عربي21:
2025-10-15@08:53:04 GMT

نتنياهو.. بين غريزة الانتقام وهواجس الهزيمة

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

يقف نتياهو اليوم موقفا في غاية الحرج والقلق والتوتر والخوف في آن معا؛ فهو يحاول جاهدا تحقيق انتصار عسكري بأي طريقة، يحتمي به من أزمات تنتظره، وأوقات عصيبة سيمر بها بعد انتهاء الحرب، فهو يعتقد أن تحقيق نصر من أي نوع وبأية طريقة سيكون مبررا قويا له في مواجهة خسائر الحرب المادية والمعنوية والاجتماعية التي يتربص له بها معارضوه وكارهوه، وفي الوقت نفسه يحاول إطالة أمد الحرب مهما كانت كلفتها البشرية والاقتصادية والاجتماعية؛ فأزمته الشخصية ترافق كل تصرفاته وقراراته وتصريحاته، وباتت الغالبية من الشعب اليهودي بمن فيهم كثير من مؤيديه يدركون بأنه متورط في حرب سيكون لتوقفها الآن وقع الكارثة عليه وعلى حزبه والموالين له في حكومته، وأنه في حال فشله سيعطي الفرصة لأعدائه السياسيين لينتقموا منه ويلقوه في مزبلة التاريخ.



ولأنه يدرك كل هذا، فهو مستعد لحرق الكيان المحتل، والاستمرار في الاستهانة بالقرارات الدولية، والمواقف المعارضة لسياساته في الغرب الذي بات حانقا على إجراءاته العسكرية التي أصبح العالم كله مقتنعا بأنها تشكل جريمة حرب وإبادة جماعية، وتطرف عنصري مقيت. واستخفاف بكل القيم الإنسانية والأخلاقية والقوانين الدولية..

وعلى الرغم من التظاهرات التي باتت تشكل عبئا ثقيلا عليه وعلى حكومته، إلا أنه مصر على الاستمرار في سياساته المفرطة في التطرف، والبعيدة كل البعد عن مصالح الكيان المحتل، في ظل تفاقم أزمات لا عدّ لها على كل المستويات، ويشكل عدد القتلى والجرحى والمعاقين المتفاقم، والأوضاع الاقتصادية، وقضية الأسرى لدى المقاومة، ونزوح مئات الآلاف من المستوطنين من غلاف غزة وشمال فلسطين الأثر الأكبر على المجتمع اليهودي، إضافة إلى ما تشكله هذه التظاهرات من عبء نفسي ثقيل عليه وعلى حكومته.

إلى ذلك، فإن نتنياهو يحاول جر إيران إلى ساحة المعركة؛ ليفجر الأوضاع في المنطقة برمتها؛ فهو يعلم، يقينا، بأن ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي تسبب في مقتل عدد من المستشارين، وعلى رأسهم "محمد رضا زاهدي"، ثاني أكبر قائد في الحرس الثوري الإيراني، لن يمر بسلام، ويعلم بأن إيران سترد هذه المرة، وأن أحداً لن يلومها جراء ردها العسكري، بمن فيهم الولايات المتحدة التي صرحت خارجيتها بأن الاعتداء على السفارة يعدّ اعتداءً على البلد الذي تمثله السفارة؛ فنتنياهو يسعى لتوسيع رقعة الحرب، على حساب المصلحة العامة للكيان وشعبه، وعلى حساب الولايات المتحدة ودول أوروبا الداعمة له.

إن الحقيقة التي لا يفهمها نتنياهو أن ما يقوم به من أعمال إجرامية وما يفكر في القيام به في ساحات أخرى، مؤشر كبير على أن الكيان الصهيوني لن يعمر طويلا في الشرق الأوسط، وحوله ملايين الغاضبين من العرب والمسلمين، ولن تكون الطائرات قادرة على صد مئات الآلاف من المتطوعين للقتال في فلسطين، حين يجد الجد، وتبدأ المعركة الفاصلة.وليس هذا وحسب، بل إنه يعمل جاهدا على توسيع نطاق الحرب مع حزب الله، ليشعل الجبهة اللبنانية، وليقوم بتنفيذ مجزرة أخرى في مدن الجنوب وقراه، وصولا إلى بيروت، ومدن أخرى؛ ليضمن ولاء المتطرفين من اليهود، ويجبر المعارضين على السكوت ولو مؤقتا. وهو مستمر في ضرب أهداف إيرانية وأهداف لحزب الله والجيش السوري في سوريا؛ ذلك أنه ماض في استفزاز كل الأطراف المناوئة له في المنطقة، وهو غير عابئ مطلقا بالسفن التي تتعرض لصواريخ الحوثيين، مع أن سياسته الفاشية هي سبب ما تتعرض له السفن الغربية المتوجهة أصلا للكيان المحتل، فهو المستفيد من وصولها، إلا أنه لا يعير الأمر كبير اهتمام، وكأنه بريء من أسباب التعطّل والخسارة اليومية جراء قصف الحوثيين للسفن التي تعبر من مضيق هرمز في طريقها إليه..

