ما حكم إفطار الطالب في رمضان بسبب الامتحانات؟
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
شهر رمضان من الأشهر المباركة، ويسعى المسلمون لانتهاز هذه الأيام المباركة بالصيام والتقرب إلى الله عز وجل بالدعاء وأفضل الأعمال، لأن هذه الأيام تأتي مرة واحدة فقط في العام، ولكن قد يضر بعض الطلاب إلى الإفطار في رمضان، فـ ما حكم إفطار الطالب في رمضان بسبب الامتحانات وضغط المذاكرة؟
ما حكم إفطار الطالب في رمضان؟وقالت دار الإفتاء المصرية خلال إجابتها عن ما حكم إفطار الطالب في رمضان بسبب الامتحانات، إن الأصل وجوب الصوم على الطالب المكلَّف، فإن شق عليه الصوم وتحققت فيه شروطٌ معيَّنة جاز له الفطر، وهذه الشروط هي:
أولًا: كونه يتضرر بالصوم في رمضان تضررًا حقيقيًّا لا موهومًا.
وثانيًا: أن يغلب على الظن الرسوب أو ضعف النتيجة وتدهور المستوى بسبب الصوم.
وثالثًا: كون المذاكرة مضطرًّا إليها في شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها.
ورابعًا: أن لا يتجاوز في الإفطار أيام الاحتياج والضرورة للمذاكرة أو الامتحانات إلى غيرها.
حكم إفطار الطالب بسبب الامتحاناتوأضافت الإفتاء خلال إجابتها عن سؤال ما حكم إفطار الطالب في رمضان؟، أن الفقهاء نصوا على إباحة الفطر لمن يجهدهم العمل الذي لا بد لهم من أدائه ويشق عليهم بحيث لا يستطيعون أداءه مع الصوم الواجب، ومنهم أصحاب الحِرَف الشاقة؛ كعُمَّال المناجم وقطع الأحجار، والحصَّادين، والخبازين، الذين لا بد لهم من مزاولة هذه الأعمال لضرورة الحياة أو نفقة العيال.،وكذلك الحال فيمن غلب على ظنه –بأمارة، أو تجربة، أو إخبار طبيب ماهر- أن صومه يُفضي إلى هلاكه أو إصابته بمرض في جسمه أو قواه.
حكم إفطار الطلاب للمذاكرة في الامتحاناتوأوضحت دار الإفتاء خلال الحديث عن ما حكم إفطار الطالب في رمضان الامتحانات؟، أن الطلاب الذين يتضررون بالصوم تضررًا يقطعهم عن مواصلة مسيرتهم الدراسية، أو يضعف مستواهم فيها؛ بالتأثير السلبي على مذاكرتهم واستيعابهم وتركيزهم وأدائهم في الامتحانات؛ فإن النظم التعليمية تُقيِّد منتسبيها وطلابها بمدد دراسية معينة، وتلزمهم بأداء الامتحانات في أوقات محددة، فإذا تخلفوا عنها أو رسبوا فيها تضرروا ضررًا بالغًا بضياع سنواتهم الدراسية وذهاب أعمارهم هباءً، وإذا تشتت تركيزهم وضعف استيعابهم كان لذلك أثره السلبي على أدائهم ونتائجهم في الامتحانات، وعاد على مستوياتهم العلمية بالضعف.
الإفطار في شهر رمضانواختتمت الإفتاء حديثها بأنه يجوز للطلاب المكلفين الإفطارُ في شهر رمضان، إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه، أو يغلب على ظنهم ذلك؛ بالرسوب أو ضعف المستوى الدراسي، ولم يكن لهم بد من الاستمرار في الدراسة أو المذاكرة أو أداء الامتحان في رمضان؛ بحيث لو استمروا صائمين مع ذلك لضعفوا عن مذاكرتهم وأداء امتحاناتهم التي لا بد لهم منها، فيجوز لهم الفطر في الأيام التي يحتاجون فيها للمذاكرة أو أداء الامتحانات احتياجًا لا بد منه، وعليهم قضاء ما أفطروه بعد رمضان عند زوال العذر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: رمضان بسبب الامتحانات شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
من الاختبارات التقليدية إلى التحليل اللحظي للأداء
د. عمرو عبد العظيم
يتسارع تطور غير مسبوق في القطاع التعليمي، حيث لم تعد قاعات الدراسة تتّسع لاختبارات تقليدية تقيس جزءًا بسيطًا من قدرات الطلبة، أو حفظهم واسترجاع المعلومات. حيث أصبح من الضروري أن ننتقل من الامتحان الورقي الذي يَحدّ العقل، إلى تقييمٍ ذكيّ يقرأ أداء الطالب لحظة بلحظة. ويمنحه فرصة أن يكتشف ذاته قبل أن يحاسبه الآخرون أو يحكموا على أدائه، وهنا يتقدم الذكاء الاصطناعي ليعيد رسم المشهد التعليمي، ويحوّل التقييم من حدثٍ مُرهب يحدث مرة كل فترة إلى عملية مستمرة تُضيء طريق التعلم وتحسين مخرجاته.
ومن أهم التحولات الحديثة في التقييم هو بناء الاختبارات بالذكاء الاصطناعي وفق المنهج الدراسي والأهداف التعليمية الدقيقة، فقد أصبح بالإمكان اليوم إنشاء اختبارات متكاملة خلال ثوانٍ. ولي تجربة شخصية في هذا الصدد، حيث قمت بتزويد أحد أدوات الذكاء الاصطناعي بمنهج لإحدى الوحدات الدراسية للصف الخامس مادة اللغة العربية وكانت تحتوي على أهداف الوحدة وأهداف الدروس وكامل المحتوى، وطلبت من الأداة أن تنبني اختبار شامل لقياس أداء الطلبة في هذه الوحدة، وتراعي المعارف والمهارات وتحاول أيضا قياس الأهداف الوجدانية، فكانت النتيجة رائعة، فقد قرأ ملف الوحدة وقام بتحليلها بدقة وصَمَّم الاختبار وفق مصفوفة المدى والتتابع ليقيس الثلاث جوانب: (المعرفي، المهاري، والوجداني) كما طلبت منه.
هذه التجربة ليست عشوائية ولا سطحية؛ بل مبنية على تحليل عميق لمعايير التعلم، ومستويات الأداء، وقائمة المهارات المطلوبة، ثم يقوم الذكاء الاصطناعي بقراءة المنهج كما يقرأه الخبير التربوي، ويفكّك الأهداف إلى كفاءات قابلة للقياس، ثم يُولّد أسئلة متنوعة تراعي مستويات بلوم، وتضمن شمول المحتوى، وتحقق العدل بين الطلبة. بل يمكنه أيضًا تخصيص الاختبار لكل طالب حسب مستوى فهمه، بحيث يحصل المتقدم القوي تحصيلياً على أسئلة أعمق، والمتعلم الذي لديه صعوبة على أسئلة تساعده على البناء تدريجيًا، ولذا فهي نقلة نوعية تحول الاختبار أداة تعليمية أعمق من فكرة أنه وسيلة قياس، وتحوّل تصميم الامتحانات من مهمة مرهقة إلى عملية ذكية دقيقة تُعيد للمعلم وقته، وللتعلم قيمته.
ويأتي التقييم التكويني الفوري، أحد أهم الهدايا التي قدمها الذكاء الاصطناعي للتعليم، تخيّل أن يعرف الطالب مستوى فهمه فور انتهائه من نشاط أو سؤال، وأن يحصل في اللحظة نفسها على تغذية راجعة دقيقة تخبره بما أتقنه وما يجب أن يراجعه، دون انتظار أسبوع أو شهر، وتخيل أن المعلم يستطيع أن يرى خريطة حيّة لفهم كل طالب في الصف، ليُعدل الشرح فورًا ويردم فجوات الفهم قبل أن تتسع، وهذا التقييم اللحظي هو ما يجعل التعلم عملية نابضة، تنبض بالحركة والتفاعل، بدلًا من أن تكون محطة صامتة على ورقة فاقدة للروح.
ثم يبدأ التصحيح الآلي الذكي، الذي لم يعد مجرد عملية رصد إجابات صحيحة أو خاطئة؛ بل أصبح نظامًا ذكيًا قادرًا على فهم الإجابة، وتحليل أسلوب الطالب في التفكير، وتحديد أين تكمُن المشكلة بالضبط، وهذه الأنظمة تقرأ الإجابة كما يقرؤها المعلم الخبير، وتتعامل مع الأخطاء ليس كعلامات حمراء؛ بل كمداخل يمكن أن ينطلق منها المتعلم نحو فهم أعمق، والنتيجة تكون وقت أكبر للمعلم ليقود عملية التعلم بدلاً من أن يُدفن بين أكوام الأوراق.
ولعل أعظم ما يقدمه الذكاء الاصطناعي هو كشف أنماط الضعف والقوة في تعلم الطلبة بدقة أعمق مما يتخيله المعلم، فبدلًا من الاعتماد على انطباعات عامة. وتستطيع الأنظمة الذكية تحليل آلاف النقاط من بيانات أداء الطالب مع سرعة الإجابة، ونوع الأخطاء، الأسئلة التي يتردد فيها، وحتى مهارات التفكير المستخدمة أثناء الحل، وبهذا لا يعود التقييم مجرد أرقام؛ بل يصبح كأنه "صورة أشعة تعليمية" تكشف ما يجري في عقل المتعلم، وتساعده على أن يعرف نفسه أكثر مما يعرفه الآخرون.
إنَّ التحول من الامتحانات الورقية التقليدية إلى امتحانات الذكاء الاصطناعي ليس قفزة تقنية مفاجئة؛ بل رحلة تحول تربوي عميق يُعاد فيه تعريف معنى التقييم ذاته. فالمسألة ليست استبدال الورقة بشاشة؛ بل إعادة صياغة فلسفة القياس من اختبارٍ ثابت يلتقط لحظة واحدة من أداء الطالب، إلى تقييم ديناميكي يتفاعل مع المتعلم ويفهمه ويدعم رحلته. حيث يبدأ التحول بخطوات هادئة من رقمنة الأسئلة، ثم تحليل النتائج آليًا، مرورًا بتوفير بنوك أسئلة ذكية، وصولًا إلى الاختبارات التكيفية التي تغيّر مستوى السؤال وفق قدرة الطالب، وتدريجيًا، تصبح المدرسة أقل اعتمادًا على الامتحان الورقي الذي يُقيّم الجميع بالمسطرة نفسها. وأكثر توجهًا نحو نظام ذكي يرى كل طالب كحالة فريدة، ويقيس مهاراته الحقيقية لا مجرد إجاباته المختصرة، وفي هذا التحول ينكشف جوهر التطوير، حيث يقدم امتحانات لا تُرهِق الطالب ولا تستهلك وقت المعلم؛ بل تبني فهمًا أعمق، وتُعطي بيانات أدق، وتفتح الباب أمام عدالة أكبر، إنه انتقال من ورقة تُصحَّح إلى تعلم يُفهم ومن نظام يُسجِّل العلامة إلى نظام يصنع التقدّم.
ومع كل هذه الفرص، يبقى التحدي الأكبر هو العدالة والإنصاف، فالذكاء الاصطناعي مهما بلغ تطوره يبقى انعكاسًا لبيانات بُني عليها، فإذا كانت البيانات منحازة، فالنتائج ستكون منحازة. وهنا تتقدم المسؤولية المهنية للمؤسسات التعليمية في ضمان تطوير أنظمة عادلة، شفافة، تخضع للرقابة البشرية، وتحترم تنوع الطلبة وفروقهم الفردية، فالهدف ليس تقييمًا يفرز الطلبة؛ بل نظامًا يفتح الأبواب للجميع ويضمن تكافؤ الفرص.
لا بُد لنا أن ندرك أن إعادة تصور التقييم بالذكاء الاصطناعي ليست مجرد نقلة تقنية؛ بل ثورة تربوية تعيد للطالب دوره الفاعل، وللمعلم مكانته القائدة، والتعلم روحه التي افتقدها لسنوات.
هذه دعوة لأن ننتقل من "امتحان يُخيف" إلى "تقييم يُفهم"، ومن "علامة تُحفظ" إلى "تعلم يُبنى"، فالمستقبل ليس للذي يحفظ أكثر؛ بل للذي يُقيَّم بطريقة أذكى.
رابط مختصر