بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفهوم التوبة وشروطها وكيف تتحقق للعبد، من خلال توضيحه أن الأعمال بالخواتيم.

مفهوم التوبة وشروطها وكيف تتحقق للعبد

يقول النبي ﷺ: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا، فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي، أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة» [رواه البخاري ومسلم]

وروى علي جمعة من خلال الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس ما قصه سيدنا النبي ﷺ على أصحابه بشأن قاتل المائة، وهو يريد أن يتوب بعد كل هذه الذنوب، والله يقول: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} فما قصة ذلك الرجل؟ يرويها سيدنا رسول الله ﷺ فيقول: «كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ علَى راهِبٍ، فأتاهُ فقالَ: إنَّه قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ به مِئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ علَى رَجُلٍ عالِمٍ، فقالَ: إنَّه قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَن يَحُولُ بيْنَهُ وبيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إلى أرْضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بها أُناسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فاعْبُدِ اللَّهَ معهُمْ، ولا تَرْجِعْ إلى أرْضِكَ، فإنَّها أرْضُ سَوْءٍ، فانْطَلَقَ حتَّى إذا نَصَفَ الطَّرِيقَ أتاهُ المَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فقالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جاءَ تائِبًا مُقْبِلًا بقَلْبِهِ إلى اللهِ، وقالَتْ مَلائِكَةُ العَذابِ: إنَّه لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فأتاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بيْنَهُمْ، فقالَ: قِيسُوا ما بيْنَ الأرْضَيْنِ، فَإِلَى أيَّتِهِما كانَ أدْنَى فَهو له، فَقاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أدْنَى إلى الأرْضِ الَّتي أرادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ» [رواه مسلم].

علي جمعة: رفع الحرج والتيسير أساس التشريع الإسلامي

وفي هذه القصة التي يرويها سيدنا النبي ﷺ أمور كثيرة يجب أن نتعلمها، أولا: أن الذي يُسأل عن أحكام الشرع العالم وليس العابد (الراهب) فعندما أخطأ من دله على الراهب حدثت جريمة أخرى في وقت يحتاج فيه الرجل إلى التوبة إذ به يقتل العابد الذي أفتى بجهل، فلا ينبغي لأحد أن يقصد كل من ظهرت عليه علامات العبادة أو الصلاح بالسؤال في الدين، فإن هذا الدين علم. 

كما أنه لا يجوز لكل من اقترب من ربه وسار في طريقه أياما أو شهورا أو سنين أن يظن أنه له إفتاء الناس، فإن الإفتاء يكون للعلماء، ورأينا عندما ذهب إلى العالم انتهى الأمر، وتنزلت الرحمات، فهذا هو الدرس الأول الذي ينبغي أن نخرج به من هذه القصة.

الدرس الثاني : أن هذه القرية قوم سوء، لأن يتمكن من قتل هذا العدد دون أن يجد من يردعه، ومن يأخذ على يده، فلم يكن هناك أمر بمعروف ولا نهي عن المنكر، ولا سلطات، ولا أي شيء فهذا جو فاسد لا يصلح لعبادة الله، فهم قوم سوء لأنه استخفهم ولم يقم لهم وزنا، قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.

الدرس الثالث: أن التوبة حتى تستمر لابد وأن يتهيأ لها بيئة صالحة، ومجتمع متضامن متناصح، ويظهر هذا المعنى في قول العالم لقاتل المائة: «انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم و ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء»، فالإنسان يحتاج على الطاعة معين، وعلى الخير ناصح أمين.

الدرس الرابع والأخير: أن الأعمال بالخواتيم، وفي هذا يقول النبي ﷺ: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا، فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي، أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة» [رواه البخاري ومسلم]

ويقول النبي ﷺ: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، الأعمال بالخواتيم» [رواه البخاري]. كل هذه الدروس نتعلمها من هذا الحديث، ويشتمل الحديث كذلك على كثير من الدروس والتفصيلات، ولعلنا ذكرنا أهمها.

وأوضح علي جمعة أن المسلم مأمور بالمراجعة الدائمة ، فلا نمل من التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والتقصير، ولا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين، ولا ننسى الآخرة، ولا ننسى التوبة من هذه المعاصي.

