سجلت الاحتجاجات الطلابية، في الجامعات حول العالم، محطات تاريخية، تعدت لحظات اندلاعها وأظهرت قدرتها على خلق تأثير سياسي ومجتمعي كبير.

ومن بين حركات الاحتجاج الطلابي في جامعات العالم، برز عدد منها، بسبب حجمها وقوتها، ومستوى التأثير الناتج عنها، فضلا عن القسوة وعنف السلطات الذي واجهها وأودى بحياة مئات الطلبة نتيجة القمع.



احتجاج غرينسبورو:

أثارت العنصرية ضد السود، وخاصة في أماكن تناول الطعام، في الولايات المتحدة، غضبا واسعا، دفع 4 طلاب للبدء في احتجاج بطريقة مبتكرة، ولم يكن في مخيلتهم إلى أين سيصل.

وفي 1 شباط/فبراير 1960، قرر 4 طلاب أمريكيون من أصل أفريقي، وهم، إيزيل بلير، وفرانكلين ماكين، وجوزيف ماكنيل، وديفيد ريتشموند، في جامعة ولاية كارولاينا الشمالية، بمنطقة غرينسبورو، وبالتعاون مع رجل أعمال أبيض متعاطف معهم يدعى رالف جونز، في تنفيذ احتجاج غير مسبوق.

وكانت فكرة الطلاب، هي شراء الطعام من متجر المنطقة، والاحتفاظ بإيصال الشراء، والجلوس على طاولة تناول الطعام، والتي كانت مخصصة للبيض فقط، والبقاء جالسين عليها، دون فعل شيء، وهو ما دفع إدارة المطعم للطلب منهم مغادرة المكان والتوجه إلى القاعة المخصصة للسود، وإلا فإنهم سيستدعون الشرطة وهو ما حصل.



لكن رجل الأعمال الأبيض جونز، كان دعا وسائل الإعلام سرا، للحضور إلى المكان، بالتزامن مع بدء الاحتجاج، وبالفعل وصلت الشرطة، ولم تتمكن من فعل شيء، خاصة وأن الطلبة اشتروا الطعام بأموالهم، وصورهم خلال الاحتجاج تظهر أن يجلسون فقط، وهو ما فجر الاحتجاجات على محاولة طردهم.

واشتعلت الاحتجاجات في كافة أنحاء الولايات المتحدة، ونظمت اعتصامات في أماكن تناول الطعام، وفي اليوم التالي، عاد فريق غرينسبورو الأربعة إلى طاولة الغداء في مطعم وولورث، برفقة حوالي 20 طالبا جامعيا، وعلى مدى أيام كان العدد يتصاعد ومقاعد المطعم تمتلئ بالسود، ووصلت الأمور إلى حد جلوس الطلبة خارج المكان من شدة الاكتظاظ.

وخلال أسابيع من غضب الطلبة السود ومناصريهم من التمييز العنصري، في المطاعم، ألغيت إجراءات الفصل العنصري، في كافة مطاعم جنوب الولايات المتحدة، وبالتدريج امتدت التغييرات إلى كافة أنحاء الولايات المتحدة.



انتفاضة طلاب سويتو جنوب أفريقيا

على وقع الفصل العنصري، الممارس من قبل البيض في جنوب أفريقيا، والاضطهاد الواسع، بدأ طلاب المدارس العامة السود، انتفاضة ضد الظلم عام 1976.

ففي جوهانسبرغ، خرج آلاف الطلبة الأفارقة، للاحتجاج في مسيرة سلمية، على قانون فرض اللغة الأفريكانية عليهم، لكن الشرطة واجهتهم بعنف غير مسبوق، واستخدمت الرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في مقتل عدد منهم، وفجرت الغضب العالمي صورة طالب ثانوية يحمل جثة الطفل، هيكتور بيترسون.

ورغم أن الغضب تصاعد في جنوب أفريقيا، وارفعت حصيلة الضحايا، إلا أن الاحتجاجات امتدت إلى الولايات المتحدة، وخرج آلاف الطلبة في جامعة كاليفورنيا، عام 1985، للاحتجاج على جرائم الفصل العنصري بحق السكان الأصليين، ورفض العلاقات الاقتصادية للجامعة مع نظام الفصل العنصري.

وتصاعدت حملة الطلبة وامتدت إلى جامعات أخرى في الولايات المتحدة، واعتصم طلبة كاليفورنيا داخل الحرم الجامعي، وحاصروا المباني، وأجبرت الاعتصامات الجامعات مثل كولومبيا وكاليفورنيا، على سحب استثمارات بمليارات الدولارات، من شركات مرتبطة بنظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، وهو ما أسهم بعدها بسنوات في تفكيكه.



مذبحة اعتصام جامعة كينت
في خضم الغزو الأمريكي لفيتنام، ومع قرر الرئيس ريتشارد نيكسون المفاجئ، غزو كمبوديا، تصاعد غضب الطلاب، على ما اعتبروه خداعا من الرئيس، خاصة في جامعة ولاية كينت، والذي انتهى بصورة دموية.

فعلى مدى أيام، احتشد آلاف الطلبة، في حرم جامعة ولاية كينت، للاحتجاج على قرار نيكسون توسيع الحرب، باتجاه كمبوديا، رغم وعده بإنهائها في فيتنام، وأدت إضرابات الطلاب، إلى الإغلاق المؤقت للكليات والجامعات في أنحاء البلاد.

وفي 4 أيار/مايو، بدأ احتشاد كبير، بعد أيام من المواجهات مع الشرطة، ورغم محاولة الجامعة نزع فتيل المواجهة، إلا أن حاكم الولاية استدعى الحرس الوطني، وهي بمثابة جيش الولاية، وتتبع الحاكم بصورة مباشرة، ومع نهاية اليوم كانوا أمام 3 آلاف طالب.

ومع بدء المناوشات نتيجة تقدم الحرس الوطني، لفض اعتصام الطلبة، وقع تراشق بالحجارة، لكن أوامر صدرت لهم بصورة مفاجئة بالتراجع، لكن ما إن ابتعدوا، حتى قاموا بإطلاق النار بصورة مباشرة بكثافة على المعتصمين.



وخلال 13 ثانية، أطلقت 70 رصاصة على الطلاب، ليقتل 4 منهم على الفور، وهم جيفري ميلر، وأليسون كراوس، وويليام شرودر، وساندرا شوير وأصيب 9 آخرون.

وبعد محاكمات وتحقيقات استغرقت قرابة 9 سنوات، تم إدانة عناصر في الحرس الوطني، بجريمة قتل الطلبة،و دفعت تعويضات تقارب من نصف مليون دولار في حينه.



مذبحة تلاتيلولكو في المكسيك

على وقع تدخلات الولايات المتحدة، في السياسة بالمكسيك، ثار غضب طلبة الجامعة الوطنية المستقلة، والمعهد الوطني للفنون التطبيعية، وشرعوا في سلسلة فعاليات احتجاجية في الشارع وفي جامعات أخرى، لإجبار الحكومة على وقف تلك التدخلات.

وتصدت حكومة الحزب الثوري المؤسسي المدعوم من الولايات المتحدة، للطلبة المتظاهرين، وشرعت في إجراءات قمع سياسي واجتماعي عنيفة، حيث جرت اعتقالات واسعة، وإطلاق نار على الطلبة المحتجين.

وقبل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الصيفية في عام 1968، في تلاتيلولكو في مكسيكو سيتي، فتحت القوات المسلحة، النار على مجنوعة من المدنيين العزل، المتحجين على إقامة الألعاب الأولمبية، وهو ما تسبب في تفجر الاحتجاجات على عمليات القتل.

لم تتوقف الحكومة عن أعمال القتل، وخرجت أرقام متضاربة، حول عدد الضحايا والتي وصلت إلى نحو 400، لكن مسؤول أمنيا، جرت محاكمته بعد سنوات، كشف عن عدد الضحايا، كان 1345، برصاص القوات المسلحة، المدعومة من الولايات المتحدة.

وفي عام 2003، كشف أرشيف الأمن القومي الأمريكي، حول تلك الفترة، أن الولايات المتحدة، كان لها دور في المذبحة بحق الطلبة، وارتبطت الوثائق بكل من وكالة المخابرات المركزية، ووزارة الخارجية والدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالي والبيت الأبيض.

وفي عام 2008، قرر مجلس الشيوخ المكسيكي، اعتبار يوم 2 تشرين أول/أكتوبر، تاريخ المجزرة، يوم حداد وطني كل عام، على الضحايا الطلاب ممن سقطوا على يد الجيش بدعم من الولايات المتحدة.



مظاهرات ساحة تياننمن

اندلعت في عام 1989، تظاهرات طلابية في الصين، للمطالبة بحرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد، واختار الطلاب، ميدان السلام السماوي "تياننمن"، للتجمع واتخاذها مقرا للاعتصام.

وعقب وفاة الزعيم الشيوعي هيو ياوبانغ، الذي ينظر إليه على أنه أدخل إصلاحات ديمقراطية في الصين، دعا الطلاب خلال فترة الحداد عليه، في نيسان/أبريل 1989، إلى تشكيل حكومة أكثر ديمقراطية في البلاد، وبدأ الآلاف من الطلبة الاحتشاد في الميدان، وخلال أيام قليلة، قدر عدد الطلبة المتحجين بنحو 10 آلاف.

ومع تفاقم الاحتجاجات، لجأت الحكومة الصينية، إلى إعلان الأحكام العرفية، وصعد الطلبة من احتجاجهم بإعلان الإضراب عن الطعام، وهو ما انعكس على الوضع العام للبلاد، لدرجة أن الرئيس السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتشوف، ألغى زيارة له إلى الميدان، واكتفي باستقباله في المطار.

ومن أجل إنهاء الاعتصام، الذي بدأت الحكومة تلمس أن الأوضاع تفلت من بين أيديها، قامت بإدخال 250 ألف جندي إلى بكين، مزودين بدبابات وناقلات جنود، ووقعت احتكاكات ومواجهات عنيفة، أحرقت خلالها ناقلات جنود ودبابات وآليات للجيش، وجرى تطويق الميدان واتخذ قرار بإنهاء الاعتصام بأي طريقة.

وفي 4 حزيران/يونيو، قررت السلطات إنهاء الاعتصام، وأعطيت الأوامر للجنود باقتحام الميدان، باستخدام الذخيرة الحية مع الطلاب، وبعد مواجهات عنيفة، تحدثت تقارير عن مقتل آلاف الطلبة والمعتصمين، إضافة إلى اعتقال قرابة 10 آلاف، جرى إعدام أعداد كبيرة منهم لاحقا بعد محاكمات.

وقادت تلك المذبحة إلى إدانات دولية، وفرض عقوبات اقتصادية من قبل الكونغرس الأمريكي على الصين، واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتجاجات الطلابية الجامعات احتجاج طلاب جامعات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الفصل العنصری جنوب أفریقیا آلاف الطلبة وهو ما فی عام

إقرأ أيضاً:

سوف تدمر بقية العالم.. تحذير من خطة لإصلاح اقتصاد الولايات المتحدة

شدد موقع  "بزنس إنسايدر" الأمريكي، على أن الخطة التي تضعها الولايات المتحدة من أجل إصلاح اقتصادها من المحتمل أن تحمل معها تداعيات كارثية على العالم أجمع، مشيرا إلى أننا وصلنا مرة أخرى إلى مرحلة حاسمة في تعافي الاقتصاد العالمي ولابد أن يسير كل شيء على ما يرام، وإلا فقد تتحوّل الأسواق العالمية إلى الفوضى.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه على امتداد السنوات الأربع الماضية، وحّد العالم جهوده الرامية أولا إلى تخفيف الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، ومن ثم مكافحة نوبة التضخم التاريخية التي أعقبت ذلك. وعندما بدأ الوباء، خفّضت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة إلى الصفر، تماما كما فعلت خلال الأزمة المالية. ثم مع بدء التضخم، بدأوا رفع أسعار الفائدة بمعدّل سريع لم يسبق له مثيل منذ عقود. وقد فعلوا كل هذا في وقت مثالي تقريبًا، مما ضمن استقرار الأسواق. ولكن الآن، يخاطر العالم بالخروج عن هذا المسار.

وأضاف أن البنك المركزي الأوروبي بدأ تخفيف أسعار الفائدة يوم الخميس، حيث خفض سعر الفائدة القياسي بنسبة 0.25 بالمئة. ولا تعتبر هذه الخطوة علامة على الثقة في أن منطقة اليورو في المراحل الأخيرة من معركتها مع التضخم فحسب، بل هي أيضا إشارة إلى القلق من أن الاقتصاد يحتاج إلى دفعة صغيرة لمواصلة التقدم. ويتوقّع المستثمرون والاقتصاديّون أن يحذو بنك الاحتياطي الفيدرالي حذوه ويخفّض أسعار الفائدة في أيلول/ سبتمبر. وهكذا، ستبدأ البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم الانحدار المنسق نحو الهبوط الناعم - وهي معايرة مثالية لهذا الشدّ والجذب بين مكافحة التضخم والتهرّب من الركود.

وأشار إلى أن "وول ستريت" توقعت في بداية العام أن يستقر معدّل التضخم، وأن يتباطأ الاقتصاد إلى وتيرة نمو أكثر هدوءًا، وما يصل إلى ستة تخفيضات في أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي. وبدلاً من ذلك، كانت بيانات التضخم مرتفعة على نحو مستمر، وكانت قوة الاقتصاد الأميركي تتحدى التوقعات. ويعني هذا المزيج أن هناك فرصة جيدة ألا يتحقق أبدًا الخفض الذي تطالب به وول ستريت في أيلول/ سبتمبر.

ونقل الموقع عن تمارا بيسك فاسيليف، الخبيرة الاقتصادية البارزة في جامعة أكسفورد إيكونوميكس، قولها إن "بنك الاحتياطي الفيدرالي أثبت قدرته على محاربة أي نوع من قضايا الاستقرار المالي. ولكن ماذا لو استمر تضخم الخدمات في الارتفاع بشكل مفاجئ خلال فصل الصيف؟ يصبح من الواضح أنهم لن يستطيعون حتى الخفض في أيلول/ سبتمبر".


وبحسب الموقع، فإنه في حال لم يقم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في الخريف المقبل، فإن نظام أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة سوف يكون بعيدا عن بقية العالم. وأي فارق بين الولايات المتحدة وبقية العالم من شأنه أن يرسل موجة غريبة من الأموال إلى شواطئ أمريكا. ويمكن لهذه الزيادة المفاجئة في السيولة أن تضيف بدورها سيولة إلى نظامنا المالي في الوقت الذي يُحاول فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي تجفيفه ورفع الأسعار في جميع أنحاء الاقتصاد. وهذا من شأنه أن يزيد من صعوبة قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتيسير السياسة النقدية، وهو ما من شأنه أن يزيد من تباعد السياسة الأمريكية عن بقية العالم.

وأوضح أنه بمرور الوقت، قد يؤدي هذا إلى إضافة تقلبات إلى الأسواق المتقلبة بالفعل. تتحرك الأسهم في الولايات المتحدة حسب الحالة المزاجية - فبعد أسبوع، تعتقد وول ستريت أننا مقبلون على الركود التضخمي، وفي اليوم التالي، تعتقد أن الهبوط الناعم قادم. وهذا الاختلاف في سياسة الفائدة، مع مرور الوقت، لديه القدرة على جلب نفس الطاقة المحمومة إلى أسواق العملات.

مناقلة الأمة
ذكر التقرير أن الولايات المتحدة تتمتع بالفعل بأسعار فائدة أعلى إلى حد ما مقارنة بالدول الأخرى. وقد سمحت هذه الفوارق لوول ستريت بالقيام بما يسمى "تداول المناقلة": حيث يقترض المستثمرون الأموال من دولة ذات أسعار فائدة منخفضة، ويستثمرونها في سندات من دولة حيث أسعار الفائدة مرتفعة. وفي هذه الحالة، يعني هذا نقل الأموال من بقية العالم وشراء الأصول الأمريكية، وخاصة السندات الحكومية.

وأوضح أن هذه التجارة كانت ساخنة منذ بداية السنة - أوصت بها البنوك الاستثمارية مثل جيه بي مورغان ويو بي إس للعملاء، وقد حقق مؤشر بلومبرغ القائم على بيع عملات مجموعة العشرة ذات العائد الأقل وشراء العملات الأعلى عائدًا بالفعل بنسبة 7 بالمئة هذه السنة. وقد أفاد معهد التمويل الدولي بأنه في شهر أيار/ مايو وحده، شهدت الأسواق الناشئة باستثناء الصين تدفقات إلى سوق السندات بقيمة 10.2 مليار دولار، ويرجع ذلك في الغالب إلى استفادة المستثمرين من صفقات الشراء بالاقتراض مثل بيع الين الياباني لشراء البيزو المكسيكي. وقال بيتر شافريك، الخبير الاستراتيجي العالمي في "آر بي سي كابيتال ماركيتس" لبلومبيرغ، إن هذه الصفقات موجودة "في كل مكان". وكلما زاد التباعد بين أسعار الفائدة، أصبحت مسيرة الأموال من الضعيف إلى القوي أكثر جاذبية.

وأشار الموقع إلى أن ما يبدو وكأنه ضربة قاضية لوول ستريت لا يشكل خبرا جيّدًا سواءً بالنسبة للولايات المتحدة أو الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الذي تفقد فيه الاقتصادات في أوروبا وأماكن أخرى الزخم، فإن امتصاص المزيد من الأموال بعيدًا عن هذه الاقتصادات سيؤدي إلى تشديد الظروف المالية بينما يحاولون تجنب التباطؤ - خاصة في البيانات الإقليمية المهمة مثل الإنتاج الصناعي الألماني، الذي أصبح ضعيفًا في الآونة الأخيرة. كما أنه سيضعف اليورو، مما سيجعل من الصعب على القارة استيراد الطاقة التي تحتاجها لتغذية اقتصادها ويجعل شراء السلع الأمريكية أكثر تكلفة. وفي الاقتصادات الآسيوية، حيث أسعار الفائدة أقل بكثير بالفعل من نظيرتها في الولايات المتحدة، قد تصبح الأمور أكثر فوضوية.

وفقًا لنايجل غرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة ديفيري، وهي شركة عالمية لإدارة الثروات: "نتوقع أن تواجه اليابان وكوريا الجنوبية تحديّات في تحقيق التوازن بين السياسة النقدية للحفاظ على الاستقرار مع ارتفاع قيمة الدولار. لن أتفاجأ إذا شعر صناع السياسات بالحاجة إلى التدخل في أسواق العملات أو تعديل أسعار الفائدة لإدارة هذه التأثيرات".

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن تدفّق المزيد من الأموال إلى شواطئ أمريكا يخلف تأثيرا معاكسا لما يريد بنك الاحتياطي الفيدرالي تحقيقه: فهو يدفع أسعار الأصول إلى الارتفاع ويضغط على الظروف المالية. بعبارة أخرى، يجعل من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي مكافحة التضخم الذي يثير غضب المستهلكين، وفقا للتقرير.

حيال هذا الشأن، أوضح غرين: "هناك مخاوف مشروعة من أن تدفق رأس المال هذا إلى الولايات المتحدة سيزيد السيولة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول والضغوط التضخمية، مما يزيد من صعوبة قيام بنك الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة. ويمكن أن تؤدي زيادة السيولة إلى ضغوط تضخمية، والتي قد يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مواجهتها من خلال الحفاظ على أسعار الفائدة أو حتى رفعها".

وكما نقل الموقع عن غرين، فهناك طريقة يمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يقاوم بها، والتي تتمثل في رفع أسعار الفائدة أكثر. ولكن رفع أسعار الفائدة إلى مستويات أبعد قد يؤدّي في النهاية إلى تعجيز المستهلك الأمريكي ويدفعنا إلى الركود. وهي نفس الحسابات التي يجريها البنك المركزي الأوروبي، على الرغم من أن تباطؤ الاتحاد الأوروبي كان أكثر وضوحا.


