آلات الموسيقى العُمانية التقليدية والهُوية الثقافية «3»
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
الفكرة الأولى التي صُنعت واستُعملت آلات الموسيقى العُمانية التقليدية على أساسها، فكرة قديمة ومتوارثة.
وقد لاحظنا في المقال السابق (رقم2) أن عددًا من الآلات المصوتة بذاتها والنفخ والوترية تعود إلى عصور زمنية قديمة، بعضها وحسب المكتشفات الأثرية التي ذكرتها في المقال المشار إليه، يعتقد المكتشفون أنها تعود إلى العصور الحجرية التي كان من سماتها استعمال الإنسان الحجر في صناعة أنواع عديدة من الأدوات.
ومن المثير للاهتمام أن واحدة على الأقل من هذه الآلات «الموسيقية» المكتشفة من قبل علماء الآثار والمهتمين ظلت منذ تلك العصور القديمة وحتى وقتنا هذا تؤخذ من الطبيعة وتستعمل بالطريقة نفسها دون تغيير يذكر في صناعتها ونظامها الصوتي والنغمي.
وهنا يبرز السؤال: لماذا لم يطرأ عليها أي تغيير صناعي يطور فكرتها من حيث المادة التي تصنع منها أو إمكانياتها النغمية اللحنية أو الإيقاعية منذ القرون الحجرية وحتى وقتنا هذا؟ ما الأسباب التي حالت دون ذلك؟ في الحقيقة يصعب الجواب عن هذا السؤال، خاصة أن الإنسان في هذه البقعة الجغرافية له نشاط ملموس ومؤثر على مدى التاريخ وجزء من العالم القديم وحضارته، ولكن قد لاحظ كاتب المقال أن عددًا من أصحاب آلات الموسيقى التقليدية يعتقدون صلة أصواتها مع قوى روحانية معينة، ومنها آلة الجم الأثرية التي هي عندهم من «آلات السنّن» حسب هذه التصورات.
من هنا ربما كان هذا أحد الأسباب التي كانت وراء الاحتفاظ بها على هيئتها الأولى قرونا طويلة دون تدخل يذكر، وبناء عليه تستعمل هذه الآلات في حالتين: روحانية وأخرى طربية دنيوية.
ومن الملاحظ في هذا الشأن أيضًا أن بعض الروايات التي وقف عليها مباشرة كاتب المقال في العديد من المحافظات، تصف بعض الآلات اللحنية التي كان يصنعها أشخاص تظل مستعملة من قبلهم فقط، ولهذا قد تأخذ سمعة مقبولة وأهمية محدودة في مصاحبة أداء نمط من أنماط الغناء. ولكن هذه الآلات تصنع من مواد أولية سهلة العطب كثمرة القرع مثلًا، وبذلك يصعب تداولها على نطاق واسع بالطريقة نفسها التي يتم بها تداول ونقل الآلات الإيقاعية أو النفخ الهوائية.
وبشكل عام ومنذ بدء أول الكتابات التعريفية والتوثيقية عن الموسيقى العُمانية منذ 1985م كان للآلات الموسيقية نصيب من تلك الكتابة التي بدأت مع مشروع الجمع والتوثيق وتنظيم أول ندوة تعريفية وبحثية عن الموسيقى في عُمان في العام المشار إليه من قبل مركز عُمان للموسيقى التقليدية الذي يصادف هذا العام مرور أربعين عاما على تأسيسه.
وفي هذه المتابعة العامة لتاريخ آلات الموسيقى العُمانية وبعد أن حصرنا في المقال السابق الآلات الموسيقية في مرحلة عُمان القديمة وربما كذلك مرحلة عُمان الإسلامية من المهم أن نتمعن في مسألة أساسية لها الأثر الواضح على آلات الموسيقى العُمانية وتطورها وتنوع استعمالاتها، وهي: أثر العلاقات الاجتماعية والثقافية مع الشعوب المجاورة في القارة الهندية وفارس وإفريقيا على تنوع الآلات الموسيقية التقليدية.
