المصدر / العربي الجديد

كان (م.ن) مع زوجته حين رنّ هاتفه، حيث تلقت اتصالاً من رقم غريب، ناداها المتصل باسمها وتحرّش بها بعد أن حصل على معلوماتها من تطبيق “كاشف الأرقام”، ما جعل الشكوك تراود الزوج الذي طرد زوجته إلى بيت أهلها، متهماً إياها بعلاقة مع المتصل، وزادت حدة الخلافات بين الزوجين، وصولاً إلى الطلاق.




قصة هذين الزوجين واحدة من آلاف القصص التي نتجت من تطبيق “كاشف الأرقام” الذي يتيح إمكانية الاطلاع على بيانات أرقام هواتف مستخدمي خطوط الاتصالات اليمنية. فبمجرد إدخال رقم الهاتف في لوحة التطبيق، تظهر جميع المعلومات التي يُسجل بها ذلك الرقم عند الآخرين، ويسمح للمستخدم بمعرفة الأوصاف الاسمية لرقم هاتفه المسجل لدى الآخرين.

“البيانات الشخصية”

ويحدث أن يحفظ “كاشف الأرقام” رقم هاتف مستخدم ما لدى شخص آخر بصفة تسيء إلى مالكه، على أن معرفة ذلك باتت ممكنة من خلال التطبيق نفسه الذي يستمد معلوماته من البيانات المحفوظة في قوائم حفظ الأرقام بهواتف الأشخاص الذين يحملونه في أجهزتهم. وينتهك تطبيق “كاشف الأرقام” الحق في الخصوصية أو الحياة الخاصة، كذلك فإنه يرتكب جريمة نشر أخبار أو معلومات غير صحيحة، تتمثل بالأسماء المحفوظة في رقم الهاتف، التي قد تتضمن ألقاباً مسيئة تسبّب الكثير من المشاكل الاجتماعية في مجتمع محافظ غالباً ما تكون النساء أبرز ضحاياه، ما يجعلهن عرضة لحرمانهم الهواتف أو التعنيف من قبل أسرهن، وقد تصل أحياناً إلى الطلاق.


وأُنشئ تطبيق “كاشف الأرقام” في يونيو/ حزيران 2019 من قبل مطور مجهول باسم شركة Bandora Soft. وحتى نهاية عام 2023، بلغ عدد المشتركين أكثر من 5 ملايين مشترك. ويزعم “كاشف الأرقام” أنه يقدم خدمة بلا مقابل، إلا أنه يشترط على المستخدم الموافقة على الوصول إلى بعض البيانات الشخصية، دون إدراك لمخاطر انتهاك التطبيق لخصوصية المشتركين في شركات الاتصالات اليمنية، بمن فيهم غير المشتركين بالتطبيق.


يقول مفيد الصلاحي، أستاذ القانون الجنائي في جامعة إب، لـ”العربي الجديد”: “يكشف برنامج “كاشف الأرقام” عن الأرقام اليمنية والبيانات الشخصية المرتبطة بها للغير دون رضا أصحابها، وهذا يُعَدّ انتهاكاً للحق في الخصوصية التي هي مظهر من مظاهر الحياة الخاصة، وبالتالي يمكن تكييفها قانونياً بأنها جريمة انتهاك لحرمة الحياة الخاصة، بالرغم من أن القانون اليمني لم ينصّ عليها صراحة، فضلاً عن عدم وجود قانون خاص بمكافحة الجرائم المعلوماتية في اليمن”.

“جريمة إلكترونية”

ويضيف الخبير القانوني أن “الوصول غير المشروع إلى بيانات المستخدم يُعَدّ جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون في أغلب دول العالم، بيد أن اليمن يفتقر حتى اليوم إلى قانون متخصص بالجرائم الرقمية، لذا فإن جرائم انتهاك الخصوصية ترتكب اليوم في البلاد دون رادع، إذ تستغل بعض التطبيقات غياب الرقابة الأمنية للتوسع على حساب أمن وسلامة المستخدمين اليمنيين الذين يفتقر أغلبهم إلى الوعي الأمني الرقمي، فتُنتهك خصوصياتهم على إثر ذلك، ويتعرضون للأذى والضرر”.


