غزة- "بدنا نعيش.. والله متنا من الجوع" بضع كلمات يعبر بها الثلاثيني رجب البرعي عما وصفه بـ"نكبة شمال قطاع غزة" وقد حل شهر رمضان المبارك على المواطنين والمجاعة تعصف بهم منذ بضعة شهور، جراء العزلة وعرقلة الاحتلال وصول الإمدادات الإنسانية لهم.

يشعر رجب بألم شديد، لكنه يرفض اليأس والخنوع، وقد نجا من الموت مرتين خلال الحرب الإسرائيلية المشتعلة في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لكنه لا يزال محباً للحياة متمسكاً بالأمل.

تمسك هذا الشاب وأسرته بالبقاء في منزلهم بمنطقة تل الزعتر في جباليا شمال القطاع، ورفضوا النزوح جنوباً معرضين أنفسهم للموت قصفاً أو جوعاً، ويقول للجزيرة نت "الناس في غزة تموت في كل مكان، وإذا كان لابد من الموت فليكن في بيوتنا في الشمال، وليس في الخيام والمدارس".

تغطية صحفية: أسعار باهظة لكميات قليلة من الخضراوات في شمال غزة في ظل استمرار الحصار وحرب التجويع والإبادة pic.twitter.com/wXu04ghlSq

— القسطل الإخباري (@AlQastalps) March 16, 2024

البحث عن طعام

قبل بضعة أسابيع، وصبيحة أحد أيام فبراير/شباط الماضي، رافق رجب شباناً في رحلة محفوفة بمخاطر جمّة، للبحث عن طعام بالأراضي الزراعية المتاخمة لمعبر بيت حانون (إيريز) شمال القطاع، استشهد اثنان منهم، وأصيب الآخرون بجراح، وكان نصيب رجب 14 شظية اخترقت أنحاء جسده.

"أهلنا حيتعشوا (يتناولون طعام العشاء) بطاطا" كانت آخر كلمات سمعها رجب من 3 شبان تقدموا كثيراً نحو أرض مزروعة بالبطاطا، تركها أصحابها لخطورة الوصول إليها، فاستشهد اثنان، وعاد ثالثهم بيد مبتورة، بينما كان بقاء رجب مع شباب آخرين خلفهم ببضعة أمتار كفيلا بنجاتهم من موت محقق.

ويقول "دفعا حياتهما ثمن حلم بسيط بجلب بضع حبات من البطاطا عشاء لأسرتيهما، لقد غامرنا بالوصول إلى تلك المناطق الخطيرة لجلب الخبيزة التي أصبحت طعامنا الوحيد بالشمال، ولكن البطاطا المفقودة مع كل الخضار أغرتهم للتقدم أكثر، وكانت تبعد نحو 200 متر عن السياج الأمني الإسرائيلي".

وألزمت الإصابة رجب بالاستعانة بعكاز لمساعدته على المشي، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تكتب له النجاة خلال الحرب، فنجاته الكبرى -بحسب وصفه- كانت بخروجه وأهله سالمين من المجزرة المروعة التي ارتكبتها مقاتلات حربية إسرائيلية في 31 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي في منطقة "بلوك 6" بمخيم جباليا، وراح ضحيتها نحو ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، جراء غارات عنيفة دمرت عشرات المنازل في المنطقة.

ومنذ أيام قليلة، تحمل رجب إصابته، واندفع بين حشود من الفلسطينيين صغاراً وكباراً، حيث أخرجهم الجوع نحو منطقة "التوام" شمال غربي مدينة غزة، ينتظرون ما تلقيه الطائرات من مساعدات إنسانية جوية، لكنه عاد إلى أهله بمضاعفات في إصابته جراء التدافع الشديد.

"مش رايحين نقاتل رايحين نجيب أكل".. فلسطيني يروي شهادته عن استهداف منتظري المساعدات عند دوار الكويت شمال غرب #غزة#حرب_غزة pic.twitter.com/NTNDaqP1XD

— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 15, 2024

مقاومة الجوع

وجد رجب في الرصيف أمام منزله مساحة يمكن استغلالها في زراعة محاصيل زراعية بسيطة، يقول إنها "قليلة وفي مساحة صغيرة، ولكن القليل أفضل من العدم، والشعور بالجوع والعجز".

فكرة زراعة الرصيف الذي لا يتجاوز كونه ممرا بعرض مترين وبطول 10 أمتار، خطرت على بال والد رجب، رغم أنه لم يسبق لهما العمل بالزراعة، لكن "الجوع" يدفع الإنسان للبحث عن الوسائل المتاحة من أجل البقاء.

وتولى رجب زراعة هذه المساحة ببذور وأشتال من الفول والطماطم والفلفل الأخضر والفراولة والفجل والبصل والملوخية، وقد بدت تزهر. وهو يأمل أن يتناول وأسرته منها في شهر رمضان. ويقول هذا الشاب المتزوج حديثاً، ويزن 50 كيلو غراماً بعد خسارته 10 كيلوغرامات بسبب الجوع وندرة الطعام "جربنا كل شيء في الشمال، وأكلنا كل شيء، وربما نصل إلى أكل أوراق الشجر".

ويكابد رجب وأسرته في توفير المياه لري ما يصفها مازحاً بـ "المزرعة" وللشرب والاستخدامات المنزلية الأخرى، من بئر تقع على مسافة 100 متر، بواسطة غالونات بلاستيكية، ويشغله صاحبه على الطاقة الشمسية، في ظل انقطاع التيار الكهربائي كلياً منذ اندلاع الحرب، ونفاد الوقود.

"لن نستسلم للجوع" يقولها رجب مفتخراً بتجربتهم في الزراعة المنزلية، وقد أثارت إعجاب جيران لهم بالمنطقة، وقاموا بتقليد الفكرة وتنفيذها بحثاً عن سبل النجاة من المجاعة.

وقد دفعت هذه المجاعة في الآونة الأخيرة عشرات الأسر من مدينة غزة وشمال القطاع إلى النزوح جنوباً، بعد شهور رفضوا خلالها النزوح، رغم مخاطر القصف والقتل، لكن رجب وعائلته المكونة من 8 أسر (حوالي 30 فرداً جلهم من الأطفال والنساء) يرفضون فكرة المغادرة والنزوح.

وينحدر رجب من عائلة لاجئة من بلدة "دمرة" الواقعة خلف السياج الأمني في نطاق ما تسمى "مستوطنات غلاف غزة" ويقول "نعيش فصول النكبة منذ 75 عاماً، ولا نريد الموت في الشوارع والخيام ومدارس الإيواء، وسنبقى بمنزلنا في جباليا إلى أن يشاء الله".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات

إقرأ أيضاً:

محافظ الدقهلية: تنفيذ 406 قرار إزالة ومتابعة يومية لأعمال الموجة 26

تابع اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، سير أعمال تنفيذ الموجة 26 لإزالة التعديات، على أراضى أملاك الدولة، وجهات الولاية، والتعديات على الأراضى الزراعية، وشدد على جميع رؤساء المراكز والمدن والأحياء ومديرى المديريات ورؤساء القطاعات والإدارات المعنية، بالتنسيق المستمر مع الأجهزة الأمنية والتنسيق الدائم لضرورة التواجد الشرطى، والتصدى بكل قوة لحالات التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، والتعامل بكل حسم مع مخالفات البناء بجميع المراكز، وشدد على ضرورة عرض تقارير يومية بمعدلات التنفيذ.

وأوضح المحافظ أن أعمال المرحلة الأولى من الموجة 26 لإزالة المخالفات بلغت حتى اليوم، تنفيذ 406 قرار إزالة تعديات ومخالفات بناء منذ بدء الموجة، منهم 340 قرار إزالة تعدى بالمبانى، 66 تعدي بالزراعة، وبياناتهم، تنفيذ 38 قرار إزالة تعدي على أملاك الدولة ولاية الوحدات المحلية، 28 قرار تعدي بالبناء بمساحة 5837 متر مربع، 10 حالات تعدى بالزراعة على مساحة، 2 سهم ـ 4 قيراط ـ 5 فدان، 113 قرار إزالة تعدى على الأراضى المملوكة لجهات الولاية (هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية والموارد المائية والرى)، منهم 58 قرار إزالة تعدي بالبناء على مساحة 8273 متر مربع، 55 قرار إزالة تعدي بالزراعة على مساحة 1سهم ـ 2 قيراط - 10 فدان، 237 قرار إزالة متغيرات مكانية غير قانونية بمساحة، 20914 متر مربع، 1 قيراط، 62 قرار إزالة تعدي على الأراضى الزراعية بمساحة 21سهم - 10 قيراط ـ 3 فدان.

وأشار محافظ الدقهلية إلى أن الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة بديوان عام المحافظة، تعمل على مدار الساعة، بالتنسيق مع غرف العمليات والجهات المعنية، فى مختلف مراكز ومدن المحافظة، لمتابعة الموقف التنفيذى أولاً بأول، ورصد أى معوقات قد تواجه الأعمال، لسرعة التعامل معها وتحقيق المستهدف من الحملة فى مرحلتها الحالية.

وأضاف محافظ الدقهلية أن الموجة الـ 26 سيتم تنفيذها على 3 مراحل، تستمر المرحلة الأولى في الفترة من 10/05/2025 وحتى 30/05/2025، والمرحلة الثانية في الفترة من 07/06/2025 وحتى 27/06/2025، والمرحلة الثالثة في الفترة من 05/07/2025 وحتى 25/07/2025.

مقالات مشابهة

  • بسبب الجوع .. فوضي بأول يوم من توزيع المساعدات بغزة
  • الأمم المتحدة تدعو إلى فتح جميع معابر قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية
  • الأونروا: 1.2 مليون فلسطيني في غزة يعانون الجوع الشديد ويواجهون المجاعة
  • شاهد.. الاحتلال يقتحم مدن الضفة وينهب محال الصرافة والذهب
  • مواطنو الدقي يكرمون رئيس الحي لجهوده المتميزة في حل الشكاوى والتواصل الدائم
  • الأمم المتحدة: غزة تغرق في المجاعة والمساعدات لا تكفي
  • الجوع يخيم على غزة.. والنزوح أصبح واقعًا لأغلب السكان
  • ماكرون يتلقى صفعة من زوجته أمام الكاميرات في فيتنام.. وباريس تعلق (شاهد)
  • ???? العمدة الدعامي يعترف بما قامت به الميليشيا من (طرد) المواطنين من بيوتهم
  • محافظ الدقهلية: تنفيذ 406 قرار إزالة ومتابعة يومية لأعمال الموجة 26