ومن الجدير بالذكر أن الصلات مع هذه الشعوب قد تمت من خلال عبور البحار المحيطة بعُمان من جهة الشمال بحر عُمان والخليج، ومن الجنوب بحر العرب والمحيط الهندي، ومن الواضح أن هذا قد تم عندما تطورت صناعة السفن وشيوع تجارة القوافل البرية منذ أن استأنس الإنسان الجمل، بحيث مكّنت هذه الوسائل الشعوب من التواصل والتجارة فيما بينها.
وهكذا فإن تطور أنواع المواصلات، أثّر على انتقال الناس من منطقة إلى أخرى ومعهم ثقافاتهم وأغانيهم وآلاتهم الموسيقية التي يمكن أن ترشدنا بطريقة أو بأخرى إلى تاريخ هذه العلاقات.
ويمكن في هذا السياق وضع قائمة بأسماء عدد من الآلات الموسيقية التي أعتقد أنها ذات صلة بهذه العلاقات ومعظمها آلات إيقاعية، ولكن، ونظرًا لقِدمِ صناعة هذه الآلات وتشابه فكرتها الصناعية الأساسية مع تلك التي تستعملها الشعوب المجاورة في آسيا على وجه الخصوص، يصعب تحديد من هو صاحب الفكرة الأولى لها، بما في ذلك بعض آلات النفخ الهوائية كالسرناي والقربة (الهبان)، ولكن يمكن الملاحظة في هذا السياق تفرد الثقافة الموسيقية العُمانية وجنوب الجزيرة العربية عن بعض الشعوب الآسيوية المجاورة بأسلوب أداء الضروب الإيقاعية، وتعدد خطوطها الفنية وتنوع أدوار الآلات الإيقاعية، والجمع بين أعداد كبيرة منها في الأداء أحيانا، مع اختلاف أحجامها وتنوع أصواتها بين الغليظ والرفيع والزخرفة الفنية.ولكن يبدو لي من جهة أخرى، أن صناعة واستعمال الآلات اللحنية عامة والوترية خاصة هي الحلقة الأضعف في مجمل صناعة الآلات الموسيقية العُمانية، وأنها الأكثر تعرضًا للرفض من قبل المتشدّدين في مرحلة عُمان الإسلامية، بحيث لم يسمح عبر قرون طويلة بنشأة صناعة محلية لهذه الآلات أو حتى استعمالها إلا في حدود ضيقة جدًا وسرًا في بعض الحالات، الأمر الذي أصلحه -المغفور له بإذن الله- السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، من هنا يمكن الحديث اليوم عن نشأة صناعة لآلة العود في عُمان من قبل عدد من الصناع المحترفين العُمانيين وأصحاب ورش مجهزة لهذه الصناعة المعقدة.
وقد اجتهد في السابق بعض الهواة في صناعة آلات وترية بطريقة بدائية تستخرج أصواتها أما بالقوس أو بالنقر ويسمونها بأسماء مختلفة.
من هنا، لم يتمكن العازفون على الآلات اللحنية الوترية والزامرة من صنع هُوية فنية خاصة بالأداء الفني في الموسيقى العُمانية، وجميع أساليب الأداء المعاصرة على هذه الآلات، مستعارة من مراكز الفن العربي المشرقي في اليمن والشام ومصر والعراق، لهذا ستأخذ صناعة أسلوب أداء فني متميز أو هوية ثقافية لأي أسلوب فني جديد بعض الوقت يطول أو يقصر بناء على استجابة البيئة المحفزة واستمرار الإصلاح الثقافي والانشغال بتحقيق المنجز الفني الإبداعي أو عدمه... ونستكمل المقال بعد نهاية شهر رمضان المبارك إن شاء الله، وكل عام والجميع بصحة وسلامة وأمن وأمان.
