في بداية الحرب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة كرر رئيس وزراء «دولة» الاحتلال أن الحرب التي تخوضها «إسرائيل» إنما هي «حرب من أجل الحضارة»، وحرب من أجل «النور» في مقابل «الظلام»، وكرر بعض الساسة الغرب في أمريكا وأوروبا في البدايات الأولى للحرب هذه المصطلحات كثيرا حتى إن العالم تذكر سياقات الغزو الأمريكي والبريطاني على العراق في عام 2003 الذي كان «تحت ذريعة الحضارة»، أيضا، وفق ما كان يكرر الرئيس الأمريكي بوش الابن ووفق ما كتب لاحقا الصحفي البريطاني روبرت فيسك في كتابه «الحرب العظمى من أجل الحضارة: غزو الشرق الأوسط» والتي ذكر في سياقها عدة حروب من بينها الحرب على فلسطين عبر التاريخ.
ولأن الحرب على غزة أحدث الذرائع التي تغنى بها الاحتلال الإسرائيلي حينما أكد مرارا وتكرارا أنها «حرب من أجل الحضارة»، ومن أجل «النور» في مواجهة «الظلام»، وإنهاء «البربرية» فإن أقوى سؤال يمكن أن يوجه للاحتلال الإسرائيلي في هذه اللحظة يتعلق بالسياق الذي يمكن للعالم أجمع -الذي يراقب ما يحدث في غزة- أن يقرأ فيه «حرب التجويع» الذي يستخدمه الاحتلال ضد الفلسطينيين! وفي أي مسار من مسارات «الحضارة» يمكن أن نفهم «الجوع» الذي يفتك بالأطفال الذين تُغتال براءتهم من أجل عيون «الحضارة»؟ هل هذا المسار الحضاري هو مسار السلام؟! أو هو مسار التقارب بين الحضارات؟! أو نوع جديد من أنواع «النور الحضاري» الذي تريد إسرائيل أن يشع في الشرق ويطفئ دياجي الظلام وفلوله!!
تقول إسرائيل إن المدنيين «يسقطون» قتلى على هامش الصراع الحقيقي مع حركة حماس.. وهذا السقوط لو أقنع بعض الغرب في بداية الحرب كيف يمكن أن يقنع عاقلا في هذه اللحظة التي تجاوز فيها عدد «القتلى» خلال هذه الحرب الـ30 ألف شهيد، وكيف يقتنع الغرب، المختطف ذهنيا بسطوة السرديات الإسرائيلية، عملية تجويع أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في حصار خانق جدا، دون طعام أو شراب أو دواء، وفوق ذلك يتزاحمون فوق جثث الشهداء المتآكلة! ويصل الطغيان بالاحتلال إلى أن يستدرج الناس عبر تمرير شاحنة مساعدات حتى إذا ما تجمع الآلاف حول «الطحين» وتدافعوا تقصفهم من كل مكان وترتكب أبشع مجزرة في تاريخ الحروب بعيدا عن أدنى مبدأ من مبادئ الإنسانية.. فعن أي «حضارة» تتحدث إسرائيل، وعن أي فهم لمسارات الدفاع عن النفس يتحدث الغرب!
إن كان ثمة سقوط في هذه الحرب القذرة التي يشنها الاحتلال بدعم غرب فهو السقوط الأخلاقي، والسقوط الحضاري الذي كشف حقيقة «الاحتلال» و«الساسة الغرب» أمام شعوبهم وأمام التاريخ الذي لن يرحمهم مهما ابتدعوا مصطلحات وخدعوا بها السذج والبسطاء من شعوبهم وبعض ضعاف الوعي من العرب مع الأسف الشديد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الإغاثة الطبية: جهود البحث عن المفقودين في غزة تصطدم بالتحديات التي فرضها الاحتلال
أكد مدير جمعية الاغاثة الطبية في قطاع غزة الدكتور محمد أبو عفش، أن جهود البحث عن المفقودين في غزة تصطدم بالتحديات التي فرضها الاحتلال.
وقال الدكتور أبو عفش، في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية اليوم الأحد، إن ملف المفقودين الشائك عملت عليه أكثر من مؤسسة سواء شبابية أو تابعة للصليب الأحمر أو تابعة لوزارة الصحة الرسمية"، مشيرا إلى أن هناك أعداد كبيرة لدى المنظومة الطبية من المفقودين سواء من الطواقم الطبية التي كانت تعمل في مستشفى الشفاء أو في الأماكن التي اجتاحتها قوات الاحتلال.
وأضاف أن التقارير اليومية والأسبوعية التي تصدر من وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة تشير إلى أن هناك ما يقرب من 10 آلاف مفقود ولا يعلم مصيرهم حتى الآن، فيما تشير التقارير أيضا إلى أن هناك عائلات كبيرة بأكملها تم ادراجها في عداد المفقودين في مناطق الاجتياح الأخيرة في منطقة الشجاعية أو شمال غزة في جباليا أو بيت لاهيا وبيت حانون وخان يونس.
وأوضح أن ما يصل إلى وزارة الصحة وتصدر به شهادات رسمية من وفاة يتم رصده، ولكن هناك أعدادا كبيرة لم يتم رصدها نتيجة النزوح الكثير الذي يحدث، وهناك أماكن كاملة من شمال غزة نزحت إلى الجنوب ما يصعب من إجراءات التحري والتقصي عن المفقودين.
وأشار إلى أنه كان قد طلب من الصليب الأحمر بإحضار نسب وإعداد المعتقلين والاحتلال رفض الإفصاح عن الاعداد الحقيقية للمعتقلين المتواجدين لديه منذ السابع من أكتوبر إلى الآن.
وقال إن الاحتلال لا يسمح بدخول أي آليات للبحث عن المفقودين حتى لا تتمكن طواقم الدفاع المدني من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في بعض الأماكن التي يتم قصفها، كما أنه يمنع دخول أي وسائل للتعرف على الحمض النووي الخاص بهؤلاء المفقودين.
يشار إلى أن ملف المفقودين من القضايا المؤلمة التي خلفها العدوان الإسرائيلي على القطاع، كما أن القيود المشددة التي يفرضها جيش الاحتلال على المعابر تعيق مهمة البحث والكشف عن آلاف المفقودين.
اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية بغزة: المستشفيات تستقبل 200 إصابة يوميا والأمراض المزمنة منتشرة بالقطاع
«الإغاثة الطبية في غزة»: استهداف متعمد للجائعين خلال استلام المساعدات الإنسانية
الإغاثة الطبية بـ غزة: المؤسسات الدولية لا يمكنها فرض خطتها لتوزيع المساعدات