لا تزال هناك الكثير من علامات الإستفهام بشأن تأخّر الردّ الإيرانيّ على إسرائيل، إثر استهداف تل أبيب لسفارة طهران في دمشق. وبرز موقفٌ خطير، من أنّ الجيش الإسرائيليّ سيقوم بدوره بقصف إيران، إنّ عمدت الأخيرة إلى تنفيذ هجومٍ داخل فلسطين المحتلة، ما قد يُفجّر الوضع الأمنيّ في المنطقة أكثر.
 
وأمام الموقف الإسرائيليّ المتقدّم، قد تُؤخّر إيران ردّها إلى ما بعد عيد الفطر، أو إلى فترة أطول، ريثما تتأمّن لها الظروف المناسبة للقيام بعمليّة عسكريّة.

فالثابت أنّ إيران قد تستهدف العمق الإسرائيلي من أراضيها، لأنّ سفارتها في دمشق تُعتبر من ضمن السيادة الإيرانيّة، ما يُحتّم عليها الردّ بشكل مباشر.
 
ووفق محللين عسكريين، قد يبدو أنّ طهران أخذت بجدّية الكلام الإسرائيليّ، من أنّ تل أبيب ستردّ عليها إنّ عمدت إلى الإنتقام على ما جرى لسفارتها في دمشق. ويُشير المحللون إلى أنّ إيران لا تُريد توسّيع رقعة الحرب، وقد يُعتبر قصفها إسرائيل من داخل أراضيها تدخّلاً مباشراً بما يجري في غزة. فمنذ 7 تشرين الأوّل، كان الحرس الثوري الإيرانيّ يُقدّم المشورة وخبراته وبنك الأهداف لـ"حزب الله" وحركة "حماس" و"الحوثيين" والفصائل الشيعيّة في سوريا والعراق، لضرب المراكز العسكريّة الأميركيّة والإسرائيليّة في المنطقة. ويُضيف المحللون أنّ إيران دورها في الحرب إستشاريّ لكنّه مهمّ، من دون أنّ تكون طرفاً أساسيّاً في النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، على غرار "المقاومة الإسلاميّة" في لبنان.
 
وعما إذا كان ردّ إيران سيكون من الأراضي اللبنانيّة، عبر "حزب الله"، يستبعدّ المحللون هذا الأمر، لكنّه قد يكون أحد خيارات طهران، إنّ كانت تُريد فعلاً البقاء على الحياد عسكريّاً. ويُذكّرون أنّه بعد اغتيال الولايات المتّحدة الأميركيّة لقاسم سليماني في العراق، عام 2023، قصفت إيران بـ10 صواريخ بالستيّة قاعدة عين الأسد الأميركيّة، وأتى ذلك فقط بعد 5 أيّام تقريباً من مقتل قائد فيلق القدس السابق.
 
وبحسب المحللين، يبدو أنّ ردّ طهران لن يختلف عما قامت به حين استهدفت الجيش الأميركيّ عام 2020، إذ قيل إنّ إيران أخطرت واشنطن بالضربة مسبقاً، كيّ تُخفّف من الأضرار، ولا تُشعل المنطقة، بينما اكتفتّ إدارة الرئيس الأميركيّ السابق دونالد ترامب في وقتها، بعمليّة إغتيال سليماني، من دون أنّ تجدّ نفسها مضطرّة للردّ على الردّ الإيرانيّ.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ إيران حدّدت أهدافاً داخل إسرائيل لضربها، ووجّهت تهديداً للسفارات الإسرائيليّة، على أنّها لن تكون في مأمنٍ، ما رأى فيه البعض أنّ طهران قد تكتفي باستهداف سفارة لتل أبيب في إحدى الدول.
 
ويعتبر المحللون العسكريّون، أنّ أفضل خيار لإيران هو أنّ تقوم بتكليف إحدى الفصائل المواليّة لها كـ"حزب الله"، بالردّ على استهداف سفارتها في سوريا، ، وهذا الأمر بدأ الإعلام الغربيّ يُروّج له، لعدم تضخيم الردّ الإيرانيّ، وعدم إشعال المنطقة في فوضى الحرب، وخصوصاً وأنّ المعارك مندلعة منذ 8 تشرين الأوّل الماضي بين "الحزب" وإسرائيل.
 
من ناحيّة أخرى، يلفت المحللون إلى أنّ تأخير إيران ردّها على إسرائيل قد يكون عن قصد، لإبقاء الجيش الإسرائيليّ في حالة إستنفار وتأهبّ وقلق، فهي تُريد أنّ يكون هجومها مدروساً ومفاجئاً، وخصوصاً وأنّها تمتلك القدرة لتنفيذ هكذا عمليّة، عبر صواريخ متطوّرة وطويلة المدى، لا تستطيع القبة الحديديّة والأنظمة الدفاعيّة الإسرائيليّة إعتراضها.
 
ويُشير المحللون إلى أنّ هناك خشية في إيران، من أنّ تُبادر إسرائيل إلى قصف مواقع إيرانيّة حساسة، فهي لم تُساند "حماس" مباشرة، خوفاً على برنامجها النوويّ، لذا، يجزم المحللون أنّ ردّ طهران سيكون محدوداً، أو مماثلاً لما قامت به تل أبيب في دمشق. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی دمشق إلى أن

إقرأ أيضاً:

الاستثمار بدل العقوبات.. هل يمكن أن يشكل برنامج إيران النووي فرصة لأميركا؟

ظهرت فكرة جريئة أثناء المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية الجارية: ماذا لو لم تحاول الولايات المتحدة احتواء البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل ساعدت في بنائه أيضا؟

وقالت الكاتبة فينا علي خان -في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية- إن هذه الفكرة تستهدف مباشرة غريزة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عقد الصفقات، والتي تجلت بوضوح خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2البلقان على صفيح ساخن.. عودة ترامب وصراع التوازنات الإقليميةlist 2 of 2المواجهة الهندية الباكستانية.. نزاع مزمن على حافة النوويend of list

وفي مقال رأي كتبه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بصحيفة واشنطن بوست في أبريل/نيسان الماضي قال إن اتفاقا نوويا جديدا قد يفتح الباب أمام الشركات الأميركية للاستفادة مما وصفها بفرصة اقتصادية بقيمة "تريليون دولار" في بلد يضم أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم.

كما نشر عراقجي نص خطاب كان قد أعده لإلقائه في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي (قبل أن تلغى الفعالية) استعرض فيه خطط إيران لبناء ما لا يقل عن 19 مفاعلا نوويا جديدا، وطرح فكرة الاستثمار الأميركي، مشيرا إلى أن السوق المحلية الإيرانية قد تسهم في "إنعاش الصناعة النووية المتعثرة في الولايات المتحدة".

هذا العرض لم يكن مجرد غصن زيتون دبلوماسي، بل كان نداء محسوبا يتماشى مع أسلوب ترامب التفاوضي المفضل القائم على المعاملات والمخاطرة العالية والعناوين اللافتة.

إعلان

وقد قدّم العرض فرصة لواشنطن لخلق وظائف وآليات تحقق صارمة مقابل تخفيف العقوبات ومنح طهران حق الوصول إلى التكنولوجيا، في محاولة من إيران لتحويل المواجهة الممتدة منذ عقود إلى تعاون اقتصادي متبادل.

عراقجي قال إن اتفاقا نوويا جديدا قد يفتح الباب أمام الشركات الأميركية للاستفادة من "فرصة اقتصادية بتريليون دولار" (رويترز) أصل اقتصادي

وأشارت الكاتبة إلى أن الرسالة الأساسية التي وجهها عراقجي إلى ترامب كانت إستراتيجية، حيث أعاد تأطير البرنامج النووي الإيراني ليس كتهديد أمني، بل كأصل اقتصادي، فترامب يستجيب للأرقام الكبيرة والصفقات الكبرى، والفكرة هي أنه إذا وُعِد بوظائف للأميركيين واتفاق يترك إرثا تاريخيا فقد يكون أكثر قبولا لتنفيذ هذه الصفقة.

لكن هذا الاقتراح -حسب الكاتبة- ليس حديث العهد تماما، إذ سبق أن أجريت مناقشات مماثلة خلال مفاوضات الاتفاق النووي في عام 2015 (المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة) الذي انسحب منه ترامب عام 2018.

ومن خلال التلويح مجددا بفرصة اقتصادية مرتبطة بالاستثمار في قطاعها النووي تختبر طهران مدى قدرة الإدارة الأميركية على تحمّل المخاطر السياسية في وقت يعيد فيه ترامب صياغة قواعد الدبلوماسية، على أمل أن ينظر بخلاف أسلافه إلى المحادثات النووية من زاوية المكاسب المتبادلة.

ومن منظور تاريخي، ليست هذه الفكرة مستبعدة تماما، ذلك أن الصناعة النووية الإيرانية نشأت بدعم أميركي، ففي عام 1957 وتحت مظلة برنامج الرئيس دوايت آيزنهاور "الذرة من أجل السلام" -وهي مبادرة ضمن سياق الحرب الباردة تهدف إلى تعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية في الدول الحليفة- ساعدت الولايات المتحدة طهران على إطلاق أول برنامج نووي لها.

وبعد عقد من الزمن أنشأت واشنطن مفاعلا بحثيا بقدرة 5 ميغاواطات داخل حرم جامعة طهران لا يزال يعمل حتى اليوم، وقد زودت إيران بيورانيوم عالي التخصيب لتشغيله.

خبراء في منشأة نطنز النووية جنوبي طهران (رويترز) تخوف روسيا والصين

جزئيا، يرجع الدافع الحالي لإيران نحو التعاون الاقتصادي مع الغرب إلى إحباطها من محدودية المكاسب التي حققتها عبر "التوجه شرقا"، فقد علقت طهران آمالا كبيرة على تعزيز علاقاتها المتعمقة مع الصين وروسيا لدعم قدرتها على مواجهة العقوبات الأميركية، وتطوير ما تسميه "اقتصاد المقاومة" المبني على الاعتماد الذاتي.

إعلان

لكن هذه الرؤية لم تتحقق كما كان مأمولا، إذ لا تزال العقوبات تخنق التجارة وتثني المستثمرين وتعرقل مشاريع الشراكة.

وتعتبر روسيا الشريك النووي الأكثر استقرارا لإيران، حيث توفر شركة "روس آتوم" الوقود والدعم الفني لمحطة بوشهر، وتعمل على بناء وحدتين إضافيتين تحت إشراف دولي، لكن الشركة الروسية تتوخى الحذر في توسيع التعاون النووي لتفادي العقوبات الأميركية الثانوية التي قد تهدد مشاريعها العالمية.

وأشارت الكاتبة إلى أن الصين قلصت تعاونها النووي مع إيران -خصوصا في مجالات التخصيب وإعادة المعالجة- نتيجة الضغوط الأميركية، مما دفع شركات مثل المؤسسة الوطنية النووية الصينية إلى التردد في التوسع.

وحسب ما يوضحه عباس عراقجي، فإن هدف إيران لا يقتصر على جذب استثمارات ضخمة فورا، بل يشمل رفع العقوبات واكتساب المعرفة والاندماج مجددا في الاقتصاد العالمي.

ويعتقد صانعو القرار الإيرانيون أن دخول الشركات الأميركية السوق النووية الإيرانية سيحفز الأوروبيين والآسيويين على اللحاق بها.

انتقادات أميركية

لكن هذه الرؤية تواجه انتقادات داخلية من المتشددين وبعض الوسطية الذين يرون في الانفتاح على الغرب خيارا ساذجا في ظل العقوبات المستمرة والفساد وغياب بيئة تنظيمية مستقرة.

ويرى بعض المسؤولين الإيرانيين أن عهد ترامب يوفر فرصة نادرة يجب استغلالها، ولا سيما مع وجود كبير مفاوضيه ستيف ويتكوف الذي يفتقر إلى خبرة سابقيه.

ويعتقد عباس عراقجي أن عروضا بعقود بمليارات الدولارات قد تغري الفريق الأميركي.

وقالت الكاتبة إن طهران تعتبر برنامجها النووي اليوم أداة ردع حيوية في ظل تراجع "محور المقاومة"، في حين يعارض الجمهوريون -بمن فيهم ترامب- استمرار تخصيب اليورانيوم.

لكن محللين مثل ريتشارد نيفيو يرون أن إيران تستغل قلة خبرة الفريق الأميركي وتغريه بصفقة "براقة" قد تجذب ترامب رغم المخاطر التي تنطوي عليها.

من جهتها، لم تحدد إيران التنازلات المحتملة بشأن أجهزة الطرد المركزي في أي اتفاق نووي، ومن غير المرجح أن تسمح بدخول خبراء أميركيين إلى منشآت حساسة مثل منشأة نطنز النووية بسبب مخاوف التجسس، وترفض تفكيك بنيتها التحتية للتخصيب، حيث تحتفظ بعدد كافٍ من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج مواد انشطارية عسكرية.

وتعتمد طهران في طرحها على خلق زخم سياسي عبر التعاون التجاري لمنع انسحاب واشنطن من الاتفاق.

إعلان

ووفقا لنيفيو، فإن إيران مستعدة لشراكة مالية، لكنها ترفض شراكة تقنية تتيح دخول الأميركيين إلى منشآتها النووية.

وأضافت الكاتبة أن الجانب الأميركي يواجه عقبات ضخمة أمام أي محاولة تعاون اقتصادي، أبرزها عزل النظام المصرفي الإيراني بسبب إدراجه في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، إضافة إلى سوء الإدارة والفساد والعقوبات المتراكمة، مما يجعل الشركات الأجنبية تواجه مخاطر قانونية ومخاطر سمعة وعقوبات أميركية مستمرة.

كما يواجه البيت الأبيض معارضة قوية من الكونغرس الجمهوري الذي يرفض شرعية التخصيب النووي الإيراني ويدين فكرة دعم منشآت مثل نطنز بأموال أميركية، مما قد يقضي على أي مقترح في مهده.

في المقابل، هناك مقترح أكثر توازنا قدمه دبلوماسيون إيرانيون لإنشاء تحالف إقليمي لتخصيب اليورانيوم يشمل السعودية ودولا خليجية أخرى، لكن الرياض تفضل تطوير برنامجها النووي بدعم أميركي مباشر.

ويشير الخبير الاقتصادي إسفنديار باتمانغليج إلى أن البنية التحتية الإيرانية قد تؤهلها للمساهمة في سلسلة إمداد نووية خليجية مستقبلية تغذي مفاعلات المنطقة، بما فيها السعودية، لكن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية مشتركة.

وتعي طهران ضعف فرص دخول الشركات الأميركية إلى برنامجها النووي، لكنها تأمل أن يعيد مجرد طرح الفكرة تحريك الحوار ويجذب اهتمام ترامب عبر المصالح الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • الاستثمار بدل العقوبات.. هل يمكن أن يشكل برنامج إيران النووي فرصة لأميركا؟
  • طهران لواشنطن: إذا فعلت آلية الزناد الرد سيكون قاسياً
  • واشنطن تدرس تعليق بعض العقوبات على إيران
  • الحرس الثوري الإيراني: أصابعنا على الزناد ومستعدون لردع أي عدوان
  • محللون يوضحون لـCNN سيكولوجية إيران وخطأ وقعت فيه إدارة ترامب
  • البرلمان الإيراني: الولايات المتحدة تسعى إلى تفكيك إيران جيوسياسيا
  • لماذا تشكك طهران في نوايا أمريكا بشأن المفاوضات النووية؟.. مصدران إيرانيان يجيبان لـCNN
  • إيران تتوعد برد مدمر على أي تصرف إسرائيلي "متهور"
  • مناورات إيران وأذربيجان العسكرية.. تعاون أمني أم رسائل إستراتيجية؟
  • واشنطن: ترامب ونتنياهو بحثا اتفاقا محتملا مع إيران