جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-16@08:53:12 GMT

"على شفا جُرُف هارٍ"

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

'على شفا جُرُف هارٍ'

 

محمد رامس الرواس

التصوير الرباني البديع في الآية "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (التوبة: 109)، يُشيرُ إلى أن كل بناء تم تأسيسه على باطل سيُبطله الله عندما يصاحب هذا البناء نية فساد في الأرض، وهذا البنيان؛ سواءً كان تعميرَ بناءٍ أو إقامة كيان دولة أو غيره، هو على شفا طرف حَفِيرة سينهار بمن فيه إلى هاوية سحيقة، وهذا أمر حتمي ووعد رباني مقرون بدلالات وبراهين وشواهد يسوقها المولى عز وجل في القرآن الكريم، ونتصفحها بكتب التاريخ قديمًا وحديثاً.

والكيان الإسرائيلي جرّاء ممارسته أبشع الجرائم الإنسانية بغزة، يتعرض حاليًا لما يُشبه الانهيار والعزلة الدولية والمقت من المجتمع الدولي، ولم يعد يقف مع إسرائيل اليوم سوى الولايات المتحدة حليفتها التي تحاول أن تنقذها من الانهيار والانجراف نحو جرف يتناثر تحت أقدامهما معًا من خلال تبني إسرائيل سياسة متهورة، وما يصاحب ذلك من اختلاف وشتات قلوب أعضاء مجلس الحرب و الشارع الإسرائيلي.

إنَّ الولايات المتحدة التي تساند دولة الاحتلال أصبحت اليوم خائفة ومترددة؛ فتقارير الساسة والعقلاء والخبراء الدوليين تقول إنَّ هناك أزمات عميقة في الجيش وتفكك في المجتمع الإسرائيلي، وبرغم إرسالها الأسلحة إلى إسرائيل تشعر أمريكا أنها قد تنجرف مع إسرائيل إلى نفس المصير. وما نشاهده الآن في المظاهرات والاحتجاجات التي تجتاح العالم شرقًا وغربًا، وطالت إسرائيل نفسها، وتطالب دولة الاحتلال بالتوقف عما تفعله، بينما مجلس الحرب الإسرائيلي يصر على الاستمرار متحديًا الجميع إنما هو مقدمة لانهيار قادم لإسرائيل ومن ثم زوالها.

إنَّ المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول الداعمة لإسرائيل، وصدور التقارير الأممية والقرارات الدولية التي تدين الكيان الإسرائيلي وتفضح نواياه المُبيَّتة لتدمير حياة الفلسطينيين من خلال هذه الحرب الوحشية، يُقابلها بداية انهيار بدولة الكيان وإن كان ببطء، فليست البنية التحتية لغزة هي التي انهارت جراء القصف؛ فالشعب الفلسطيني والمقاومة متماسكون ومتحدون وموكلون ومفوضون أمرهم لله، إنما كيان دولة إسرائيل هو الذي سينهار؛ فالطوفان قد بدأ بالفعل وبرغم كل الخسائر الفلسطينية، إلّا أن هناك جرفًا سيتناثر تحت أقدام دولة الكيان الإسرائيلي ويدفع بها نحو الهاوية قريبًا بإذن الله تعالى.

قد يسأل سائل: ما جدوى مثل هذه التقارير الأممية مثل تقرير فرانشيسكا ألبانيز بعنوان: "تفصيل الإبادة الجماعية" والتي اختتمته قائلة "ربما يكون أفضل وصف يمكنني تقديمه هو أن ما ينكشف تحت أعيننا هو كارثة سياسية وإنسانية ذات أبعاد أسطورية، وأعتقد أن هذا هو الوصف الوحيد الذي يصور إلى حدٍ ما الأحداث على الأرض"، وغير ذلك من مشاريع أممية لوقف إطلاق النار بغزة، وقرارات محكمة الجنايات الدولية التي تدين إسرائيل، والتصويت لوقف الحرب، والمظاهرات التي تجتاح مدن دول العالم شرقًا وغربًا، إضافة إلى استقالات المعارضين التي تحصل بالحكومة الأمريكية وآخرها استقالة أنيل شيلاين اعتراضًا على سياسة بلادها تجاه الفلسطينيين، وغيرها من الأمور، وإن كانت بسيطة مثل المعاملة السلبية غير المسبوقة التي يتلقاها حاملو الجوازات الإسرائيلية بالمطارات الدولية.

ما فائدة كل ذلك إن لم تحصل هناك نتيجة آنية؟!

لا شك أن كل ذلك وغيره يُشكل مُسببات ومواقف إنسانية وتبعات قانونية دولية تودي إلى عزلة دولية للكيان الإسرائيلي البغيض، ومن ثم نبذها وانهيارها وزوالها مع الوقت، وهذا ما يحصل الآن بالفعل، وإن كان ببطء، فقد تخلت العديد من الدول الغربية عن دعمها لإسرائيل، مقارنة بما كانت تقوم به في بداية الحرب على غزة، ولم يعد كيان الاحتلال الإسرائيلي يتمتع بالمواقف الدولية المساندة له من دول الغرب، أما دول أمريكا اللاتينية وعلى رأسها البرازيل؛ فموقفها واضح منذ البداية من خلال إدانتها لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، بينما الشرق الأقصى الصين واليابان وروسيا وغيرهم أصبحوا مقتنعين تمامًا بأن ما يجري في غزة يتجاوز المعقول ويجب وقف إسرائيل والتصدي لها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة

قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.


وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.

وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.

من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".

في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.

وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.


لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.

مقالات مشابهة

  • عاجل-وزير الدفاع الإسرائيلي: سنعمل مع القوة الدولية لتدمير أنفاق حماس وبنيتها التحتية
  • كشف لغز "الجثة الخطأ" التي سلمتها حماس لإسرائيل.. لمن تعود؟
  • اليوم.. افتتاح بطولة مصر الدولية للهواة للجولف بمشاركة 19 دولة
  • إسرائيل: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس لا تتطابق مع أي من الرهائن
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث الأربع التي تسلمناها من حماس لا تخص أيا من الرهائن
  • افتتاح بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة في نسختها العاشرة بمشاركة 28 دولة
  • بمشاركة 28 دولة.. افتتاح بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة في نسختها العاشرة
  • مبادرات وشراكات.. الإمارات في قلب الجهود البيئية الدولية
  • هل يزور رئيس أكبر دولة إسلامية الاحتلال الإسرائيلي؟
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة