لجريدة عمان:
2025-07-12@16:11:06 GMT

السقوط السياسي والقيمي والحضاري

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

السقوط السياسي والقيمي والحضاري

كان يمكن لكل المؤسسات الأمريكية المدنية منها والعسكرية والمراكز البحثية وجمعيات المجتمع المدني أن تصدر بيانات إدانة وتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان وتضييق حرية التعبير لو أن قوى الأمن في أي دولة من دول العالم الثالث تعاملت مع احتجاجات طلاب الجامعات بالطريقة نفسها التي تتعامل بها الولايات المتحدة الأمريكية مع احتجاجات الجامعات فيها.

كان يمكن أن تهدد أمريكا، التي تعتبر نفسها مركز الديمقراطية والحريات في العالم، بالتدخل لحماية الطلاب من التعسف والعنف ووأد حرية التعبير.. أما وقد حدث ذلك في بلاد الحريات فإن أقصى ما يمكن سماعه هو الحديث عن «مراجعة لآليات التعامل» و«مراجعة لمسار الاحتجاجات وموضوعها السياسي» في ضوء الدستور الأمريكي.

يمكن القول إن حرب غزة تكتسب أهمية كبرى ليس لمسار القضية الفلسطينية ولمسار التطبيع العربي الإسرائيلي فحسب ولكنّ أهميتها تكمن، أيضا، في أنها استطاعت أن تضع العالم الغربي على المحك.. المحك السياسي والعسكري وكذلك المحك الأخلاقي والقيمي. فإذا كانت حرية التعبير قيمة أساسية فإن أمريكا تسقط فيها عميقا، تسقط في خطابها الإعلامي المضلّل الذي يتبنى سردية إسرائيل دون تمحيص أو تدقيق، وتسقط في خطابها السياسي المتحيز لإسرائيل بعيدا عن قيم الدستور الأمريكي والمبادئ التي تأسس عليها، وتسقط في قدرتها على إعطاء طلاب الجامعات مساحتهم الحقيقية في التعبير عن رأيهم في قضية إنسانية تمس قيم دولتهم والمبادئ التي «يفترض» أن المجتمع الأمريكي يؤمن بها. وهذا السقوط المتعدد سقوط مجاني، فهو لا يخدم الأمن الوطني الأمريكي، ولا يخدم حتى إسرائيل نفسها، إنه يخدم فقط المافيا الحاكمة في إسرائيل. وما يقال على المشهد في أمريكا ينطبق تماما على غيرها من الدول الغربية الأوروبية.

إن أمريكا التي تعيش حالة سقوط أخلاقي وقيادي منذ غزوها للعراق في عام 2003 وما ارتكبته هناك من جرائم إنسانية وأخلاقية لا تنتمي أبدا إلى قيمها التي يمكن فهمها من دستورها ومن ثقافتها ومن آراء القيادات المؤسسة لها تعمق سقوطها عبر مواقفها من الحرب في غزة، حيث وقفت بصلابة مع عمليات الإبادة الجماعية ودعمتها بالسلاح وبالمواقف السياسية وبـ«الفيتو»، كما دعمتها بإسكات كل الأصوات التي تحاول إيقاظ الضمير الأمريكي والعالمي النائم من أجل وقف الحرب والإبادة.. بل إن كل المواقف الأمريكية في هذه الحرب يمكن أن نفهم منها ضعف أمريكا «الإمبراطورية» التي تقدم نفسها قائدة للعالم؛ ولو كانت أمريكا ما زالت تلك الإمبراطورية العظمى لما احتاجت إلى أن تسقط وجبات الغذاء فوق غزة بعد أن «عجزت» عن إدخالها برا.

كان للحركات الطلابية في أمريكا قوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام وفي توجيه مسارات السياسة كما حدث في الاحتجاجات الطلابية ضد حرب فيتنام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؛ كانت تلك الاحتجاجات التاريخية لحظة مهمة في أمريكا وفي العالم لفهم قوة تأثير طلاب الجامعات والقوى الشبابية، وأدت دورا مهما في إنهاء الحرب. وتحضر أصداء تلك المرحلة وسط الاحتجاجات الحالية في أمريكا.. لكنّ الاحتجاجات الجديدة لا تبدو، حتى الآن على الأقل، قادرة على إحداث التأثير ليس لضعفها ولكن لغياب البوصلة الأخلاقية التي يتكئ عليها الفعل السياسي.

إن أمريكا التي قدمت نفسها راعية للسلام والمبادئ والقيم وحقوق الإنسان وحرية التعبير تعطي الكثير من دول العالم، وخاصة الدكتاتورية منها، مسوغات لكل هذه الانتهاكات التي تقوم بها دول الديمقراطية والليبرالية الكبرى وسيكون لكل هذه الأفعال التي تقوم بها اليوم آثار عالمية بعيدة المدى.

أمّا أمريكيا فإن تعاملها مع الاحتجاجات الطلابية من شأنه أن يضعف مؤسساتها الأكاديمية باعتبارها معقلا للفكر الحر وللحوار ولصناعة الرأي، وباعتبارها أيضا، قدوة للكثير من المؤسسات الأكاديمية في العالم أجمع.

هل يستمر هذا التراجع الخطير أما أن أمريكا بانتظار لحظة صحو إنساني وحضاري طال انتظارها؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی أمریکا

إقرأ أيضاً:

كشف سبب السقوط المفاجئ من السماء للطائرة الهندية المنكوبة بتحقيق أولي

(CNN)-- كشف تقرير أولي أن انقطاعًا في إمدادات الوقود للمحركات تسبب في حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية الشهر الماضي، والذي أودى بحياة 260 شخصًا.

وكانت الطائرة المتجهة إلى لندن قد غادرت المدرج في مطار أحمد آباد بالكاد عندما سقطت على الأرض فجأة، ولقي جميع من كانوا على متنها حتفهم، باستثناء راكب واحد فيما وصف بأنه معجزة.

ووفقًا لتقرير مكتب التحقيق في حوادث الطائرات الهندي، الذي حصلت عليه شبكة CNN، فقد ضغطت مفاتيح التحكم في الوقود في قمرة قيادة طائرة بوينغ 787 دريملاينر، مما أدى إلى نقص الوقود في المحركات.

وتمكن المحققون من الحصول على بيانات من مسجلات "الصندوق الأسود" للطائرة، بما في ذلك 49 ساعة من بيانات الرحلة وساعتين من تسجيلات صوت قمرة القيادة، بما في ذلك لحظة التحطم.

تظهر مفاتيح قطع الوقود أسفل دواسة الوقود في طائرة بوينج 787 في عام 2010 Credit: Aviation Images/Universal Images Group/Getty Images

ووفقًا للتقرير، وصلت الطائرة إلى سرعة 180 عقدة عندما تم نقل مفاتيح قطع الوقود في كلا المحركين من وضع التشغيل إلى وضع القطع واحدًا تلو الآخر بفارق زمني قدره ثانية واحدة.

ويقول التقرير: "في تسجيل صوت قمرة القيادة، يُسمع أحد الطيارين يسأل الآخر عن سبب قطعه للوقود، فأجاب الطيار الآخر بأنه لم يفعل ذلك"، وبعد ذلك بوقت قصير، تم عكس المفاتيح إلى مكانها المفترض، وكانت المحركات في طور إعادة التشغيل عندما وقع التحطم.

وفي طائرة 787، توجد مفاتيح قطع الوقود بين مقعدي الطيارين، خلف عتلات دواسة الوقود مباشرةً، إنها محمية على الجانبين بواسطة قضيب معدني ولديها آلية قفل مصممة لمنع القطع غير المقصود.

وصُممت مفاتيح الوقود "لتحريكها عمدًا"، وفقًا لديفيد سوسي، محلل السلامة في شبكة CNN، الذي قال إن حالات إيقاف تشغيل جميع مفاتيح الوقود عن طريق الخطأ "نادرة للغاية"، مضيفا: "على مر السنين، تم تحسين هذه المفاتيح لضمان عدم تحريكها عن طريق الخطأ وعدم عملها تلقائيًا. فهي لا تتحرك تلقائيًا بأي شكل من الأشكال".

وكان قائد الطائرة يبلغ من العمر 56 عامًا، وقد حلق لأكثر من 15 ألف ساعة طيران خلال مسيرته المهنية، وكان الضابط الأول رجلًا يبلغ من العمر 32 عامًا، وله أكثر من 3400 ساعة طيران.

كما لاحظ المحققون أن إعدادات المعدات التي عُثر عليها في الحطام كانت طبيعية للإقلاع. ووفقًا للتقرير، تم فحص وقود الطائرة وتبين أنه ذو جودة مرضية، ولم يُلاحظ أي نشاط ملحوظ للطيور بالقرب من مسار الرحلة.

ووُجد أن وزن إقلاع الطائرة ضمن الحدود المسموح بها، ولم تكن هناك أي مواد خطرة على متنها. ووجد المحققون أن قلابات جناحي الطائرة كانت في وضعية 5 درجات، وهي الوضعية الصحيحة للإقلاع، وأن ذراع معدات الهبوط كان في وضعية الهبوط.

وذكر التقرير أنه تم تركيب المحرك الأيسر على الطائرة في 26 مارس/ آذار، والأيمن في 1 مايو/ أيار.

مقالات مشابهة

  • «أوروبا تشتعل في أمريكا».. كيف وصل تشيلسي وباريس لنهائي كأس العالم للأندية؟
  • كشف سبب السقوط المفاجئ من السماء للطائرة الهندية المنكوبة بتحقيق أولي
  • ملايين الوفيات.. وقف التمويل الأمريكي يهدد جهود مكافحة مرض الإيدز
  • نزيف العقول في أمريكا: كيف تُقوّض الدولة أسسها في المعركة العالمية على المواهب؟
  • سوريا.. المبعوث الأمريكي يشعل تفاعلا بما قاله عن أحمد الشرع وما دور أمريكا بسقوط الأسد
  • الخوذة التي تقرأ المستقبل.. الإمارات تُطلق أول جهاز توليدي بالذكاء الاصطناعي
  • البرغوث لا يتوقف.. ميسي يقتحم تاريخ الدوري الأمريكي
  • ليلة إذلال ريال مدريد.. كيف تناولت الصحف العالمية السقوط الكارثي أمام باريس؟
  • أمريكا تطالب بإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة
  • كرة القدم كيف يمكن أن تكون بهجة الشعوب وجوهرة الفنون؟!