بغداد اليوم -  أربيل

بيان مجلس شورى إقليم كوردستان - العراق

 

انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية التاريخية والقانونية تجاه التوجهات الجديدة التي تبنتها المحكمة الاتحادية العليا العراقية في قراراتها الأخيرة بخصوص الدعاوى المقامة ضد إقليم كوردستان، وما تحمله من مخالفات للنصوص الدستورية الصريحة وكذلك المبادئ القانونية الثابتة، وإيماناً منا بالنظام الفيدرالي في العراق، فإننا في مجلس شورى إقليم كوردستان - العراق، نعرض أمام الرأي العام أهم ملاحظاتنا القانونية بخصوص تلك المخالفات:

 

1- إحلال المحكمة الاتحادية العليا نفسها محل السلطة التشريعية، حيث أنها في الدعوى ذات العدد (83) وموحدتيها (131) و(185)/اتحادية/2023، شرّعت نصوصاً قانونية في البنود (ثانياً) و(ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) من منطوق الحكم في الدعوى المذكورة، وذلك بعدما قررت عدم دستورية بعض المواد والفقرات في قانون انتخاب برلمان كوردستان – العراق رقم (1) لسنة 1992 المعدل.

وهذا يشكل خرقاً واضحاً للمادة (93) من الدستور العراقي لسنة 2005، وبصورة خاصة البند (أولاً) منها، حيث بموجبه يقتصر عمل المحكمة الاتحادية العليا على ممارسة سلطتها الرقابية على مدى دستورية القوانين والأنظمة النافذة. ومن ثم فإن إيراد نصوص قانونية في قرار المحكمة الاتحادية إنما هو افتئات على اختصاصات السلطة التشريعية ومخالفة صريحة للمادة (47) من الدستور التي قضت بأن كل سلطة تمارس اختصاصاتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات.

2- عدم تقيد المحكمة الاتحادية العليا بعريضة دعوى المدعي، حيث أن المدعي في الدعوى ذات العدد (83) المشار إليها، لم يطلب إلغاء المقاعد الأحد عشر (مقاعد الكوتا)، وإنما طلب إعادة توزيع مقاعد برلمان كوردستان على محافظات الإقليم حسب معيار عدد السكان، بينما قضت المحكمة الاتحادية العليا في البند (أولاً) من منطوق الحكم بعدم دستورية عبارة (أحد عشر) في المادة الأولى من قانون انتخاب برلمان كوردستان المعدل، وهذا ما لم يطلبه المدعي في عريضة دعواه، ولا شك أن ذلك يشكل خرقاً واضحاً للمبدأ الثابت قانوناً وقضاءً بأن الدعوى تحدد بعريضتها، ولا يجوز الحكم بأكثر مما يطلبه المدعي.

3- يتبين من خلال الدعوى ذات العدد (83) المذكورة آنفاً، أن المدعى عليهم، هم كل من:  - رئيس برلمان كوردستان.

- رئيس إقليم كوردستان.

- رئيس حكومة إقليم كوردستان.

وقد قضت المحكمة الاتحادية العليا في البند (ثامناً) من البنود الواردة في منطوق الحكم في الدعوى المذكورة برد الدعوى بخصوص المدعى عليهما كل من رئيس إقليم كوردستان ورئيس حكومة إقليم كوردستان لعدم توجه الخصومة. وبذلك فقد انحصرت الخصومة في رئيس برلمان كوردستان. ولكن المحكمة الاتحادية العليا لم تلتفت إلى أنها كانت قد قضت بقرارها ذي العدد (233) وموحداتها (239) و(248) و(253)/اتحادية/2022 في 30/5/2023 بعدم دستورية قانون استمرار الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان – العراق رقم (12) لسنة 2022، ومن ثم فإن رئيس برلمان كوردستان والأعضاء جميعاً لم يعد لهم وجود قانوني أصلاً بينما تشترط المادة (4) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل أن يكون المدعى عليه خصماً يترتب على إقراره حكم بتقدير صدور إقرار منه. فبمقتضى هذه المادة كان من المفروض رد الدعوى لعدم صحة اعتبار رئيس برلمان كوردستان خصماً حيث أنه لم يكن له وجود قانوني عند إقامة الدعوى.

