مشروع الأنظمة الكهروضوئية الصغيرة "Egypt-PV". كما انضمت مصر إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية، بما يعزز فرص التعاون مع الدول الأعضاء في هذا المجال.

فرص ومزايا التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر

أشار التقرير إلى أن التحول نحو الطاقة الشمسية يسهم في تعزيز التنمية المحلية وتوفير فرص عمل، حيث أظهرت البيانات أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية قادت نمو العمالة في قطاع الطاقة النظيفة عالميًا في 2022 بإضافة نحو مليون وظيفة، 40% منها تشغلها النساء. 

كما تدعم الطاقة الشمسية القطاعات المختلفة في مصر، إذ تُستخدم في الإنارة المنزلية بنسبة 37.6%، والصناعة بنسبة 27.5%، والزراعة والري بنسبة 5.7%.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن قطاع الطاقة الشمسية في مصر يمثل ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويعزز جاذبية مصر كمركز إقليمي للطاقة المتجددة، مما يسهم في تحقيق الأمن الطاقي وتنويع مصادر الطاقة، وزيادة فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق الاستدامة البيئية.

مقالات مشابهة

  • ميتا تستبدل البشر بالذكاء الاصطناعي في تقييم الخصوصية والمخاطر
  • الذكاء الإصطناعي يتجاوز البشر في التعلم
  • الإمارات تطلق البرنامج التدريبي للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي
  • هل يمكن أن يؤثر طعامك على جودة نومك؟ إليك ما يقوله الخبراء
  • مصر ضمن أفضل 40 سوقًا عالميًا لجاذبية الاستثمار.. مركز المعلومات يعرض التفاصيل
  • «الذكاء الاصطناعي» أم الإنسان.. أيهما أفضل في كتابة المقالات؟ دراسة تكشف
  • وظيفتك في خطر؟.. جوجل ومايكروسوفت تكشفان مستقبل البشر في عصر الذكاء الاصطناعي
  • أورنج الأردن تُمكّن جيل المستقبل عبر مبادرة الذكاء الاصطناعي في نسختها الرابعة
  • ديب سيك للذكاء الاصطناعي تحدّث نموذجها للتفكير المنطقي
  • مسؤول بـ«سدايا»: ما نجمعه من بيانات عبر الذكاء الاصطناعي نستخرج منها قيمة مضافة تنعكس إيجابيا على المواطن والمقيم