القاهرة - يؤدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هذا الأسبوع اليمين الدستورية ليبدأ ولاية جديدة مدّتها ستة أعوام، تترافق مع أزمة اقتصادية لم تنتهِ مفاعيلها على رغم إجراءات اتخذت في الآونة الأخيرة، ووضع حقوقي "كارثي"، وفق ما يرى محللون.

في 18 كانون الأول/ديسمبر أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات نيل السيسي 89,6% من الأصوات في السباق الرئاسي الذي خاضه مع ثلاثة مرشحين غير معروفين على نطاق واسع من المصريين.

ووفق الدستور، يفترض أن تكون هذه الولاية الأخيرة للسيسي (69 عاما) الذي يتولى الرئاسة في مصر منذ سنة 2014.

وقال البرلماني المقرّب من السلطات مصطفى بكري الأسبوع الماضي إن السيسي سيؤدي اليمين الدستورية صباح الثلاثاء 2-04-2024 أمام مجلس الشعب في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة.

ورجّح بكري أن تقدّم الحكومة برئاسة مصطفى مدبولي استقالتها عقب أداء السيسي اليمين على رغم أن "الدستور لا يلزم الرئيس بتغيير الوزارة، ولكن فيما أعتقد سنكون أمام وزارة جديدة".

ويأتي أداء قسم اليمين فيما تواجه مصر التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر، إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها.

وسجّل معدّل التضخم مستوى قياسيا عند 36 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة الجنيه ونقص الاحتياط الأجنبي في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية. وزادت الديون الخارجية أكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الأخير لتبلغ 164,7 مليار دولار.

"لم أجد بلدا"

في آذار/مارس الماضي، توجه السيسي الى المصريين خلال مؤتمر عام بالقول إنه عندما تولى الحكم "لم أجد بلد، ولكني وجدت أي حاجة وقالوا لي لتأخذ هذه"، في إشارة إلى مصر.

أثار التصريح جدلا بين المصريين خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وجّه له العديد من المستخدمين انتقادات، محمّلين سياساته السبب في ما آلت إليه أوضاع البلاد.

وفي ظل المساعي الحكومية للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية، أعلن المصرف المركزي في آذار/مارس تحرير سعر صرف الجنيه، لتفقد العملة المحلية ثلث قيمتها أمام الدولار الأميركي.

وأتاحت هذه الخطوة للحكومة المصرية التوصل الى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم القرض الأخير من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية، في محاولة لجمع حصيلة من النقد الأجنبي.

كذلك أعلنت الإمارات العربية المتحدة ضخّ "35 مليار دولار استثمارات مباشرة" في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والإماراتية لـ"تنمية 170,8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة" على البحر المتوسط بشمال غرب مصر.

في حين يعتبر العديد من مناصري السيسي أن هذه الإجراءات أتاحت إخراج البلاد من عمق الأزمة الاقتصادية ووضعتها على السكة الصحيحة للحلّ، يخالف بعض المحللين هذا الرأي.

ورأى المحلل الاقتصادي والبرلماني السابق محمد فؤاد أن هذه الإجراءات تبقى قاصرة عن علاج الأزمة على المدى الطويل، اذ لم تشمل خطوات مثل "تهدئة وتيرة الإنفاق العام وتخارج الدولة من الاقتصاد واستهداف التضخم بدلا من سعر الصرف".

وقال لفرانس برس "الدولة ترغب في أن تتدخل بشكل أكبر لا أن تتخارج".

وكتب وزير التعاون الدولي السابق والرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية المصرية زياد بهاء الدين مقالا في صحيفة "المصري اليوم" المستقلة أوضح فيه أن "الذي جرى حتى الآن هو عملية إنقاذ مالي، بدونها كان الوضع سيكون بالغ الحرج، ويكاد يدفع مصر إلى التعثر في التزاماتها الدولية".

وأضاف أن ما ينتظره "المراقبون في الداخل والخارج ليس مزيدا من الصفقات ولا مزيدا من القروض، فهذه حلول مالية كانت مطلوبة وضرورية، وتم اتخاذها برغم تكلفتها الاجتماعية".

وتابع "ما ننتظره هو الانتقال إلى برامج كفيلة بتنشيط الاقتصاد الحقيقي لكى يكون هناك أمل في عدم تكرار ذات السياسات والوقوع في ذات الأخطاء".

"ما زال كارثيا"

وإضافة الى ظروفها الاقتصادية، تواجه مصر التبعات الجيوسياسية لصراعين مفتوحين على حدودها: الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان الى الجنوب.

وفي حين يثير الهجوم الاسرائيلي المحتمل على رفح بجنوب القطاع مخاوف من نزوح جماعي للفلسطينيين الى سيناء، تستضيف مصر أكثر من 500 ألف سوداني فروا من بلادهم منذ اندلاع النزاع منتصف نيسان/أبريل 2023.

داخل مصر، يثير الوضع الحقوقي القلق.

وقال المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات محمد لطفي لفرانس برس إنه "ما زال كارثيا".

ورأى لطفي أن ما شهدته البلاد من "انفراجة على المستوى الحقوقي مع الحوار الوطني ولجنة العفو الرئاسي، وكل الآمال التي كانت عند البعض تحطمت مع انتهاء الأمر (الانتخابات الرئاسية) .. النظام كان يقوم بالدعاية لنفسه".

وتشكّلت لجنة العفو الرئاسية في نيسان/أبريل 2022 وأطلقت سراح العشرات من سجناء الرأي. وبحسب احصاءات المفوضية المصرية للحقوق فقد تمّ الإفراج عن حوالي 2400 شخص، بينما تمّ توقيف حوالي 5200 شخص آخرين.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟

أكد مقال نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية أن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا يواجهون خطر صعود أقصى اليمين الشعبوي، في ظل تراجع نفوذ أوروبا وغرقها في مشاكل اقتصادية، ودخولها في خلافات عميقة مع الحليف الأميركي الذي يدعم اليمين.

وأضافت الصحيفة أن قادة الدول الأوروبية الثلاثة ما فتئوا يحذرون من كوارث إذا تقوّى أقصى اليمين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خلافات الائتلاف وصعود اليمين تهدد مستقبل ميرتس في قيادة ألمانياlist 2 of 2برلمان النمسا يحظر حجاب الفتيات ومنظمات حقوقية تنددend of list

فقد قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن حكومته هي "الفرصة الأخيرة" للبلد لتفادي ذلك السيناريو، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "خطر اندلاع حرب أهلية" إذا ما انتصر أقصى اليمين.

بينما وصف رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج بأنه تحد "لجوهر هويتنا الوطنية".

غير أن إيكونوميست قالت إن خطاب أقصى اليمين الشعبوي يستحق الإدانة في كثير من ملامحه، لكنها شددت على أن الحديث عنه "بلغة كارثية" محكوم عليه بالفشل، مبرزة أن القادة يحتاجون لنهج مختلف لتحقيق الهدف المطلوب.

إخفاقات

وذكرت أن الخطاب التشاؤمي قد يبدو أنه محاولة من القادة الثلاثة لصرف الانتباه عن إخفاقاتهم الذاتية.

وتابعت أن حكومة ستارمر مثلا تنفق كثيرا على الرعاية الاجتماعية، وستفرض ضرائب قياسية في ظل غياب نمو سريع، وذلك بعد 14 عاما من الركود تحت حكم المحافظين.

أما في فرنسا، فقد ألغي قانون ماكرون لرفع سن التقاعد، بينما يدفع رئيس وزرائه الخامس -خلال 3 سنوات- باتجاه المصادقة على الموازنة بشق الأنفس داخل الجمعية الوطنية. وفي ألمانيا، لم يتحقق شيء تقريبا من خطة ميرتس لـ"خريف الإصلاحات".

وذكرت أن تحذيرات القادة الثلاثة غير مقنعة، فبعض حكومات أقصى اليمين ليست خطرة، فجورجيا ميلوني تقود إيطاليا كما يفعل أي سياسي تقليدي، ومستشارو حزب الإصلاح المحليون في بريطانيا يتصرفون حتى الآن "بشكل طبيعي".

في الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين الأوروبي اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.

وأوضحت أن عددا كبيرا من الأوروبيين لا يصدقون ما يقال لهم، لذلك باتوا يقتربون من أقصى اليمين الذين كانت تتجنبهم سابقا.

إعلان

ففي فرنسا يلتقي زعيم حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا مع رجال الأعمال الفرنسيين، وحزب الإصلاح ببريطانيا يستقبل سياسيين محافظين منشقين هو في حاجة إليهم، وفقط برلين ترفض التعامل مع حزب البديل من أجل ألمانيا، حتى إن نوابه -ثاني أكبر كتلة في البرلمان- ممنوعون من تولي مناصب نواب رئيس البوندستاغ.

وتابعت أن المشروع الشعبوي الأكثر إقناعا هو الاقتصاد، فأحزاب أقصى اليمين عندما يخاطبون الشركات يركزون على تقليل القيود التنظيمية، محليا وأوروبيا، ويقولون إنهم يريدون حكومة لا تفرض الكثير من الضرائب، بينما تشتكي الشركات من أن الدولة تعاقب روح المبادرة والمخاطرة، وتنفق الكثير على الرعاية الاجتماعية.

وعلى الرغم من أن التكامل الاقتصادي الأوروبي هو المصدر الأبرز للنمو -توضح إيكونوميست- إلا أن أقصى اليمين يتجه نحو صدام مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيقود إلى تآكل السوق الموحدة وتدمير النمو.

وتوضح الصحيفة أن على الأوروبيين أن يقلقوا من رؤية أقصى اليمين لأوروبا، ففي الوقت الذي تتراجع فيه رغبة الولايات المتحدة في قيادة الدفاع الجماعي عن أوروبا، يتبنى أقصى اليمين اعتقاد دونالد ترامب بأن القارة ستكون أكثر أمنا إذا كانت أقل توحدا.

وأكدت إيكونوميست أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بعد 18 شهرا في فرنسا، وفي مارس/آذار 2029 بألمانيا، وأغسطس/آب 2029 ببريطانيا، وإذا استمر السياسيون التقليديون في شيطنة اليمين الشعبوي فسيريحهم ذلك نفسيا، لكنه لن يخدم بلدانهم.

مقالات مشابهة

  • منتدى الاستثمار المصري القطري يفتح آفاقًا جديدة للشراكات الاقتصادية
  • بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي
  • التشيليون ينتخبون رئيسهم وسط توقعات بفوز اليمين المتطرف لأول مرة منذ 35 عاماً
  • العقبة الاقتصادية: انطلاقة جديدة لمسار التنمية والتحديث
  • العقبة الاقتصادية تتجه نحو مرحلة جديدة من التطوير والاستثمار
  • صراع تاريخية الحضارة المصرية .. مناظرة قوية بين زاهي حواس ووسيم السيسي | فيديو
  • الصين تطلق مجموعة أقمار صناعية جديدة للإنترنت
  • بعد حل مجلس النواب.. تايلاند تدخل مرحلة سياسية جديدة
  • إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
  • محافظ الإسكندرية يُصدر قرار تقسيم مناطق "الإيجار القديم" إلى متميزة ومتوسطة واقتصادية