4- مخالفة المحكمة الاتحادية العليا للقواعد القانونية الإجرائية، حيث أنها في الدعوى ذات العدد (233) وموحداتها (239) و(248) و(253)/اتحادية/2022، قررت قبول عزل الموكلين كل من (د. وعدي سليمان المزوري) والموظفة الحقوقية (شرمين خضر بهجت) بناءً على كتاب برلمان كوردستان ذي العدد (1369) بتاريخ 23/5/2023 وإلغاء تخويل حضورهما بالترافع أمام المحكمة الاتحادية في الدعوى المذكورة. بينما قضت المحكمة الاتحادية العليا في الفقرة رقم (1) من الفقرات الواردة في منطوق حكمها المذكور بعدم دستورية قانون استمرار الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان – العراق رقم (12) لسنة 2022، ويترتب على ذلك عدم صلاحية رئيس برلمان كوردستان لعزل الموكلين المذكورين.

5- وقوع المحكمة الاتحادية العليا في تناقض في بعض قراراتها،  فقد قضت في الدعوى ذات العدد (83) المشار إليها، بإلغاء مقاعد (الكوتا) بناءً على أن وجود هذه المقاعد وإقرارها للمكونات في قانون برلمان كوردستان – العراق المعدل يشكل خرقاً للمادة (16) من الدستور التي قضت بأن تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك. بيد أنه إذا نظرنا إلى هذه المادة بتعمق وإمعان يتبين أن منح مقاعد (الكوتا) للمكونات هو الذي يحقق هذا التكافؤ، وأن تشريع هذه المقاعد (الكوتا) للمكونات وتثبيتها لهم يعد من الإجراءات اللازمة التي يتوجب على الدولة اتخاذها لتجسيد تكافؤ الفرص، وبصورة خاصة عند تبني نظام الدوائر الانتخابية المتعددة بتقسيم الإقليم إلى مناطق انتخابية مختلفة، حيث تتوزع أصوات المكونات على تلك المناطق وبالتالي قد لا يحصلون على أي مقعد. إذ أن المحكمة الاتحادية العليا عندما قررت إلغاء مقاعد (الكوتا) فإنها في القرار ذاته قضت بتقسيم إقليم كوردستان إلى ما لا يقل عن أربع مناطق انتخابية. وهذا الأمر يؤدي في الواقع العملي إلى عدم تحقيق تكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادة (16) من الدستور، وهذا يشكل تناقضاً في موقف المحكمة الاتحادية العليا. علماً أن قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية العراقي رقم (12) لسنة 2018 النافذ، ووفق آخر تعديل، قد نص على مبدأ الكوتا ومنح مقاعد لعدد من المكونات (المادة 15 المعدلة بموجب المادة 9 من قانون التعديل الثالث رقم 4 لسنة 2023).

6- فضلاً عما سبق، فإن تكوين المحكمة الاتحادية العليا لا يتوافق مع نص البند (ثانياً) من المادة (92) من الدستور العراقي لسنة 2005، حيث بموجب هذا البند تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، وأن القانون الذي ينظم عددهم وطريقة اختيارهم وعمل المحكمة يجب أن يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. فالمحكمة التي تتولى الرقابة على دستورية القوانين في البلد يجب أن تكون، قبل أية جهة أخرى، ملتزمة بمواد وبنود الدستور، وبصورة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بتكوين تلك المحكمة وكيفية عملها، فليس من المنطق في شيء أن تقضي المحكمة الاتحادية العليا في دستورية القوانين ولكنها في ذاتها من حيث تكوينها وعملها وقانونها الحالي تكون غير متوافقة مع الدستور.

 

إن هذا التوجه المتبنى من قبل المحكمة الاتحادية العليا والمتمثل بتجاوز الدستور والقوانين يجعل منها سلطة فوق السلطات، وتترتب عليه أمور لا تحمد عقباها سواء من الناحية القانونية أو السياسية أو الاجتماعية. فقد ظهرت مؤخراً بوادر هذه الأمور حيث أعلنت الأحزاب والجهات الممثلة لأهم مكونات إقليم كوردستان (التركمان والآشوريين والسريان والكلدان) عدم مشاركتهم في الانتخابات المزمع إجراؤها في الإقليم بتاريخ 10/6/2024، وهذا الأمر تترتب عليه مشاكل سياسية في واقع إقليم كوردستان، حيث أن البرلمان الذي سيتشكل بعد الانتخابات المذكورة يكون خالياً من تمثيل المكونات. عليه ينبغي على المحكمة الاتحادية العليا الالتزام بالدستور وممارسة اختصاصاتها كما هي في الدستور وعدم الافتئات على اختصاصات السلطات الأخرى.

 

 

القاضي الدكتور 

    سردار ياسين حمدأمين

  رئيس مجلس شورى إقليم كوردستان - العراق

                       13/3/2024

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: المحکمة الاتحادیة العلیا فی رئیس برلمان کوردستان إقلیم کوردستان عدم دستوریة من الدستور مجلس شورى حیث أن

إقرأ أيضاً:

زيارة مجلس النواب المصري ولقاء مع الأمين العام للمجلس ضمن فعاليات نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي

نظم المشاركون اليوم زيارة إلى مقر مجلس النواب المصري، حيث كان في استقبالهم المستشار أحمد مناع الأمين العام لمجلس النواب، الذي عقد لقاءً حواريًا مفتوحًا مع الشباب العربي المشارك، في إطار فعاليات النسخة الثالثة من نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي، التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وتحت رعاية فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، 

وشهد اللقاء مناقشات ثرية حول آليات العمل البرلماني والتشريعي في مصر، ودور البرلمان في دعم قضايا الشباب وتعزيز المشاركة السياسية، كما استعرض الأمين العام تجربة مجلس النواب في تطوير الأداء التشريعي وتفعيل التواصل مع المواطنين.

وشارك في اللقاء 60 شابًا وفتاة من 13 دولة عربية هي: مصر، فلسطين، ليبيا، اليمن، العراق، تونس، الإمارات، سلطنة عمان، قطر، الجزائر، الأردن، الصومال، وموريتانيا، وذلك ضمن فعاليات النسخة التي تُقام خلال الفترة من 11 إلى 18 أكتوبر 2025 تحت شعار "هويتي.. عربية"، من خلال الإدارة المركزية للتعليم المدني ـ الإدارة العامة لبرلمان الشباب والطلائع.


حضر اللقاء، الوزير مفوض فيصل غسال مدير إدارة الشباب والرياضة بجامعة الدول العربية، الأستاذة إيمان عبد الجابر رئيس الإدارة المركزية للتعليم المدني، الأستاذة راندا البيطار مدير عام برلمان الشباب والطلائع، الدكتور علوم حميدة مقرر جلسات مجلس النواب، والدكتور رأفت صبحي رئيس قطاع المضابط بالمجلس.

ويهدف النموذج إلى ترسيخ قيم الولاء والانتماء للهوية العربية، وتعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر، وبناء تعاون شبابي عربي مشترك، من خلال الورش التفاعلية والجولات الميدانية والأنشطة الثقافية التي تُسهم في بناء جيل عربي واعٍ بقضايا أمته.
 

طباعة شارك وزارة الشباب والرياضة أشرف صبحي البرلمان المصري برلمان الشباب مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • المحكمة العليا الأمريكية تنظر في قانون تاريخي يضمن تمثيل الأقليات الانتخابي
  • رئاسة الجمهورية تدعو البرلمان لاقرار مجموعة من القوانين أبرزها المحكمة الاتحادية والنفط والغاز
  • قيادي مؤتمري في مأرب ينتقد تهميش أبناء إقليم سبأ ويدعو إلى تحرك شعبي لضمان الشراكة الوطنية
  • المحكمة الدستورية العليا بمدغشقر تدعو إلى انتخابات بعد انقلاب عسكري
  • زيارة مجلس النواب المصري ولقاء مع الأمين العام للمجلس ضمن فعاليات نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • سومو تعلن تصدير نحو 2.5 مليون برميل من إقليم كوردستان
  • زيارة مجلس النواب المصري ضمن فعاليات نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • المحكمة الإدارية العليا تنتصر للمغاريز.. والقرار واجب التنفيذ فوراً
  • رئيس محكمة النقض يزور المحكمة الدستورية العليا.. صور
  • توقيع بروتوكول تعاون بين المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض