عربي21:
2025-05-11@13:00:30 GMT

نتنياهو.. بين غريزة الانتقام وهواجس الهزيمة

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

يقف نتياهو اليوم موقفا في غاية الحرج والقلق والتوتر والخوف في آن معا؛ فهو يحاول جاهدا تحقيق انتصار عسكري بأي طريقة، يحتمي به من أزمات تنتظره، وأوقات عصيبة سيمر بها بعد انتهاء الحرب، فهو يعتقد أن تحقيق نصر من أي نوع وبأية طريقة سيكون مبررا قويا له في مواجهة خسائر الحرب المادية والمعنوية والاجتماعية التي يتربص له بها معارضوه وكارهوه، وفي الوقت نفسه يحاول إطالة أمد الحرب مهما كانت كلفتها البشرية والاقتصادية والاجتماعية؛ فأزمته الشخصية ترافق كل تصرفاته وقراراته وتصريحاته، وباتت الغالبية من الشعب اليهودي بمن فيهم كثير من مؤيديه يدركون بأنه متورط في حرب سيكون لتوقفها الآن وقع الكارثة عليه وعلى حزبه والموالين له في حكومته، وأنه في حال فشله سيعطي الفرصة لأعدائه السياسيين لينتقموا منه ويلقوه في مزبلة التاريخ.



ولأنه يدرك كل هذا، فهو مستعد لحرق الكيان المحتل، والاستمرار في الاستهانة بالقرارات الدولية، والمواقف المعارضة لسياساته في الغرب الذي بات حانقا على إجراءاته العسكرية التي أصبح العالم كله مقتنعا بأنها تشكل جريمة حرب وإبادة جماعية، وتطرف عنصري مقيت. واستخفاف بكل القيم الإنسانية والأخلاقية والقوانين الدولية..

وعلى الرغم من التظاهرات التي باتت تشكل عبئا ثقيلا عليه وعلى حكومته، إلا أنه مصر على الاستمرار في سياساته المفرطة في التطرف، والبعيدة كل البعد عن مصالح الكيان المحتل، في ظل تفاقم أزمات لا عدّ لها على كل المستويات، ويشكل عدد القتلى والجرحى والمعاقين المتفاقم، والأوضاع الاقتصادية، وقضية الأسرى لدى المقاومة، ونزوح مئات الآلاف من المستوطنين من غلاف غزة وشمال فلسطين الأثر الأكبر على المجتمع اليهودي، إضافة إلى ما تشكله هذه التظاهرات من عبء نفسي ثقيل عليه وعلى حكومته.

إلى ذلك، فإن نتنياهو يحاول جر إيران إلى ساحة المعركة؛ ليفجر الأوضاع في المنطقة برمتها؛ فهو يعلم، يقينا، بأن ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي تسبب في مقتل عدد من المستشارين، وعلى رأسهم "محمد رضا زاهدي"، ثاني أكبر قائد في الحرس الثوري الإيراني، لن يمر بسلام، ويعلم بأن إيران سترد هذه المرة، وأن أحداً لن يلومها جراء ردها العسكري، بمن فيهم الولايات المتحدة التي صرحت خارجيتها بأن الاعتداء على السفارة يعدّ اعتداءً على البلد الذي تمثله السفارة؛ فنتنياهو يسعى لتوسيع رقعة الحرب، على حساب المصلحة العامة للكيان وشعبه، وعلى حساب الولايات المتحدة ودول أوروبا الداعمة له.

إن الحقيقة التي لا يفهمها نتنياهو أن ما يقوم به من أعمال إجرامية وما يفكر في القيام به في ساحات أخرى، مؤشر كبير على أن الكيان الصهيوني لن يعمر طويلا في الشرق الأوسط، وحوله ملايين الغاضبين من العرب والمسلمين، ولن تكون الطائرات قادرة على صد مئات الآلاف من المتطوعين للقتال في فلسطين، حين يجد الجد، وتبدأ المعركة الفاصلة.وليس هذا وحسب، بل إنه يعمل جاهدا على توسيع نطاق الحرب مع حزب الله، ليشعل الجبهة اللبنانية، وليقوم بتنفيذ مجزرة أخرى في مدن الجنوب وقراه، وصولا إلى بيروت، ومدن أخرى؛ ليضمن ولاء المتطرفين من اليهود، ويجبر المعارضين على السكوت ولو مؤقتا. وهو مستمر في ضرب أهداف إيرانية وأهداف لحزب الله والجيش السوري في سوريا؛ ذلك أنه ماض في استفزاز كل الأطراف المناوئة له في المنطقة، وهو غير عابئ مطلقا بالسفن التي تتعرض لصواريخ الحوثيين، مع أن سياسته الفاشية هي سبب ما تتعرض له السفن الغربية المتوجهة أصلا للكيان المحتل، فهو المستفيد من وصولها، إلا أنه لا يعير الأمر كبير اهتمام، وكأنه بريء من أسباب التعطّل والخسارة اليومية جراء قصف الحوثيين للسفن التي تعبر من مضيق هرمز في طريقها إليه..

إن ما يفكر به نتنياهو لا يخرج عن كونه تفكيرا شيطانيا، قد يجر المنطقة إلى حرب كبرى، ولا أستبعد أن تكون شرارة تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، لا سيما بعد التغيّر الذي طرأ على مواقف روسيا والصين تجاه الكيان بعد جرائم الحرب التي ارتكبتها ضد قطاع غزة، وتجاه التدخل الأمريكي الصارخ في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا في ظل إدارة بايدن التي تتخبط في سياساتها تجاه عدة ملفات وبؤر توتر، أهمها قطاع غزة والضفة الغربية والاستيطان وحل الدولتين، ثم الحرب الأوكرانية الروسية، ومشكلة الصين مع كل من الفلبين وتايوان، بالإضافة إلى مشكلتها المتجددة مع الهند، وصراع الكوريتين وتهديدات كوريا الشمالية باستخدام السلاح النووي ضد الولايات المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي طرأت على علاقة كل من الصين وروسيا مع كوريا الشمالية، من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، خصوصا بعد الانحياز الصلب من قبل الولايات المتحدة وأوروبا لأوكرانيا؛ مما دفع الصين وروسيا لأول مرة إلى التحالف بعد ما يشبه القطيعة لفترة طويلة من الزمن، بعد أن أدركتا النوايا الغربية تجاه كل منهما، فخروج أوكرانيا منتصرة وانضمامها إلى حلف الناتو ليس في مصلحة الصين، وليس روسيا فقط.

 ويتضح من السياسة التي يتخذها نتنياهو في المنطقة أنه يتصرف بدون أدنى إحساس بالمسؤولية، ولم يعد تهمه ردود أفعال من أي طرف، ولا أية نتائج سلبية يمكن أن يتسبب بها لأي طرف..

ومما ذكر فإن نتنياهو يسعى لإطالة عمر الحرب في غزة وفتح جبهات جديدة؛ ليحقق ما يلي:

1 ـ إطالة عمر حكومته وبقائه في الحكم على حساب الأسرى وموقف الكيان أمام العالم.
2 ـ إقحام الولايات المتحدة في حروب ليست مستعدة لها، وستعمل على تشويه صورتها أكثر مما هي مشوهة بسبب دعمها الحرب على غزة..
3 ـ محاولة صناعة نصر بعد أن فشل في غزة بضرب العمق اللبناني، وإحداث دمار كبير فيه.
4 ـ استغلال رد فعل إيران الذي قد يطلق صواريخ ذات قوة تدميرية كبيرة إلى قلب الكيان؛ فيقوم بضرب المفاعل النووي الإيراني، هو ما يعتقد أنه سيقوي موقفه ويحصل على تأييد الشعب اليهودي، ويمنحه شيئا من الحضور الدولي؛ لا سيما أن إيران منبوذة في الدوائر الغربية.

ومنذ أيام قليلة قامت طائرات الاحتلال بضرب مدينة بعلبك في شمال لبنان، وهو ما يؤشر على نواياه في توسيع رقة الحرب مع حزب الله الذي يناور هو الآخر، ويتلاعب بأعصاب قوات الاحتلال.

