الأوهام بالتقادم والتّكرارِ.. حَقَائِقُ
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
آخر تحديث: 28 مارس 2024 - 11:45 صبقلم:رشيد الخيّون لم أجدْ أفضل مِن بيت معروف الرُّصافيّ(ت: 1945) مُستهلاً، قال: «لُقنتُ في عصر الشّباب حَقَائِقاً/ في الدّين تقصر دونها الأفهامُ/ ثم انقضى عصر الشّبابِ وطيشه/فإذا الحَقَائِقُ كلُّها أوهامُ»(الدّيوان 1959، الحقائق الملعنَّة). نقطع الطّريق على أحفاد الذين اختلف معهم الشّاعر، بما جاء في وصيته: «أنا ولله الحمد مسلمٌ، مؤمن بالله، وبرسوله محمَّد بن عبد الله، إيماناً صادقاً، لا آرائي فيه، ولا أداجي»(عليّ، الرُّصافيّ صلتي به وصيته مؤلفاته).
ما جاء به الرُّصافيّ، ليس ببعيد عن مقولة وزير الدِّعاية النّازيّ جوبلز(1897-1945): «جوهر الدّعاية دائماً التَّبسيط والتُّكرار»(مذكرات جوبلز). فلم يقل ما سارت الرُّكبان به: «اكذب اكذب حتّى تصدق نفسك فيصدقك الآخرون»، فلا نظن يقدم وزير دعاية إتهاماً لنفسه. عندما يركن الوهم، بحدود العقيدة، لا نذكره ونناقشه، لكنَّه أخذ ينالُ مِن الدّولة، ورجالها يتبنون تسويقه، فأي حاضر ومستقبل يُنتظر، إذا تشكل الأساس على تقادم الكذب وتكراره؟ شعوبٌ ودولٌ حلّ عليها وباء الصّحوات، وسرعان ما برأت وتعافت، بضمائر وعقول قادتها، وهذه البلاد صارت الصّحوة المشوهة لها فراشاً ودثاراً! صار فيها عدد الأضرحة والمقامات مخيفاً، لاحظ كتاب «المراقد المزيفة»، التي تنسج حولها الحكايات المغيبة للعقل، تدخل المدارس، فمعلمون ومعلمات يتولون تعليمها على أنها حَقَائِقُ.منتظ آخر تكرار للأوهام ظهور مسؤول كبير، على الفضائيات، ليقول: «إدارة زيارة الأربعين(20 صفر)، اختصاص الإمام المهدي»، وهم كمسؤولين غير قادرين على تسيير المواكب، التي تُعطل لها دوائر من أسابيع، قال: «بلغ عدد المشاركين خمسة وعشرين مليوناً». هذا، وتكرار دعاية العدد سنوياً تعضيد للوهم، فالمعجزة أنَّ بقعة صغيرة (مقدسة) تحمل سكان دول مجتمعة. جمع هذا الادعاء بين ما نُسب لجوبلز زوراً «اكذب اكذب…»، وما قاله حقيقةً: «الدِّعاية تبسيط وتكرار»! أعلمت إلى أين وصل تغييب العقل بفضل سلطة العقيدة؟ لم يسأل المسؤولون ضمائرهم: «ماذا نعمل نحن كحكومة، إذا كانت الأمور تُدار بكرامة المنتظر»؟! أليس هذا تخلياً عن المسؤوليّة، وأي جهد عليه يأخذون رواتبَ؟ لا ندري، إذا كان هذا المسؤول يجاري جمهوراً غائباً عن الوعي بفضله، أو كان مُعتقداً، فكلا الحالتين تكرار للوهم، حتّى يثبت حقيقةً. دعونا نسأل المبشر بالمعجزة: أمّا فكرت بتفجير القبة العسكريَّة بسامراء(2006)، الحاوي رفات جد المهدي وأبيه، فلماذا لم يحضر ساعتها، مع أنَّ أصبع الإتهام يشير إلى جهة تعلن نفسها ممهدة لظهوره، صبحةً وعشية، تراكماً للوهم. أين المهديّ عندما فُجّر المحراب العلوي بالنَّجف، الجد الأعلى، وقُتل مئة مِن المصلين، بفاجعة سببتها متفجرات تزن أطناناً، فأقيم لضحايا العمل الكارثي ضريحٌ هائلٌ، بلا جثامين، فلم تبق مِن الأجساد باقية، ليلتحق الضريح بأوهام سابقة، والفاعل مهدويٌ أيضاً. كم وكم من الحوادث، لم يحضرها المهديّ، مع أنَّ زيارة الأربعين نفسها لم تكن دِيناً، إنما مناسبة مختلقة، الكلام لآية الله مرتضى مطهري(اغتيل: 1979) في «الملحمة الحُسينيّة»، وآية الله كمال الحيدريّ، في محاضرة مصورة. ماذا بقي مِن الدّولة، إذا كان المنتظر يُديرها، يرسم خططها الأمنيَّة وينفذها بنفسه؟ كان حديث المسؤول صادماً لذي العقل، ومعجرةً وكرامةً للمغيب عقله، الذي لا يميز بين ما يؤديه في المواكب ويسمعه مِن المنابر، وبين ما يتعلمه في المدارس والجامعات، فالتعليم صار واحداً. فإذا قال أصحاب العقيدة سيأتي المهدي ويملؤها عدلاً وقسطاً، فمسؤولو اليوم يقولون: «هو صاحب الدَّولة»!كان الاستهلال بالرُّصافي، ونختم به: «كم بات ذو الحَمقِ خلواً في مضاجعهِ/وبات ذو العقلِ فيها كاسفُ البالِ»(الدِّيوان). إنه عين ما أبدعه المتنبيّ (اغتيل: 354هـ)، وعذر الرُّصافيّ ما قيل في توارد الأشعار: «تلك عقول رجالٍ توافقت على ألسنتها»(الشُّريشيّ، شرح مقامات الحريريّ).
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
23% زيادة فى صافي أرباح مدينة الإنتاج الإعلامي خلال الربع الأول من 2025
اعتمد مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، برئاسة عبد الفتاح الجبالي، خلال اجتماعه اليوم، القوائم المالية المستقلة والمجمعة للشركة عن الربع الأول من العام المالي 2025 «الفترة من 1 يناير إلى 31 مارس 2025»، والتي كشفت عن تحسن ملموس في الأداء المالي حيث ارتفع صافي الربح ليصل إلي 339 مليون جنيه مقابل 275 مليون جنيه بنسبة زيادة 23% خلال نفس الفترة من العام الماضي، كما بلغ نصيب السهم من صافى الربح 1.61 جنيها مقارنة بمبلغ 1.31جنيها عن نفس الفترة من العام السابق.
وذكر بيان صادر عن المدينة اليوم، أن ذلك جاء كنتيجة أساسية للتوسع في أنشطة الشركة المختلفة وعلي رأسها زيادة إيرادات الاستوديوهات وكذلك الخدمات الإنتاجية والفنية، وتسويق الإنتاج الفني، والنشاط الترفيهي و الأكاديمية الدولية للهندسة وعلوم الإعلام، والتدريب، إلي جانب الاستثمارات في الشركات التابعة، حيث ارتفع مجمل إيرادات النشاط عن تلك الفترة من مبلغ 213 مليون جنيه الى مبلغ 239 مليون جنيه، إضافة إلي مركز ترميم التراث السمعي والبصري الذي قام بالانفتاح علي الأسواق العربية والمصرية ونجح في ترميم العديد من الأفلام الروائية والتسجيلية، وحقق عائدات ملموسة ساهمت في زيادة الأرباح.
وشهدت الشركة توسعاً كبيراً في خدمات التصوير الأجنبي «داخل المدينة وخارجها» حيث قامت لجنة مصر للأفلام بالمدينة بالإشراف علي تنفيذ العديد من الأعمال لجنسيات مختلفة « أمريكي - هندي - نرويجي - فرنسي - ألماني - سويسري» في العديد من المعالم السياحية والأثرية في جمهورية مصر العربية وأدي ذلك إلي المساهمة بصورة إيجابية في زيادة إيرادات الشركة وتعظيم مواردها، كما توسع مركز « الخدمات الإعلامية » في كافة الأنشطة التي يقدمها للقنوات والوسائل الإعلامية الأجنبية العاملة في مصر.
تجدر الإشارة إلي أن مدينة الإنتاج الإعلامي، هي شركة مساهمة مصرية تعمل بنظام المناطق الحرة العامة ويسهم فيها الهيئة الوطنية للإعلام، وبنك الاستثمار القومي، وبنكي الأهلي ومصر، والشركة المصرية للمشروعات الاستثمارية والاكتتاب العام.
اقرأ أيضاً801 مليون جنيه أرباح مدينة الإنتاج الإعلامي في 2024
بجميع المحافظات.. لجان الوافدين في الانتخابات الرئاسية
انعقاد الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بتونس الثلاثاء