بعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية يبدو أن الفخ الذي أراد الغرب أن ينصبه لروسيا قد فشل بعد أن نجحت الأخيرة في السيطرة على العديد من المدن الأوكرانية خلال الفترة الأخيرة.


كما جاء فشل الهجوم الأوكراني المضاد ليعزز من مكاسب موسكو ويزيد من أزمة الغرب الذي بدأ يعيد النظر في حجم الدعم الذي يقدمه لكييف نظرا لعجزها عن تحقيق تقدم ملحوظ على أرض المعركة.


وبدأ الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة في ربط الدعم المقدم لأوكرانيا باشتراطات محددة تحقق المصالح الأمريكية حيث أصبحت واشنطن تتعامل مع كييف كولاية تابعة لها وتلزم حكومتها وقواته المسلحة بالتحرك وفق ما تقتضيه المصلحة الأمريكية.


ومؤخرا كشفت تقارير صحفية عن وصول وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية التابعة لمديرية الاستخبارات الرئيسية في أوكرانيا من السودان إلى الصومال، بناء على طلب الولايات المتحدة
وتحدثت صحيفة "Military Africa" عن الوجود الأمريكي في القارة الإفريقية، وخاصة في الصومال حيث تنشط شركة الأمن الأمريكية "بانكروفت " منذ أكثر من عقد من الزمن، وتسيطر على امتيازات التعدين وتحميها في المناطق التي تعمل فيها ضد الجماعات المسلحة.


وبحسب الصحيفة، فقد جرى مؤخرا إلحاق وحدات خاصة من القوات المسلحة الأوكرانية لتعمل ضمن شركة الأمن الأمريكية المتواجدة في العاصمة مقديشو، وليس للجيش الصومالي
وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها وسائل الإعلام عن تواجد قوات أوكرانية في أفريقيا، حيث تم تأكيد وجود قوات أوكرانية في السودان من قبل مسؤولين أوكران رفيعي المستوى منهم رئيس مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية، كيريل بودانوف، الذي سبق وأعلن بشكل واضح أن كييف أخذت الكثير من الأسلحة من السودان مقابل مشاركة عناصرها في الحرب بالسودان.


ورغم نفي وزير الخارجية السوداني علي الصادق علي، تصريحات المسؤول الأوكراني، وتأكيده أن السودان لم يقدم أي أسلحة لأوكرانيا، وأن القوات الأوكرانية غير متواجدة على الأراضي السودانية ألا إن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية كشفت في تقرير لها أن القوات الخاصة الأوكرانية تشارك في العمليات القتالية بالسودان في إطار استراتيجية وصفتها الصحيفة بأنها تهدف إلى تقويض العمليات العسكرية والاقتصادية الروسية في الخارج على حسب مزاعم الجانب الأوكراني بهدف التغطية على العمل المشترك بين كييف وواشنطن.


ورغم ما تقدمه أوكرانيا لخدمة المصالح الأمريكية وتحول قوات بلاده لمرتزقة تتنقل حول العالم بأوامر من واشنطن ألا إن الرئيس الأوكراني مازال يستجدي الغرب في كل فرصة من أجل استمرار دعم كييف بالمال والسلاح في الوقت الذى تواصل فيه القوات الروسية تقدمها في العديد من المدن الأوكرانية.


ختاما.. بعد مرور عامين على الحرب الروسية في أوكرانيا ربما يمكننا القول إن الغرب باع كييف وتخلي عن دعمها على أرض الواقع مكتفيا بالشعارات والتصريحات الإعلامية لدرجة أن الناتو نفسه أعلن على لسان أمينه العام أن الجيش الأوكراني في وضع صعب جداً على الجبهة، وذلك جراء عدم تزويد أوكرانيا بذخائر كافية.


في حين استطاع الدب الروسي أن يوجه صفعة قوية للغرب ويدفعه دفعا للتخلي عن كييف التي أصبحت أشبه بولاية أمريكية ولكنها غير مشمولة بالحماية حيث تكتفي واشنطن بإدارة كييف عبر وكيلها زيلينسكي الذي لا يمانع من تقديم كل شىء للحصول على الرضا الأمريكي حتى لو كان تحويل قواته لمرتزقة في خدمة العم سام.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

أحمد شموخ: يا له من خواجة بلبوسي! .. أو السيادة كامتياز استعماري!

قبل أيام فقط من عملية “شبكة العنكبوت”، صرّح المستشار الألماني فريدريش ميرتس بأن أوكرانيا باتت تملك الضوء الأخضر لضرب العمق الروسي، وحتى القواعد التي تضم طائرات قادرة على حمل رؤوس نووية. لم يرف له جفن وهو يقرّ بإمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، وربما نووية، بل تجاهل تماماً أن بعض تلك الطائرات الروسية كانت مكشوفة دون حماية، التزاماً من موسكو باتفاقية “ستارت الجديدة” لتقليص التسليح النووي. ومع ذلك، لم يبدُ أن ميرتس، أو أي مسؤول غربي آخر، اعتبر هذا التصعيد الخطير تهديدًا “للسلم العالمي”.

الغرب ببساطة لا يساوم في أمنه القومي، وذلك مفهوم في المنظومة الغربية يُعدّ امتياز استراتيجي، يُمنح للبعض، ويُحرّم على الآخرين، ويكون عليهم انتزاع ذلك الحق. فحين نقول إن السودان يواجه غزواً خارجياً ويقاوم من أجل سيادته، يُنظر إلينا وكأننا نرتكب جريمة. فالأمن يصبح امتيازاً استعمارياً.

ميرتس، كغيره من القادة الغربيين، يحرص على تغليف دعوات الحرب -والبلبسة- بمساحيق “أخلاقية” حين يزعم أن أوكرانيا لا تستهدف المدنيين، لأن الحرب حين تكون غربية أو تجري بـوكالة عنها، عندها فقط تصبح نقية، مبرّرة، ودفاع عن النفس وعن بقاء الدولة وحماية للسيادة.

الغرب الذي يتمشدق بقيم الديمقراطية اللبرالية في وجه الأوتوقراطية الروسية، والمستعد للقتال حتى ”آخر أوكراني” لدعم ما يسميه “حق أوكرانيا في الدفاع عن بقائها” في مواجهة الغزو الروسي، وحمايةً لأوروبا من التهديد التوسعي الروسي، هو نفسه الذي يشاهد السودان يُغزى علنًا على يد وكلاء الإمارات، بالسلاح والمرتزقة والطائرات، دون أن يحرّك ساكنًا.
بل إن بعض العواصم الغربية تساهم -بالتواطؤ أو بالصمت أو بتعطيل القرارات الدولية- في محاولة تقويض مؤسسات الدولة السودانية، وتهجير السودانيين، وتجويعهم، بهدف تحويل بلدهم إلى دولة فاشلة ليُسهل الانقضاض عليها، ومنطقة اللا أحد “Terra Nulluis” بلا نفوذ وبلا سيادة، كما قال بيان الخارجية الأميركية ضمنياً يوم أمس، حيث تعامل مع السودان كأرض خلاء لا توجد بها حكومة تتم مخاطبتها، ولا شعب له حق سيادة على مستقبله وموارده.
الأخطر من معايير الغرب المزدوجة، هم بعض السودانيين المنتمين لنخب المهاجر والأكاديميا الغربية، الذين تحوّلوا لأدوات ناعمة تُعيد إنتاج السرديات الاستعمارية الجديدة، لتُستخدم كأحد أسلحة حرب العدوان. يُرددون الخطاب الإماراتي-الغربي ببغائية مدهشة، ثم يُهاجمون كل من يرفضه ويتهمونه بـ”الوحشية” و”حب العسكرة” و”التعطش للدماء”، كل ذلك لمجرد أننا نطالب بحق يفترض أنه بديهي: أن تكون لنا دولة تحمي نفسها، ويُعترف لها بحق البقاء والدفاع ضد غزو خارجي يهدد وجودها ذاته.

يهاجمون السردية الوطنية لأنها لا تُرضي مموليهم أو تصوراتهم المعطوبة، ولا تنسجم مع عقدهم ونرجسياتهم. ثم يبتزوننا أخلاقيًا حين نتمسك بحقنا كسودانيين في تقرير مصيرنا، ويتهموننا بالتطرف والعنف والتوحش، بينما الغرب يدكّ مدنًا بأكملها لحماية مصالحه ولا أحد يجرؤ على وصفه بـ”الهمجية”.

لا أحد في الغرب قال لأوكرانيا: أوقفي الحرب من أجل المدنيين، ولا أحد طالب إسرائيل بوقف حصارها عن دقيق وماء ودواء، بل تركوها تقرّر عدد السُعرات الحرارية التي “يستحقها” الفلسطيني يومياً، ولا أحد يساوي بين الجيش الفرنسي وتنظيم إرهابي، أو بين الدولة الأمريكية ومليشيا تمارس إرهاب واغتصاب المدنيين للتوصل لمكاسب سياسية.

لكن عندما يقول السودان إنه يواجه غزواً إرهابياً مسنوداً من الإمارات، يتحوّل السياق فجأة إلى “حرب أهلية” و”صراع داخلي” و”طرفي النزاع”، وتُختزل قضيته في “معاناة إنسانية” بلا سياق.
الغرب الذي يرفض التفاوض مع الإرهاب داخل حدوده، يطالبنا نحن بأن نتفاوض معه حين يُزرع في بلادنا. يريدوننا بلا جيش وبلا أمن وبلا سيادة وبلا أرض.

لكننا لن نكون بشرًا فائضين عن الحاجة، ولا جثثًا “محترمة” على مقاس قيمهم المزدوجة. نحن نقاوم، لا لأننا نعشق الحرب، بل لأننا نُستهدف بالإزالة من التاريخ والجغرافيا كل يوم.

أحمد شموخ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الترجمان: لا وجه للمقارنة بين القوات المسلحة شرقًا والتشكيلات المسلحة التي تحيط بالدبيبة
  • ترامب: بوتين أبلغني أنه سيرد على الهجوم الأوكراني العنيف على الأراضي الروسية
  • عاجل.. ترامب: طلبت من بوتين عدم الرد على الهجوم الأخير الذي شنته كييف على المطارات الروسية
  • أحمد شموخ: يا له من خواجة بلبوسي! .. أو السيادة كامتياز استعماري!
  • قلم الرئيس الذي يكتب لوحده | نخبرك ما نعرفه عن مزاعم ترامب بسرقة توقيع بايدن
  • دراسة تكشف أرقام ضخمة لعدد القتلى والجرحى في الحرب الروسية الأوكرانية
  • بعد مكالمة دامت 75 دقيقة.. ترامب يكشف ما قاله بوتين عن الهجوم الأوكراني على القواعد الروسية
  • وليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • ليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • الخارجية الروسية: قائمة كييف في إسطنبول تكشف زيف مزاعم اختطاف آلاف الأطفال