وشدد علي جمعة، على أن ترك نقد الذات ومراجعة النفس والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى يؤدي إلى عذاب كبير لعلنا نعيش بعضه في أيامنا هذه، فإن صلاح إنسان واحد لا يكفي لصالح المجتمع أو لنهضة الأمة وصحوتها، فلابد أن تكون توبتنا إلى الله جماعية، ومراجعتنا شاملة لقضايا الإنسان في كل مكان وفي كل مجال.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء التوبة إلى الله أهل الجنة أهل النار إلى الله علی جمعة النبی ﷺ ثم یکون مثل ذلک الأر ض

إقرأ أيضاً:

مع اختتام الأنشطة في عدد من المراكز: مخرجات الدورات الصيفية تؤكد صوابية الرؤية لهذا النشاط

 

تنتهي الأنشطة في المراكز الصيفية تباعاً وتظهر تلك النتائج التي تثلج الصدور بما تلقاه الأبناء من العلم والمعرفة في أمور الدين والدنيا.. إتقان للقرآن الكريم وتعليم لكثير من المفاهيم وتصحيح الكثير من الثقافات المغلوطة وارتياح واسح وسط أولياء الأمور والمجتمع.

استطلاع / رجاء محمد الخلقي

تقول هناء المحاقري: دشنا الحفل الختامي على مستوى الأمانة لجميع المراكز الصيفية في أمانة العاصمة ونجحنا بإرادة الله في إيصال رسالة قوية للأعداء بأننا ثابتون ومواصلون على هذا الدرب، درب البناء الحقيقي للإنسان.
وتضيف المحاقري: أعطى المنهج للمرأة حيزا كبيرا ومهما، فعلّم الطالبات القراءة المجيدة للقرآن والمفاهيم الصحيحة والتوجيهات الإلهية بما يجعلها على دراية بما يريد الله منها وكيف تكون في حياتها وكيف تمارسها في واقعها العملي وأيضا الخروج بمخرجات عملية مهارية من الأدنى إلى المستويات العليا ثم إلى التصنيع الغذائي بالطريقة الصحيحة.
كما استفادت المرأة بمعرفة كيف يكون دورها سواءً مع الزوج أو مع الأهل وكيف تربي أولادها على مكارم الأخلاق وكيف وتكون امرأة نموذجية تجسد العلم الذي حصلت عليه في هذه المراكز إلى سلوك إيماني جذاب وكيف تجعل من التوجيهات القرآنية سلوكا جذابا لمن حولها.
وقالت المحاقري: الفضل في نجاح هذه المراكز الصيفية لهذا العام بعد توفيق الله سبحانه وتعالى يعود للمدرسات المستشعرات لهذا الدور المناط بهن.
وأشارت إلى أن المدارس الصيفية ترتقي عاما بعد عام وأنها لا تقف في هذه المرحلة بل هي محطة فقط للمخرجات الصيفية والحصاد العلمي لها وأما المدارس بالنسبة لنا فهي كثيرة ونحن مستمرون بنفس المنهجية في بناء المرأة على هدى الله وعلى الثقافة القرآنية وبناء واستخراج القدرات الكامنة والمهارات وبناء جيل متنور بثقافة القرآن الجيل الذي يعرف عدوه ويعرف كيف يتعامل معه من منظور قرآني.
وبناء أمة قرآنية تقدم النموذج لباقي الأمم الأخرى وتبني الحضارة الإسلامية الصحيحة التي يريدها الله منها … وأكدت بالقول إن خيرات الوطن ستخرج من باطن الأرض وظاهرها ويتكفل أبناء هذا الجيل باستخراجها لأن بلدنا لا زال بكرا وهناك ثروات في البترول، في النحاس، في الذهب، وأيضا البحر لم نستخرج منه اللؤلؤ والمرجان، ولم نخرج ما لدينا من قدرات وموادنا مازالت خام ومبطنة وطلابنا هم الذين سيستخرجون هذه الموارد وسيبنون الحضارة وهم الفاتحون.
ونحن فقط علينا في هذه المرحلة التوجيه والبناء ويجب على الأعداء أن يدركوا أن عليهم هذا المهمة وأن نظرتنا عالمية بعالمية القرآن للأمم جميعا ونتمنى أن يعم الخير للجميع تكون جنة الله في أرضه.
مخرجات عملية
أما عضو اللجنة الفرعية للطالبات بأمانة العاصمة مسؤولة الدعم والإسناد بأمانة العاصمة أشواق المأخذي فتقول: استمر نشاط الدورات لما يقارب الـ 45 يوما بمستوياتها المختلفة وبالأنشطة المتنوعة وخرجت الطالبة بالفائدة المرجوة كقراءتها وإجادتها للتلاوة وحفظ ما تيسر من القرآن، واكتساب معرفة المفاهيم الصحيحة والتوجيهات الربانية وماذا يريد الله منها في حياتها وكيف تكون في واقعها العملي وأيضا تحققت بعض المخرجات العملية والمهارية في التصنيع الغذائي وبالطريقة الصحيحة وتم تعليمهن كيف يكون دورهن داخل بيوتهن كيف التعامل القرآني وكيف تكون المرأة، امرأة نموذجية تتحلى بالتربية الإيمانية وبتوجيهات القرآن.
وأكدت أن الدورة حظيت بمدرّسات مستشعرات للدور المنوط بهن …وتضيف أن المدارس ترتقي عاما بعد عام وأنها لا تقف في هذه المرحلة بل هي مرحلة مخرجات صيفية وبالنسبة لنا كتربويات مستمرات بنفس هذه المنهجية في بناء المرأة البناء الحقيقي للشخصية والقدرات والمهارات وبناء فتيات متنورات يحملن الثقافة القرآنية وبناء جيل يعرف من هو عدوه ويعرف كيف يبني أمة ويبني حضارة.
الإقبال جيد جدا
رئيسة اللجنة الصيفية ورئيسة اللجنة التنفيذية للمراكز الصيفية بمديرية صنعاء القديمة أمة السلام الحمزي تقول بالنسبة لسنة 1445هجرية فكان الإقبال جيداً جدا وقد وصلنا بحمد الله إلى ختام المراكز الصيفية ونسأل الله أن يتقبل أعمالنا وأن يجعل ثمرتها تتحقق على الواقع المجتمعي.
واليوم نختتم أنشطتنا ومن بعده ستختتم باقي المراكز الصيفية خلال هذا الأسبوع ونرجوا من الله أن يتقبل منا هذا العمل وأن يحفظ لنا سيدنا وقائدنا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ونصل إلى مبتغاه على هذه الطريقة النبوية.
الاكتفاء الذاتي والتمكين
المديرة المنفذة في اللجان الفرعية للمراكز الصيفية الهام المتوكل تقول: اليوم هو تدشين اختتام الدورات الصيفية التي نعتبرها أكبر جبهة توعوية وثقافية للجيل الناشئ، كما أنها هي ضربة للعدو، ومن أهداف هذه الدورات الصيفية الكبيرة جدا هي تحقيق مبدأ الولاية لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله ونوضح للأعداء أننا على حق وعلى الخط الممتد من الله إلى رسوله إلى الإمام علي إلى أعلام الهدى كما قال الله سبحانه (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) وبهذا سننتصر ونحقق الاكتفاء الذاتي والتمكين والرفعة للأمة الإسلامية وسننتصر انطلاقاً من هذا المبدأ للمظلومين في غزة وكل المظلومين المسلمين في كل أرض ونذل كل طاغية ومستكبر.
وأكدت المتوكل أنه لا بد من رجوع الناس إلى الله وكيف تكون ثقتهم بالله وكيف يكون لجوؤهم إلى الله قال تعالى (ففروا إلى الله).
وأشارت إلى أن هناك فلاشات تساعد في الحصول على الثقة بالله من خلال الدورات الصيفية وتعزز ثقتنا بالله بحيث تكون قوية جدا ونرى الله أكبر في كل مراحل حياتنا.
وقالت: هناك طالبات ساهمن من المراكز الصيفية المختلفة في عرض كشفي رائع بنشاط وحيوية، وهذا الحفل هو بحد ذاته رسالة قوية للعدو تبين مدى وعي هذه الطفلة التي لا زالت صغيرة لكن لديها الوعي الكافي لتعرف من هو عدوها ومن هو صديقها.

مقالات مشابهة

  • هل الدعاء للميت بعبارة «ربنا يجعل مثواه الجنة» خطأ؟.. شيخ أزهري يوضح
  • تفسيرات لا يعرفها كثيرون.. عالم أزهري يكشف سبب تسمية "يوم عرفة" (فيديو)
  • مع اختتام الأنشطة في عدد من المراكز: مخرجات الدورات الصيفية تؤكد صوابية الرؤية لهذا النشاط
  • فرية جديدة للاحتلال بحق شبكة الجزيرة.. ما هي وكيف علق مغردون؟
  • خبير يوضح كيفية اختيار الذبيحة المناسبة بشكل دقيق .. فيديو
  • أضحية العيد.. شروطها وآدابها وكيفية توزيعها
  • لمواكبة التطور في تطبيق المعايير المحاسبية الدولية.. "المصري للتأمين" يوضح مفهوم معيار 17
  • يوم الغدير.. عندما تتحول الاساطير والبدع الى حقائق دامغة/3 ـ 3
  • "ضغوط على نتنياهو لإيقاف الحرب".. محلل سياسي يوضح السيناريوهات المستقبلية
  • كيف تغتنم يوم عرفة؟.. إليك شروط الدعاء المستجاب