أنماط طرائق التفكير السوداني «7»
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
أنماط طرائق التفكير السوداني «7»
عوض الكريم فضل المولى وحسن عبد الرضي
الأحزاب السياسية: التأسيس وطريقة تفكيرها في الشأن السوداني العامتمثل الأحزاب السياسية أحد أهم الفاعلين في المشهد السياسي والحراك المجتمعي والثقافي السوداني، حيث تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الوعي وصياغة الرؤى المستقبلية للدولة والرأي العام.
غير أن طريقة تفكير تأسيس هذه الأحزاب منذ الوهلة الأولي قامت على أنماط متعددة ومختلفة وغير متجانسة في ما يتعلق ببناء الدولة والمجتمع. دعك عن الاختلاف الأيديولوجيًا والسياسيً في تصور البلاد ووحدتها وهويتها وطريقة حكمها ودستورها، ولم يكن خلافا فكريا بل اختلاف تناقض نعيش نتائجه الان صراعات وحروب على المستوى القومي والولائي، مما يعكس أزمة عميقة تمتد جذورها إلى طبيعة تأسيس تلك الأحزاب، ومصادر أفكارها، وأيديولوجياتها، ومدى استيعابها للتنوع السوداني.
تتبنى الأحزاب السياسية السودانية عدة أنماط فكرية في مقاربتها للقضايا الوطنية، من أبرزها التفكير الديني، حيث تُصاغ المواقف السياسية من منطلقات دينية. وفي هذا السياق، تعددت المذاهب الفقهية والمدارس بين السلفية، والصوفية، والتجديدية، والسنية، والشيعية وغيرها، مما أدى إلى استقطاب حاد بين التيارات الإسلامية. ورغم أن الدين واحد والبلد واحد، إلا أن طريقة التأسيس القائمة على هذه التصورات أدت إلى إضعاف وحدة المجتمع وتعميق الخلافات بدلًا من بناء توافق وطني.
من ناحية أخرى، نجد أن هناك أحزابًا تأسست على أساس مناطقي وإثني، حيث تعتمد على قواعدها المناطقية والعرقية، مما ساهم في تفكيك الوحدة الوطنية وأدى إلى نزاعات وحروب أهلية. أما في الجانب الأيديولوجي، فقد انقسمت الأحزاب بين تيارات شيوعية، وبعثية، وقومية، وليبرالية، مستمدة أفكارها من تجارب خارجية دون مراعاة خصوصية الواقع السوداني.
يضاف إلى ذلك التفكير العابر للحدود، إذ تبنَّت بعض الأحزاب أفكارًا ومشاريع سياسية مستوردة من الخارج، مثل الشيوعية، والناصرية، والبعث العربي، واللجان الثورية، إلى جانب الأحزاب الدينية التي استلهمت نموذج الإخوان المسلمين من مصر، مما جعل القرار السياسي السوداني مرتبطًا بصراعات دولية وإقليمية.
بالإشارة إلى أزمة التأسيس وغياب المرجعية الوطنية، كما أسلفتا، نأمل إلى حتمية تبني البحث العميق في أزمة تأسيس هذه الأحزاب ومصادر دساتيرها. فالأحزاب السياسية السودانية تعاني من مشكلات في التأسيس والأفكار والبرامج، حيث تستند معظمها إلى توجهات نخبوية أو خارجية لا تعكس احتياجات المجتمع السوداني الحقيقية. كما أن دساتير معظم الأحزاب تفتقر إلى مرجعية وطنية متماسكة، بل تُستمد أحيانًا من مذاهب وأيديولوجيات وافدة لا تتناسب مع السياق المحلي، مما أدى إلى قطيعة بين الأحزاب والجماهير.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤالٌ يحتاج إلى إجابة: ما أثر التعليم في تعميق هذه الأزمة؟ هل يمكننا أن نطرح هذا السؤال بجرأة ونبحث عن إجابات له؟
إن طرائق التفكير في بناء المناهج التعليمية كانت أحد العوامل الأساسية التي أسهمت في تكريس هذه الأزمة، إذ لم يتم توظيف التعليم كأداة للتحرر الفكري وتقديم حلول جذرية لمشكلات السودان. بل على العكس، ظل التعليم مسيَّسًا، يخدم أجندات معينة، مما جعل الأجيال الجديدة تكرر أخطاء الماضي بدلًا من السعي إلى التغيير الحقيقي.
مما جعلنا نعاني من أزمة مزمنة في إدارة التنوع، حيث فشلت معظم الأحزاب السياسية في استيعاب التنوع الثقافي والاجتماعي وإدارته بشكل خلاق ومنتج. وبدلًا من تحويل التنوع إلى مصدر قوة، أصبح سببًا رئيسيًا للصراعات نتيجة غياب رؤية وطنية جامعة تقوم على أسس المواطنة والعدالة الاجتماعية. ذلك يظهر جليا في الهروب من تبعات هذه الأزمة الحالية التي تواجه بلادنا العزيزة، إذ اعتادت الأحزاب السياسية عند مواجهة الأزمات أن تلجأ غالبًا إلى الهروب من المسؤولية أو التنصل من تبعات أفعالها، سواء عبر تبادل الاتهامات أو الانخراط في مساومات سياسية لا تقدم حلولًا حقيقية. هذا النهج الموروث، وأحيانًا المؤدلج، عزَّز حالة عدم الثقة والفرقة بين الجماهير والأحزاب، وجعل النظام السياسي هشًا وعرضة للانهيارات المتكررة.
فما الرؤية الصائبة التي تقودنا نحو إصلاح جذري، إذ نأمل، في ختام هذا المقال، أن نكون قد طرحنا موضوعًا يستحق العصف الذهني العميق والنقاش الهادف لإيجاد حلول للأزمة السياسية السودانية المزمنة والمستفحلة. إن إصلاح الأحزاب السياسية في السودان يتطلب مراجعة شاملة لطريقة تفكيرها في التأسيس واهتمامها بالشأن العام، والابتعاد عن الاستقطاب الأيديولوجي والمناطقي، والعمل على بناء أحزاب ذات مرجعية وطنية تستوعب التنوع وتقدم حلولًا عملية لمشكلات السودان المتراكمة. بدون ذلك، ستظل الأحزاب تدور في حلقة مفرغة، أشبه بـ”جمل العصارة”، تكرر التجارب الفاشلة، وتصبح مجرد أدوات لإعادة إنتاج الأزمات، بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل.
الوسومأنماط طرائق التفكير السوداني الأحزاب السياسية السودان بناء الدولة حسن عبد الرضي الشيخ عوض الكريم فضل المولىالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أنماط طرائق التفكير السوداني الأحزاب السياسية السودان بناء الدولة الأحزاب السیاسیة السیاسیة السودان طرائق التفکیر
إقرأ أيضاً:
أهالي رياق يعبرون عن شكرهم لتوقيف المهدد لكنيستهم وأحد الأحزاب
اكد أهالي بلدة ريّاق – قضاء زحلة في بيان انه "في الأيام الماضية، تعرضت بلدتنا ريّاق لتهديد خطير تمثّل بتصريح صادر عن أحد الأشخاص تضمّن تهديداً مباشراً بهدم كنيسة البلدة، إضافةً إلى شتائم وتحريض ضد أحد الأحزاب المسيحية المتواجدة في ريّاق ومناطق زحلة، وصولاً إلى التهديد بمحو هذا الحزب من الوجود. إزاء هذا الخطر، تحرّك أهالي ريّاق بكل وعي ومسؤولية، كما تحرّك مخاتير البلدة، ونواب زحلة، ونواب المنطقة، إلى جانب الأجهزة الأمنية المختصة. وصباحًا تم توقيف المشتبه به في منزله في بلدة النبي الشيت – قضاء بعلبك، في خطوة تعبّر عن عودة هيبة الدولة وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية".
اضاف البيان: "إن ما جرى اليوم كان في السابق مستبعد الحدوث، لا سيما في مناطق لطالما اعتُبرت خارجة عن سلطة القانون. إلا أن ما تحقق يُعد دليلاً واضحاً على وجود دولة جادة تلاحق كل من يحاول المسّ بأمن اللبنانيين وكرامتهم ومقدساتهم، أينما كان. نتوجه بالشكر العميق إلى كل من ساهم في هذا الإنجاز: القوى الأمنية والأجهزة المختصة، لا سيما مخابرات الجيش في البقاع، نواب زحلة والمنطقة الذين تحركوا بفاعلية ومسؤولية، مخاتير بلدة ريّاق الذين كانوا على قدر عالٍ من الوعي والتحرك السريع، وأبناء بلدتنا الذين تعاملوا مع هذا التهديد بمنتهى الرقي والانضباط، ورفضوا الانجرار إلى الفتنة، مُصرّين على أن يأخذ القانون مجراه".
تابع البيان:"في هذا السياق، يتمنّى أهالي ريّاق من الجهات المعنية التي تقوم بالتحقيق مع الموقوف، أن تُعلن للرأي العام خلفيات التهديدات، وما هي الدوافع التي وقفت وراء إطلاقها في هذا التوقيت تحديدًا، حرصًا على الشفافية، ومنعًا لتكرار مثل هذه الأفعال مستقبلاً".
ختم:"نؤكد أن كنائسنا ومقدساتنا خط أحمر، وأي محاولة للتطاول عليها ستُقابل اليوم بدولة حاضرة، فعالة، وعادلة. ونأمل أن يكون هذا الحدث عبرة لكل من تسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار بلدتنا ومجتمعنا".
مواضيع ذات صلة إشكال بين أهالي بلدة القدام في دير الأحمر ومؤيدين لحزب الله والجيش ينتشر بكثافة (الجديد) Lebanon 24 إشكال بين أهالي بلدة القدام في دير الأحمر ومؤيدين لحزب الله والجيش ينتشر بكثافة (الجديد) 09/07/2025 12:32:41 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي طالب: لموقف عربي ولبناني موحد لأن الجميع مهدد Lebanon 24 المفتي طالب: لموقف عربي ولبناني موحد لأن الجميع مهدد 09/07/2025 12:32:41 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الطوارئ والكوارث السوري: إغلاق مخيم الركبان يمثل نهاية إحدى أقسى المآسي الإنسانية لأهلنا النازحين Lebanon 24 وزير الطوارئ والكوارث السوري: إغلاق مخيم الركبان يمثل نهاية إحدى أقسى المآسي الإنسانية لأهلنا النازحين 09/07/2025 12:32:41 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 توتر بين اليونيفيل والأهالي جنوبًا و"الحزب" يحاول احتواء التصعيد Lebanon 24 توتر بين اليونيفيل والأهالي جنوبًا و"الحزب" يحاول احتواء التصعيد 09/07/2025 12:32:41 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً بري يستقبل ميقاتي في عين التينة Lebanon 24 بري يستقبل ميقاتي في عين التينة 05:17 | 2025-07-09 09/07/2025 05:17:39 Lebanon 24 Lebanon 24 اعتصام لعمال بلدية الميناء امام القصر البلدي في طرابلس Lebanon 24 اعتصام لعمال بلدية الميناء امام القصر البلدي في طرابلس 05:15 | 2025-07-09 09/07/2025 05:15:19 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو... أصحاب "التوك توك" قطعوا الطريق عند مستديرة العبدة Lebanon 24 بالفيديو... أصحاب "التوك توك" قطعوا الطريق عند مستديرة العبدة 05:15 | 2025-07-09 09/07/2025 05:15:06 Lebanon 24 Lebanon 24 تعديل استراتيجية واشنطن تجاه لبنان Lebanon 24 تعديل استراتيجية واشنطن تجاه لبنان 05:00 | 2025-07-09 09/07/2025 05:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 التقرير الاقتصادي لـ"فانا"عن لبنان: عهد النهوض بلبنان بدأ وقطار الاصلاحات انطلق Lebanon 24 التقرير الاقتصادي لـ"فانا"عن لبنان: عهد النهوض بلبنان بدأ وقطار الاصلاحات انطلق 04:57 | 2025-07-09 09/07/2025 04:57:18 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة هذا سر الإيجابية الأميركية تجاه "حزب الله".. القصة "عسكرية" Lebanon 24 هذا سر الإيجابية الأميركية تجاه "حزب الله".. القصة "عسكرية" 10:30 | 2025-07-08 08/07/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 حالات تسمم... وإقفال محلّ حلويات Lebanon 24 حالات تسمم... وإقفال محلّ حلويات 07:40 | 2025-07-08 08/07/2025 07:40:34 Lebanon 24 Lebanon 24 خسائر كبيرة... ما سبب إنخفاض الدولار؟ Lebanon 24 خسائر كبيرة... ما سبب إنخفاض الدولار؟ 10:00 | 2025-07-08 08/07/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مذيعة الـ"أم تي في": "ما عدت مشاركة بهالعمل لاسباب بخجل احكي فيا" Lebanon 24 مذيعة الـ"أم تي في": "ما عدت مشاركة بهالعمل لاسباب بخجل احكي فيا" 07:28 | 2025-07-08 08/07/2025 07:28:18 Lebanon 24 Lebanon 24 خطر يتربّص باللبنانيين.. والضحايا وطن وشعب Lebanon 24 خطر يتربّص باللبنانيين.. والضحايا وطن وشعب 10:00 | 2025-07-08 08/07/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 05:17 | 2025-07-09 بري يستقبل ميقاتي في عين التينة 05:15 | 2025-07-09 اعتصام لعمال بلدية الميناء امام القصر البلدي في طرابلس 05:15 | 2025-07-09 بالفيديو... أصحاب "التوك توك" قطعوا الطريق عند مستديرة العبدة 05:00 | 2025-07-09 تعديل استراتيجية واشنطن تجاه لبنان 04:57 | 2025-07-09 التقرير الاقتصادي لـ"فانا"عن لبنان: عهد النهوض بلبنان بدأ وقطار الاصلاحات انطلق 04:54 | 2025-07-09 جريمة تهزّ بحمدون.. قتله أمام المارة على الطريق فيديو خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) 01:22 | 2025-07-09 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) 23:34 | 2025-07-08 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 "تك تك قلبي".. وائل كفوري يطرح أغنية تروي قصة حب Lebanon 24 "تك تك قلبي".. وائل كفوري يطرح أغنية تروي قصة حب 02:11 | 2025-07-08 09/07/2025 12:32:41 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24