وكالة الصحافة المستقلة:
2025-12-07@22:42:07 GMT

ترويض الفكرة على صهوة الابداع

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

أبريل 13, 2024آخر تحديث: أبريل 13, 2024

عبدالكريم ابراهيم

تعتبر الافكار اساس في تحويل المشاريع الابداعية من مجرد موجة هائلة تدور في الاخيلة إلى مادة محسوسة قابلة للقراءة أو المشاهدة . عندها يحتاج الاديب الفذ إلى ادوات تمكنه من ضخ مجموعة الافكار هذه، وتسطيرها على الورق كمادة مميزة تنال رضى المتلقي. أذن الامر يعني وجود عملية حث وتفريغ للأفكار الشاردة  من خلال القراءة تارة للأخرين أو من خلال التأمل.

وقد يسود النوع الأول عملية تواتر خواطر أو تناص التأثير لأنه هناك  لابد من وجود رواسب كامنة تفرض نفسها لا شعوريا على الكاتب. ويحتاج المبدع إلى مدة زمنية للتخلص من سيطرة ونفوذ الاخرين. عندها  تظهر ملامح الابداع الخاصة للكاتب نفسه تميزه عما سبق.

وقد اختصر هذه النظرية خلف الاحمر (ت 180 هـ ) وحكايته مع احد الشعراء . ربما حاول الاحمر في خلق كينونة جديدة  لهذا الشاعر تميزه عن الاخرين .وقد يكون نقل تجربته الخاصة فهو شاعر كبير ولكنه عاش في خضم التقليد،ويقال انه ” كان ينتحل الشعر بمعنى يقول الشعر على طرقة القدماء ثم ينسب ما يقول لهم “.

هذه الحكاية بما فيها من الصحة ،ولكنها لم تستطع ان تفند مبدأ التأثير والتقليد الذي هو بداية كل اديب مهما كان منجزه. ولكنها في نفس الوقت تريد ان يكون للشاعر أو الكاتب ان يخلى عن جلباب التقليد ، وتحوله الى منتج له بصمة خاصة به. وهذا التفرد هو الذي يسعى اليه اغلب الادباء برغم اختلاف الملكة والاستيعاب من شخص لأخر.

الافكار تتجدد على ضوء مقياس الابداع ؛حيث يتم اعادة واضافة الاطر العامة لها بشكل يوهم انها من صنع شخص معين ،ولكنها في حقيقة الامر هي مسندة إلى ما سبق بشكل نسبي. ولعل التجديد هو العنصر الذي يسعى اليه المبدع بحيث يسجل اسمه في سفر الريادة ، وهذا الامر مقرون بتوفر ظروف معينة تكون مهيأة  للدخول في هذا المعترك الصعب. ورغم سعي الحثيث للأغلب الادباء في التواجد ضمن قائمة المجددين، ولكنهم  قد يصطدون أن منجزهم لم يكن سوى فكرة لم يكتب لها النجاح ،وانها لم تكن الا تجربة يراد لها ان تكون حاضرة في عالم التجديد.

ولادة الافكار الجديدة قد تكون وليدة الصدفة أو الدراسة المضنية  تكون قائمة على ما سبق من المنجزات، فقد  يقتبسها المجدد الواعي  بدون ان يترك اثراً على المادة المقتبسة، واحياناً يستل بعض اجزائها، ولكنه يطورها بشكل مرتب ومعقول. بعض الافكار الادبية تكون وليدة الفوضى الذهنية التي تصاب بها المنتج ، فتجرج في لحظة معينة بشكل غير منسق ولكنها بداية  اي العمل، عندها تشرع ادوات المبدع في صياغتها، وتمحيصها كي تستل منها الفوضوية الفكرية إلى محور العقلانية الابداعية. وهناك أيضا الفكرة الصورية وهي التي تأتي من المشاهدة والتأمل ،وما على الاديب سوى ترتيبها كي تصبح مادة مقروءة  وقابلة للهضم اللغوي.

الافكار هي بداية  الاشياء التي تنطلق منها المبدع ، ثم تأتي بعدها عوامل تساهم في تحفيزها بحيث تفرض نفسها على القلم بأنها أداة لبداية معينة، وهنا تحتاج إلى من يحولها إلى جنس ادبي معين. الجدير بالذكر أن بعض الافكار لها القدرة على التجدد والنمو والاستمرار لأنها تمتاز بقابلية التمدد الزمني مع بعض المحسنات التي تؤطر ملامحها العامة. وفي المقابل توجد أفكار من النوع الجامد التي تصاب  بداء الثبات ؛بحيث تتفرد عن مثلاتها بما تطرحه من مادة غير قابلة للاستنساخ الفكري . ومن النادر أعادة صياغتها بنحو معين ، ولكن هذا الجمود قد يصطدم بمعاول تريد هدمها، وتفنيد رؤاها بشكل مطلق. وكم من نظرية راهن اصحابها بالسرمدية  المطلقة والبقاء عبر العصور سقطت لو بعد حين.  هذا التحفير والبحث في دهاليز الاخرين قد يكون مدعاة لولادة افكار جديدة لأنه يقوم على دراسة منجز ما سبق ، وايجاد نوع من المشككات التي ترسم أولى خطوات البحث النظري. أمام هذه الحالة يشعر المفكر بلذة السعادة، وهو يسوق نظريته أو منجزه الجديد  إلى الملأ لأول مرة، عندها يحقق مبدأ الريادة التي افنى بعضهم  عمره، وهو يريد أن ينال هذه الدرجة المرموقة ، واحياناً بدل كل من هذا اللهث وراء التجديد نجد فريق يوهم نفسه انه نال مبتغاه فغرق في دهاليز ومتاهات مزعومة سرعان ما تتبخر في أول هبة ريح ناقدة.

الفكرة كما صورتها عقول بعض الادباء والكتاب بانها فرس جموح تحتاج الى من يروضها بأدواته ومهارته الابداعية؛ فتصبح من مجرد خيال فكري يدور في الاذهان إلى مادة صورية تتحول ملكتها من الخاص إلى العام بعد ان تطوعها اقلام المبدعين، وتضيف من عندياتهم ما يجعلها طيعة في متناول الناس، وتلامس عقولهم. وهنا على الكاتب  أن ينمي بنت اللحظة ويعطيها مساحة اوسع لأنه عادة ما تكون  بعض الافكار البسطة ،ولكن هناك ملكة تطورها ، وتخلق فيها  امكانيات غير موجودة.  ولا بد من بداية للأشياء التي ينطلق منها المبدع بحيث تكون ملموسة على ارض الواقع الافتراضي الذي يعيشه الانسان. واغلب الاعمال الادبية تحقق رغبة حولها كاتبها من فكرة تدور في ذهنه الى مشروع ومنجز تتلاقفه ايدي القراء بين الاعجاب والاشمئزاز، ولكن  برغم تبابين الآراء تبقى الفكرة هي الاساس البناء في كل المشاريع التي ينطلق منها ، وان كانت مطورة أو جديدة فهي من ترك اثراً على المتلقي أما تسحبه حيث هي من خيالات ورؤى أو تجعله يصاب بعسر القراءة والمتابعة مفضلاً الابتعاد عن كل ما يثر مشاعر ، ويجده غير ذات فائدة أو انها نوع من الترف الفكري غير الضروري في زمن السرعة والمال اللذان يعارضان عالم المحسوسات الناعم .

 

مرتبط

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: ما سبق

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: صندوق النقد الدولي يتحدث عن الاقتصاد المصري بشكل إيجابي

 علق الإعلامي أحمد موسى، على تقرير وكالة فيتش عن الوضع الاقتصادي في مصر  والتحدث إيجابية عن اقتصاد مصر.

تحدثوا بإيجابية.. أحمد موسى: تقرير فيتش شهادة ثقة دولية بصلابة اقتصاد مصرأحمد موسى: حسام حسن ممكن يكتب التاريخ لمصر بالمونديال بتخطي دور المجموعاتأحمد موسى عن الحديث عن اتفاق شرم الشيخ للسلام بقرعة المونديال: إذا ذكر السلام ذكرت مصرإيران صعبة .. أحمد موسى: مجموعة مصر في كأس العالم ليست سهلة

وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، :بعثة صندوق النقد متواجدة في مصر لمراجعة البرنامج.


وتابع الإعلامي أحمد موسى :" صندوق النقد الدولي يتحدث عن الاقتصاد المصري كويس وبشكل إيجابي ".

وأكمل الإعلامي أحمد موسى :" في اجتماعات صندوق النقد الدولي نجد دعما كبيرا من عدة دول مثل الصين والبرازيل ودول أوروبا أيضا ".


ولفت الإعلامي أحمد موسى :"    العالم يتحدث بإيجابية عن مصر واقتصادها ومعدلات النمو فيها ". 
 

طباعة شارك موسى أحمد موسى اخبار التوك شو الاقتصاد صندوق النقد

مقالات مشابهة

  • حسام حسن قبل المونديال: أثق في لاعبي المنتخب وظهورهم بشكل أفضل من النسخ السابقة
  • NYT: دعم إسرائيل لقوى في غزة ضد حماس ينتهي مجددا بشكل فظيع
  • النرويج: الحوكمة في غزة يجب أن تكون فلسطينية
  • أحمد موسى: صندوق النقد الدولي يتحدث عن الاقتصاد المصري بشكل إيجابي
  • 7 عادات صباحية تبطئ الشيخوخة بشكل طبيعي
  • كيف تكون مستجاب الدعاء؟.. علي جمعة: لا تأكل من هذا الطعام
  • للقلب والعظام .. تعرف على فوائد تناول التمر بشكل يومي
  • صورة تكشف حقيقة ما يجري في حضرموت بشكل واضح ووصف كامل
  • «دولي القوى يتخلى» عن الفكرة المثيرة للجدل!
  • من الفكرة إلى المنتج: "صُنع في هندسة بنها" يعرض أحدث ابتكارات طلاب الهندسة الميكانيكية يوم 8 ديسمبر