مسلم الكثيري موسيقي وباحث
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الآلات الموسیقیة هذه الآلات من قبل
إقرأ أيضاً:
تركي آل الشيخ يترأس مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض
أكد معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA)، خلال مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض الذي أقيم أمس السبت، أن فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي، باعتباره مؤتمرًا يسهم في تقديم أبحاث تدرس الأنماط الموسيقية، وتوثق المقامات والإيقاعات، وتستكشف سبل تطويرها وفق دور المملكة في دعم الفنون، داعياً إلى اكتمال عمليات توثيق المقامات الشرقية الصوتية خلال العامين المقبلين، وآملاً أن يمتد التوثيق ليشمل المقامات الشرقية في إيران، بما يعزز شمولية العمل ويثري المحتوى الموسيقي العربي والشرقي.
وفي مستهل كلمته رفع معالي المستشار تركي آل الشيخ أسمى آيات الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله، ولسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله، قائد المسيرة وعرّاب الرؤية، على ما يقدمانه من دعم كبير ومتواصل لقطاعي الترفيه والثقافة، وما يوليه سمو ولي العهد من اهتمام استثنائي بصناعة المعرفة وتطوير المنظومة الفنية والثقافية في المملكة.
كما قدّم معاليه شكره لصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، على جهوده الكبيرة في تطوير القطاع الثقافي، ودعمه المستمر للمبادرات التي تعزز الهوية السعودية وتفتح المجال أمام الإبداع بمختلف أنواعه.
وأكد معالي المستشار خلال كلمته على أهمية أن يكون هناك تنسيق كامل وتكامل بين جميع الجهات المعنية في العمل الموسيقي، بما يضمن توثيق المقامات الشرقية الصوتية وتصويرها وتسجيلها وفق منهجية علمية موحدة، مع الاستفادة من الإمكانات المتقدمة التي يوفرها “استديو مرواس” لدعم هذا المشروع.
وأشار معاليه إلى ضرورة العمل على إيجاد مقر مخصص لتعليم الموسيقى، يكون قادرًا على استيعاب الاحتياجات الأكاديمية وتدريب الأجيال القادمة.
وبيّن أن الهدف النهائي لهذا المشروع هو أن تصل نتائجه ومخرجاته إلى كل معهد موسيقي في العالم، بما يعزز مكانة الموسيقى العربية، ويجعلها جزءًا من المراجع الأكاديمية الدولية.
وشدّد آل الشيخ على أهمية التكامل العربي في هذا المجال قائلاً: “نحن يد واحدة، والرياض وجميع العواصم العربية هي عواصم للفن”، مؤكدًا أن التعاون هو الأساس في نجاح هذه المشاريع المشتركة.
كما وجّه معاليه شكره لفنان العرب محمد عبده، مشيرًا إلى أن الفرقة الموسيقية المصاحبة له تضم 50 في المئة من العازفين السعوديين، وهو ما يعد إنجازًا مهمًا يعكس تطور الكفاءات السعودية في هذا المجال.
وأوضح آل الشيخ أن هذا المؤتمر يمثل خطوة علمية مهمة لحفظ التراث الموسيقي العربي وربط الأجيال ببعضها، من خلال جمع الخبراء والباحثين تحت سقف واحد لإثراء هذا المجال المعرفي الواسع، وترسيخ العمل العلمي المشترك في توثيق الهوية الموسيقية العربية.
معبرًا معاليه عن شكره وتقديره للمشاركين في هذا المؤتمر الذي يجمع أهل الخبرة والبحث والمهتمين بالمجال الموسيقي من مختلف أنحاء العالم العربي، مؤكدًا أن حضورهم يعكس الاهتمام المشترك بتطوير هذا الحقل المعرفي وتعزيز العمل العلمي العربي في مجال الموسيقى.
وبيّن أن الهدف الرئيس من المؤتمر هو الخروج بنتائج عملية تخدم الباحثين، وتحفظ التراث الموسيقي العربي، وتفتح آفاقًا أوسع للعمل المشترك بين الدول العربية، بما يسهم في دعم الدراسات المتخصصة وتعزيز التعاون في مجالات التوثيق والتطوير الموسيقي.