ويشير الصلاحي إلى أن القانون اليمني لم يذكر حماية حرمة الحياة الخاصة بتفاصيل دقيقة كما عمل المشرع المصري وغيره من التشريعات العربية والأجنبية التي خصت حماية الخصوصية بتفاصيل، حيث لم يذكر القانون اليمني سوى “الحق في الصوت والحق في الصورة، وجعل الاعتداء عليها بأي طريقة من الطرق جريمة يعاقب عليها القانون”.

“تكنولوجيا”

ويرى الخبير ذاته أن المسؤولية تقع على من صمّم برنامج “كاشف الأرقام” الذي يروج لنفسه على أنه يلتزم الخصوصية وسرية البيانات، إلا أن ما وعد به لم يتعدَّ باب “الإعلانات الكاذبة والمضللة”، كذلك فإنه لم يُحط برنامجه بالكثير من “الأمان”. وتقع المسؤولية أيضاً على “الموقع الذي يُحمَّل البرنامج منه، لكونه سمح من خلاله بتحميل برامج لا تتقيد بقواعد الخصوصية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبرامج التي تحتوي على البيانات والمعلومات الخاصة بمستخدمي هذه البرامج، ولا تستطيع الفرار من المسؤولية الجنائية كذلك المؤسسة العامة للاتصالات اليمنية التي مكنت هذا البرنامج من بيانات ومعلومات المشتركين لديها، دون التأكد من مدى سلامة البرنامج وصلاحيته لحفظ سرية البيانات والمعلومات الخاصة بالمشتركين لديها”.


ويوضح مراد رسام، الأستاذ المشارك في الأمن السيبراني في كلية الهندسة وتقنية المعلومات جامعة تعز، لـ”العربي الجديد”، أنه لا يمكن حماية الخصوصية في مثل هذا النوع من التطبيقات، لأنه “بمجرد إعطاء الإذن للتطبيق بالوصول إلى جهات الاتصال في هاتفك، تصبح جهات الاتصال هذه وما يرتبط بها من معلومات متاحة لدى التطبيق ومستخدميه”. وأضاف: “إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقوم به خبراء الأمن السيبراني في هذا الصدد، نشر التوعية بعدم استخدام مثل هذه التطبيقات، حتى وإن كان التطبيق يزعم أنه يدعم حماية الخصوصية، كذلك يمكن لمثل هذه التطبيقات بيع معلومات المستخدمين لطرف ثالث، لغرض التسويق أو لأغراض أخرى مشبوهة، غالباً ما تكون مرتبطة بالويب المظلم Dark Web”.


وأكد رسام أن الطريقة الوحيدة لتعطيل عمل تطبيق “كاشف الأرقام” يكون بعدم تحميله على الهواتف الذكية، لأنه بمجرد تحميله وإعطائه الإذن بالوصول إلى جهات الاتصال، يكون التطبيق قد حقق الهدف منه، وبالتالي يخزّن كل جهات الاتصال لديك على قاعدة بيانات السيرفرات الخاصة به.


وأشار الخبير السيبراني إلى أن “غوغل بلاي” و”آبل ستور” بالنسبة إلى هاتف أيفون لا تتحملان المسؤولية، لكون هذا النوع من التطبيقات غالباً لا ينتهك معايير التطبيقات المسموح باستخدامها تقنياً، وهذا ما تهتم له هاتان الشركتان. وأقصى ما يمكنهما عمله هو التحقق من أن تطبيق “كاشف الأرقام” يطلب من المستخدمين الموافقة على شروط الاستخدام، وحينها لا يتحمل التطبيق أيضاً تبعات انتهاك الخصوصية، لأن المستخدم قد وافق على شروط الخدمة، التي تتضمن الوصول إلى بيانات جهات الاتصال لديك، حتى ولو لم تكن تلك الأذونات صحيحة، فمن “يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى هو المستخدم نفسه، ولذلك يجب التوعية على مضارّ هذه التطبيقات والحدّ من استخدامها ما أمكن”.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: الحیاة الخاصة جهات الاتصال الذی ی

إقرأ أيضاً:

أخطر من الـ تي إن تي… ما هي المادة التي زرعت في الـ”بيجر”؟

يمانيون – متابعات
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن نوع المادة الحساسة المستخدمة لتفجير أجهزة “بيجر” في لبنان هي مادة “PETN” شديدة الحساسية.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن نوع المتفجرات التي تم إدخالها في الأجهزة هي مادة “PETN”، وهي واحدة من أقوى المتفجرات المعروفة في العالم، وهي مادة حساسة للحرارة والاحتكاك.