إن الحقيقة التي لا يفهمها نتنياهو أن ما يقوم به من أعمال إجرامية وما يفكر في القيام به في ساحات أخرى، مؤشر كبير على أن الكيان الصهيوني لن يعمر طويلا في الشرق الأوسط، وحوله ملايين الغاضبين من العرب والمسلمين، ولن تكون الطائرات قادرة على صد مئات الآلاف من المتطوعين للقتال في فلسطين، حين يجد الجد، وتبدأ المعركة الفاصلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب غزة فلسطين الاحتلال احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو لا يريد صفقة.. وهذه أبرز الدلائل على نوايا استمرار الحرب في غزة

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تقريرا، للصحفيين، ورونين بيرجمان، يوفال روبوفيتش، جاء فيه أنّ: السنوار قد عرض منذ البداية، الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن من الأسرى الإسرائيليين، فيما عطل الاحتلال الإسرائيلي الاتّفاق، ما يبرز أن الحرب لن تنتهي بتسليم كافة الأسرى، لأن هذا ليس هو هدفهم.

وأوضح الصحفيين، في التقرير الذي ترجمته "عربي21": "في تحقيقنا نكشف أنه في الممارسة العملية، لم تتم مناقشة استعداد السنوار لإطلاق سراح العشرات من النساء وكبار السن والأطفال في تشرين الأول/ أكتوبر، إذ أخّر رئيس وزراء الاحتلال، الصفقة، لمدة ستة أشهر تقريبا".

"حتى الآن، استعداداً لمناورة متجددة، فإن عودة جميع الأسرى تعتمد على التمنّي، وليس على خطة حرب" تابع التقرير، مبرزا: "تزعم الحكومة أن عودة الأسرى هي الهدف الأساسي للحرب، لكن في الواقع ضاعت فرصة تحرير العشرات منهم".

واسترسل: "يتذكر أحد المصادر الذي سنطلق عليه هنا اسم "آدم"، أنّ: المزاج الإسرائيلي قد تغيّر للأسوأ، في اليوم التالي من استشهاد قائد لواء الشمال في حركة حماس، أحمد الغندور، في قصف جوي إسرائيلي". 

ومضى بالقول: "وفقا لمعلومات استخباراتية، فهمنا أنّ حماس تعتقد أن الاتصال انقطع مع وحدة الأسرى التابعة لها، ومع مرور الساعات، أدركنا أن الأسرى الإسرائيليين قُتلوا أيضًا في هذا القصف، ثم أدركنا لاحقا أنهم ثلاثة جنود. كانت لحظة مروعة لن أنساها أبدا".

ونقلا عن آدم، وهو ضابط استخبارات إسرائيلي، يتابع عن قرب مناقشات المسؤولين الأمنيين، بيّن للصحيفة أنّه: "وفقا لخطاب نتنياهو خلال مناسبات مختلفة، فإن الأسرى ليسوا على رأس قائمة الأولويات، وفي بعض الأحيان، دفعوا ثمن ذلك، بحياتهم".


وأضافت الصحيفة: "بحسب مصدرين، طالب مسؤول كبير مشارك في التحقيق، وهو ليس جزءا من قيادة الأسرى، بتأخير نشر التحقيق في ظروف وفاة الأسرى الثلاثة، والتي تفيد بأنهم ماتوا بسبب انبعاثات الغاز الناجمة عن قصف القوات الإسرائيلية". 

إلى ذلك، أكّد التقرير: "بعد ثلاثة أيام، سيدخل وقف إطلاق النار الأول حيز التنفيذ، كجزء من اتفاق لإطلاق سراح الأسرى مقابل الأسرى الفلسطينيين، لكن كبار المسؤولين أوضحوا أنّ لا أحد في إسرائيل لديه أي نيّة لإنهاء الحرب".

"رغم المحاولات اليائسة التي بذلها أعضاء فريق التفاوض لمواصلة الحوار وإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى، قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، خلاف ذلك. وهكذا، عند أول فرصة، عادت إلى العدوان على كامل قطاع غزة المحاصر" وفقا للتقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

وأردف: "كانت هناك عروض إسرائيلية أو مصرية، لم يقترب أي منها، من أي شيء وافقت حماس على قبوله. والآن، عندما لا يُسفر ذلك عن شيء، يتّهم نتنياهو قطر، التي دافع عنها قبل بضعة أسابيع، بأنها: دولة معقدة، ويدّعي أنها لم تبذل جهدا كافيًا".