ونوّه معالي المستشار إلى أهمية التكامل بين القطاعات في المملكة، موضحًا أن العمل الجاري اليوم لا تقوم عليه جهة واحدة منفردة، بل يعتمد على تعاون وثيق بين مختلف المؤسسات، بحيث يكمل كل قطاع الآخر بصورة تسهم في تعزيز قوة المخرجات وعمقها. وأشار إلى أن التجارب الماضية أثبتت أن المشاريع الكبرى لا تتحقق إلا بتكاتف الجهود وتنسيق الأدوار بين الجهات المعنية.
وأوضح آل الشيخ أن انعقاد هذا المؤتمر يعكس نموذجًا واضحًا لهذا التكامل، حيث أتاح التعاون بين وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه آفاقًا أوسع للعمل، وفتح مساحات أكبر لإنجاز المشاريع العلمية المشتركة، وهو ما يعزز حضور المملكة إقليميًا ودوليًا في المجالات الثقافية والموسيقية.
وفي ختام كلمته، أكد معاليه أنه استمع بعناية إلى التوصيات والملاحظات التي تقدم بها رؤساء اللجان من مختلف الدول المشاركة، مشددًا على أن جميع هذه التوصيات ستكون محل اهتمام وعناية كاملة، وسيجري دراستها بشكل شامل بما يحقق الأهداف المشتركة، ويدعم الجهود العربية في مجال التوثيق الموسيقي.
كما وجه شكره لجميع اللجان والباحثين والمختصين المشاركين في هذا المؤتمر، معربًا عن تقديره لكل من أسهم في هذا العمل العلمي المهم، ومؤكدًا دعمه لجهودهم في المراحل المقبلة، سائلاً الله التوفيق للجميع في أعمالهم القادمة.
وبعد ثمانية أشهر من العمل المتواصل، الذي انطلق من خلال عدة لجان تشكل الوطن العربي، إضافة إلى تركيا، أوصى مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض بمجموعة شاملة من التوصيات الهادفة إلى صون التراث الموسيقي العربي وتطويره والارتقاء بجهود البحث والتوثيق في مختلف أنحاء الوطن العربي.
وقد جاءت هذه التوصيات في إطار رؤية موسيقية موحَّدة تستشرف مستقبلاً أكثر تطورًا للمقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية العربية، وتدعو إلى اعتماد مخرجات علمية متماسكة تعزز حضور الموسيقى العربية في العالم.
وأكدت التوصيات أهمية تنفيذ مشروع عربي شامل لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية وفق منهجيات علمية دقيقة، تشمل التدوين والتحليل والمسح الميداني والرجوع إلى المراجع التاريخية، إلى جانب حفظ التراث الشفهي وإعادة تسجيل النماذج النغمية القديمة والحديثة، بما يؤسس لمرجع عربي موثق يكون نقطة انطلاق لأجيال الباحثين والممارسين.
وشدد المؤتمر على ضرورة إنشاء منظومات رقمية حديثة تشمل مكتبات إلكترونية مفتوحة، ومنصّات تعليمية تفاعلية متخصصة في المقامات والإيقاعات، وتطبيقات عبر الهواتف الذكية تتيح الوصول السهل إلى المحتوى المكتوب والمسموع والمرئي. كما دعت التوصيات إلى تسجيل الأعمال الموسيقية والتقليدية بطريقة صوتية وبصرية عالية الجودة، بما يضمن توفير نماذج معتمدة ودقيقة للدارسين والمهتمين.
اقرأ أيضاًالمنوعاتأكدت أن أضراره الصحية تتراجع بعد 10 أعوام من الإقلاع.. دراسة علمية حديثة: لا فرق بين التدخين القليل والكثير في تهديد حياة الإنسان
كما أوصى المؤتمر بإطلاق أكاديمية عربية عليا للعلوم والفنون الموسيقية تكون أول مؤسسة بحثية وتعليمية متخصصة في دراسة الموسيقى العربية، وتعمل على تطوير المناهج الأكاديمية وتعزيز الدراسات المقامية والإيقاعية، ودعم الباحثين الشباب، وربط الموسيقى العربية بالمعايير العلمية الحديثة مع الحفاظ على خصوصيتها الأصيلة.
