كيف تختلف أنماط واضطرابات النوم بين النساء والرجال؟
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
النساء أكثر عرضة للمعاناة من "الأرق" وعدد ساعات نومهن أقل، بينما الرجال أكثر عرضة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
ما علاقة "الساعة البيولوجية"؟
تعمل إيقاعات الساعة البيولوجية لدى النساء في وقت أبكر من الرجال، وقد ارتبطت مثل هذه الاضطرابات بنتائج صحية أسوأ.
يميل الرجال إلى الإفراط في تناول الطعام، ويكون العمال الذكور أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، عندما يحرمون من النوم، بحسب دراسة نشرت بمجلة "Sleep Medicine Reviews".
ويعاني ما بين 50 مليون إلى 70 مليون أمريكي من اضطرابات النوم المزمنة أو المستمرة، وفقا لـ"المعاهد الوطنية للصحة".
ويعاني واحد من كل ثلاثة بالغين في الولايات المتحدة من الحرمان من النوم، وفقا لـ"مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها".
ووجدت الدراسة أن "النساء أكثر عرضة من الرجال لانخفاض جودة النوم، وهو ما يرتبط بالقلق والاضطرابات الاكتئابية".
لماذا تشكو النساء من "الأرق"؟
وتعد نوعية نوم المرأة جيدة من حيث مقدار النوم العميق ومدة نومها، استندا لبيانات نشاط الدماغ، لكن الباحثين وجدوا أن النساء يعانين من الأرق أكثر بكثير من الرجال.
وقد تكون اضطرابات النوم مثل الأرق لدى النساء أيضا لأن أن إيقاع الساعة البيولوجية (circadian rhythm) لديهن يميل إلى العمل بشكل أسرع ويبدأ في وقت مبكر قليلا من اليوم مقارنة بالرجال.
وتبلغ دورة الساعة البيولوجية للمرأة 24.09 ساعة، زائد أو ناقص 0.2 ساعة، بينما تبلغ دورة الرجل 24.19 ساعة، زائد أو ناقص 0.2 ساعة.
في حين أن التناقض قد يبدو صغيرا، فإن التأثير التراكمي على مدى أيام أو أسابيع أو أشهر قد يؤدي إلى "اختلال بين الساعة الداخلية والإشارات الخارجية مثل الضوء والظلام، مما قد يسبب اضطرابات في النوم".
وقال الباحثون إن الدورة المبكرة لدى النساء تتوافق مع توقيت مبكر في إفراز الميلاتونين والكورتيزول.
والميلاتونين هو هرمون طبيعي يرسل إشارات لأجسامنا بأن وقت النوم قد حان.
بعد أن تأتي دورتها الشهرية، تبدأ الفتيات في النوم لمدة 20 دقيقة تراكمية كل عام حتى يصلن إلى أوائل العشرينات من عمرهن، أي عند انتهاء فترة البلوغ.
ماذا عن "نوم الرجال"؟
وجدت الدراسة أن الرجال، بسبب شكل مجرى الهواء العلوي لديهم، هم أكثر عرضة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم بثلاث مرات، مما يجعلهم أكثر عرضة لمشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
ويميل الرجال إلى الإفراط في تناول الطعام أكثر من النساء عندما يحرمون من النوم، وفق الدراسة.
ومن بينهم العاملون بنظام المناوبات، والذين يعتبرون محرومين من النوم بسبب جداولهم غير العادية وبالتالي لا يتوافقون مع إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي، ويكون كل من الرجال والنساء أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ولكن الخطر كان أعلى بكثير لدى الرجال.
وقال الباحثون إنه مع هذه الآثار الصحية العميقة، هناك حاجة إلى فهم أفضل حول الاختلافات بين الجنسين في النوم وكذلك الساعة البيولوجية.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الساعة البیولوجیة أکثر عرضة للإصابة من الرجال من النوم
إقرأ أيضاً:
أنماط طرائق التفكير السوداني «5»
أنماط طرائق التفكير السوداني «5»
عوض الكريم فضل المولى وحسن عبد الرضي
التفكير المتطرف في السودان: بين العاطفة والمنطقفي مجتمعاتنا السودانية، تتجلى ظاهرة التفكير المتطرف بشكل واضح، حيث يعتمد الكثيرون على العاطفة والمشاعر كمرتكز رئيسي للتفكير بدلاً من استخدام التحليل العقلاني والمنطقي. هذه الظاهرة ليست مجرد نمط فكري فردي، بل تمتد لتشمل مؤسسات وأيديولوجيات سياسية تتبنى رؤى متطرفة تعتمد على استماتة في التمسك بالإيدولوجيا، حتى لو كان ذلك على حساب الواقع.
فلنأخذ اليسار السوداني، وطليعته الاشتزاكية كمثال واضح لهذه الظاهرة. فعلى الرغم من التحولات العميقة التي مرت بها البلاد والمجتمع، لا تزال تلك الكيانات متمسكًة بإيدولوجيا قائمة على مفاهيم تجاوزها زمن الحداثة في كثير من الحالات. يبدو أن هذا التمسك بالإيدولوجيا يأتي على حساب استيعاب الواقع السوداني المتغير، مما يعكس تفكيرًا يعتمد على العاطفة والحنين إلى رؤى نظرية أكثر من التعامل الواقعي مع مشكلات البلاد المجتمعية والثقافية والاقتصادية وليست السياسة بمعزل عنها.
من جهة أخرى، نجد نموذجًا آخر في الاحزاب العروبية أو الافريقانية او الاثنية ذات الطابع الاثني، التي تعتمد في خطابها وأيديولوجيتها على فكرة الانتماء إلى القومية المعينة، متجاهلة الواقع الديموغرافي والثقافي للسودان. فالسودان بلد متعدد الأعراق والثقافات، وسكان ليسوا كلهم مسلمين فهنالك العديد من معنتقي الديانات الأخرى في السودان، كما ان السودانيون لا يتحدثون العربية وحدها إذ هناك لغات محلية ولهجات عديدة، تعكس التنوع الذي يتمتع به السودانيون. ومع أن معظم السودانيين لا ينتمون إلى الأصل العربي وحده، بشكل مباشر، نرى أن النهج والنمط الفكري يتجاهل تلك الحقائق التاريخية والاجتماعية، ولا يعكس كل ذلك تبنيًا لأفكار تتسق مع الهوية السودانية المتنوعة، التي إن استطعنا ان ندير تنوعها لأكسبنا انماط التفكير عندنا عمقا وتأصيلا يثري الساحة الادبية والفكرية والفنية ويفجر ابداعا متفردا.
كما أن تبني كثير من السودانيين لأفكار عنصرية متطرفة كأن يظهرون تمسكًا قويًا بالانتماء إلى الجامعة العربية أو الإتحاد الافريقي، وهي مؤسسات تفتقر إلى فعالية مؤثرة في معالجة قضايا السودان. هذا التمسك ينبع من ارتباط عاطفي بفكرة العروبة أو الافرقانية، التي لا تتناسب في كثير من الأحيان مع الحقائق الاجتماعية والثقافية للسودانيين. والتفكير المنطقي هنا يقتضي إعادة النظر في هذا التوجه، وإعادة تقييم الهوية السودانية من منظور أوسع، يركز على العمق الأفريقي والعربي السودانوي للبلاد بدلاً من التمسك بهوية مستوردة.
المنطق يدعو السودانيين إلى التركيز على جذورهم السودانوية وتطوير هويتهم الوطنية بشكل يعكس هذا العمق. التوجه نحو الأفريقانية لا يعني التخلي عن القيم الإسلامية أو اللغة العربية، بل يعني تعزيز الروابط مع دول القارة الأفريقية والاستفادة من هذا الامتداد الجغرافي والثقافي لتحقيق التنمية والتكامل.
نخلص إلى أن التفكير المتطرف الذي يعتمد على العاطفة والمشاعر بدلاً من المنطق والتحليل العقلاني هو عائق رئيسي أمام تطور السودان. إن نبني تفكير عقلاني واقعي يأخذ في الاعتبار الحقائق التاريخية والاجتماعية والاقتصادية للسودان قد يكون المفتاح لتجاوز هذه التحديات، وبناء مستقبل يقوم على الانسجام بين الهوية المتعددة والانتماء العربي والأفريقي.
إن الطرح الذي نقدمه في بساطة واختصار، نرجو الا يكون مخلا، يعكس تعقيد الأوضاع السياسية والاجتماعية في السودان، حيث تلعب الانتماءات الأيديولوجية والعاطفية دوراً محورياً في تشكيل آراء الأفراد والجماعات، حتى في ظل المعاناة المباشرة من نتائج تلك السياسات. يمكن تحليل أنماط تفكير هؤلاء من عدة زوايا. يأتي الولاء الأيديولوجي في مقدمتها. إذ أن كثيرا من الأفراد والجماعات الموالية للنظام السابق أو للجيش، على سبيل المثال، في ظاهرة الغلو والتطرف، يعتمدون على ولاء تاريخي أو أيديولوجي يعميهم عن رؤية الحقائق على الأرض. فهم يعتبرون دعمهم للجيش أو المؤتمر الوطني جزءاً من هويتهم السياسية والدينية، حتى لو كان ذلك على حساب معاناتهم الشخصية.
وكل ذلك ينبع من الخوف من التفكير في البديل. فالبعض قد يفضل استمرار الوضع الراهن، رغم مساوئه، خوفاً من المجهول أو من بديل يرونه غير متوافق مع مصالحهم أو قيمهم. هذا التفكير يرتكز على فكرة أن أي تغيير قد يؤدي إلى فوضى أكبر، مما يجعلهم يتوهمون ان البديل خصما على الايدلوجا أو العواطف الموروثة فيبدا عندهم الخوف والشك اللا عقلاني واللا منطقي.
والتفكير العاطفي، كما أشرنا، يجعل هؤلاء يعتمدون، في كثير من الأحيان على المشاعر والخطابات العاطفية التي تثير فيهم شعور الانتماء أو الوطنية أو الدفاع عن “الدين والقيم”، مما يعطل قدرتهم على التفكير النقدي والبنيوي أو التحليل الموضوعي.
مما ينعكس في استسهال التطبع مع القمع. فمع استمرار القمع والانتهاكات لفترة طويلة، قد يعتاد بعض الأفراد على قبول هذه الأفعال كجزء من الحياة اليومية، فالضرب بالسياط عند الأفراح والشلوخ المؤلمة أو ختان الاناث وشرب الدم عند الظار وغيرها من العادات والتقاليد. بل وحتى تبريرها باعتبارها “ضرورة” للحفاظ على الأمن والثقافة المجتمعية. وذالك قد اسهم في هشاشة بعض الأحزاب المجتمعية والايدلوجية والحركات المسلحة والاجسام المطلبية أو استقرار البلاد.
ثم ان نمط التفكير السائد عندنا يساهم بقدر كبير في تشويه الوعي وتغبيشه. مثالا لذلك الإعلام الموالي للجيش أو لـ”الكيزان” والذي يلعب دوراً كبيراً في تشويه الوعي العام ونشر روايات مضللة عن الصراع، مما يجعل بعض الناس غير قادرين على رؤية الصورة الكاملة أو إدراك خطورة الانتهاكات.
والنتيجة الحتمية هي التعايش مع الصراعات الداخلية. فقد يشعر البعض بتناقض داخلي بين معاناتهم الشخصية وانتمائهم السياسي، لكنهم يختارون إنكار الواقع أو تبريره بسبب الضغوط الاجتماعية أو الخوف من فقدان الدعم الجماعي أو الوصمة كما تفعل حكامات الدعم السريع، على سبيل المثال.
يمكن أن تُفسر هذه الأنماط على أنها نتيجة تراكمات من سنوات طويلة من القمع، التجهيل، والاستقطاب السياسي والمجتمعي الحاد. والحل يبدأ بتشجيع التفكير النقدي والموضوعي أو البنيوي من خلال التعليم والإعلام الحر، وتوفير مساحات للنقاش والحوار المستقل..
ونواصل في الحراك الفكري.