واستخدمتها إسرائيل خلال الهجوم بالأمس، هي مادة كيميائية شديدة الانفجار تُسمّى “خماسي إريثريتول تترانايتريت” (Pentaerythritol Tetranitrate)، ومعروفة بـPETN.

ويصف موقع “India today” مادة “خماسي إريثريتول تترانايتريت” بأنها من أقوى وأشدّ المتفجرات فتكًا التي عرفها الإنسان، وقد اكتسبت شهرة سيّئة بسبب استعمالها في هجمات “إرهابية” مدمّرة وعمليات عسكرية.

وفي السنوات الأخيرة، أثار استخدامها جدلاً واسعًا، خاصة بعد الاتهامات المتعلّقة باستخدامها من قبل وكالات استخباراتيّة مثل الموساد.

وتُعتبر PETN من أقوى المتفجرات المعروفة، وتفوق مادة “تي أن تي” بأضعاف كثيرة، وعلى عكس بعض المتفجرات الأخرى، يتميّز “خماسي إريثريتول تترانايتريت” باستقراره النسبيّ وعدم حساسيته للاحتكاك، ممّا يجعله أقلّ عرضة للانفجار العرضيّ، وعند تفجيره عمدًا بالحرارة أو الصدمة، يُطلق كميّة هائلة من الطاقة، ممّا يتسبّب بدمار كارثيّ.

وظهرت قوة الـPETN الشديدة بوضوح في عدد من الهجمات البارزة، مثل تفجير أبراج الخبر في السعودية عام 1996، الذي أدّى إلى مقتل 19 من أفراد الخدمة الأميركية وإصابة المئات.

وفي وقت سابق، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن “إسرائيل نفذت عمليتها ضد حزب الله الثلاثاء بإخفاء مواد متفجرة داخل دفعة جديدة من أجهزة النداء المصنوعة في تايوان والتي تم استيرادها إلى لبنان”، وفقًا لمسؤولين أميركيين وآخرين مطلعين على العملية.

وأضاف المسؤولون، أنه “تم التدخل في أجهزة النداء التي طلبها حزب الله من شركة Gold Apollo في تايوان قبل وصولها إلى لبنان وكانت معظم الأجهزة من طراز AP924 الخاص بالشركة”.

مقالات مشابهة

  • “قضية حياة أو موت”.. وزير الخارجية المصري يرد على إمكانية العمل العسكري ضد سد النهضة
  • الأمن الداخلي بنغازي: إجراءات ضبط “إكرام رجب” جاءت بأمر من النيابة
  • صحيفة: حزب الله حدد نوعية المتفجرات التي زرعت في أجهزة “البيجر”
  • كورينتين مارتينز:” حققنا التأهل إلى دور المجموعات رغم كل العقبات التي إعترضت طريقنا”
  • وزارة النقل تؤكد استعدادها لتقنين القطاع عبر التطبيقات
  • “نيويورك بوست”: هاريس تعاني من متلازمة “المحتال” التي تقلق الديمقراطيين
  • الدفاع العراقية تصدر بيانا بشأن مدافع “هاوتزر” لقوات البيشمركة.. وتوضح التفاصيل
  • أخطر من الـ تي إن تي… ما هي المادة التي زرعت في الـ”بيجر”؟
  • خالد الغندور: الأهلي يرفض تعديل اللوائح ويؤكد تطبيق القوانين على الجميع
  • هيومن رايتس: القانون الدولي يحظر استخدام الفخاخ المتفجرة التي ضربت لبنان