سودانايل:
2025-06-27@05:50:26 GMT

السودان .. سيرة الماء الأول

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

أبوذر بابكر

abuzar_mohd5@hotmail.com

==============================
في المسافة بين "حاء" الحب و "حاء" الحرب، تعلن "الراء" وجلها المريع وتنزوي، آملة في عناق الحياة، نادمة على توسد "الرحيل"
وفي حضرة الماء الأول، تنهض أشياء وتخيب أخرى، ويتخذ العطاء هيئة البراءة حين يجلس في راحة اليد ويقاوم غواية المنح قبل أن يقطع الطريق بين "نون" النية و "نون" النوال، ثم، قد يتمرد الصلصال ذلك القاطن منذ أزل التراب بين حيطان الأجساد وحقول الرغبة وينتفض ساخطا في براح الأرواح التى لا تخشى "بطلان التييم" ولكنها ترى حقيقة الإرتواء تنبعث من مبتدأ حتمية الظمأ وصولا الى خبر السقيا، وتتلهف للإنصهار مجددا مع طينها القديم، ويكون الهواء شاهدا لا يكذب أهله.


في حضرة الماء الأول، تقدم الصحارى فروض طاعتها وهداياها للعابرين التائهين، وتختفي سخرية الرمل من سطح ثوبها الشاحب، ولكن ما بال القوم يسعون خلف غبار لا يغري سوى بالمزيد من الدعاء؟ يخبرون الأشجار عن "صاد" عاقة لا تحالف غير الصحارى وتلك العصية التى في أول الصبر، يراودون الجهات عن اسمائها التى محاها اصرار الريح ووعثاء الضجر، ويسألوننا عن أخبار ما سيأتي غدا وعن احوالنا، وما عرفوا اننا تركنا تقاويم الحياة خلفنا ببسطام.
في حضرة الماء القديم، تبدأ اولى نهايات العطش وتنتهي آخر "عِينة" في فصل التمنى، فالمسافة بين "واو" الوطن و "واو" الوصول، أبعد وأشق مما هي بين "واو" الولادة و "واو" الوجود، فهل تطيق السعي أيها الرجل ؟ واينما داهم شوك الرجس المقيم فينا اقدامنا، وكلما غزتنا عتمة، تجدنا نعتمر خوذات الخيبة ونتحسر، كيف نسينا مصباحنا ببسطام ؟ فمن ذا الذي يهبنا دربا لا تدير الشمس وجهها عن ترابه المحموم، لأننا والحمد والشكر لإله التراب، لنا نصيب وافر من رهق الأيام يكفي مؤونة عامنا ويزيد، ولنا أكثر منه مما ورثنا من بخل الأحلام المضيئة بقمح مواسمها العجولة.
في حضرة الماء القديم، وفي جسارة معلنة، تصبح الوجوه مثل خريطة لا تستسيغ البوصلة أن تشير الى جهة الإبتسام فيها من شدة الخجل، ولا تقدر أن تجلس بين ملتقى خطوط عرضها التى ترسم وتحدد مسافات العناء التى يسمح للدم بالتحليق فوقها، وخطوط طولها النائمة على وسائد قطبي الغناء المتجلد في لهاة النجم، كيف السبيل اذا لمحاورة الأفق أو حتى لسؤاله عن أحوال الصلصال بعد أن تركنا نارنا ببسطام؟ فيا أيها الماء القديم، هب لنا من لدنك نارا وأرضا، نارا تضيئ باناشيد الليمون واهازيج الأعياد، وارضا لا يأتيها الشقاء من أمامها ولا من خلفها، ولا تجلس المسغبة فوق جلدها المصبوغ بأهات الحيارى ونزق الشعراء وأمنيات الموتى

فيا أيها الماء القديم، دعنا نتم صلاتنا أولا ثم خذ منا ما تشاء، فها هي نوافذ الليل مشرعة تغازل النجم وتهدي القمر أريكة من فضة الإنتظار، اما نحن فقد سكتنا وقايضنا ذهب السكوت بصلصال جديد، دعنا نتم غنائنا، فغيرك لا يستطيع مجاراة غواية الوقت ومحاباة لؤم الأمكنة، خذ ما تشاء، ودع لي أمنيتي الوحيدة العذراء أن يكون الوطن طيرا تقبله السماء إن طار وارتفع، وتشتاقه الأرض، لا، تدسه الأرض في جيب روحها إن وقع.  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مبادرة شبابية لتوزيع الماء على طلبة السادس وذويهم في جامعة الأنبار (صور)

مبادرة شبابية لتوزيع الماء على طلبة السادس وذويهم في جامعة الأنبار (صور)

مقالات مشابهة

  • علاقة سرية وحمل وإجهاض.. جوانب خفية من حياة كينيدي تكشفها سيرة جديدة
  • شاهد.. نجل كريستيانو رونالدو يطير فوق الماء
  • جلالة السلطان يهنئ أمير قطر بذكرى توليه مقاليد الحكم
  • مبادرة شبابية لتوزيع الماء على طلبة السادس وذويهم في جامعة الأنبار (صور)
  • جلالة السُّلطان المعظم يهنّئ أمير دولة قطر
  • جلالة السلطان يهنئ أمير قطر
  • الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مُسيرة في سماء رشت
  • يجب علينا كسودانيين التأدب في حضرة إيران وفي حضرة قطر
  • غدا.. الاجتماع الأول للحكومة بالمقر الصيفي في العلمين
  • تمثال طبيب القلوب.. عصام درويش يكشف كواليس تجسيد سيرة السير مجدي يعقوب في عمل نحتي خالد |حوار