ما من صراع أو نزاع في العالم إلا وكانت الولايات المتحدة الأمريكية طرفًا فيه، إما بالمشاركة المباشرة كما في العراق وأفغانستان، أو من خلال الإشراف والتخطيط وتوفير الدعم بكلّ صوره وأشكاله خدمة لمصالحها وأجندتها وحماية لأمن الكيان الصهيوني الغاصب.
ووسط زحمة التدخلات والانتهاكات السافرة والصارخة، دائمًا ما يقدم البيت الأبيض نفسه وسيطًا بين خصومه وأدواته، وراعيًا للحقوق والحريات وشعارات أخرى من هذا القبيل، شملت مؤخرًا حماية أمن الملاحة الدولية والتجارة العالمية كما في أحداث غزّة الدامية وما تفرع منها من اشتباكات ومواجهات مباشرة للجيش الأمريكي في الجبهات المساندة للقطاع المحاصر كاليمن.


استدعاء أمن التجارة العالمية لإخفاء وتمويه مهمّة الدفاع عن أمن الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر وخليج عدن ليس الأسطوانة الأمريكية المشروخة الوحيدة في معارك البر الفلسطيني والبحر، فكلّ اعتداء على اليمن وكلّ محاولة اعتراض لصواريخه وزوارقه وطائراته المسيّرة يزعم الجيش الأمريكي أنها تأتي في إطار حق الدفاع عن النفس حتّى أضحت هذه العبارة “ديباجة” ولازمة في كلّ بيانات البنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية.
من السخف اعتداء أمريكا على اليمن بشكل شبه يومي من طائراتها الحربية وقصف بوارجها البحرية، بمشاركة بريطانيا ودول غربية أخرى، قطعت بوارجها آلاف الأميال للوصول إلى البحر الأحمر وأنفقت مليارات الدولارات من أجل دعم وإسناد كيان العدو، بدعوى الدفاع عن النفس.
الدعاية في ذاتها سخيفة وهي أشبه بقطار خرج عن سكته بشكل متعمد من قبل سائقه ليدهس مجموعة من الناس فيقتل من يقتل منهم ويجرح من يجرح ثمّ يكون العتب واللوم على الضحايا.
مع ذلك، ورغم الهيمنة والتأثير الأمريكي على القرارات الدولية، فتلك الدعاية لن ترفع عن الإدارة الأمريكية مسؤولية تحمل العواقب القانونية والإنسانية لانتهاك سيادة بلد آخر يبعد عنها بحورًا ومحيطات، ولا عار التورط في جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزّة، كما لن تجنب البيت الأبيض الاعتراف بالفشل وتداعيات اتساع الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة لا تريد أن تفهم أن العمليات اليمنية البحرية لا تستهدف إلا سفن العدوّ الإسرائيلي وتلك الواصلة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتّى وقف العدوان على غزّة ورفع الحصار الذي يهدّد حياة مئات الآلاف من النساء والأطفال.
وبالتدقيق أكثر فإن واشنطن تعرف جيدًا، أن دوافع اليمن في فرض الحظر البحري على سفن العدوّ دوافع إنسانية، لكنّها تنكرها وتتعامى عن فهم مسببات المأساة الإنسانية في غزّة وضرورة معالجة آثارها الكارثية، مخالفة بذلك كلّ القرارات الدولية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء جريمة العصر.
من الحقوق المتعارف عليها عالميًا حق الدفاع عن النفس بمفهومه الذي يشير إلى الحق القانوني والأخلاقي للفرد أو الدولة في استخدام القوّة أو التصرف لحماية النفس من أي تهديد أو خطر يهدّد السلامة أو الحياة.
المفارقة أن الولايات المتحدة لها معاييرها الخاصة في ترجمة قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني وتطبيقه، فهي تدافع في اليمن عن مصالحها لا عن حقوق أي من دول العالم وكذلك في فلسطين فالكيان الصهيوني قوّة احتلال وليس له حق الدفاع الشرعي بخلاف الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه ومقدسات الأمة ويناضل من أجل حق العودة لملايين اللاجئين.
وفي مقابل إنكار حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه تعتبر الولايات المتحدة ما يرتكبه جيش العدوّ الصهيوني من مذابح في غزّة دفاعًا عن النفس وتوفر لتلك المذابح كلّ وسائل القتل والتدمير.
في “قمة السلام” المزعومة التي جرت في مصر، لبحث التهدئة في قطاع غزّة في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”، بدا المشاركون الغربيون في القمة منحازين للكيان الصهيوني حيث أصروا على إضافة جملة (حق هذا الكيان في الدفاع عن نفسه) قبل تبني واشنطن مشروع قرار في مجلس الأمن يقول إن “للاحتلال الحق في الدفاع عن نفسه” واستخدامها الفيتو لثلاث مرات لمنع قرار وقف إطلاق النار الفوري والدائم.
الأمر ينسحب على اليمن كذلك، إذ لا مبرر قانونيًا لاستخدام أمريكا القوّة ضدّ الشعب اليمني، والحق الذي تكفله قوانين الأرض وتشريعات السماء هو للقوات المسلّحة في الرد المتناسب على الاعتداءات الأمريكية – البريطانية.
الانقلاب في الصورة واقع واللوبي اليهودي له النفوذ والقدرة على التلاعب بالقانون الدولي؛ لقلب الحقائق وإلباس الضحية ثوب الجلاد وتلك استراتيجية تقوم عليها السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ أن تأسست وتبنت رعاية ودعم كيان العدوّ في الأرض العربية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أمريكا أولاً.. المنتزهات الوطنية الأمريكية تعلن زيادة رسوم السيّاح الدوليّين

