جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-02@01:44:04 GMT

"على شفا جُرُف هارٍ"

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

'على شفا جُرُف هارٍ'

 

محمد رامس الرواس

التصوير الرباني البديع في الآية "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (التوبة: 109)، يُشيرُ إلى أن كل بناء تم تأسيسه على باطل سيُبطله الله عندما يصاحب هذا البناء نية فساد في الأرض، وهذا البنيان؛ سواءً كان تعميرَ بناءٍ أو إقامة كيان دولة أو غيره، هو على شفا طرف حَفِيرة سينهار بمن فيه إلى هاوية سحيقة، وهذا أمر حتمي ووعد رباني مقرون بدلالات وبراهين وشواهد يسوقها المولى عز وجل في القرآن الكريم، ونتصفحها بكتب التاريخ قديمًا وحديثاً.

والكيان الإسرائيلي جرّاء ممارسته أبشع الجرائم الإنسانية بغزة، يتعرض حاليًا لما يُشبه الانهيار والعزلة الدولية والمقت من المجتمع الدولي، ولم يعد يقف مع إسرائيل اليوم سوى الولايات المتحدة حليفتها التي تحاول أن تنقذها من الانهيار والانجراف نحو جرف يتناثر تحت أقدامهما معًا من خلال تبني إسرائيل سياسة متهورة، وما يصاحب ذلك من اختلاف وشتات قلوب أعضاء مجلس الحرب و الشارع الإسرائيلي.

إنَّ الولايات المتحدة التي تساند دولة الاحتلال أصبحت اليوم خائفة ومترددة؛ فتقارير الساسة والعقلاء والخبراء الدوليين تقول إنَّ هناك أزمات عميقة في الجيش وتفكك في المجتمع الإسرائيلي، وبرغم إرسالها الأسلحة إلى إسرائيل تشعر أمريكا أنها قد تنجرف مع إسرائيل إلى نفس المصير. وما نشاهده الآن في المظاهرات والاحتجاجات التي تجتاح العالم شرقًا وغربًا، وطالت إسرائيل نفسها، وتطالب دولة الاحتلال بالتوقف عما تفعله، بينما مجلس الحرب الإسرائيلي يصر على الاستمرار متحديًا الجميع إنما هو مقدمة لانهيار قادم لإسرائيل ومن ثم زوالها.

إنَّ المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول الداعمة لإسرائيل، وصدور التقارير الأممية والقرارات الدولية التي تدين الكيان الإسرائيلي وتفضح نواياه المُبيَّتة لتدمير حياة الفلسطينيين من خلال هذه الحرب الوحشية، يُقابلها بداية انهيار بدولة الكيان وإن كان ببطء، فليست البنية التحتية لغزة هي التي انهارت جراء القصف؛ فالشعب الفلسطيني والمقاومة متماسكون ومتحدون وموكلون ومفوضون أمرهم لله، إنما كيان دولة إسرائيل هو الذي سينهار؛ فالطوفان قد بدأ بالفعل وبرغم كل الخسائر الفلسطينية، إلّا أن هناك جرفًا سيتناثر تحت أقدام دولة الكيان الإسرائيلي ويدفع بها نحو الهاوية قريبًا بإذن الله تعالى.

قد يسأل سائل: ما جدوى مثل هذه التقارير الأممية مثل تقرير فرانشيسكا ألبانيز بعنوان: "تفصيل الإبادة الجماعية" والتي اختتمته قائلة "ربما يكون أفضل وصف يمكنني تقديمه هو أن ما ينكشف تحت أعيننا هو كارثة سياسية وإنسانية ذات أبعاد أسطورية، وأعتقد أن هذا هو الوصف الوحيد الذي يصور إلى حدٍ ما الأحداث على الأرض"، وغير ذلك من مشاريع أممية لوقف إطلاق النار بغزة، وقرارات محكمة الجنايات الدولية التي تدين إسرائيل، والتصويت لوقف الحرب، والمظاهرات التي تجتاح مدن دول العالم شرقًا وغربًا، إضافة إلى استقالات المعارضين التي تحصل بالحكومة الأمريكية وآخرها استقالة أنيل شيلاين اعتراضًا على سياسة بلادها تجاه الفلسطينيين، وغيرها من الأمور، وإن كانت بسيطة مثل المعاملة السلبية غير المسبوقة التي يتلقاها حاملو الجوازات الإسرائيلية بالمطارات الدولية.

ما فائدة كل ذلك إن لم تحصل هناك نتيجة آنية؟!

لا شك أن كل ذلك وغيره يُشكل مُسببات ومواقف إنسانية وتبعات قانونية دولية تودي إلى عزلة دولية للكيان الإسرائيلي البغيض، ومن ثم نبذها وانهيارها وزوالها مع الوقت، وهذا ما يحصل الآن بالفعل، وإن كان ببطء، فقد تخلت العديد من الدول الغربية عن دعمها لإسرائيل، مقارنة بما كانت تقوم به في بداية الحرب على غزة، ولم يعد كيان الاحتلال الإسرائيلي يتمتع بالمواقف الدولية المساندة له من دول الغرب، أما دول أمريكا اللاتينية وعلى رأسها البرازيل؛ فموقفها واضح منذ البداية من خلال إدانتها لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، بينما الشرق الأقصى الصين واليابان وروسيا وغيرهم أصبحوا مقتنعين تمامًا بأن ما يجري في غزة يتجاوز المعقول ويجب وقف إسرائيل والتصدي لها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة

طريق الضالع صنعاء (منصات تواصل)

كشفت مصادر خاصة عن ترتيبات نهائية لاستكمال التطبيع بين العاصمة صنعاء (تحكمها جماعة أنصار الله) والعاصمة المؤقتة عدن (خاضعة لسلطة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا)، في خطوة مفاجئة قد تُنهي سنوات من الانقسام والعزلة القسرية.

وبدأت فرق أمنية في محافظة أبين (جنوب اليمن) إزالة المخلفات والحواجز من الطريق الاستراتيجي الرابط بين مديرية لودر في أبين ومكيرس في محافظة البيضاء، عبر عقبة ثرة، أحد أهم الممرات التي أُغلقت منذ بداية الحرب في 2015.

اقرأ أيضاً خبير إيراني يحذر: إسرائيل وأمريكا تستعدان لضربات مفاجئة ضد طهران.. في هذا الموعد 30 يونيو، 2025 تسريبات خطيرة: التنصت الأمريكي يكشف هل تم تدمير المنشآت النووية الإيرانية حقًّا؟ 30 يونيو، 2025

ويمثل فتح هذا الطريق إشارة قوية لبدء عودة الحياة الطبيعية بين شمال اليمن وجنوبه، بعد سنوات من المعاناة وتعقيدات السفر التي فرضتها الحرب.

ويأتي هذا التحرك بالتزامن مع تلميحات عن اتفاق سلام شامل، وسط تكهنات حول نية المجلس الانتقالي (الذي كان يرفض سابقًا فتح أي طرق) التنازل عن شروط صارمة مقابل ضمانات سياسية وأمنية.

طريق مريس–قعطبة (الرابط بين الضالع والبيضاء) سبق أن شهد فتحًا جزئيًا، وهو طريق حيوي يمر بمناطق نفوذ متنازع عليها.

إعادة فتح عقبة ثرة يعني تقليص سيطرة التحالف على حركة المدنيين والبضائع بين الشمال والجنوب.

هل نشهد بداية نهاية الحرب؟ أم أن هذه خطوة تكتيكية مؤقتة؟.

مقالات مشابهة

  • وزير نرويجي للجزيرة: نسعى لاستصدار قرار ضد إسرائيل من محكمة العدل الدولية
  • الحوثيون يقصفون دولة الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ باليستي
  • إسرائيل: قراءة الزمن الطويل
  • الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تُعَلِّق عضوية إسرائيل
  • عبدالله بن زايد يؤكد خلال اتصال هاتفي مع غروسي دعم الإمارات للدور المحوري للوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • بسبب الجرائم في غزة.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلق عضوية إسرائيل
  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلق عضوية دولة الاحتلال بسبب الإبادة في غزة
  • ‏وزير الخارجية الإسرائيلي: وجهة نظرنا هي أن قيام دولة فلسطينية من شأنه أن يهدد أمن دولة إسرائيل
  • كيف أخفقت إسرائيل في منع تحول باكستان إلى دولة نووية؟