محمد عبدالجواد يكتب: الهيئات والصناديق الخاصة بوابة إصلاح مسار الاقتصاد
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
مسيرة تصحيح مسار الاقتصاد المصرى انطلقت بالفعل مع إقرار مجلس الوزراء مشروع قانون يستهدف دمج 59 هيئة اقتصادية فى الموازنة العامة للدولة، وهى خطوة تستهدف تحسين مؤشرات المالية العامة ورفع الإيرادات من 2.1 تريليون جنيه بموازنة العام المالى الحالى إلى نحو 5 تريليونات جنيه.
الحكومة تعمل من خلال وزارة المالية على شمولية الموازنة العامة، عبر دمج موازنات الهيئات الاقتصادية فى موازنة جديدة تسمى موازنة الحكومة العامة، وبدء العمل بالموازنة الجديدة العام المالى المقبل، وتضم فى مرحلتها الأولى موازنات 40 هيئة اقتصادية يليها دمج 19 موازنة لهيئات أخرى خلال 5 سنوات.
هذا التعديل التشريعى يسهم فى احتساب إيرادات الهيئات الاقتصادية نحو 2.8 تريليون جنيه إلى إيرادات الموازنة العامة ليصبح إجمالى الإيرادات نحو 5 تريليونات جنيه، وهو ما يخفض حصة الضرائب من إجمالى الإيرادات إلى 35% بدلاً من 80% حالياً.
مطرقة الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر تأثراً بما يضرب العالم من توترات قد تكسر أقفال الصناديق الخاصة التى ظلت لفترة طويلة خارج ولاية الموازنة العامة، لأن احتدام الأزمات العالمية وضبابية الرؤية حول موعد انتهائها يتطلب البحث عن طرق جديدة لتخفيف الأعباء المالية، ويبدو أن أقصر الطرق لتحقيق ذلك سيكون وحدة الموازنة، ما يعنى إدخال موازنات الهيئات الاقتصادية والصناديق الخاصة فى الموازنة، بعد عقود من بقائها تغرد خارج السرب، لأن النتيجة المباشرة لذلك تتمثل فى انخفاض مستوى الدين العام حال التطبيق.
التوترات السياسية العالمية والإقليمية عمقت جراح الاقتصاد المصرى فى ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة وهجمات الحوثيين فى اليمن على السفن التجارية فى البحر الأحمر وتأثيرها فى حركة الشحن.
الأرقام لا تكذب ولا تتجمل وهى أصدق تعبير عن الواقع، فإجمالى موازنات الهيئات الاقتصادية الخاصة 2.25 تريليون جنيه، أى أكثر من الموازنة العامة للدولة التى تتراوح بين 2 و2.1 تريليون جنيه، وهناك 59 هيئة اقتصادية تتوزع على 12 قطاعاً، هى الزراعة والرى والصناعة والبترول والتعدين والكهرباء والطاقة والنقل والاتصالات والمعلومات والتجارة والتموين والمال والاقتصاد والإسكان والتشييد والخدمات الصحية والدينية والقوى العاملة والثقافة والإعلام والسياحة والدفاع والأمن وقطاع التأمينات.
وعلى مدار عقود ظلت الحسابات الخاصة لغزاً غامضاً، لذا قامت وزارة المالية بإحصاء دقيق على مدار 3 سنوات كشف عن وجود 7776 حساباً خاصاً و505 حسابات لصناديق خاصة.
مبدأ وحدة الموازنة ليس حلاً سحرياً لعلاج مشاكل الاقتصاد لكنه خطوة جادة لإعادة هيكلته وتصحيح مساره، وقد يكون السبب الرئيسى الذى يعرقل ضم الصناديق الخاصة إلى وزارة المالية هو العمالة المعينة عليها، وعددها بين 250 إلى 300 ألف موظف، وبالتالى ضم هذه الصناديق للموازنة يتطلب ضم العمالة التابعة لها.
تطبيق وحدة الموازنة يهدف إلى زيادة الشفافية والإيرادات العامة للدولة، التى تبلغ 2.1 تريليون جنيه للعام الحالى، بينما الهيئات الاقتصادية نحو 2.9 تريليون جنيه، ويضيف 2.7 تريليون جنيه لبند الإيرادات ويحل مشكلة مزمنة، وهى أن 20% من حجم الإيرادات فى مصر خارج الموازنة، وهو أمر يجب ألا يستمر.
وتعد وحدة الموازنة أحد معايير الحكم على الشفافية لتعزيز القدرة على محاسبة الحکومة والثقة فى السياسات وتعزيز الرقابة البرلمانية وتفعيل المشارکة المجتمعية فى صنع الموازنة العامة والسيطرة على الإنفاق العام والحد من الأزمات المالية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتحكم فى المصروفات بشكل أدق ووضع كل إيرادات الدولة تحت تصرفها وتحت أعين مجلس النواب وقت المناقشة لتحسين الشكل المحاسبى بعدما ارتفعت نسبة إيرادات الضرائب لدى مقارنتها بالدين العام لمرحلة حرجة.
وتستهدف الحكومة أن ترتفع حصيلة الضرائب خلال العام المالى الحالى 2023-2024 إلى تريليون و530 مليار جنيه ورغم زيادة الحصيلة المستهدفة إلا أن نسبة الضرائب تراجعت لتمثل 71% من إجمالى إيرادات الدولة للعام الحالى مقابل 75% للعام الماضى.
موازنات الهيئات الاقتصادية للسنة المالية الحالية تبلغ 3 تريليونات و657 ملياراً و69 مليون جنيه وتحقق فائضاً يؤول للخزانة العامة بقيمة 66.1 مليار جنيه غالبيتها العظمى من ثلاث جهات فقط هى هيئة قناة السويس بقيمة 50.7 مليار جنيه وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بقيمة 3.04 مليار جنيه والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات 12 ملياراً.
وحدة الموازنة كانت أحد المطالب خلال مناقشات الحوار الوطنى فهيئة المجتمعات العمرانية على سبيل المثال تبيع أراضى وعقارات ويأتى لها دخل لا بد أن يكون تحت يد وزارة المالية التى تحدد المشروعات التى يفترض إنفاقها عليها وفقاً لأولويات الدولة.
موازنة هيئة المجتمعات العمرانية ارتفعت من 60 ملياراً و890 مليوناً فى العام المالى 2019/2020 إلى 64 ملياراً و111 مليون جنيه فى 2020/2021 ثم 120 ملياراً و273 مليون جنيه فى 2021/2022 ثم 144 ملياراً و127 مليون جنيه فى 2022/2023، وأخيراً 145 ملياراً و455 مليون جنيه فى العام الحالى.
بالتأكيد مصر ستكون أفضل كثيراً عندما تطبق بها وحدة الموازنة فمصلحة المجتمع فى وضع الأموال فى حزمة واحدة وإعادة توزيعها على الصالح العام ومن الطبيعى ضم جميع الهيئات الاقتصادية للموازنةالعامة للدولة فى ظل توجه الدولة نحو الحياد التنافسى مع القطاع الخاص وإلغاء الامتيازات للشركات الحكومية، وبالفعل قدمت الحكومة مشروع قانون لمجلس النواب يتضمن إلغاء كل المواد القانونية التى تمنح معاملة تفضيلية للشركات المملوكة للدولة فى جميع المجالات الضريبية والجمركية والرسوم، بجانب وثيقة ملكية الدولة التى تضمنت التخارج من العديد من الأنشطة.
نجاح مصر فى تطبيق مبدأ وحدة الموازنة سيكون له مردود طيب على الاقتصاد العام وسيكون عبارة عن عملية تجميل دقيقة وناجحة لشكل الموازنة الحالى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاقتصاد المصرى الموازنة الهيئات الاقتصادية الموازنة العامة وزارة المالیة العامة للدولة وحدة الموازنة ملیون جنیه فى العام المالى تریلیون جنیه ملیار جنیه
إقرأ أيضاً:
بحضور منصور بن زايد ومكتوم بن محمد لجنة الميزانية العامة للاتحاد تناقش مشروع الميزانية للسنة المالية 2026
عقدت “لجنة الميزانية العامة للاتحاد”اجتماعها الثالث عشر لمناقشة مشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026، وذلك بحضور سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية.
وحضر الاجتماع، الذي عقد في قصر الوطن في أبوظبي، معالي محمد بن هادي الحسيني وزير الدولة للشؤون المالية، ومعالي خالد محمد سالم بالعمى التميمي محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، إضافة إلى ممثلي ديوان الرئاسة ووزارة المالية.
ناقشت اللجنة خلال الاجتماع عدداً من المواضيع، أبرزها مشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026 ضمن خطة الميزانية للسنوات (2022-2026)، وذلك وفقاً للتنسيق الذي أجرته وزارة المالية مع جميع الجهات الاتحادية بهدف إعداد الميزانية العامة للاتحاد، مع الأخذ في الاعتبار آخر المستجدات على الصعيدين الاقتصادي المحلي والعالمي.
واتُخذت الإجراءات اللازمة في إطار الأحكام المنظمة لإعداد الميزانية وعرضها، كما وردت في المرسوم بقانون اتحادي رقم (26) لسنة 2019 في شأن المالية العامة وتعديلاته، والقرارات والتوصيات ذات الصلة.
ووجّهت اللجنة وزارة المالية باستكمال الإجراءات اللازمة لإعداد مشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026، تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء الموقرواطلعت على طلبات الجهات الاتحادية لمشروع الميزانية للسنة المالية 2026.
كما استعرضت الوضع النقدي للسنة المالية 2025 في ضوء التدفقات الداخلة والخارجة خلال النصف الأول من السنة المالية الجارية، والوضع النقدي المتوقع للسنة المالية 2026 بعد قيام الجهات الاتحادية بتحديث تنبؤات الإيرادات وتقديرات المصروفات المتوقعة، في ضوء انتعاش القطاعات الاقتصادية ومؤشرات النمو الاقتصادي في الدولة.
وأوصت اللجنة باتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الشأن.
وأشادت اللجنة بجهود وزارة المالية في تحديث مشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026، والتنسيق الذي تم مع الجهات الاتحادية بهذا الشأن.