"كل شيء مدمر في غزة وأصبحت غير صالحة للعيش وننتظر الموت في أي لحظة، فعن أي أعياد نتحدث؟!"، هكذا يصف عدد من سكان قطاع غزة لموقع "الحرة"، أجواء عيد الفطر ومعاناتهم في زمن الحرب، وسط خوف من هجوم مرتقب على مدينة رفح.

"لا يوجد عيد هنا"

وتبقى رفح الملاذ الأخير للمدنيين الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل الذي دمر أحياءهم السكنية، وتقول إسرائيل إن المدينة هي آخر أهم معاقل مقاتلي حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.

ويتكدس في المدينة الجنوبية حوالي 1.5 مليون فلسطيني هربا من الحرب المستمرة منذ 6 أشهر، وسط أجواء صعبة للغاية ونقص في الغذاء والماء والمأوى، وطلبت حكومات ومنظمات أجنبية من إسرائيل عدم اجتياح المدينة خوفا من سقوط عدد هائل من القتلى.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يقول المواطن الفلسطيني النازح من شمال غزة إلى رفح، أحمد وائل، إنه "لا يوجد عيد هنا، بعدما أصبح القطاع غير قابل للعيش".

ويتحدث وائل من رفح حيث لجأ عشرات آلاف الفلسطينيين هربا من معارك أكثر حدة في أنحاء أخرى من القطاع، قائلا: "نحن في أجواء حرب، لا توجد احتفالات ولا يتم بيع الحلوى، ولا يقوم السكان بشراء ملابس جديدة".

ويتساءل مستنكرا:" عن أي عيد نتحدث ونحن نترقب الموت في أي لحظة؟!".

"الخوف والترقب" في رفح

الاثنين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أنه تم تحديد موعد لشن هجوم على رفح لكنه لم يعلن عنه، وكرر أن الانتصار على مقاتلي حماس "يتطلب دخول رفح والقضاء على الكتائب الإرهابية هناك"، مؤكدا في مقطع مصور أن "الأمر سيحصل، وتم تحديد الموعد".

من جانبها، تتحدث مرح رامي، لموقع "الحرة" من مدينة رفح على حدود مصر، قائلة:" فرحة العيد غائبة، نحن نعيش في خوف ورعب، وننتظر اجتياح المدينة برا في أي وقت".

وتشير الفتاة البالغة من العمر 17 عاما إلى أن "الحزن والإحباط يحيط بالسكان من كل مكان، بينما يترقب الناس هجوم الجيش الإسرائيلي على المدينة في أي لحظة".

وتقول: "في أي لحظة ممكن نموت أو نفقد أحد من أقاربنا، ولا توجد هنا مظاهر أو أجواء احتفالية، والفوضى تسود المدينة، والغذاء والماء غير متوفر"، وأصبح "لمن يستطيع إليه سبيلا"، على حد تعبيرها.

وفي سياق متصل، يشير أحمد وائل إلى أن "حالة الخوف والترقب" تنتشر بين سكان رفح"، ويقول:" بعض الناس بدأت تخزن طحين ومواد تموينية، وننتظر اجتياح الجيش الإسرائيلي للمدينة في أي وقت".

مشاعر "غضب وكراهية"؟

واضطر معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى ترك منازلهم بعد تدمير واسع للقطاع، ويعتمدون حاليا على المساعدات من أجل البقاء، وتفاقمت معاناتهم في شهر رمضان.

ويقول أحمد وائل، إن "العشرات من أقاربه قد ماتوا، وهناك عائلات كاملة تم حذفها من السجلات المدنية".

ومن جانبها، تشير مرح رامي، إلى أنها لم تستكمل دراستها بسبب الحرب، ولديها "شقيقان تؤام"، ولدا خلال النزاع في غزة، وقد عاشا منذ اليوم الأول لولادتهما أجواء "القصف والنزوح".

ولذلك، يحذر استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، من التداعيات النفسية المستقبلية للمشاعر التي يعاني منها سكان قطاع غزة بالتزامن مع "زيادة معاناتهم في رمضان وغياب أجواء احتفالات عيد الفطر".

