ديمقراطيّة العراقيّين وديمقراطيّة الآخرين!
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
قبل (21) عاما، وفي مثل هذه الأيّام، قَلَبت الولايات المتّحدة، ومَن معها من جيوش العالم، الحياة في العراق، ليجد الناس أنفسهم أمام احتلال أسود مُغلّف بديمقراطيّة "ورديّة"!
ولكن ما الذي جنيناه من الديمقراطيّة التي بشّرت بها واشنطن العراقيّين؟ وبعيدا عن ثمار الديمقراطيّة، ألا يفترض أن نتساءل، أوّلا، أين هي تلك الديمقراطيّة على أرض الواقع، وبالذات كون ديمقراطيّتنا مختلفة عن ديمقراطيّات غالبيّة الدول؟!
هُم يقولون إنّ الديمقراطيّة هي حُكْم الشعب، لكنّ ديمقراطيّتنا حُكْم مَن يَشترون أصوات غالبيّة الناس، وأصوات الفقراء المعدومين، والجائعين، والعاطلين!
ديمقراطيّتنا بَنَت علاقات سياسيّة (شخصيّة ومصلحيّة) على حساب دماء، وحرّيّات وكرامة وأملاك الناخبين!.
ديمقراطيّتنا ساهمت في تقسيم المُقسّم وتجزئة المجزّأ، ولم تَحسم الجدل حول هويّة العراق، وحقوق غالبيّة المكوّنات الشيعيّة والسنّيّة والمسيحيّة والعربيّة والكرديّة والتركمانيّة، وغيرها من العراقيّين!
وديمقراطيّتنا ضيّعت حقوق الأقليات، والكثير من العراقيّين، تحت حكم أحزاب وتحالفات لا ندري ماذا تُريد من الناس والعراق!.. ديمقراطيّتنا جعلتنا أمام كيانات تَتشكّل في الليل وتنقسم على نفسها في الصباح!
ديمقراطيّتنا مليئة باتّهامات التخوين، والعَمالة، والإرهاب بين الشركاء، وقتلت مفهوم الشراكة!
وبعد (21) عاما من الديمقراطيّة وصلت الخلافات بين الحكومة الاتّحاديّة ببغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل إلى كسر العظم، وقد أثمرت، قبل أسبوع، عن تهديد حكومة الإقليم بعدم المشاركة في "انتخابات الإقليم، وتعليق مشاركتها في العملية السياسية"!
في ديمقراطيّتنا هنالك كلام عن انسحاب لقوّات التحالف الدوليّ بقيادة واشنطن من العراق، بينما الواقع يؤكّد خلاف ذلك، والمحادثات بين الطرفين بخصوص الانسحاب قد تستمرّ لما بعد الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وأكّدت سفيرة واشنطن في بغداد ألينا رومانوسكي، يوم 14 آذار/ مارس 2024: "نحن نعمل على بناء جسور بين شعبي الولايات المتّحدة والعراق ستدوم لأجيال عديدة، وداعش لا يزال يُشَكّل تهديدا للعراق"!
ديمقراطيّتنا خَلَت من حقوق الإنسان، والحرّيّة، وحقّ التعبير وغيرها من حقوق الحياة الأساسية!
وديمقراطيّتنا خلقت نخبة مُزيّفة، وشهادات مزوّرة، ودرجات وظيفيّة وهميّة، وعلاقات إنسانيّة خاوية، وكلّ ذلك طمعا بالمناصب والأموال والجاه!
وديمقراطيّتنا لم تعالج مشاكل أكثر من مليون مهجّر خارج العراق، ومثلهم من الذين استقرّوا في أوروبّا وأمريكا!
هنالك، في ديمقراطيّتنا، مقاعد دراسيّة للأجانب في الجامعات العراقيّة، بينما أبناء المهجّرين العراقيّين لا يملكون المال الكافي لدخول الجامعات في دول الجوار!
ديمقراطيّتنا لم تحارب التنامي المذهل لأموال شخصيّات شابّة تملك ثروات طائلة، بينما كانت قبل سنوات لا تملك قوت يومها!
ديمقراطيّتنا لا تُحاسب مَن يعترف و"بعظمة لسانه" كما يقال بحصوله على رَشَاوى من هذا الطرف أو ذاك، وتُحاسب، وبشدّة، مَن تضطرّه ظروفه ربّما لقبول هديّة من مواطن ما، لا تتجاوز حفنة دولارات، وكلامنا لا يُبرّر الرشوة بل لبيان الخلل في ميزان التعامل مع حالات متشابهة في التوصيف ومختلفة في العقاب!
ديمقراطيّتنا جعلت نصف شباب العراق يضيعون في دوّامات المخدّرات، وقد أكّد وزير الصّحّة صالح الحسناوي يوم 7 آذار/ مارس الحاليّ أنّ "المجتمع يتعرّض لآفة المخدّرات بعموم المحافظات"!
ديمقراطيّتنا أضاعت القيّم المجتمعيّة، وزرعت الطائفيّة في الأرجاء، وشَجّعت على كسر غالبيّة صور التراحم والترابط في المجتمع لدرجة أنّ أبا يبيع كِلْيَة ابنه وهو نائم بعد تخديره!
ديمقراطيّتنا تُغلّس عن القوانين الديمقراطيّة الأصيلة، ومنها قانون حرّيّة التعبير، والتظاهر السلميّ، وغيرهما من القوانين المهملة في دهاليز البرلمان منذ سنوات!
ديمقراطيّتنا جعلت العراق في مؤشّر المرأة والسلام والأمن في نسخته الرابعة لعاميّ 2023-2024، ضمن الدول العشر الأخيرة.
ديمقراطيّتنا نمت في ربوعها الجريمة المنظّمة، وغسيل الأموال، والاتّجار بالبشر وبرزت فيها هشاشة "هيبة الدولة"، وأظهرت تراخي المنظومة الأمنيّة!
في ديمقراطيّتنا تجاوز الدَّيْن الداخليّ العامّ حاجز الـ70 تريليون دينار نهاية 2023، وهو الأعلى منذ العام 2003!
وديمقراطيتنا جعلت الأسبوع الماضي أسبوع الفضائح، حيث اكتُشِفت شبكة داخل الأجهزة العسكرية تبتز الضبّاط والسياسيّين عبر صفحات وهميّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ! وأيضا اتّهام النائب السابق مشعان الجبوري لرئيس المحكمة الاتحادية القاضي جاسم العميري؛بأنّه هدّده بإنهاء عضويته بمجلس النوّاب ما لم ينسحب من التحالف الثلاثيّ! وأخيرا فضيحة عميد كلّيّة الحاسوب في جامعة البصرة، وانتشار بعض الصور بأوضاع "مخلّة" مع طالبة التقطت بكاميرا نُصِبت داخل مكتبه!
ديمقراطيّتنا تركت الأنقياء في حيرة من أمرهم، فهم لا يعرفون كيف تُدار الأمور!
هذه بعض صور الديمقراطيّة العراقيّة في العام الأخير، ولم نذكر الكوارث الماضية لأنّ "قادة الديمقراطيّة" لا يحبّون ذكر الماضي القريب، ويريدون تلميع الحاضر، ولكنّه، ورغم اختلافه النسبيّ عن الأمس القريب، بحاجة إلى مزيد من العمل، والحياديّة، والتضحيات لبناء دولة المواطنة بعيدا عن المحسوبيّة، والمصالح الحزبيّة والشخصيّة!
لنطبّق الديمقراطيّة بشفافيّة وصدق حتّى نحصد بعض ثمارها الحقيقية في العراق!
twitter.com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق العراق الاحتلال الفساد الديمقراطية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدیمقراطی ة دیمقراطی ة
إقرأ أيضاً:
الجيل الديمقراطي ينظم صالونًا سياسيًا بعنوان «تحديات الانتخابات البرلمانية 2025»
أكد الدكتور حسن هجرس، مساعد رئيس حزب الجيل ومساعد رئيس الحزب بمحافظة الدقهلية، أهمية الاستعداد الجاد للانتخابات البرلمانية المقبلة في 2025، موضحًا أنها تمثل اختبارًا حقيقيًا لبرامج الأحزاب، ومصداقية الشعارات، وقدرتها على تقديم حلول واقعية للمواطنين.
تحديات الانتخابات البرلمانية 2025وأضاف "هجرس"، خلال صالون سياسي بعنوان "تحديات الانتخابات البرلمانية 2025"، بحضور ناجي الشهابي، رئيس الحزب، وعدد من قيادات الحزب المركزية وكوادره في المحافظة، أن الفعالية تضمنت أيضًا افتتاح قاعة "3 يوليو" بمقر حزب الجيل الديمقراطي، في فعالية جماهيرية وسياسية كبيرة، تمهيدًا لاستضافة فعاليات الحزب خلال الفترة المقبلة استعدادًا للانتخابات.
وأكد أن افتتاح القاعة يأتي في إطار تجديد العهد مع الدولة المصرية، وتأكيدًا على استمرار الحزب في القيام بدوره الوطني والسياسي والاجتماعي، مشددًا: "نحن لا نبحث عن مناصب، بل نؤمن برسالة، ونمارس العمل السياسي انطلاقًا من قناعتنا بأن الأحزاب القوية هي أحد أعمدة الدولة".
الانتخابات البرلمانيةورحّب هجرس برئيس الحزب، ناجي الشهابي، مشيدًا بدوره الوطني ومواقفه الثابتة، وحرصه الدائم على دعم الدولة المصرية في كل الميادين، كما وجّه التحية إلى الحضور من الرموز الوطنية، وفي مقدمتهم الدكتور أحمد محسن، أمين التنظيم بالحزب، والدكتور محمد كمال، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والفنان الوطني أحمد كيمو، الذي اعتبره نموذجًا مشرفًا لصوت وطني حر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار أمين عام الحزب بالدقهلية إلى أن أمانة الحزب بالمحافظة نظّمت خلال الفترة الماضية عددًا كبيرًا من الفعاليات الحوارية والتوعوية والمجتمعية، إلى جانب برامج تدريبية لتأهيل الشباب للمحليات والمجالس النيابية والمواقع التنفيذية، بالإضافة إلى ندوات موسعة تناولت قضايا دستورية وتشريعية، منها قوانين العمل، والإيجار القديم، والانتخابات.
وأكد أن الحزب كانت له مواقف واضحة ومشرّفة في دعم الدولة المصرية في عدد من القضايا القومية، وعلى رأسها رفض محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة تحت غطاء العمليات العسكرية، مؤكدًا دعم الحزب الكامل لثوابت الدولة المصرية وجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي.
وفي ختام كلمته، وجّه الشكر لرئيس الحزب، الأستاذ ناجي الشهابي، ولأعضاء الهيئة العليا، وقيادات الأمانة المركزية، ولجميع قيادات حزب الجيل بالدقهلية، على ما يبذلونه من جهد والتزام، مؤكدًا أن الحزب سيظل صوتًا وطنيًا عاقلًا، لا يساوم، ولا يتلوّن، ولا يتراجع.