ونظرا لهذه الجوانب السلبية، لا يرجّح الموقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، الأمر الذي من شأنه أن يخلق السوق المثالية لازدهار تداول المناقلة. وطالما أن البيانات الأميركية متقلبة، فإن أموال تداول المناقلة هذه سوف تنتهي في نهاية المطاف إلى التحرك في الاقتصاد. هذه هي الديناميكية التي ستراقبها البنوك المركزية في البلدان التي تسير بالفعل على طريق خفض أسعار الفائدة، حسب التقرير.

هبوط صعب
أشار الموقع إلى أن هناك أملًا في أن يكون هذا الاختلاف مجرد حالة مؤقتة. وإذا بدأت الولايات المتحدة فجأة إصدار بيانات اقتصادية ضعيفة، فإن ذلك من شأنه أن يسرّع تحرّك بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. وهناك دلائل تشير إلى أن التضخم في الاتحاد الأوروبي أكثر ثباتا مما يرغب صناع السياسات، وهو ما قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة التخفيضات بالقدر الكافي لتمكين الولايات المتحدة من اللحاق بالركب.

وأوضح أن علامات تشير إلى تباطؤ طفيف في الاقتصاد الأمريكي المتحمّس ظهرت بالفعل، فقد بلغ معدل ادخار الأسر الأمريكية أدنى مستوياته منذ 16 شهرا، ولم تحقق الدخول المتاحة سوى مكاسب متواضعة، كما ارتفعت المبالغ التي يتعين على الناس أن يدفعوها على الأرصدة الدائنة. وشهدت سوق العمل ضمورا، وعادت فرص العمل إلى مستويات ما قبل الوباء.

ويوم الجمعة، أظهر تقرير الوظائف لشهر أيار/ مايو أن البلاد خلقت 272 ألف موطن شغل وتستمر البيانات في التأرجح في الولايات المتحدة. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، هناك دلائل تشير إلى أن التضخم في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يكون أكثر صعوبة مما توقعه صناع السياسة. فقد ارتفع معدل التضخم في الاتحاد الأوروبي بشكل طفيف إلى 2.6 بالمئة في شهر أيار/ مايو، مما فاجأ البنك المركزي الأوروبي ولكنه لم يكن صادمًا بما يكفي لوقف خفض سعر الفائدة في حزيران/ يونيو، وفقا للموقع.

وفي المملكة المتحدة، فإن تضخم الخدمات العنيد الذي وصل إلى 5.9 بالمئة لشهر نيسان/ أبريل، قد يعطي بنك إنجلترا سببًا للتوقف مؤقتًا. وقال فاسيليف من جامعة أكسفورد إيكونوميكس أن هذا يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتحرّكان بشكل مترادف أكثر مما يوحي به هذا التأخر في السياسات، وأن الاختلاف السياسي الحالي سوف يظل قصيرا. وحتى بنك كندا، الذي خفّض سعر الفائدة القياسي إلى 4.75 بالمئة من خمسة بالمئة الأسبوع الماضي، يشعر بتفاؤل حذر بأن الاضطراب سيكون مؤقتا، حسب التقرير.

مقالات مشابهة

  • سوف تدمر بقية العالم.. تحذير من خطة لإصلاح اقتصاد الولايات المتحدة
  • تضامنا مع فلسطين.. انسحاب عشرات الطلبة في جامعة بشيكاغو من حفل التخرج (شاهد)
  • كلية الحرس السلطاني تحتفل بتخريج طلبة دبلوم التعليم التقني الدولي
  • أكاديميون بجامعة كاليفورنيا ينهون إضرابا داعما لغزة بعد أمر محكمة
  • "تعليمية البريمي" تؤكد جاهزيتها لامتحانات دبلوم التعليم العام
  • مبادرة متعددة الأطراف لإكمال طلبة الطب في غزة عامهم الدراسي
  • إدانة تاريخية.. السجن 8 أشهر لمشجعين وجهوا إهانات عنصرية ضد فينيسيوس
  • طلاب من جامعة نورث ويسترن يقاطعون حفل تخرجهم تضامنا مع غزة (شاهد)
  • "تعليمية البريمي" تكمل استعدادات بدء امتحانات دبلوم التعليم العام
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يكرم الفائزين بجائزة المؤرخ الشاب بدورتها الـ14