ومع قدوم العيد وقبله شهر رمضان، بالتزامن مع "غياب الفرحة، وانتشار الدمار والخراب"، يشعر الإنسان "بتناقض" ويحاول توجيه "حالة السخط والغضب والضيق" على كل من تسبب في "عدم شعوره بالمظاهر والأجواء الاحتفالية بالأعياد"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويوضح استشاري الطب النفسي، أن تلك المشاعر تتحول إلى "كراهية لكل ما هو حوله"، وتحديدا للجيش الإسرائيلي الذي يرى أنه سبب "غياب فرحة العيد"، وكذلك للمجتمعات والدول التي "تحيط به ولم تقدم له يد المساعدة".

ومن جانبه يشير استشاري التحليل والعلاج النفسي السلوكي، علاء الغندور، إلى أن ما يمر به "سكان قطاع غزة وخاصة الأطفال منهم"، سوف يصيبهم بـ"صدمة نفسية تؤثر عليهم طوال حياتهم".

وأضاف، أنه عندما يجد الأطفال أن "آباءهم وأماتهم وإخوانهم وجيرانهم قد قتلوا"، ومنازلهم قد "دمرت" واضطروا لترك مساكنهم وبيوتهم فسوف يعانون من "تداعيات نفسية ستلازمهم طوال حياتهم".

وأكد أن بعض هؤلاء الأطفال "سيحتاجون إلى "تأهيل نفسي"، لأن ما حدث معهم "لا يمكن أن يغيب عن ذاكرتهم"، وقد يتحولوا مستقبلا إلى "أشخاص يبحثون عن الانتقام".

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 33360 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 75993، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الثلاثاء.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: سکان قطاع غزة فی أی لحظة إلى أن

إقرأ أيضاً:

القلق يزداد.. هل تصمد مستشفيات الجنوب في حال الحرب؟

منذ انطلاق شرارة حرب غزة في السابع من تشرين الأول سارعت المستشفيات في جنوب لبنان، لا سيما تلك المنتشرة على طول الخط الحدودي إلى رسم خطط للطوارئ الصحية استعداداً لمواجهات قد تعنف وتتفاقم.
دخلت القذائف الإسرائيلية أعمق في الجغرافيا الجنوبية، ويتواصل القصف المتقطع والمحدود على الحدود اللبنانية، وسط فرضيات عديدة في توسع رقعتها. الاحتمالات مفتوحة وهاجس الخوف يتمدد.
وبعد مرور أكثر من 7 أشهر على بداية المواجهات على جبهة الجنوب، تواجه هذه المستشفيات الحكومية، واقعا صعبا، لكنها ما زالت صامدة وتواصل تقديم خدماتها الطبية والاستشفائية.
ولكن الخطورة جدية والوضع غير مستقر، حيث تنبع المخاوف من أنّ إسرائيل عادةً لا تنهي أي حرب إلاّ بضربة قوية وبعدها يتدخّل طرف خارجي لوقف الحرب، لكن حينها تكون الأذيّة قد وقعت.
الجميع يترقَّب، في الداخل والخارج. وكلّما طال زمن الحرب، ارتفعت قيمة الفاتورة الصحية، وهذا ما يؤكد أن هناك "حالة انعدام اليقين بشأن المستقبل" في جنوب لبنان.
الوضع اليوم يختلف تماماً عمّا كان عليه سابقاً وآخرها في حرب تموز 2006. لم تكن المستشفيات آنذاك تعاني من أيّ مشاكل مادية واقتصادية، ومع ذلك واجهت المستشفيات صعوبات في تأمين المحروقات والأوكسجين واللوازم الطبية.
وتؤكد ممرضة في مستشفى ميس الجبل" أن المستشفى يعتبر اليوم صمام أمان صحيا وحيويا في المنطقة، وتعمل كافة الأقسام بشكل كامل، وقد وزعنا كادرنا الطبي على أكثر من فريق للمناوبة، ذلك من أجل سلامة الأطباء خصوصاً في حركة تنقلاتهم على الطرقات.
وأشارت إلى أن "حتى الآن الوضع متماسك ومنذ بدء الحرب وضعت خطة طوارئ ونحن في استنفار تام تحسباً لأي حوادث متفاقمة".
ولكن شددت على أنّه "لا توجد جهوزية مطلقة لأنه في حال تمّ قصف المستشفيات عندها لا تنفع خطة الطوارئ في شيء، وكل شيء يتوقف على درجة ومستوى العمليات العسكرية التي ستحصل، والخوف الأكبر عند كل المستشفيات هو موضوع الفيول لأن لا احد يعرف كمية المخزون الذي يكفي والخوف الثاني عدم تأمين المخزون الكافي من الأدوية والمستلزمات الطبيةالخاصة بالجراحة والأمصال".
وسألنا الممرضة عمن يقدم إسعافات الطوارئ للناس القاطنين في المناطق الخطرة، فأجابت أن هناك تعاون دائم للهيئة الصحية الإسلامية والدفاع المدني التابع لكشافة الرسالة الإسلامية، وهم يتولون نقل الإصابات أو المرضى إلى المستشفيات الآمنة.
وأكدت البرجي أن "هناك نقصا في عدد الأطباء والموظفين، نتيجة هجرة بعضهم منذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام 2019، وقد تفاقم هذا الوضع مع بداية العدوان الإسرائيلي في الجنوب".
من جهة رأى صاحب صيدلية "الأميري" في كفررمان إن هناك صعوبات كبيرة بسبب الوضع الأمني الحالي، الذي حال دون وصول مندوبي شركات توزيع الأدوية إلى القرى الجنوبية، مما أسفر عن نقص ملحوظ فيها.
وأكد أنه "عندما نتحدّث عن الصمود، يجب أن تكون لدينا خطة متكاملة تشمل الطاقم الطبي، وعملية إستيراد الأدوية والمعدات الطبية، وكيفية إيصالها إلى المراكز".
ويشكو الأميري من أن "الشركات الكبرى لا ترسل المستلزمات الطبية والأدوية إلى المنطقة، مما يجبر الإدارة على تكليف شخص بتأمينها من صيدا أو العاصمة بيروت".
وأشار إلى أن "نصف الصيدليات في مناطق الجنوب أغلقت بسبب الوضع الأمني على الحدود، وتعرض بعضها لإصابات مباشرة، في حين يواصل البعض الآخر العمل. فالإمكانيات غير متوفِّرة والمرحلة حسّاسة".
في السياق، أكد مندوب لتوزيع الأدوية في الجنوب الى أنهم توقفوا عن توزيع الأدوية في المنطقة الحدودية منذ بداية إندلاع الحرب.
 
ويوضح "أننا نسلّم الأدوية ضمن منطقة وسطية آمنة، أو يأتي الزبون إلى الشركة".
ولفت إلى مدى الخطورة على حياة مندوبي توزيع الأدوية في الجنوب في التنقّل من المستشفى واليه، خصوصاً أن العدو لا يفرّق بين الأهداف.
هكذا، يبدو أن الأمور لا تزال عالقة ففي حال شهدت مستشفيات لبنان ما حصل في مستشفيات غزّة فعندها سيطرح السؤال: ما هي المدة التي ستصمد فيها هذه المستشفيات؟ وهل نشهد انهيارها تباعاً، أم يكون هناك حلّ عاجل ينقذها في زمن الحرب؟
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • الحرب تحرم سكان قطاع غزة من إحياء سنة ذبح الأضاحي
  • مستشار رئيس فلسطين: غالبية سكان غزة ضد الحرب ومن أدخلهم بها
  • لا توجد أضحية واحدة.. كيف يستقبل سكان غزة العيد؟
  • عيد بلا أضاحٍ في العراق.. وفتوى بجواز إرسال ثمنها إلى غزة لإغاثة سكان القطاع
  • عيد بلا أضاحي في العراق.. وفتوى بجواز إرسال ثمنها إلى غزة لإغاثة سكان القطاع
  • عيد بلا فرحة ولا أضاحٍ.. الحصار وإغلاق المعابر يفاقمان معاناة سكان غزة
  • ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 37,266 منذ بدء العدوان
  • سكان المستوطنات بشمال إسرائيل يعنلون بدء الاحتجاجات على حكومة نتينياهو
  • القلق يزداد.. هل تصمد مستشفيات الجنوب في حال الحرب؟
  • في استطلاع للرأي: 61% من سكان غزة فقدوا شخصاً على الأقل في الحرب