وفي سياق متصل، دعا المؤتمر إلى إدراج التراث الموسيقي العربي بكل مدارسه وتنوعه في المناهج التعليمية، وتضمين الإيقاعات والطبوع والآلات المحلية في برامج التعليم الموسيقي في المدارس والمعاهد ومراكز التدريب، بما يسهم في تعزيز وعي الأجيال الجديدة بهذا الإرث الكبير.
كما أوصى المؤتمر بتنظيم مسابقة سنوية عربية لأفضل بحث أو كتاب في الفكر الموسيقي، وتكريم الشخصيات التي أسهمت في خدمة الموسيقى العربية والبحث العلمي، وتشجيع عمليات تحقيق المخطوطات الموسيقية ودراسة القوالب والصيغ الغنائية والآلات التراثية وطرق الأداء.
ودعا المؤتمر إلى توسيع جهود تسجيل الأعمال الموسيقية النادرة في مختلف الدول العربية، وإنشاء أرشيف موسيقي يشمل التسجيلات التاريخية والمواد الوثائقية المهددة بالاندثار، بهدف حفظها وإتاحتها للباحثين.
كما تضمنت التوصيات أهمية مراجعة ما يتم إنجازه من أعمال توثيقية بشكل مستمر لتصحيح الثغرات والارتقاء بجودة الأداء العلمي، وتشجيع تبادل الخبرات بين الدول العربية، وضمان استمرار الدعم للمشروعات البحثية والموسيقية المشتركة.
وبهذه التوصيات الموحدة يؤسس مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض لرؤية جديدة تتعامل مع التراث الموسيقي العربي بوصفه مشروعاً علمياً وثقافياً مستداماً، قائمًا على التوثيق الدقيق، والتطوير المؤسسي، والتعليم، والبحث، والتحول الرقمي، بما يتيح للموسيقى العربية أن تواصل حضورها المتجدد وتستعيد مكانتها الريادية في العالم.
ويأتي المؤتمر بوصفه أول تجمع علمي موسيقي شامل يدمج بين الهوية العربية والمنهج الأكاديمي، مستهدفًا بناء مرجع عربي موحد للمقامات والإيقاعات، وتوثيق الفنون الموسيقية وفق أساليب بحثية حديثة، تعزز من حضور الموسيقى العربية في إطار علمي متكامل.
ويترأس معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ أعمال المؤتمر، فيما تتولى اللجنة العليا، برئاسة الموسيقار الدكتور بسام بن غازي البلوشي، الإشراف على الجوانب التنظيمية والعلمية، بمشاركة نخبة من كبار الباحثين والأكاديميين العرب، إلى جانب لجان تمثل جميع الدول العربية دون استثناء، بما يعكس شمولية الحضور واتساع النطاق البحثي للمؤتمر.
ويرتكز المؤتمر على منهجية بحثية موسعة تعتمد على زيارات ميدانية تهدف إلى جمع الأداءات الموسيقية من مصادرها الشعبية وتوثيقها صوتيًا ونوتيًا ضمن أرشيف موسيقي موحد، إضافة إلى مراجعة وتحديث المصطلحات والمفاهيم التاريخية التي وردت في مؤتمر القاهرة عام 1932، بما يسهم في مواءمتها مع الاحتياجات البحثية المعاصرة.
وتقوم اللجنة السعودية بدور محوري في هذا المشروع من خلال توثيق الفنون المحلية في مختلف مناطق المملكة، حيث أسفرت الجهود عن تسجيل 14 مقامًا حجازيًا وأكثر من 160 إيقاعًا سعوديًا، جُمعت ميدانيًا من المؤدين المحليين، في خطوة تعكس ثراء الإرث الموسيقي الوطني وتنوعه الكبير، وتؤكد أهمية المحافظة على هذا التراث ضمن سياق علمي موثق.