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية أنّ السيّاح الدوليّين الذين يزورون المنتزهات الوطنية الشهيرة في الولايات المتحدة العام المقبل، سيتعيّن عليهم دفع رسوم إضافية وسيواجهون ارتفاعا في أسعار بطاقات المرور السنوية.

وفي بيان يشيد بـ"هيكل الرسوم الجديد الذي يركّز على المقيمين ويضع العائلات الأمريكية أولاً"، أفادت الوزارة أنه اعتبارًا من الأول من يناير/كانون الثاني العام 2026، ستبلغ تكلفة البطاقة السنوية لغير المقيمين في الولايات المتحدة 250 دولارًا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف السعر القياسي البالغ 80 دولارًا الذي سيستمر المواطنون الأمريكيون بدفعه.

وأضاف البيان أنّ السيّاح الأجانب الذين لا يشترون البطاقة سيدفعون رسومًا قدرها 100 دولار للشخص الواحد، بالإضافة إلى رسوم الدخول القياسية، بغية دخول 11 من أكثر المنتزهات الوطنية زيارة، ضمنًا "غراند كانيون"، و"روكي ماونتن"، و"يلوستون".

مقالات مشابهة

  • “الدبيبة” يتابع نتائج زيارة الوفد الحكومي إلى الولايات المتحدة
  • قيادي بـ”حماس”: العدو الصهيوني يتهرب من المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار
  • لجنة أممية تكشف عن انتهاكات مروعة بحق الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني
  • كييف: بداية جيدة لمحادثات السلام في الولايات المتحدة وسط “أجواء دافئة”
  • “حماس”: ملتزمون باتفاق وقف اطلاق النار رغم مماطلة العدو الصهيوني الدخول للمرحلة الثانية
  • الأمم المتحدة: العدو الصهيوني يستخدم التعطيش سلاح للإبادة في غزة
  • “الشعبية”: يوم التضامن مع فلسطين محطة مهمة لمواجهة الإبادة وفضح تواطؤ المنظومة الدولية وإصلاحها
  • “حماس”: القرار الصهيوني بالاستيلاء على الباحة الداخلية للمسجد الإبراهيمي اعتداء صارخ على قدسيته
  • أمريكا أولاً.. المنتزهات الوطنية الأمريكية تعلن زيادة رسوم السيّاح الدوليّين
  • نيويورك تايمز .. وفاة أكثر من 10 أطفال في الولايات المتحدة بسبب لقاح “كوفيد-19”