وأورد: "اكتشفنا هذا الأسبوع، أنه لو تصرفت إسرائيل بشكل مختلف، لكان من الممكن أن تؤدي إلى إطلاق سراح العشرات من الأسرى وربما المزيد، في مقابل نفس العدد من الأسرى الفلسطينيين، بعد أقل من أسبوعين من السابع أكتوبر، وكان من شأن هذا أن ينقذ حياة الأسرى الذين لم ينجوا". 

"لكن إسرائيل تسارعت في قصف غزة ولم يفكر أحد في الأسرى"، كما يقول مصدر أمني للصحيفة العبرية، موضّحا: "في ذلك الوقت: لم يكن هناك أي اهتمام في الحكومة، أو في مجلس الوزراء أو لدى نتنياهو، على الإطلاق، لسماع إمكانية مناقشة قضية الأسرى".


واستدرك: "في بداية الحرب، حدّدت الحكومة أربعة أهداف لها: حماية مواطنيها، وإسقاط حماس وتدمير قدراتها العسكرية؛ فيما لم يتم ذكر الأسرى هناك"، مضيفا: "حتى بعد انضمام غاتس وتشكيل حكومة الطوارئ، لم ير نتنياهو الأسرى كجزء من أهدافه".

واسترسل: "في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أفادت الأنباء أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا يقضي "ببذل أقصى الجهود لحل قضية الأسرى"، لكن لم يتم الإعلان عن القرار رسميا، ولم يتم نشره على الموقع الإلكتروني لمكتب رئيس الوزراء"، ما يشير إلى عدم جدّيته.

"كان اتفاق 25 كانون الثاني/ يناير مطروحا على الطاولة منذ 24 آيار/ مايو على الأقل. لكن لم يُوقّع، لكون نتنياهو أضاف شروطا وخرّب الاتفاق، حتى عام 2025، وتحت ضغط أمريكي، أزال نتنياهو ما كان يجعل الاتفاق مستحيلا" تابع التقرير ذاته الذي ترجمته "عربي21".

واستطرد: "تدريجيا، أصبح واضحا أن العملية البرية أدّت إلى قتل الأسرى الإسرائيليين، برصاص إسرائيلي، وليس إطلاق سراحهم". 

وعاد التقرير نفسه، لطرح السؤال: "ما هو الهدف الحقيقي من العملية في غزة؟" مشيرا في الوقت نفسه،  إلى أنّه: "عندما توجه رئيس الأركان، زامير، إلى رئيس الأركان السابق، حالوتس، قال إنّ: العملية لها هدف واحد: دفع حماس إلى التوصل إلى اتفاق". 


وبحسب الصحيفة فإنّ: "ألون وزامير يعتبران أنّ استمرار الحرب في غزة بمثابة خطر على الأسرى. في المقابل يسعى الجيش لمواصلة الحرب على غزة. ما يكشف عن التوتّر الإسرائيلي الكامن على المستوى السياسي".

واختتم التقرير بالقول: "يأمل الجيش أنه بعد التوصل لاتفاق آخر، سيكون له السيطرة على معظم القطاع، وفي هذه الحالة ستعود إسرائيل للسؤال الأساسي: هل تتوصل إلى اتفاق مع حماس أم ستتجه إلى مواجهة شاملة، والتي من المرجح أن يتم فيها قتل معظم أو كل الأسرى الأحياء، واختفاء جثث القتلى منهم".

مقالات مشابهة

  • لانا الشريف وجه الطفولة بغزة الذي شوهته الحرب الإسرائيلية
  • نتنياهو لا يريد صفقة.. وهذه أبرز الدلائل على نوايا استمرار الحرب في غزة
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • إيكونوميست: الحرب في غزة يجب ألا تستمر وعلى ترامب الضغط على نتنياهو
  • “المجاهدين” تشيد بـالعملية التي نفذتها القوات اليمنية على عمق الكيان
  • الحبل الأميركي الذي قد يشنق نتنياهو
  • باحث: نتنياهو يستهدف القضاء على الكيان السياسي الفلسطيني في غزة والضفة الغربية
  • السوداني: نتنياهو يسعى لجر المنطقة برمتها إلى الحرب
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف