الحياء خلق، الحياء سلوك، الحياء خير كله، الحياء شعبة من شعب الإيمان، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم):» الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»، ويقول (صلّى اللّه عليه وسلّم): «اسْتَحْيُوا مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله, إِنَّا لَنَسْتَحْيِى وَالْحَمْدُ لله، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ», وعن سعيد بن زيد الأنصاريّ (رضى اللّه عنه) أَنَّ رَجُلًا قَالَ: «يَا رَسُولَ الله، أَوْصِنِى، قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحْيِيَ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحْيِى رَجُلًا مِنْ صَالِحِى قَوْمِكَ», وعن أشجّ عبدالقيس أنّه قال: قَالَ لِى رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ « قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ: «الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ» قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ: «بَلْ قَدِيمًا» قُلْتُ: الْحَمْدُ لله الَّذِى جَبَلَنِى عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا، وعن أنس (رضى اللّه عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ», وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رضى اللّه عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِى الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِى النَّارِ», ويقول (صلّى اللّه عليه وسلّم): «مَا كَانَ الْفُحْشُ فِى شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ، وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِى شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ».
وكان سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ) يقول: «مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ»، وكان ابن مسعود (رضى الله عنه) يقول: «مَنْ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ النَّاسِ، لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الله»، وعن إِيَاس بْن مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالَ: الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ, وكان الْحَسَنَ البصرى يَقُولُ: «الْحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ خَصْلَتَانِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ لَمْ يَكُونَا فِى عَبْدٍ إِلَّا رَفَعَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا»، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: «منِ اسْتَحْيَا مِنَ الله مُطِيعًا اسْتَحْيَا الله مِنْهُ وَهُوَ مُذْنِبٌ»، وذكر ابن عبدالبرّ عن سيدنا سليمان (عليه السّلام) أنه كان يقول: الحياء نظام الإيمان، فإذا انحلّ النّظام ذهب ما فيه، وعن معبدالجهنيّ أنه قال فى قوله تعالى: «وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ», قال: لباس التّقوى الحياء، وقال الحسن: أربع من كنّ فيه كان كاملا، ومن تعلّق بواحدة منهنّ كان من صالحى قومه: دين يرشده، وعقل يسدّده، وحسب يصونه، وحياء يقوده, وقال الأصمعىّ: سمعت أعرابيًّا يقول: من كساه الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه، وعن عائشة (رضى اللّه عنها) قالت: «إِنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ عَشَرَةٌ: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَصِدْقُ الْبَأْسِ فِى طَاعَةِ الله، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ، وَمُكَافَأَةُ الصَّنِيعِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ، وَالتَّذَمُّمُ لِلْجَارِ، وَالتَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ، وَقِرَى الضَّيْفِ، وَرَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ».
فما أحوجنا إلى التخلق بهذا الخلق الذى لا يكون فى شىء إلا زانه، ولا ينزع من شىء إلا شانه، حياء من الله تعالى باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وحياء من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باتباع سنته، وحياء من الخلق بألا يظهر الإنسان أمامهم صغيرًا فى أعينهم، وحياء من النفس بحملها على ما يزين، وكفها عما يشين.
وزير الأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف أ د محمد مختار جمعة اس ت ح ی ا ال ح ی اء ى الله ع ه علیه
إقرأ أيضاً:
الما عارف يقول لساتك
بقلم: الريح عبد القادر
مِن أخشى ما أخشاه يوم نقف أمام ربنا سبحانه وتعالى أن يسألنا كيف تركنا أهل الجهالة يمارسون القتل وسفك الدماء وتشريد الأبرياء، ثم يمجدون ذلك الفعل الشائن، ممثلاً في البندقية، أداة القتل والدمار، التي لا يوجهونها نحو صدور الأعداء، بل نحو صدور أبناء شعبهم وبلدهم؟
بماذا سوف تنفعنا، يومئذٍ، صلاتنا وصيامنا وسائر عباداتنا وقد ضيعنا بلدنا وشعبنا؟!
فهل سنترك رجال البنادق والمشانق يُضيّعون علينا وعلى شعبنا دنيانا وآخرتنا؟
كلا. سنفعل كل ما في وسعنا للوقوف في وجه الجهالة، والجهلاء، وفي وجه حب البندقية، وتمجيد البندقية، لأننا نؤمن إيماناً قاطعاً بأن البندقية لا تبنى الأوطان، بل تحرسها!
ولا آخرةَ لمن أضاع أهله وبلده!
ومن خاف نار الله الموقدة لا يخشى نار البندقية الخاسئة!
ونؤمن كذلك أنّ من أراد صالحَ أهلِه نالَهُ من أذاهم ما لا ينال من أراد ضرَّهم!
ومن أراد صالح أهله لا يُبالي بأذاهم.
سيمضي غير هيّاب ولو نبحته كلابُ الأرضِ جميعاً.
****
كتبتُ بالأمس ألتمس مقاضاة الجنرال البرهان في المحافل القانونية الدولية بسبب تصريحه الذي مجد فيه البندقية وحقّر فيه اللساتك.
فهاجمني رجال فضلاء ونساء فضليات. غافلون وغافلات.
البندقية معروفة. لكن اللساتك في هذا السياق لا تعني أعيان الإطارات التي تحرق في المظاهرات. بل هي ترمز للعمل السلمي المطالب بالحق في الحرية والعدالة والسلام.
اللساتك، أيها الغافلون والغافلات، هي نقيض البندقية عندما توجه البندقية نحو صدور الشباب العُزّل، فتقصّر أيامهم، وتحرق أحلامهم، مثلما تحرق قلوب أمهاتهم!
ما أخف دخان اللساتك المحروقة مقارنةً بدخان البنادق!
إنّ تمجيد البندقية مسؤول عن كل الحروب التي شهدتها بلادنا.
لقد تركنا الحوار والعمل السلمي ورفعنا البندقية.
وأطلقنا الأعيرة على أقدامنا، فقعدت بلادنا.
تمجيد البندقية مسؤول عن فساد نظام الحكم في بلادنا.
فهاهم العسكر يتغوّلون، بسبب تسلطهم على البنادق المخصصة لحماية الوطن والشعب، على الدولة ومواردها ويحتكرون السلطة عنوةً.
فتسبّب هذا التظالم بين فئات أبناء الوطن في أن تحوّل المدنيون "الملكية" إلى ضباط وجنود في الحركات المسلحة والمليسشيات والكتائب.
وظهر جنرالات "الخلا"!
وتحوّل البقارة والأبّالة والغنّامة..إلى دعّامة!
ومن شدة غفلتنا ظننا أن مشكلتنا في البقارة وبقية القائمة.
كلا! أيها الغافلون! إن مشكلتنا الجديّة في تمجيد البندقية!
وإذا كانت البندقية تؤدي إلى السلطة والثورة فما أسهل الحصول عليها!
الحصول على البندقية أسهل من الحصول على الشهادات الجامعية، وبراءات الاختراع.
إنه أسهل من السهر في المكتبات والمعامل ومن العمل في المصانع والحقول!
فأي ذنب جنينا حين قلنا لا للبندقية! ولا للحرب! ولا لحكم العسكر!
سنقول ذلك حتى ينتهي مجد البندقية، وحتى تنتهي آخر الحروب، وحتى يعود العسكر للثكنات والجنجويد ينحل.
****
سنقول لأبناء وبنات شعبنا إنّ الأوطان لا تبنى بالبندقية. بل تُحرس بالبندقية.
لكن البندقية نفسها تحتاج إلى حراسة.
إنها تُحرس بالعمل وبالعلم وبالحرية!
وتُحرس بالقلوب الكبيرة والعقول الكبيرة.
--------------------------------ـ
*الرسم مع التحية للفنان التشكيلي السوداني العالمي حسن موسى***
alrayyah@hotmail.com