إن ما يفكر به نتنياهو لا يخرج عن كونه تفكيرا شيطانيا، قد يجر المنطقة إلى حرب كبرى، ولا أستبعد أن تكون شرارة تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، لا سيما بعد التغيّر الذي طرأ على مواقف روسيا والصين تجاه الكيان بعد جرائم الحرب التي ارتكبتها ضد قطاع غزة، وتجاه التدخل الأمريكي الصارخ في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا في ظل إدارة بايدن التي تتخبط في سياساتها تجاه عدة ملفات وبؤر توتر، أهمها قطاع غزة والضفة الغربية والاستيطان وحل الدولتين، ثم الحرب الأوكرانية الروسية، ومشكلة الصين مع كل من الفلبين وتايوان، بالإضافة إلى مشكلتها المتجددة مع الهند، وصراع الكوريتين وتهديدات كوريا الشمالية باستخدام السلاح النووي ضد الولايات المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي طرأت على علاقة كل من الصين وروسيا مع كوريا الشمالية، من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، خصوصا بعد الانحياز الصلب من قبل الولايات المتحدة وأوروبا لأوكرانيا؛ مما دفع الصين وروسيا لأول مرة إلى التحالف بعد ما يشبه القطيعة لفترة طويلة من الزمن، بعد أن أدركتا النوايا الغربية تجاه كل منهما، فخروج أوكرانيا منتصرة وانضمامها إلى حلف الناتو ليس في مصلحة الصين، وليس روسيا فقط.

 ويتضح من السياسة التي يتخذها نتنياهو في المنطقة أنه يتصرف بدون أدنى إحساس بالمسؤولية، ولم يعد تهمه ردود أفعال من أي طرف، ولا أية نتائج سلبية يمكن أن يتسبب بها لأي طرف..

ومما ذكر فإن نتنياهو يسعى لإطالة عمر الحرب في غزة وفتح جبهات جديدة؛ ليحقق ما يلي:

1 ـ إطالة عمر حكومته وبقائه في الحكم على حساب الأسرى وموقف الكيان أمام العالم.
2 ـ إقحام الولايات المتحدة في حروب ليست مستعدة لها، وستعمل على تشويه صورتها أكثر مما هي مشوهة بسبب دعمها الحرب على غزة..
3 ـ محاولة صناعة نصر بعد أن فشل في غزة بضرب العمق اللبناني، وإحداث دمار كبير فيه.
4 ـ استغلال رد فعل إيران الذي قد يطلق صواريخ ذات قوة تدميرية كبيرة إلى قلب الكيان؛ فيقوم بضرب المفاعل النووي الإيراني، هو ما يعتقد أنه سيقوي موقفه ويحصل على تأييد الشعب اليهودي، ويمنحه شيئا من الحضور الدولي؛ لا سيما أن إيران منبوذة في الدوائر الغربية.

ومنذ أيام قليلة قامت طائرات الاحتلال بضرب مدينة بعلبك في شمال لبنان، وهو ما يؤشر على نواياه في توسيع رقة الحرب مع حزب الله الذي يناور هو الآخر، ويتلاعب بأعصاب قوات الاحتلال.

إن الحقيقة التي لا يفهمها نتنياهو أن ما يقوم به من أعمال إجرامية وما يفكر في القيام به في ساحات أخرى، مؤشر كبير على أن الكيان الصهيوني لن يعمر طويلا في الشرق الأوسط، وحوله ملايين الغاضبين من العرب والمسلمين، ولن تكون الطائرات قادرة على صد مئات الآلاف من المتطوعين للقتال في فلسطين، حين يجد الجد، وتبدأ المعركة الفاصلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب غزة فلسطين الاحتلال احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب

"يبدو الأمر كما لو أن زلزالا دمّر مدينة غزة، هناك الكثير من الأنقاض التي تملأ الشوارع بحيث يصعب المشي، من المستحيل أن تمر سيارة بسهولة"، بهذه الكلمات لخص جراح العيون محمد مسلّم لصحيفة لوموند الفرنسية الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب التي استمرت لعامين كاملين.

