الوطن:
2025-06-21@17:47:32 GMT

د. عبدالله المغازي يكتب.. معركة الوعي الجمعي

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

د. عبدالله المغازي يكتب.. معركة الوعي الجمعي

عندما وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى ميثاقاً وطنياً لتدشين الجمهورية الجديدة كان ميثاقاً قائماً على أسس متينة من المصارحة والمكاشفة والمشاركة السياسية الجادة وتدعيمها بالحوار الوطنى وتطبيق مخرجاته بكل جدية ودعم الاقتصاد الوطنى الهادف والتأكيد على ثوابت الدولة المصرية بعمقها الاستراتيجى العربى والقومى، وهو ما يتطلب منا جميعاً، خصوصاً مؤسسات الدولة الوطنية، أن تخوض معركة الوعى الجمعى، وهو إدراك القضايا المختلفة التى قد يواجهها المجتمع كل يوم داخلياً وخارجياً، والتى تحدّث عنها سيادة الرئيس فى أكثر من مناسبة، فعلينا أن نخوضها بمنتهى القوة والحكمة فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، والتى ستشهد حتماً تغييرات جذرية فى القريب العاجل بكل تأكيد.

وكنت أتساءل كل فترة لماذا يُشدّد سيادة الرئيس فى أغلب المناسبات على أهمية الوعى الجمعى (وهو الضمير الجمعى أو الوعى، وهو مصطلح فى علم النفس ابتكر من قِبل عالم الاجتماع الفرنسى إميل دوركايم (1858 - 1917)، ليشير إلى المعتقدات والمواقف الأخلاقية المشتركة، التى تعمل كقوة للتوحيد داخل المجتمع)، وضرورة تماسك المجتمع المصرى والجبهة الداخلية، وأنه يجب أن نكون جميعاً على قلب رجل واحد.. ومع مرور الوقت اتضحت لى الرؤية كثيراً، خصوصاً عندما تحدّثت مع أبى رحمة الله عليه فى عدة مرات، وهو من المقاتلين القدماء الذين تشرّفوا بخوض نصر 6 أكتوبر العظيم، وهو من ضباط القوات المسلحة المصرية الباسلة، ولقد أكد لى أبى أن من أهم عوامل الانتصار فى حرب أكتوبر العظيمة، تماسك الجبهة الداخلية بقوة شديدة بين أفراد المجتمع المصرى، وأن الجميع كان لهم هدف واحد هو النصر واسترداد الكرامة الوطنية، وهو ما حدث والحمد لله.

وعندما كان يسمع خطب سيادة الرئيس وحديثه عن معركة الوعى كان يُعجب بالكلام كثيراً، لأنه مقتنع بأن ما كسر الكثير من الدول هو تفكّك الجبهة الداخلية لهذه الدول.. وكان أبى يحدثنى عن بناء الدول وأن البناء ليس أمراً سهلاً، وعندما يسمع البعض يشتكى بسبب الظروف الاقتصادية والتأثير على الحياة اليومية كان يغضب بشدة ويقول لنا هل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول لم تعانِ شعوبها عند بناء تلك الدول؟ وهل تم بناؤها فى يوم وليلة أم احتاج الأمر منهم سنين طويلة من العمل والجهد والتضحيات، خصوصاً الاقتصادية؟ وهل كانوا فى مثل هذا السخط؟ بالتأكيد لا.. يا بنى إذا أردتم أن تكون لديكم دولة قوية بجيش قوى تطور فى كل فروعه، وأصبح من أقوى جيوش العالم، وهو ما تستحقه مصر، خصوصاً فى هذه المرحلة المهمة، وبنية تحتية تليق باسم وطنكم، فعليكم أن تعوا جيداً أن بناء الوطن يحتاج أولاً إلى وعى جمعى قوى يستوعب كل التحديات الداخلية والخارجية وتماسك الجبهة الداخلية بمزيد من الشفافية والوضوح، وأن الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها ليس على مصر وحسب، وإنما على أغلب دول العالم.

يا سادة.. بناء الأوطان ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى الكثير والكثير من التضحيات، فمن يبنى بيتاً جديداً لأبنائه يضحى بالكثير من الأشياء ليوفر كل شىء لبناء البيت، وتكتمل الفرحة عندما يشاهد جميع الأبناء اكتمال المنزل الذى لأجله كانت تضحيات جميع الأسرة، الأب والأم والأبناء، وكذلك الحال فى بناء الدولة يحتاج الأمر إلى قدر ضخم من العمل والكفاح فى إطار مجتمعى متكامل، يقوم على التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات. وإلى وعى جمعى وخطاب وطنى من الإعلام والسياسيين للشعب المصرى عن كيف يتم بناء الدول والتضحيات التى يتطلبها هذا البناء، ولدينا فى دول كبيرة المثل الذى ضحّت فيه شعوبهم بقوت يومهم والعمل ليلاً ونهاراً لبناء وطن يستحق منا كل تضحية فى هذه اللحظات التاريخية الفارقة.. فبناء وعى الأمة بناءً صحيحاً أحد أهم عوامل استقرارها وتقدّمها فى مواجهة الأفكار الهدّامة، للوصول إلى الفهم الصحيح للحياة.. وكذلك علينا جميعاً، خصوصاً المثقفين منا، إدراك القضايا المختلفة، التى قد يواجهها المجتمع كل يوم داخلياً ودولياً، فمصر وضعتها الظروف الدولية والعالمية فى بوتقة نار من جميع الاتجاهات وحروب على كامل حدودنا الدولية، السودان وليبيا وفلسطين واليمن، ومشكلة باب المندب، وضغوط اقتصادية وسياسية رهيبة تتطلب منا زيادة الوعى الجمعى للمجتمع المصرى، لكى يستطيع مواجهة جميع التحديات بجبهة داخلية صلبة إن شاء الله.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الجمهورية الجديدة ميثاق الشرف الحوار الوطنى

إقرأ أيضاً:

الموت والوجود .. جمالية رسم ملامح الوعي !

بقلم : حسين الذكر ..

ثمة لازمة لا يمكن الفصل من خلالها بين البقاء والفناء تلك المعجزة بحد ذاتها التي اعجزت الاولين والاخرين بحلحلة او فهم فحواها بمعزل عن ادعيات (الاعلمين ) في ظل سيادة وحيازة تامة للمعنى من قبل ( العليم ) .. وفقا لذلك الاعجاز يبقى الانسان حبيس انفاسه التي هي ليست ملكه مذ فتح عينيه بنور الارضين حتى عودته لظلمات سحق البطين ..
يحق للوعي ان يبقى متسائلا .. في ظل وجود يفتقد لكثير من كرامتنا المسلوبة فضلا عن حتمية ( حسن ) الخلق الذي وهبنا من خلاله قدر قراءتنا للواقع والحكم عليه وامكانية تغييره كمشروع سماوي او تجربة ارضية يحق للكائن العاقل ان يفتخر بدوره فيها ومن ثم يحق ( للموجد ) الحكم من خلاله على مسيرتنا المجلجلة .
الاختبار ليس وليد اليوم ولا يمكن حصره في طقوسية ما فالكون محراب ما بلغنها وتوضئنا واقمنا اتصالنا الروحي من عبيق شذاه او ذلك الذي لم ندرك كنهه بعد .. فالاختبار الحقيقي يكمن بقدرتنا على كسر الالم وتحمله ومن ثم صناعة الامل .
مع وعكة او صدمة او مسحة حزن او رهصة جرأة … ينبغي ان تاخذنا الى النهايات او ما بعد المقصلة او كاس السم .. الذي شربه سقراط طوعا بل رغبة واعية – لا كما يتوهم البعض – اذ لو كان يريد شراء ما تبقى من بعض سني عمره الارذل لحصل عليه بابخس الاثمان ..
ذلك ينقلنا مباشرة الى مشهدية كربلاء وما رسم الحسين عليها من اختطاط يستحق الفهم لقراءة الواقع والحكم على العالم قبل الخوض والاستغراق بقشور طقسي لا يتناسب مع عظيم تلك المدرسة الانسانية التي كرم من اجلها المخلوق كافضل صناعة سماوية على وجه الخليقة .
الوعي يحتاج الى تمحيص يومياته بل جزيئياته والتخلص من ( قشريات) ما ارغم على مضغ تفاهته على شكل تراث مغمس وبلاء مدقع .. الانسان امتداد للحرية بل هو تجربة سماوية لكسر قيود التفكير السطحي ومحاولة عبور المشهد القاتم نحو صفاء واضح يتجلى فيه بعده الذي سار اليه الاحرار طوعا بكل بهاء الفكرة مبتعدين قدر الامكان عن قيود المكان وتفاهة الزمان .
في ظل حقل التجارب ينبغي ان تكون محارب .. ليس بالسيف فحسب فذلك من وسائل القهر الاجبارية او الشهوانية لتحقيق مآرب قاصرة او السير في ركاب مرغمة . ان الانسانية بعد كل ابداعات العقل وتضحيات الوعي وانموذجية الحضارة التي جادت لنا بكوكبة من روائع التحضر ينبغي حصر ثقافتنا بمهمة وعي بينة الامر قبل اي واعية اخرى قد تكون هامشية ازاء جمالية الواجب وقدسية الخالق وطائشية بعض المخلوقين .. لن يوقفوا قطار الحقيقة السائر بسرعة البرق نحو مرابض الفكر وحضن الوعي وانبلاج سبل الرحمة التي لا مناص من انتظارها وان طال الانتظار الايجابي .. الاهم ان يكون الترقب عقلي طوعي كما ارادت لنا السماء برغم انف قراصنة الارض والمتصيدين .

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • طحنون بن زايد: الأب ركيزة أساسية في بناء المجتمع واستقراره
  • الموت والوجود .. جمالية رسم ملامح الوعي !
  • معركة شرسة داخل إدارة ترامب حول ضرب إيران
  • السوشيال ميديا بين الوعي والوعي المضاد: معركة السيطرة على العقول
  • «الداخلية» تحبط محاولة لترويج أقراص مخدرة في الإمارات
  • د.حماد عبدالله يكتب: " تنقصنا الحكومة الرشيدة"!!
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: إلتقينا في طريق الجامعة
  • عبدالله بن زايد: حريصون على بناء شراكة اقتصادية مع المكسيك
  • المفتي: حين يتحوَّل الخطاب إلى أداة للتحريض والكراهية فإنه يتنكّر لوظيفته الأصيلة في بناء الوعي
  • د.حماد عبدالله يكتب: "المال "والسَّلطَّة !!