وقالت لوموند إن الدكتور مسلّم (40 عاما) كان في حالة من الذهول عند دخوله غزة، وهي صدمة عاشها كل من دخل المدينة من جيرانه وأصدقائه، كما أكد للصحيفة في حوار عبر الهاتف.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الدويري يحذر العائدين لشمال غزة من مخلفات جيش الاحتلالlist 2 of 2نصف مليون يعودون إلى غزة وأرقام صادمة عن الدمار الهائلend of list

وأضاف الطبيب "حيثما وليت وجهك ترى أنقاضا في كل مكان".

 

وتابعت أن الدكتور مسلّم اضطر الشهر الماضي لمغادرة منزله بغزة رفقة زوجته وأطفاله الـ3 بسبب القصف الإسرائيلي الذي لم ينقطع، ولجأت الأسرة إلى منطقة قريبة، لكن شدة القصف دفعتهم إلى المغادرة "بقلوب مكسورة، وشعور بأننا لن نرى مدينتنا مرة أخرى".

وانتهى به الأمر باستئجار شقة باهظة الثمن في دير البلح، في وسط القطاع، مع عائلته وبينهم والداه المسنّان اللذان يحتاجان إلى رعاية طبية.

عاد الدكتور مسلّم -تتابع لوموند- إلى غزة مشيا على الأقدام مع آلاف النازحين بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، ليفاجأ بالوضع الكارثي للمدينة، وتساءل في حديثه للصحيفة "كيف سنقوم بالإصلاح في غياب الأسمنت؟ في أي ظروف سنعيش في ديارنا؟ أين سيعود أولئك الذين لم يعد لديهم منازل؟".

وندد مسلّم بسياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة خلال عامين من الحرب التي شنتها إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف شخص، بحسب ما صرح به للوموند.

لم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا.

وتساءل "ماذا فعل سكان غزة ليُعرضوا للتشريد والدمار والقصف على هذا النطاق؟".

من بين القتلى، يفكر محمد مسلّم في الطاقم الطبي الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية، كما لا تغيب عن باله صور الجرحى في غزة الذين عالجهم.

إعلان

وصرح للوموند قائلا "في أحاديثنا بين الأصدقاء، نقول غالبا إن معركة جديدة تنتظرنا بعد انتهاء هذه الحرب، هذه المعركة هي التي يجب خوضها للتغلب على المعاناة الهائلة التي عانيناها، وعلى الحزن على أحبائنا الذين قُتلوا، ولإعادة بناء غزة، وللحصول على حقوقنا مثل عدم العيش تحت الحصار، ولإعادة حياتنا إلى مسارها الطبيعي".

استهداف الأطر الطبية

وإلى حدود أغسطس/آب الماضي ذكرت الإحصائيات الفلسطينية أن ثلثي المستشفيات باتا خارج الخدمة، وتقلصت أجهزة التشخيص والعمليات بشكل كبير، في حين اختفت الأدوية الضرورية من رفوف الصيدليات، تاركة أكثر من 300 ألف من ذوي الأمراض المزمنة في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض.

وأضافت وزارة الصحة في غزة وقتها أن 6 آلاف و758 من ذوي الأمراض المزمنة توفوا منذ بداية الحرب، نتيجة انقطاع العلاج أو منعهم من السفر لتلقيه.

كما سجلت المراكز الصحية 28 ألف حالة سوء تغذية خلال العام الجاري، ويدخل يوميا نحو 500 شخص المستشفيات بسبب مضاعفات الجوع.

ولم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا. كما اعتُقل 361 من الطواقم الطبية، ولا يزال 150 منهم رهن الاعتقال، بينهم 88 طبيبا.

مقالات مشابهة

  • الملك عبد الله الثاني صوت الحقيقة التي هزمت أكاذيب نتنياهو وحكومتة المتطرفة .
  • وتمت تبرئة الكيان الصهيوني... ولا عزاء للأبرياء
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • ماكرون: سيكون لنا دور خاص في إدارة غزة وترامب الوحيد الذي أوقف نتنياهو
  • ترامب يرجو رئيس الكيان للصفح عن “بيبي” نتنياهو بسبب قضايا الفساد
  • ما الذي دفع نتنياهو للتراجع عن حضور قمة شرم الشيخ؟
  • صالح الجعفراوي صوت غزة الذي صمت برصاص الغدر
  • أخبار التوك شو| أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها.. والاحتلال يجمع الأسرى الفلسطينيين في سجني عوفر والنقب
  • طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
  • أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها